حديث: من جمع مالًا حرامًا ثم تصدق به لم يكن له فيه أجر

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب من تصدَّق بحرام كان إصره عليه

عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله ﷺ: «من جمع مالًا حرامًا ثم تصدّق به لم يكن له فيه أجر، وكان إصرُه عليه».

حسن: رواه ابن حبان (٣٣٦٧) عن ابن سلم، حدّثنا حرملة بن يحيى، حدّثنا ابن وهب، قال: سمعت عمرو بن الحارث يقول: حدّثني درّاج أبو السّمح، عن ابن حجيرة، عن أبي هريرة، فذكره.

عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله ﷺ: «من جمع مالًا حرامًا ثم تصدّق به لم يكن له فيه أجر، وكان إصرُه عليه».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث العظيم الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه، أخرجه الإمام أحمد في مسنده، وابن حبان في صحيحه، والحاكم في مستدركه، وصححه الألباني، يحمل تحذيراً شديداً من التعامل بالمال الحرام، ويبين حكم التصدق به.

أولاً. شرح المفردات:


● جمع مالاً حراماً: أي اكتسبه من طرق محرمة شرعاً، كالربا، والغش، والسرقة، والغصب، والرشوة، والكسب من المحرمات.
● ثم تصدق به: أي أنفق هذا المال بعينه في سبيل الله، متبرعاً به لفقراء أو مشاريع خيرية.
● لم يكن له فيه أجر: أي لا يثاب على هذه الصدقة، ولا يكتب له ثوابها عند الله تعالى.
● وكان إصره عليه: "الإصر" بمعنى الوزر والإثم والتبعة. أي أن وزر كسبه الحرام وإثمه يبقى عليه، لا يُغفر له بهذه الصدقة.

ثانياً. شرح الحديث:


يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث عن حقيقة مهمة، وهي أن القبول في الأعمال شرط أساسي، ولا يكفي مجرد فعل العمل. فالمال الحرام خبيث في ذاته، لا يطهره إنفاقه في وجه بر. فمن تعمد كسب المال من طريق محرم، ثم أراد أن يتخلص من إثمه أو يكسب أجراً بأن يتصدق به، فإنه لا يحقق أيًا من هذين الهدفين.
● نفي الأجر: لأن الله طيب لا يقبل إلا طيباً. فالصدقة من مال حرام لا تُقبل، وبالتالي لا يكتب له ثوابها.
● بقاء الإثم: يبقى إثم كسبه الحرام عليه، بل قد يزداد إثماً لأنه استخف بحرمة الله واستهان بحدوده، حيث ظن أنه يمكن أن يخادع الله ويتخلص من الإثم بطريقة شكلية.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- تحريم كسب المال الحرام: الحديث يؤكد على تحريم كل طريق يؤدي إلى كسب المال الحرام، وأنه من الكبائر التي تبعث على سخط الله.
2- الإخلاص وطيب الكسب شرط لقبول العمل: لا يكفي أن يكون العمل صالحاً في صورته، بل يجب أن يكون مصدره حلالاً طيباً. فالأعمال لا تقبل إلا بشرطين: الإخلاص لله، والمتابعة لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويضاف إلى ذلك في العبادات المالية طيب الكسب.
3- عدم التخلص من الإثم بالصدقة الحرام: لا يجوز للإنسان أن يعصي الله بكسب الحرام ثم يظن أنه يمحو إثمه بالتصدق به. التوبة النصوح هي السبيل الوحيد للتخلص من إثم المال الحرام، وذلك بالندم على ما فات، ورد المال إلى أصحابه إن كان معروفاً، أو التخلص منه بالطريقة الشرعية (كإتلافه أو إنفاقه في مصالح عامة لا يتصدق بها على فرد معين لينتفع بها)، والعزم على عدم العودة.
4- الوعيد الشديد: الحديث يحمل وعيداً شديداً لمن يجمع المال الحرام، حيث يحرم من الأجر ويبقى عليه الوزر، وهذه خسارة الدنيا والآخرة.

رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:


● حكم من تصدق بمال حرام وهو لا يعلم: من تصدق بمال ظنه حلالاً ثم تبين أنه حرام، فإنه يرجى له الأجر لجهله، وعليه أن يتوب ويستغفر. الإثم على من تعمد كسب الحرام وعلم بحرمته.
● ما يجب على من لديه مال حرام: الواجب عليه التوبة إلى الله، ورد المال إلى أصحابه إن كان يعرفهم، أو التخلص منه بإخراجه في وجوه المصالح العامة التي لا يتصدق بها على فرد (مثل ردم حفرة في طريق عام، أو شراء مصاحف للمساجد... إلخ) دون أن ينوي به الصدقة والأجر، بل ينوي التخلص من الإثم فقط.
● الحرص على طيب المال: على المسلم أن يحرص على أن يكون مكسبه ومطعمه حلالاً طيباً، فإن الدعاء لا يستجاب مع أكل الحرام، والعبادة لا تكتمل معه.
نسأل الله أن يرزقنا الحلال الطيب، ويبعد عنا الحرام والخبيث، وأن يتقبل منا صالح الأعمال.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه ابن حبان (٣٣٦٧) عن ابن سلم، حدّثنا حرملة بن يحيى، حدّثنا ابن وهب، قال: سمعت عمرو بن الحارث يقول: حدّثني درّاج أبو السّمح، عن ابن حجيرة، عن أبي هريرة، فذكره.
وإسناده حسن من أجل الكلام في درّاج أبي السّمح غير أنه حسن الحديث في غير أبي الهيثم.
وابن حجيرة هو عبد الرحمن بن حجيرة -مصغرًا- البصريّ القاضي، ثقة من رجال مسلم.
قوله: «إصره عليه» الإصْر: الإثم والعُقوبة.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 129 من أصل 379 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من جمع مالًا حرامًا ثم تصدق به لم يكن له فيه أجر

  • 📜 حديث: من جمع مالًا حرامًا ثم تصدق به لم يكن له فيه أجر

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: من جمع مالًا حرامًا ثم تصدق به لم يكن له فيه أجر

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: من جمع مالًا حرامًا ثم تصدق به لم يكن له فيه أجر

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: من جمع مالًا حرامًا ثم تصدق به لم يكن له فيه أجر

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب