حديث: لا توعي فيوعي الله عليك

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

كراهة الإحصاء في الصّدقة

عن أسماء بنت أبي بكر، أنها جاءت النبي ﷺ فقالت: يا نبي الله! ليس لي شيء إلّا ما أدخل عليَّ الزبير، فهل عليَّ جناح أن أرضخ ممّا يدخل عليَّ؟ فقال: «ارضخي ما استطعت ولا توعي فيوعي الله عليك».

متفق عليه: رواه البخاريّ في الزكاة (١٤٣٤)، ومسلم في الزكاة (١٠٢٩) كلاهما من حديث حجاج بن محمد، قال: قال ابن جريج، أخبرنا ابن أبي مليكة، أن عباد بن عبد الله بن الزبير أخبره، عن أسماء بنت أبي بكر، أنها جاءت، فذكرته.

عن أسماء بنت أبي بكر، أنها جاءت النبي ﷺ فقالت: يا نبي الله! ليس لي شيء إلّا ما أدخل عليَّ الزبير، فهل عليَّ جناح أن أرضخ ممّا يدخل عليَّ؟ فقال: «ارضخي ما استطعت ولا توعي فيوعي الله عليك».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا حديث عظيم من جوامع كلم النبي صلى الله عليه وسلم، يحمل في طياته دروسًا عظيمة في البذل والعطاء وترك الشح، وسأشرحه لكم وفق النقاط التالية:

1. شرح المفردات:


● أسماء بنت أبي بكر: هي أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما، ذات النطاقين، وأخت أم المؤمنين عائشة، وزوجة الزبير بن العوام.
● الزبير: هو الزبير بن العوام رضي الله عنه، أحد العشرة المبشرين بالجنة.
● أدخل عليَّ: أي يعطيني أو يجلبه لي من النفقة والمال.
● أرضخ: تعطي وتتصدق بقليل من المال أو الطعام، والرَّضْخ هو العطاء اليسير.
● توعي: تمنع وتضن بالمال وتجمعه ولا تعطي منه، من الوَعَاء وهو الوعاء الذي يُجمع فيه الشيء.
● فيوعي الله عليك: أي يمنع عنك فضله ويحبس عنك رزقه.

2. شرح الحديث:


تخبرنا السيدة أسماء رضي الله عنها أنها ذهبت إلى النبي صلى الله عليه وسلم تشكو حالها، فذكرت أن زوجها الزبير بن العوام رضي الله عنه هو الذي ينفق عليها، وليس لديها مال خاص بها سوى ما يعطيه إياها. ثم سألت النبي صلى الله عليه وسلم: هل عليها إثم إذا أعطت وتصدقت بقليل مما يأتيها من زوجها؟ فأجابها النبي صلى الله عليه وسلم ناصحًا ومبينًا: "اصدقي وأعطي مما عندك بقدر استطاعتك، ولا تمنعي ولا تبخلي، فإن منعتِ وبخلتِ منع الله عنك فضله وأحرمك بركته ورزقه".

3. الدروس المستفادة منه:


● الحث على الصدقة والبذل: حتى لو كان العطاء قليلاً، فالله تعالى لا ينظر إلى كميته ولكن إلى نية صاحبه وإخلاصه.
● النهي عن البخل والشح: البخل من الصفات الذميمة التي توجب حرمان العبد من بركة الله وعطائه.
● الاستجابة للفطرة السليمة: السيدة أسماء رضي الله عنها كانت تشعر في قلبها بالرغبة في العطاء، فسألت لتعرف الحكم، وهذا يدل على أن النفس السوية تحب الخير وتريد البذل.
● التوازن في الإنفاق: أمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تعطي "ما استطاعت"، مما يدل على أن العطاء يجب أن يكون في حدود القدرة دون إضرار بالنفس أو بالأسرة.
● جزاء البخل من جنس العمل: كما في القاعدة الشرعية "جَزَاءُ سِيِّئَةٍ سِيِّئَةٌ مِثْلُهَا"، فمن يبخل ويمنع الخير، يمنع الله عنه الخير والبركة.

4. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث أخرجه الإمام البخاري ومسلم في صحيحيهما، مما يدل على صحته وأهميته.
- الزبير بن العوام رضي الله عنه كان فقيرًا في بداية زواجه بأسماء، وكانت تعينه وتصبر على شظف العيش، مما يدل على فضلها وصبرها رضي الله عنها.
- الحديث يدل على أن المرأة يمكنها أن تتصدق من مال زوجها إذا أذن لها، أو إذا كان يعلم بأنها ستفعل ذلك ولم يمنعها.
- فيه إشارة إلى أن البركة في المال لا تكون بالادخار والبخل، بل بالإنفاق في سبيل الله.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا من المبذرين في طاعته، المحسنين إلى خلقه، وأن يعيذنا من الشح والبخل، إنه سميع مجيب.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في الزكاة (١٤٣٤)، ومسلم في الزكاة (١٠٢٩) كلاهما من حديث حجاج بن محمد، قال: قال ابن جريج، أخبرنا ابن أبي مليكة، أن عباد بن عبد الله بن الزبير أخبره، عن أسماء بنت أبي بكر، أنها جاءت، فذكرته. واللّفظ لمسلم، واختصره البخاريّ، ولم يذكر القصة.
وفي رواية عندهما»انفحي أو انضحي أو انفقي». هذه كلها في مسلم، وفي البخاريّ: انفقي (وحده)، ولا تحصي فيحصي الله عليك، ولا تُرعي فرعي الله عليك».
روياه عن هشام بن عروة، عن فاطمة بنت المنذر، عن أسماء، البخاريّ (٢٥٩١)، ومسلم (١٠٢٩).
وفي سنن أبي داود (١٦٩٩)، والترمذي (١٩٦١)، والنسائي (٢٥٥١): «أعطي وتُوكي فيوكي عليك».
وقوله: «ولا توكي» أي لا تدخري، والإيكاء: شدّ رأس الوعاء، وهو الرّباط الذي يربط به.
وفي الحديث من الفقه أنّ ربة البيت لها أن تنفق ما زاد من الرّزق، ولا تدخّره. هذا إذا كانت تُعطي النفقة يوميًا بقدر حاجتها، وأما إذا أعطيت زيادة على ذلك لمدة غير معلومة فلها أن تدخّره الغابر الزمان لقوله تعالى: ﴿وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا﴾ [سورة الإسراء: ٢٩]، وكلّ هذا من باب البرّ والإحسان.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 138 من أصل 379 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: لا توعي فيوعي الله عليك

  • 📜 حديث: لا توعي فيوعي الله عليك

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: لا توعي فيوعي الله عليك

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: لا توعي فيوعي الله عليك

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: لا توعي فيوعي الله عليك

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب