حديث: رأيت وجه رسول الله ﷺ يتهلل كأنه مذهب

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب حثّ الإمام على الإنفاق في سبيل الله إذا رأى المصلحة في ذلك

عن جرير بن عبد الله البجلي، قال: كنا عند رسول الله ﷺ في صدر النهار، قال: فجاءه قوم حفاة عراة مجتابي النِّمار -أو العباء- متقلِّدي السيوف عامتهم من مضر -بل كلهم من مضر- فتمعَّر وجه رسول الله ﷺ لما رأي بهم من الفاقة فدخل ثم خرج فامر بلالًا فأذن وأقام فصلَّى ثم خطب فقال: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ
الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ﴾ إلى آخر الآية: ﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [سورة النساء: ١]، والآية التي في الحشر ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ﴾ [سورة الحشر: ١٨] تصدق رجل من دينار من درهمه من ثوبه من صاع بره من صاع تمره». حتى قال: «ولو بشق تمرة» .. قال: جاء رجل من الأنصار بصرة كادت كفه تعجر عنها -بل قد عجزت-قال: ثم تتابع الناس حتى رأيت كومين من طعام وثياب حتى رأيت وجه رسول الله ﷺ يتهلل كأنه مذهب. فقال رسول الله ﷺ: «من سنَّ في الإسلام سنَّة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء، ومن سن في الإسلام سنة سيئةً كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من غيره من غير أن ينقص من أوزارهم شيءٌ».

صحيح: رواه مسلم في الزكاة (١٠١٧) عن محمد بن المثنى العنزيّ، أخبرنا محمد بن جعفر، حدّثنا شعبة، عن عون بن أبي جحيفة، عن المنذر بن جرير، عن أبيه، فذكره.

عن جرير بن عبد الله البجلي، قال: كنا عند رسول الله ﷺ في صدر النهار، قال: فجاءه قوم حفاة عراة مجتابي النِّمار -أو العباء- متقلِّدي السيوف عامتهم من مضر -بل كلهم من مضر- فتمعَّر وجه رسول الله ﷺ لما رأي بهم من الفاقة فدخل ثم خرج فامر بلالًا فأذن وأقام فصلَّى ثم خطب فقال: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ
الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ﴾ إلى آخر الآية: ﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [سورة النساء: ١]، والآية التي في الحشر ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ﴾ [سورة الحشر: ١٨] تصدق رجل من دينار من درهمه من ثوبه من صاع بره من صاع تمره». حتى قال: «ولو بشق تمرة» .. قال: جاء رجل من الأنصار بصرة كادت كفه تعجر عنها -بل قد عجزت-قال: ثم تتابع الناس حتى رأيت كومين من طعام وثياب حتى رأيت وجه رسول الله ﷺ يتهلل كأنه مذهب. فقال رسول الله ﷺ: «من سنَّ في الإسلام سنَّة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء، ومن سن في الإسلام سنة سيئةً كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من غيره من غير أن ينقص من أوزارهم شيءٌ».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليكم شرح هذا الحديث العظيم الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه عن الصحابي الجليل جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه:

1. شرح المفردات:


● حفاة عراة: أي لا نعال في أقدامهم ولا ما يستر أجسادهم بشكل كاف.
● مجتابي النمار أو العباء: "النمار" هي الأكسية المخططة، و"العباء" هي الملاءة التي تلبس فوق الثياب. والمقصود أنهم كانوا يلبسون ثيابًا بالية ممزقة.
● مُتَقلِّدي السيوف: يحملون سيوفهم معلقة بأكتافهم.
● مضر: قبيلة عربية معروفة.
● فَتَمعَّر وجه رسول الله ﷺ: تغير لونه وظهر عليه أثر الحزن والاهتمام.
● الفاقة: الفقر والحاجة الشديدة.
● يَتَهَلَّل: يشرق ويضيء فرحًا وسرورًا.
● كأنه مُذْهَبَة: كأنه قطعة ذهب تلمع من شدة الفرح.
● صُرَّة: شيء ملفوف فيه مال أو طعام.
● كادت كفُّه تَعْجِزُ عنها: كادت يده تقصر عن حملها من ثقلها وكثرتها.

2. شرح الحديث:


يحدثنا الصحابي جرير بن عبد الله رضي الله عنه أنهم كانوا مع النبي ﷺ في وقت مبكر من النهار، فجاءت مجموعة من الناس في حالة بائسة من الفقر؛ حفاة لا أحذية لهم، عراة لا كسوة كافية، ملابسهم ممزقة، ومعهم سيوفهم (ربما لأنهم جاءوا من سفر أو حرب)، وكانوا من قبيلة مضر.
فلما رأى النبي ﷺ حالهم المؤلم، تغير لونه وحزن حزنًا شديدًا لما رأى من شدة فقرهم وحاجتهم. فدخل بيته ثم خرج وأمر بلالًا أن يؤذن للصلاة، فصلى بالناس ثم خطبهم.
بدأ خطبته بتلاوة آيات من القرآن تحث على التقوى والخشية من الله، منها قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} [النساء: 1]، وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ} [الحشر: 18].
ثم حث النبي ﷺ على الصدقة، وذكر أنواعها: من الدينار والدرهم والثياب والطعام من البر والتمر، وحتى لو كانت صدقة صغيرة مثل "شق تمرة" (نصف تمرة).
فاستجاب أحد الأنصار لهذا النداء، وجاء بصدقة كبيرة (صرة من مال أو طعام) كانت ثقيلة جدًا حتى كاد لا يقوى على حملها، ثم تتابع الناس بعد ذلك في التبرع حتى تجمع كومان (كومتان) من الطعام والثياب.
فلما رأى النبي ﷺ هذا الكرم والاستجابة، فرح فرحًا شديدًا واشرقت أساريره، حتى بدا وجهه الشريف كالقمر أو كقطعة ذهب من شدة البهجة والسرور.
ثم بين النبي ﷺ قاعدة عظيمة فقال: "من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء، ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء".

3. الدروس المستفادة:


● حسن خلقه ﷺ ورحمته بأمته: حيث تأثر وحزن لحال الفقراء وسعى immediately لمساعدتهم.
● الحث على الصدقة والإنفاق في سبيل الله: حتى لو كانت القيمة قليلة، فالله تعالى يقبل القليل ويجزى عليه الكثير.
● فضل السبق في الخيرات: حيث كان الأنصاري أول من استجاب بشدة، فكان له فضل الابتداء والتسبب في حث الآخرين.
● التعاون والتكافل الاجتماعي: حيث تتابع الناس بعد ذلك في التبرع، مما يدل على أهمية التعاون في البر والتقوى.
● القاعدة الشرعية العظيمة: في فضل من ابتدأ سنة حسنة في الإسلام، وأنه يكتب له أجرها وأجر كل من عمل بها إلى يوم القيامة، وكذلك التحذير من بدء السنة السيئة.

4. معلومات إضافية:


- هذا الحديث أصل في "السنة الحسنة" و"السنة السيئة"، وهو يدل على أن من ابتكر طريقة خيرية أو دعوة إلى هدى فله أجر كل من اتبعه فيها، والعكس بالعكس.
- فيه بيان كيف كان النبي ﷺ قدوة في الرحمة والاهتمام بشؤون المسلمين، وكيف كان يحول المواقف إلى دروس وعبر تبقى للأمة.
- يستفاد منه أهمية الخطبة والتذكير بالآيات القرآنية في تحفيز الناس على الخير.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يوفقنا للعمل بما علمنا، وأن يجعلنا مفاتيح للخير مغاليق للشر. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في الزكاة (١٠١٧) عن محمد بن المثنى العنزيّ، أخبرنا محمد بن جعفر، حدّثنا شعبة، عن عون بن أبي جحيفة، عن المنذر بن جرير، عن أبيه، فذكره.
ورواه من وجه آخر عن عبد الرحمن بن هلال العبسي، عن جرير بن عبد الله قال: «جاء ناس من الأعراب إلى رسول الله ﷺ عليهم الصوف فرأي سوء حالهم قد أصابتهم حاجة». فذكر بمغني حديثهم.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 136 من أصل 379 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: رأيت وجه رسول الله ﷺ يتهلل كأنه مذهب

  • 📜 حديث: رأيت وجه رسول الله ﷺ يتهلل كأنه مذهب

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: رأيت وجه رسول الله ﷺ يتهلل كأنه مذهب

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: رأيت وجه رسول الله ﷺ يتهلل كأنه مذهب

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: رأيت وجه رسول الله ﷺ يتهلل كأنه مذهب

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب