حديث: نور أنى أراه

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب أنّ أحدًا لن يرى اللَّه ﷿ حتّى يموت

عن أبي ذرّ قال: سألتُ رسول اللَّه ﷺ: هل رأيتَ ربَّك؟ قال: «نورٌ أنّى أراه».

صحيح: رواه مسلم في الإيمان (١٧٨) عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن وكيع، عن يزيد بن إبراهيم، عن قتادة، عن عبد اللَّه بن شقيق، عن أبي ذر، فذكره.

عن أبي ذرّ قال: سألتُ رسول اللَّه ﷺ: هل رأيتَ ربَّك؟ قال: «نورٌ أنّى أراه».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
الحديث:
هذا حديث صحيح رواه الإمام مسلم في صحيحه، عن الصحابي الجليل أبي ذر الغفاري رضي الله عنه.


1. شرح المفردات:


● أبي ذرّ: هو جندب بن جنادة، من السابقين الأولين إلى الإسلام، مشهور بزهده وورعه وصدقه في القول.
● سألتُ: استفسرت وطلبت العلم.
● رأيتَ ربَّك: أي أبصرته بعينيك في الدنيا.
● نورٌ: حجاب من النور الساطع والضوء المبهر.
● أنّى أراه: كلمة (أنّى) تعني "كيف" وهي للاستفهام التقريري الإنكاري، أي: كيف أراه؟ وهو استفهام بمعنى النفي، أي: لا يمكن رؤيته في الدنيا.


2. المعنى الإجمالي للحديث:


يسأل الصحابي أبو ذرّ رسول الله صلى الله عليه وسلم سؤالاً مباشرًا وصريحًا: "هل رأيتَ ربك بعينيك في هذه الدنيا؟"
فأجابه النبي صلى الله عليه وسلم إجابة حكيمة جامعة، مفادها: أن الله تعالى محجوب عن أبصار الخلق في الدنيا بنور عظيم مهيب، لا تستطيع المخلوقات اختراقه أو إدراكه، فكيف يمكن لي أن أراه في هذه الحياة الدنيا؟!
فهذا الحديث نفي لرؤية النبي صلى الله عليه وسلم لربه *في الدنيا* بعينيه، وهو ما أجمع عليه أهل السنة والجماعة. أما الرؤية في الآخرة للمؤمنين، فهي ثابتة بالكتاب والسنة وإجماع السلف، وهي من أعظم نعيم أهل الجنة.


3. الدروس المستفادة منه:


1- أدب السؤال والاستفتاء: سؤال أبي ذرّ يدل على حرص الصحابة على فهم أمور دينهم، وسؤالهم لمن هو أعلم منهم.
2- إثبات صفة النور لله تعالى: من أسماء الله الحسنى (النور)، وهو نور السماوات والأرض، وله نور عظيم يحيط به لا تدركه الأبصار في الدنيا. وهذا النور صفة من صفات الله الذاتية تليق بجلاله وعظمته.
3- استحالة رؤية الله في الدنيا: يؤكد الحديث أن أحدًا من البشر لم ير الله تعالى في الدنيا رؤية عينية، لقوله تعالى: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ} [الأنعام: 103]. وقد سُئلت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها عن هذا فقالت: "من زعم أن محمدًا رأى ربه فقد أعظم على الله الفرية".
4- حكمة النبي صلى الله عليه وسلم في الإجابة: أجاب النبي صلى الله عليه وسلم بكلمة موجزة بليغة تحمل معنى عميقًا، حيث بيّن العائق الذي يمنع الرؤية وهو النور الإلهي الساطع.
5- التفويض والإيمان: الحديث يدعو المؤمن إلى الإيمان بما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه دون تكييف أو تمثيل، فنؤمن أن الله محجوب بالنور، ولا نعلم كيفيته.


4. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث هو أصل في مسألة الرؤية، ورد على من زعم من المبتدعة أن النبي رأى ربه في الدنيا.
- الرؤية المنفية في الحديث هي الرؤية بالعين الباصرة في الدنيا. أما الرؤية في الآخرة فهي حق، وقد رآه النبي صلى الله عليه وسلم في المعراج بعين قلبه، أو في منامه، كما في روايات أخرى، وليست رؤية مباشرة بالعين في اليقظة.
- يقول العلماء: "معناه: أن الله تعالى نور، فكيف يمكن رؤيته؟! أي: هو منزّه عن الرؤية في الدنيا".
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في الإيمان (١٧٨) عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن وكيع، عن يزيد بن إبراهيم، عن قتادة، عن عبد اللَّه بن شقيق، عن أبي ذر، فذكره.
ورواه أيضًا من طريق همام وهشام عن قتادة، عن عبد اللَّه بن شقيق، قال: قلت لأبي ذرّ: «لو رأيتُ رسولَ اللَّه ﷺ لسألتُه. فقال: عن أيِّ شيء كنتَ تسألُه؟ قال: كنت أسألُه: هل رأيتَ ربَّك؟ قال أبو ذرّ: قد سألتُ، فقال: «رأيتُ نورًا».
قوله: «نورٌ أنّى أراه» معناه نفي رؤية اللَّه تبارك وتعالى، لأنه أراد بالنّور -نور الحجاب- كما جاء في حديث أبي موسى: «حجابه نورٌ لو كشفه لأحرقتْ سبحاتُ وجهه كلّ شيء أدركه البصر». فالمانع من رؤيته هو نور الحجاب.
وقوله: «رأيتُ نورًا» معناه مثل الأوّل - وأراد بالنّور نور الحجاب؛ لأنه لو أراد بذلك نور ذاته عز وجل لقال للسّائل: نعم رأيته، فأراد أن يفهم السّائل أن الذي رآه هو النور الحجاب. انظر: باب «نوره الحجاب».
وقال ابن حبان في صحيحه (٥٨) بعد أن روى الحديث من طريق هشام بإسناده، مثله: «معناه: أنه لم ير ربَّه، ولكن رأي نورًا علويًّا من الأنوار المخلوقة».
وقد حاول ابن خزيمة في كتاب التوحيد (١/ ٤٣٩) الرّد على خبر أبي ذرّ زاعمًا أن عبد اللَّه بن شقيق لم يسمعه من أبي ذر فقال: «في القلب من صحة هذا الخبر شيء، لم أرَ أحدًا من أصحابنا من علماء أهل الآثار فطن لعلّة في إسناد هذا الخبر، فإنّ عبد اللَّه بن شقيق كأنه لم يكن يثبت أبا ذر، ولا يعرفه بعينه واسمه ونسبه، لأنّ أبا موسى محمد بن المثني حدثنا قال: حدّثنا معاذ بن هشام، قال: حدثني أبي، عن قتادة، عن عبد اللَّه بن شقيق، قال: «أتيت المدينة فإذا رجل قائم على غرائر سود يقول: ألا ليبشَّر أصحابُ الكنوز بكيٍّ في الجباه والجنوب. فقالوا: هذا أبو ذرّ صاحب رسول اللَّه ﷺ.
قال ابن خزيمة: فعبد اللَّه بن شقيق يذكر بعد موت أبي ذر أنه رأى رجلًا يقول هذه المقالة وهو قائم على غرائر سود خُبِّر أنه أبو ذرّ، كأنه لا يثبته ولا يعلم أنه أبو ذر, انتهى.
قال الأعظمي: فإن كان الأثر الذي ذكره ابن خزيمة صحيحًا فيكون ذلك في أول دخوله المدينة، ثم جالسه وسأله كما تدل عليه الرّوايات الصّحيحة.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 405 من أصل 1075 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: نور أنى أراه

  • 📜 حديث: نور أنى أراه

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: نور أنى أراه

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: نور أنى أراه

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: نور أنى أراه

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب