محمد رأى ربه مرتين

حديث: محمد رأى ربه مرتين

عن ابن عباس أنّه قال: رأي محمدٌ ربَّه، فقال عكرمة: أليس اللَّه يقول: ﴿لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ﴾ [سورة الأنعام: ١٠٣]. قال: ويحك، ذاك إذا تجلّى بنوره الذي هو نوره، وقد رأى محمّدٌ ربَّه مرَّتين.

حسن: رواه الترمذيّ (٣٢٧٩) عن محمد بن عمرو بن نبهان بن صفوان الثقفيّ، حدثنا يحيى بن كثير العنبريّ أبو غسان، حدّثنا سلْم بن جعفر، عن الحكم بن أبان، عن عكرمة، عن ابن عباس، فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا حديث عظيم يتعلق برؤية النبي صلى الله عليه وسلم لربه تعالى، وهو من الأحاديث التي اختلف فيها أهل العلم، وسأشرحه لك شرحاً وافياً مستنداً إلى كلام أهل السنة والجماعة.

نص الحديث:

عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: "رأى محمدٌ ربَّه"، فقال عكرمة (أحد تلاميذه): أليس الله يقول: ﴿لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ﴾ [سورة الأنعام: 103]، فقال ابن عباس: "ويحك، ذاك إذا تجلّى بنوره الذي هو نوره، وقد رأى محمدٌ ربَّه مرتين".

1. شرح المفردات:

● رأى محمدٌ ربَّه: أي أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى الله تعالى بعينيه.
● ويحك: كلمة تقال للتحذير أو التعجب، ومعناها هنا: "احذر" أو "انتبه".
● ذاك إذا تجلّى بنوره: أي أن عدم الإدراك بالبصر يكون عندما يتجلى الله بنوره العظيم.
● بنوره الذي هو نوره: أي النور الذي هو صفة من صفات الله تعالى، وهو نور عظيم لا يدركه البشر.
● مرتين: أي في مناسبتين، وهما ليلة الإسراء والمعراج، وفي روايات أخرى في الدنيا أو في الآخرة.

2. المعنى الإجمالي للحديث:

يدل هذا الحديث على أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى ربه تعالى بعينيه في المنام أو في اليقظة، وقد اختلف أهل العلم في هذه المسألة:
● القول الأول: أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى ربه بعينيه في اليقظة، وهذا قول ابن عباس وجماعة من السلف.
● القول الثاني: أنه رآه بقلبه لا بعينيه، وهذا قول عائشة رضي الله عنها ومن وافقها.
● القول الثالث: أنه رآه في المنام، كما جاء في بعض الروايات.
وأما قول عكرمة: "أليس الله يقول: ﴿لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ﴾"، فهي استشهاد بالآية الكريمة التي تنفي إدراك الأبصار لله تعالى في الدنيا، فرد عليه ابن عباس بأن هذا النفي يكون عندما يتجلى الله بنوره الذي لا تستطيع الأبصار أن تتحمله، أما إذا تجلى بصورة أخرى فإن الرؤية ممكنة.

3. الدروس المستفادة من الحديث:

1- إثبات رؤية الله تعالى: الحديث يدل على جواز رؤية الله تعالى في الدنيا لمن شاء الله من أنبيائه، كما حدث لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
2- الفهم الصحيح للنصوص: يجب فهم النصوص الشرعية بشكل متكامل، فلا تعارض بين آية الأنعام التي تنفي إدراك الأبصار لله، ورؤية النبي صلى الله عليه وسلم لربه، لأن النفي مقيد بحالة التجلي بالنور العظيم.
3- مكانة النبي صلى الله عليه وسلم: أن الله تعالى خص نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم بهذه الرؤية تكريماً له وتشريفاً.
4- الحوار العلمي بأدب: حوار ابن عباس مع عكرمة يدل على أدب المتعلم مع العالم، وأدب العالم في الرد على الشبهات.
5- التسليم لله ولرسوله: يجب على المسلم أن يسلم للنصوص الشرعية حتى لو لم يفهم الحكمة الكاملة منها.

4. معلومات إضافية مفيدة:

● الرؤية في الآخرة: أهل السنة والجماعة مجمعون على أن المؤمنين سيرون الله تعالى في الجنة، كما دل على ذلك الكتاب والسنة.
● الفرق بين الرؤية والإدراك: الرؤية قد تكون ممكنة دون إدراك كامل، كما أن الله تعالى يرى ولكن لا يحاط به علماً.
● الرواية الأخرى: جاء في صحيح مسلم عن أبي ذر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "رأيت ربي في أحسن صورة"، مما يؤكد وقوع الرؤية.
● خلاصة القول: الذي عليه جمهور أهل السنة أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى ربه بعينيه، ولكنهم يختلفون في كونها في اليقظة أو في المنام، والأظهر -والله أعلم- أنها في اليقظة كما هو قول ابن عباس.
أسأل الله تعالى أن يفقهنا في ديننا، وأن يرزقنا حسن الفهم والعمل، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الترمذيّ (٣٢٧٩) عن محمد بن عمرو بن نبهان بن صفوان الثقفيّ، حدثنا يحيى بن كثير العنبريّ أبو غسان، حدّثنا سلْم بن جعفر، عن الحكم بن أبان، عن عكرمة، عن ابن عباس، فذكره.
ورواه أيضًا ابنُ أبي عاصم في السنة (٤٣٧)، وابن خزيمة في التوحيد (٣٨٤)، واللالكائيّ في أصول الاعتقاد (٩٢٠)، والبيهقيّ في الأسماء والصفات (٩٣٦) كلّهم من طريق الحكم بن أبان، بإسناده، نحوه.
قال الترمذيّ: «هذا حديث حسن غريب».
وقال ابن أبي عاصم: «فيه كلام».
قال الأعظمي: وهو يقصد به الحكم بن أبان، فإنّ فيه كلامًا خفيفًا من ناحية حفظه، وقد وثّقه ابن معين والنسائيّ والعجليّ.
قال البيهقيّ: «الحكم مجهول، غير محتجّ به في الصّحيح».
قال الأعظمي: ليس بمجهول، لقد عرفه من كان قبله، ثم يشهد له ما يأتي.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 410 من أصل 1075 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: محمد رأى ربه مرتين

📜 حديث: محمد رأى ربه مرتين

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: محمد رأى ربه مرتين

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: محمد رأى ربه مرتين

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: محمد رأى ربه مرتين

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية