حديث: أسبغ الوضوء وخلل بين الأصابع

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب كراهية المبالغة في الاستنشاق للصائم

عن لقيط بن صبرة، قال: قلت: يا رسول الله، أخبرني عن الوضوء؟ قال: «أسبغ الوضوء وخلِّل بين الأصابع، وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائمًا».

صحيح: رواه أبو داود (٢٣٦٦)، والترمذي (٧٨٨)، والنسائي (٨٧)، وابن ماجه (٤٠٧) كلّهم من حديث يحيى بن سُليم، قال: حدثني إسماعيل بن كثير، قال: سمعت عاصم بن لقيط بن صبرة، عن أبيه، فذكره مطوّلًا، ومختصرًا.

عن لقيط بن صبرة، قال: قلت: يا رسول الله، أخبرني عن الوضوء؟ قال: «أسبغ الوضوء وخلِّل بين الأصابع، وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائمًا».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد،
حياكم الله و بياكم أيها السائل الكريم، ونسأل الله تعالى أن يرزقنا وإياك الفهم الصحيح والعمل الصالح. هذا حديث عظيم في بيان هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الوضوء، وهو من رواية لقيط بن صبرة رضي الله عنه، وقد أخرجه أهل السنن كأبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه، وصححه عدد من العلماء.

أولاً. شرح المفردات:


● أسبغ الوضوء: الإسباغ: الإتمام والإكمال، أي أكمله وأتمه بأن تصل الماء إلى جميع أعضاء الوضوء المعروفة (الوجه واليدين والرأس والرجلين) دون تقصير.
● خلِّل بين الأصابع: التخليل: إدخال الماء بين الأصابع أثناء غسل اليدين والرجلين، لضمان وصول الماء إلى جميع أجزاء العضو.
● بالغ في الاستنشاق: الإبالغة: المبالغة والإفراط، والاستنشاق: هو جذب الماء إلى الأنف بالنفس أثناء الوضوء.
● إلا أن تكون صائمًا: الاستثناء هنا للمبالغة في الاستنشاق فقط، أي لا تبالغ فيه إذا كنت صائماً.

ثانيًا. شرح الحديث:


يُرشدنا النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث إلى ثلاثة أمور مهمة في هيئة الوضوء الكامل:
1- إسباغ الوضوء: وهو أساس الوضوء، ويشمل غسل جميع الأعضاء بالكيفية التي بينها الله تعالى في كتابه وبيَّنها رسوله صلى الله عليه وسلم، مع تعميم الماء على العضو كاملاً دون ترك أي جزء منه. وهذا الأمر يعطي الوضوء كماله الشرعي.
2- تخليل الأصابع: وهذا يشمل أصابع اليدين وأصابع الرجلين. فكثير من الناس قد يغسل يديه أو رجليه ولكن لا يصل الماء بين الأصابع، فيبقى جزء من العضو لم يغسل، وهذا ينقص كمال الوضوء. وقد وردت أحاديث أخرى تؤكد على هذا المعنى، مثل قوله صلى الله عليه وسلم: «وخلِّل الأصابع» مما يدل على أهمية هذا الفعل لتحقيق غسل العضو بالكامل.
3- المبالغة في الاستنشاق مع استثناء الصائم: الاستنشاق والاستنثار (إخراج الماء من الأنف) من سنن الوضوء المؤكدة. والمبالغة فيهما تعني إدخال الماء بعمق إلى الأنف ثم إخراجه بقوة، وذلك لتنظيف الأنف مما علق به من أوساخ وغبار. أما الاستثناء للمصلي، فذلك لأن المبالغة الشديدة في الاستنشاق قد تؤدي إلى نزول الماء إلى الحلق، ومن ثم إلى الجوف، مما قد يُفسد الصيام. فالنبي صلى الله عليه وسلم يرشد الصائم إلى الاعتدال في الاستنشاق بحيث يحقق السنة دون أن يعرض صومه للخطر.

ثالثًا. الدروس المستفادة منه:


1- وجوب إتمام الوضوء وإكماله: فالإسباغ واجب لأنه داخل في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة: 6]. والتخليل داخل في معنى الغسل الكامل.
2- الدقة في العبادات: فالشريعة الإسلامية تحرص على إتقان العبادة وإكمالها على الوجه الأتم، وعدم التهاون في تفاصيلها.
3- مراعاة الظروف والأحوال: فالشريعة سمحة، تراعي أحوال المكلفين. فنهي الصائم عن المبالغة في الاستنشاق رحمة به وحفظاً لصومه.
4- النظافة والطهارة الحسية والمعنوية: فالتخليل والمبالغة في الاستنشاق من أسباب النظافة الحسية، والتي تؤثر إيجاباً على طهارة القلب وسلامته.

رابعًا. معلومات إضافية:


- حكم تخليل الأصابع: ذهب جمهور العلماء إلى أنه سنة مؤكدة وليس واجباً، إلا إذا كان هناك ما يمنع وصول الماء دون تخليل (كوجود أوساخ عالقة أو ضيق بين الأصابع) فيصبح واجباً لتحقيق الغسل التام.
- حكم المبالغة في الاستنشاق للصائم: يكره للصائم المبالغة فيها، فإن وصل الماء إلى جوفه دون قصد فلا شيء عليه، وإن فعله متعمداً فذهب جمهور العلماء إلى أنه يفطر.
- هذا الحديث يدل على عظيم عناية الإسلام بالطهارة والنظافة، والتي هي شرط لصحة الصلاة، وهي شطر الإيمان كما في الحديث.
أسأل الله تعالى أن يتقبل منا الصلاة والصيام والقيام، وأن يجعلنا من المتطهرين كما أمر، إنه سميع مجيب.
والله تعالى أعلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٢٣٦٦)، والترمذي (٧٨٨)، والنسائي (٨٧)، وابن ماجه (٤٠٧) كلّهم من حديث يحيى بن سُليم، قال: حدثني إسماعيل بن كثير، قال: سمعت عاصم بن لقيط بن صبرة، عن أبيه، فذكره مطوّلًا، ومختصرًا.
قال الترمذي: «حسن صحيح».
وصحّحه ابن خزيمة (١٥٠)، وابن حبان (١٠٥٤)، والنووي في «المجموع» وغيرهم. وسبق تخريجه في كتاب الوضوء.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 347 من أصل 428 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: أسبغ الوضوء وخلل بين الأصابع

  • 📜 حديث: أسبغ الوضوء وخلل بين الأصابع

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: أسبغ الوضوء وخلل بين الأصابع

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: أسبغ الوضوء وخلل بين الأصابع

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: أسبغ الوضوء وخلل بين الأصابع

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب