كل عمل ابن آدم له إلا الصيام، فإنه لي وأنا أجزي به

حديث: كل عمل ابن آدم له إلا الصيام، فإنه لي وأنا أجزي به

عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله ﷺ: «قال الله: كلُّ عمل ابن آدم له إِلَّا الصّيام، فإنّه لي وأنا أجزي به، والصيام جُنَّة، وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصْخب، فإن سابَّه أحدٌ أو قاتله فليقلْ: إنِّي امرؤ صائم. والذي نفسُ محمد بيده! لَخُلُوف فم الصّائم أطيب عند الله من ريح المسك. للصّائم فرحتان يفْرَحُهُما: إذا أفطر فرح، وإذا لقي ربَّه فرح بصومه».

متفق عليه: رواه البخاريّ في الصوم (١٩٠٤)، ومسلم في الصيام (١١٥١: ١٦٣) كلاهما من طريق ابن جريج، أخبرني عطاء (هو ابن أبي رباح)، عن أبي صالح الزّيات، أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه يقول (فذكره)، واللّفظ للبخاريّ،، لفظ مسلم قريب منه.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا حديث عظيم من أحاديث القدسي، يرويه الصحابي الجليل أبو هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ربه تبارك وتعالى. وهو حديث جامع لفضائل الصوم وأحكامه وآدابه.

أولاً. شرح المفردات:

● لَهُ: أي يحصله وينتفع به، ولكن ثوابه قد ينقص بسبب الرياء أو العجب.
● إِلَّا الصّيام: يستثني الصوم من ذلك.
● فَإِنَّهُ لِي: أي أن الصوم خاص بالله تعالى، وهو أحق به وأرغب في ثوابه.
● وَأَنَا أَجْزِي بِهِ: الله تعالى هو الذي يتكفل بمجازاة الصائم، ويكتب له الأجر without تحديد مقدار، لعظمته.
● جُنَّة: بمعنى وقاية وستر من النار ومن الآثام والشهوات.
● يَرْفُث: أي يتكلم بالكلام الفاحش أو البذيء.
● يَصْخَب: يرفع صوته بالصراع أو الجدال أو المشاجرة.
● سَابَّهُ: شتمه أو insultه.
● قَاتَلَهُ: آذاه أو اعتدى عليه.
● خُلُوفُ فَمِ الصَّائِم: الرائحة التي تخرج من فم الصائم بسبب الجوع والعطش.
● فَرْحَتَانِ: سروران عظيمان.

ثانيًا. شرح الحديث:

يبتدئ الحديث بإخبار الله تعالى عن خصوصية الصوم وتميزه عن سائر العبادات. فبينما يمكن أن تدخل النية الفاسدة كالرياء على العبادات الظاهرة كالصلاة والصدقة، فإن الصوم عبادة باطنة خفية بين العبد وربه، لا يطّلع عليها أحد سواه، مما يصعب معها الرياء. لذلك اختص الله الصوم لنفسه، وجعل جزاءه عظيماً غير محدود.
ثم يبين النبي صلى الله عليه وسلم أن الصوم جُنَّة، أي ترس ووقاية. فهو:
● جُنَّة من النار: لأنه يكفر الذنوب ويباعد عن العذاب.
● جُنَّة من الشهوات: يكسر حدة الشهوة ويقوي الإرادة.
● جُنَّة من الآثام: يردع صاحبه عن المعاصي.
ثم يأتي الأمر بآداب الصوم السلوكية، فيأمر الصائم بعدم الرفث (الكلام البذيء) والصراخ والمشاجرة. بل إذا تعرض لأذى، فليتذكر أنه صائم وليرد بالإعراض والقول: إني صائم، ليس كذباً بل تذكيراً لنفسه وللآخر بحرمة الوقت وفضل العبادة.
ثم يقسم النبي صلى الله عليه وسلم – وهو الصادق المصدوق – على عظمة أجر الصائم، حتى أن رائحة فمه الكريهة عند الناس بسبب خلو المعدة، تكون أطيب عند الله من رائحة المسك، وذلك لصدق العبد في طاعته وتحمله المشقة لأجل ربه.
وأخيراً، يختم الحديث ببيان الفرحتين اللتين هما من أعظم ما ينتظره الصائم:
1- فرحة عند فطره: وهي فرحة حسية بنعمة الله عليه بإتمام الصوم وتناول الطيبات.
2- فرحة عند لقاء ربه: وهي فرحة روحية أعظم، عندما يجد جزاء صومه كاملاً عند الله، فيدخل الجنة من باب الريان المخصص للصائمين.

ثالثًا. الدروس المستفادة والعبر:

1- خصوصية الصوم وعلو منزلته: إذ اختصه الله بنفسه دون سائر العبادات.
2- الإخلاص شرط لقبول العمل: الصوم يربي في المسلم الإخلاص لأنه سر بينه وبين ربه.
3- الصوم ليس مجرد امتناع عن الطعام والشراب: بل هو امتناع عن كل قبيح من قول أو فعل، وتزكية للنفس.
4- الحلم وكظم الغيظ: من أخلاق الصائم الحقيقية، فلا يرد الإساءة بمثلها.
5- تفضيل الله تعالى لأعمال القلوب والنية الصادقة: حتى إنه ليحب أثر الطاعة وإن كان في الظاهر غير مستساغ.
6- البشارة والترغيب: في الحديث ترغيب عظيم في الصوم بوعد الجزاء الحسن والفرح في الدنيا والآخرة.
7- الصوم وسيلة للتقوى: لأنه يوقي من المعاصي ويقرب إلى الله.

رابعًا. معلومات إضافية:

- هذا الحديث أخرجه الإمام البخاري (٥٩٢٧) ومسلم (١١٥١) في صحيحيهما، مما يدل على صحته وعلو درجته.
- باب الريان في الجنة هو أحد أبواب الجنة الثمانية، لا يدخله إلا الصائمون.
- يستحب للصائم أن يكثر من الدعاء عند فطره، فإن للصائم عند فطره دعوة لا ترد.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
هذا والله أعلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في الصوم (١٩٠٤)، ومسلم في الصيام (١١٥١: ١٦٣) كلاهما من طريق ابن جريج، أخبرني عطاء (هو ابن أبي رباح)، عن أبي صالح الزّيات، أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه يقول (فذكره)، واللّفظ للبخاريّ،، لفظ مسلم قريب منه.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 339 من أصل 428 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: كل عمل ابن آدم له إلا الصيام، فإنه لي وأنا أجزي به

📜 حديث: كل عمل ابن آدم له إلا الصيام، فإنه لي وأنا أجزي به

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: كل عمل ابن آدم له إلا الصيام، فإنه لي وأنا أجزي به

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: كل عمل ابن آدم له إلا الصيام، فإنه لي وأنا أجزي به

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: كل عمل ابن آدم له إلا الصيام، فإنه لي وأنا أجزي به

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية