حديث: يؤتي رخصه كما يكره أن تؤتي معصيته

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب الإفطار أفضل لمن شقَّ عليه الصَّوم

عن ابن عمر، قال: قال رسول الله ﷺ: «إنَّ الله يحبُّ أن تؤتي رخصه كما يكره أن تُؤتى معصيتُه».

حسن: رواه الإمام أحمد (٥٨٧٣)، والبزّار - كشف الأستار (٩٨٨).

عن ابن عمر، قال: قال رسول الله ﷺ: «إنَّ الله يحبُّ أن تؤتي رخصه كما يكره أن تُؤتى معصيتُه».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا حديث عظيم من جوامع كلم النبي صلى الله عليه وسلم، يرشدنا إلى منهج متوازن في التعامل مع شرع الله تعالى. وإليك الشرح الوافي له على النحو التالي:
### أولاً. تخريج الحديث
هذا الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده، وابن خزيمة في صحيحه، والطبراني في المعجم الكبير، وغيرهم. وحسنه عدد من العلماء كالألباني وغيره.

### ثانياً. شرح المفردات
● يُحِبُّ: المحبة هنا من صفات الله تعالى التي تليق بجلاله، ومعناها: إرادة الخير والثواب للعبد.
● رُخَصِه: جمع "رخصة"، وهي ما شرعه الله تعالى من تخفيف في الأحكام عند وجود الأعذار الشرعية، كقصر الصلاة في السفر، والفطر في رمضان للمريض أو المسافر، وغيرها.
● يَكْرَهُ: الكراهة هنا أيضاً من صفات الله التي تليق به، ومعناها: إرادة عدم وقوع المعصية وعدم الرضا بها.
● مَعْصِيَتُهُ: كل ما نهى الله عنه وخرج عن طاعته.

### ثالثاً. شرح الحديث
يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث عن أمرين عظيمين يتعلقان بمشيئة الله تعالى:
1- محبة الله أن تؤتى رخصه: أي أن الله تعالى يحب ويرضى عندما يرى عبده يأخذ بالرخصة التي شرعها له عند وجود سببها الشرعي. فليس من البر أو القوة في الدين أن يتشدد العبد ويترك الرخصة التي أباحها الله له، بل الأخذ بها هو امتثال لأمر الله ومحبته، وهو من كمال الشكر لنعمة التيسير.
2- كراهية الله أن تؤتى معصيته: أي أن الله تعالى يكره ويأبى أن يراك عبدك تتعدى حدوده وتقع في ما حرمه عليك. وهذا أصل عظيم في اجتناب المحرمات جميعها.
فالحديث يجمع بين أمرين: الحث على الأخذ بالرخص الشرعية عند وجود أسبابها، والتحذير من الوقوع في المعاصي والمحرمات.

### رابعاً. الدروس المستفادة والفَوائد
1- التيسير ورفع الحرج من مقاصد الشريعة: الشرع الإسلامي مبني على التيسير ورفع المشقة، وليس على التشديد والتعسير. قال تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 185].
2- الأخذ بالرخصة ليس ضعفاً بل هو اتباع: على المسلم أن يفهم أن الأخذ بالرخصة المشروعة (كالفطر في السفر، والمسح على الخفين، والجمع بين الصلاتين) هو اتباع لشرع الله، وليس تقصيراً أو ضعفاً في الدين. بل هو من محبة الله التي أمر بها.
3- ذم التشدد والغلو: الحديث ذم ضمني للغلو في الدين والتشدد الذي يمنع الإنسان من الأخذ بالرخص المشروعة، وهو ما حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث أخرى فقال: «هَلَكَ الْمُتَنَطِّعُونَ» (رواه مسلم)، أي المتشددون المغالون.
4- التوازن في الدين: الدين وسط بين التفريط والتساهل في المحرمات، وبين الغلو والتشدد فيترك الرخصة. فالمؤمن يعطي كل ذي حق حقه: يأخذ بالرخصة عند وجود سببها، ويجتنب المعصية ويحافظ على الحدود.
5- شكر نعمة التيسير: الأخذ بالرخصة شكر لله على نعمة التيسير، وتركها قد يكون نوعاً من الجحود لهذه النعمة والعياذ بالله.
6- الفرق بين الرخصة والمعصية: يجب التفريق بين الرخصة الشرعية التي أباحها الله، وبين المعصية التي حرمها. فليس كل ما تهوى النفس رخصة، بل الرخصة ما جاء بها الدليل الشرعي.


خامساً:

أمثلة تطبيقية
● المسافر: يحب الله أن يفطر في رمضان ويقصر الصلاة، ويكره أن يصوم ويتم الصلاة وهو يشق عليه ذلك (مع وجود المشقة).
● المريض: يحب الله أن يتيمم إذا خاف من استعمال الماء، ويكره أن يستعمل الماء فيضره.
● العاجز عن القيام في الصلاة: يحب الله أن يصلي جالساً، ويكره أن يتكلف القيام فيؤذي نفسه.
نسأل الله تعالى أن يرزقنا فهم دينه والعمل به، والتمسك بسنّة نبيه صلى الله عليه وسلم، والوقوف عند حدوده.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الإمام أحمد (٥٨٧٣)، والبزّار - كشف الأستار (٩٨٨). وصحّحه ابن خزيمة (٩٥٠)، وابن حبَّان (٢٧٤٢) كلّهم من حديث عمارة بن غزيّة، عن حرب بن قيس، عن نافع، عن ابن عمر، فذكره.
وإسناده حسن من أجل حرب بن قيس فإنه حسن الحديث.
وقد سقط في بعض المصادر الحديثية، والصّواب ذكره.
وفي الباب عن عمَّار بن ياسر، قال: أقبلنا مع رسول الله ﷺ من غزوة، فسرنا في يوم شديد الحرّ، فنزلنا في بعض الطريق، فانطلق رجلٌ منا، فدخل تحت شجرة، فإذا أصحابه يلوذون به، وهو مضطجع كهيئة الوجع، فلمّا رآهم رسول الله ﷺ قال: «ما بال صاحبكم؟».
قالوا: صائم. فقال رسول الله ﷺ: «ليس من البر أن تصوموا في السفر عليكم بالرخصة التي رخَّص الله فاقبلوها».
رواه الطبرانيّ من حديث ابن لهيعة، حَدَّثَنِي قرة وعقيل، عن ابن شهاب، عن سعيد، عن عمار، فذكره.
هكذا ذكره ابن كثير في جامع المسانيد (٦٨٦٩)، ولم يطبع مسند عمار، ولذا لم أقف على اسم الراوي عن ابن لهيعة، وذكره المنذريّ في: الترغيب والترهيب (١٦٢٤) وقال: «إسناده حسن». وتبعه الهيثميّ في المجمع (٣/ ١٦١) فقال: رواه الطبرانيّ في الكبير: وإسناده حسن».
وفي الباب أيضًا ما رُوي عن أبي برزة مرفوعًا: «ليس من البر الصيام في السفر». رواه البزّار - كشف الأستار (٩٨٧) - عن محمد بن معمر، ثنا محمد بن خالد بن عثمة، ثنا إبراهيم بن سعد، ثنا عبد الله بن عامر، عن محمد، عن رجل من آل أبي برزة، عن أبي برزة، فذكره.
وفيه رجل لم يسم، وإليه أشار أيضًا الهيثميّ في «المجمع» (٣/ ١٦١)، وعزاه أيضًا لأحمد والطَّبرانيّ في «الكبير» . فأما مسند الإمام أحمد فلم أجده فيه.
وأمّا الطبرانيّ فرواه في الأوسط (٥٥٩٣) عن محمد بن عبد الله الحضرميّ، قال: حَدَّثَنَا معمر ابن بكار السُّعْديّ، قال: حَدَّثَنَا إبراهيم بن سعد، عن عبد الله بن عامر الأسلميّ، عن خاله عبد الرحمن بن حرملة، عن محمد بن المنكدر، عن أبي برزة، فذكره.
قال الطبرانيّ: لم يرو هذا الحديث عن عبد الرحمن بن حرملة إِلَّا عبد الله بن عامر، ولا عن عبد الله ابن عامر إِلَّا إبراهيم بن سعد، تفرّد به معمر بن بكار، ولا يرُوي عن أبي برزة إِلَّا بهذا الإسناد.
قال الأعظمي: معمر بن بكار السُّعدي مختلف فيه، فذكره ابن حبَّان في «الثّقات»، وقال الذّهبيّ في «الميزان» (٤/ ١٥٣): «صويلح»، ولكن قال العقيلي في «الضعفاء» (١٧٩٢): «في حديثه وهم،
ولا يتابع على أكثره». ولعلَّ هذا منه، فإنه وقع في الإسناد اضطراب كما ترى.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 328 من أصل 428 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: يؤتي رخصه كما يكره أن تؤتي معصيته

  • 📜 حديث: يؤتي رخصه كما يكره أن تؤتي معصيته

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: يؤتي رخصه كما يكره أن تؤتي معصيته

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: يؤتي رخصه كما يكره أن تؤتي معصيته

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: يؤتي رخصه كما يكره أن تؤتي معصيته

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, December 17, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب