تقووا لعدوّكم

حديث: تقووا لعدوّكم

عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، عن بعض أصحاب رسول الله ﷺ، أنّ رسول الله ﷺ أمر الناس في سفره عام الفتح بالفطر. وقال: «تقوّوا لعدوّكم» وصام رسول الله ﷺ.
قال أبو بكر: قال الذي حدّثني: لقد رأيتُ رسول الله ﷺ بالعَرْج يصُبُّ الماء على رأسه من العطش أو من الحرّ. ثم قيل لرسول الله ﷺ: يا رسول الله، إنّ طائفةً من الناس قد صاموا حين صُمتَ. قال: فلما كان رسول الله ﷺ بالكَديد دعا بقَدَح فشرب، فأفطر النّاسُ.

صحيح: رواه مالك في الصيام (٢٢) عن سُميٍّ مولى أبي بكر بن عبد الرحمن، عن أبي بكر بن عبد الرحمن، عن بعض أصحاب رسول الله ﷺ.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليك شرح هذا الحديث النافع الذي رواه أبو داود في سننه وغيره، مع بيان معانيه ودروسه المستفادة:

1. شرح المفردات:

● عام الفتح: يقصد به فتح مكة في السنة الثامنة للهجرة.
● التقووا: أي تَقَوَّوا بأكل الطعام والشرب لتكون لكم قوة.
● بالعَرْج: موضع بين مكة والمدينة.
● يصب الماء على رأسه: وذلك للتخفيف من شدة العطش أو الحر.
● بالكَديد: موضع قرب مكة.
● قَدَح: إناء يشرب فيه.

2. شرح الحديث:

يحدثنا هذا الحديث عن موقف حصل في سفر النبي صلى الله عليه وسلم عام فتح مكة، حيث كان المسلمون في حالة جهاد واستعداد لملاقاة العدو. وفي هذا السياق:
- أمر النبي صلى الله عليه وسلم الناس بالإفطار في السفر، وقال لهم: "تقووا لعدوكم"، أي أن الإفطار هنا ليس مجرد رخصة، بل هو أمر يستحب الأخذ به لما فيه من مصلحة التقوّي على الجهاد ومواجهة الأعداء.
- ومع ذلك، صام النبي صلى الله عليه وسلم ذلك اليوم، وذلك لبيان جواز الصوم في السفر أيضاً، فالنبي صلى الله عليه وسلم قدوة في بيان الأحوال المختلفة.
- ثم يروي أبو بكر بن عبد الرحمن أن الذي حدثه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في مكان يسمى "العَرْج" يصب الماء على رأسه بسبب شدة العطش أو الحر، مما يدل على مشقة الصوم في السفر.
- ثم أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن بعض الناس صاموا متابعة له، فلما وصل إلى "الكديد" دعا بقدح وشرب أمام الجميع فأفطر الناس تبعاً له، مما يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يبين لهم أن الإفطار أولى في مثل هذه الحال.

3. الدروس المستفادة:

● مرونة الشريعة الإسلامية: فالصوم في السفر رخصة، والإفطار جائز بل قد يكون مستحباً أو واجباً إذا كان فيه مشقة أو ضعف عن الجهاد.
● الحكمة من الرخصة: أن الدين يسر، وأن التقوّي على العبادة والجهاد أولى من الصوم إذا كان الصوم يضعف الإنسان عن أداء واجب أهم.
● اتباع النبي صلى الله عليه وسلم: حيث أفطر الناس عندما رأوه يشرب، مما يدل على وجوب متابعته في الأفعال التي يقصد بها بيان الأحكام.
● مراعاة الظروف: فالنبي صلى الله عليه وسلم صام أولاً ليبين الجواز، ثم أفطر ليبين أن الإفطار أولى في حال المشقة أو الحاجة إلى القوة.
● الجمع بين الحكمتين: بيان أن الصوم جائز، وأن الإفطار أفضل عند الحاجة.

4. معلومات إضافية:

- هذا الحديث يدخل في باب "الصوم في السفر"، وفيه أن الإفطار أفضل عند وجود المشقة أو الحاجة إلى القوة للجهاد أو غيره.
- يستحب للمسلم أن يراعي مصلحة نفسه والجماعة، فإذا كان الصوم يضعفه عن واجب أهم؛ فإن الإفطار أولى.
- الفقهاء يستدلون بهذا الحديث على أن الأمر بالإفطار هنا للاستحباب لا للوجوب، لأن النبي صلى الله عليه وسلم صام، ولكنه بين أن الإفطار أولى في مثل هذه الحال.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مالك في الصيام (٢٢) عن سُميٍّ مولى أبي بكر بن عبد الرحمن، عن أبي بكر بن عبد الرحمن، عن بعض أصحاب رسول الله ﷺ.
ورواه أبو داود (٢٣٦٥)، والنسائي في الكبرى (٣٠١٧)، وأحمد (١٥٩٠٣)، والحاكم (١/ ٤٣٢) كلّهم من حديث مالك، به، مثله إلا أنّ النسائي. رواه مختصرًا.
ورواه الحاكم من وجهين: عبد الصمد بن الفضل وإسحاق بن الهياج كلاهما عن محمد بن نعيم السعدي، ثنا مالك بن أنس، عن سمي، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: «رأيت رسول الله ﷺ بالعرج يصبّ على رأسه الماء من الحرّ وهو صائم».
قال الحاكم: «هذا حديث له أصل في الموطأ، فإن كان محمد بن نُعيم حفظه هكذا، فإنه صحيح على شرط الشيخين».
قال الحافظ في «اللسان» في ترجمة إسحاق بن الهياج البلخي، عن محمد بن نعيم السعديّ البصريّ ... قال الدارقطني: وهم فيه في موضعين. وهو في «الموطأ» عن مالك، عن سمي، عن أبي بكر، عن بعض الصحابة غير مسمى».
وقال الحافظ ابن عبد البر في: التمهيد (٢٢/ ٤٧): «هذا حديث مسند صحيح، ولا فرق بين أن يسمي التابعُ الصاحبَ الذي حدّثه أو لا يسميه في وجوب العمل بحديثه؛ لأنّ الصحابة كلّهم
عدول مرضيون، ثقات أثبات. وهذا أمر مجتمع عليه عند أهل العلم بالحديث».

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 346 من أصل 428 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: تقووا لعدوّكم

📜 حديث: تقووا لعدوّكم

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: تقووا لعدوّكم

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: تقووا لعدوّكم

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: تقووا لعدوّكم

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية