حديث: حجيج عن الميت إذا لم يحج

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قضاء الصيام عن الميت

عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه، قال: بينا أنا جالسٌ عند رسول الله ﷺ إذ أتته امرأةٌ. فقالت: إني تصدّقت على أمّي بجاريةٍ، وإنَّها ماتتْ. قال: فقال: «وجب أجْرُك. وردَّها عليكِ الميراث». قالت: يا رسول الله، إنه كان عليها صوم شهر. أفأصومُ عنها؟ قال: «صومي عنها». قالت: إنَّها لم تحجَّ قطّ، أفأحجُّ عنها؟ قال:
«حُجِّي عنها».
وفي رواية: «صوم شهرين».

صحيح: رواه مسلم في الصيام (١١٤٩) من طريق عبد الله بن عطاء، عن عبد الله بن بريدة، به.

عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه، قال: بينا أنا جالسٌ عند رسول الله ﷺ إذ أتته امرأةٌ. فقالت: إني تصدّقت على أمّي بجاريةٍ، وإنَّها ماتتْ. قال: فقال: «وجب أجْرُك. وردَّها عليكِ الميراث». قالت: يا رسول الله، إنه كان عليها صوم شهر. أفأصومُ عنها؟ قال: «صومي عنها». قالت: إنَّها لم تحجَّ قطّ، أفأحجُّ عنها؟ قال:
«حُجِّي عنها».
وفي رواية: «صوم شهرين».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا حديث عظيم من الأحاديث التي تبين أحكام الصدقة والقضاء عن الميت، وقد رواه الإمام مسلم في صحيحه وغيره.

أولاً. شرح المفردات:


● تصدقت على أمي بجارية: أي وهبت وأعطيت أمها جارية (أمة) على سبيل الصدقة في حياتها.
● وجب أجرك: حصل ثوابك واستقر.
● ردها عليك الميراث: عادت إليك الجارية بميراثك من أمك بعد موتها.
● صوم شهر: أي صوم شهر مفروض، وقيل نذر.
● حج عنها: أداء فريضة الحج نيابة عنها.

ثانياً. شرح الحديث:


كان الصحابي بريدة بن الحصيب جالسًا عند النبي صلى الله عليه وسلم، فأتته امرأة تسأله عن عدة أمور:
1- مسألة الصدقة والميراث:
أخبرت النبي أنها تصدقت على أمها بجارية في حياتها، ثم ماتت الأم. فأخبرها النبي صلى الله عليه وسلم أن أجر الصدقة قد ثبت لها، وأن الجارية عادت إليها بالإرث بعد موت الأم. وهذا من محاسن الإسلام؛ حيث يجمع لها بين الأجر والميراث، فلا تنافي بينهما، لأن الصدقة تمت في حياة الأم وانتفعت بها، فاستحقَّت البنت الأجر، ثم بعد موتها صارت الجارية من التركة فورثتها البنت.
2- مسألة الصوم عن الميت:
سألت المرأة إن كان على أمها صوم شهر (وهو على الأرجح صوم نذر أو قضاء رمضان)، فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تصوم عنها. وهذا يدل على جواز الصوم عن الميت إذا كان عليه صوم واجب، كصوم نذر أو قضاء رمضان.
3- مسألة الحج عن الميت:
سألت إن كانت تحج عن أمها التي لم تحج قط، فأذن لها النبي صلى الله عليه وسلم بالحج عنها. وهذا يدل على جواز الحج عن الميت إذا لم يؤدِّ فريضة الحج في حياته.
وفي رواية أخرى: "صوم شهرين" بدلاً من "صوم شهر"، وهذا من اختلاف الروايات، ويمكن حمله على التعدد أو على أن الصوم كان شهرين في قضية أخرى.

ثالثاً. الدروس المستفادة:


1- جواز الصدقة على الأقارب وفضل ذلك، لقوله تعالى: {وَصِلْهُ وَالْيَتِيمَ} [البقرة: 83]، ولقوله صلى الله عليه وسلم: "الصدقة على المسكين صدقة، وعلى ذي الرحم اثنتان: صدقة وصلة" (رواه الترمذي).
2- جميع الأجر والميراث لا يتنافيان، إذا كانت الصدقة في الحياة ثم ورث المتصدق عليه.
3- جواز القضاء عن الميت في الصوم الواجب عليه، كالنذر أو قضاء رمضان.
4- جواز الحج عن الميت إذا لم يحج في حياته، وهذا خاص بالحج الواجب (فريضة الإسلام).
5- حرص الصحابة على بر الوالدين حتى بعد موتهما، والسؤال عن كيفية القيام بحقوقهما.
6- منزلة الأم وبرها، حتى بعد وفاتها، بالسؤال عما يُنجز عنها من حقوق وعبادات.

رابعاً. معلومات إضافية:


- الصوم عن الميت يكون في الصوم الواجب فقط (كقضاء رمضان أو نذر)، أما صوم التطوع فلا يشرع فيه القضاء عن الميت.
- الحج عن الميت يكون في الفريضة فقط (حجة الإسلام)، ولا يصح حج التطوع عن الغير.
- هذه الأمور (الصوم والحج عن الغير) تحتاج إلى نية صادقة وإخلاص لله تعالى.
- العلماء استدلوا بهذا الحديث على مشروعية النيابة في العبادات البدنية في الحج والصوم، مع اختلافهم في التفاصيل.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في الصيام (١١٤٩) من طريق عبد الله بن عطاء، عن عبد الله بن بريدة، به.
وفي رواية من طريق عبد الله بن عطاء المكيّ، عن سليمان بن بريدة، عن أبيه، مثله. وقال: «صومُ شهر».
قال الأعظمي: وظاهر الحديث يدل على أنَّ الميت بصوم عنه وليُّه سواء كان الصّوم من رمضان أو من نذر؛ لأنَّ ذمّة الميت مشغولة به، ولأنَّ النَّبِيّ ﷺ قاسه على الدَّيْن، والدَّين يُقضى عن الميت لبراءة ذمّته. وهو قول أهل الحديث كما قال الحافظ ابن حجر في الفتح (٤/ ١٩٣).
قال الترمذيّ: «اختلف أهل العلم في هذا الباب، فقال بعضهم: يصام عن الميت. وبه قال أحمد وإسحاق قالا: إذا كان على الميت نذر صيام، يصوم عنه. وإذا كان عليه قضاء رمضان أُطعم عنه. وقال مالك، وسفيان، والشافعي: لا يصومُ أحدٌ عن أحد». انتهى.
قال الأعظمي: وأمّا الشافعي فعلَّق الحكم في القديم على صحة الحديث كما نقله البيهقيّ في «المعرفة» (٦/ ٣٠٩)، وقال في «الخلافيات»: «هذه المسألة ثابتة، لا أعلم خلافًا بين أهل الحديث في صحتها. فوجب العمل به. ونقل عن الشافعي أنه قال: كل ما قلتُ، وصحَّ عن النَّبِيّ ﷺ خلافه، فخذوا بالحديث ولا تقلِّدوني».
وذهب أبو حنيفة ومالك إلى أنه لا يصام عن الميت قياسا على الصّلاة.
والمختار فيه ما قاله أحمد: يصام نذر صيام لأنه ليس له بديل بخلاف صيام رمضان فإن له بديلًا وهو الإطعام وهو قول ابن عباس كما ذكره أبو داود (٢٤٠١)، وإنْ صام الأوّلياء عن الميت فلا حرج عليهم لعموم الحديث، ولهم أن يصوموا كيف شاؤوا مجتمعين أو متفرقين بأن يصوم ثلاثون رجلًا يومًا واحدًا، أو يصوم واحدٌ ثلاثين يومان وكذا أن يُقسِّمَ ثلاثة نفر كل واحد منهم عشرة أيام، فكلها صحيحة.
وأمّا ما رُوي عن ابن عمر، عن النَّبِيّ ﷺ أنه قال: «من مات وعليه صوم شهر فليطعم عنه مكان كلّ يوم مسكينًا» فهو ضعيف.
رواه الترمذيّ (٧١٨)، وابن ماجه (١٧٥٧)، وابن خزيمة (٢٠٥٦) كلّهم من طريق أشعث، عن محمد بن أبي ليلى، عن نافع، عن ابن عمر، فذكره.
ومحمد في هذا الإسناد جاء من ثلاثة أوجه، جاء غير منسوب عند الترمذيّ، فقال: هو عندي ابن عبد الرحمن بن أبي ليلى. وجاء عند ابن ماجة منسوبًا إلى ابن سيرين. وقد نبَّه على ذلك المزّي وغيره.
وجاء منسوبًا إلى عبد الرحمن بن أبي ليلى عند ابن خزيمة وهو صحيح.
وإسناده ضعيف من أجل محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى فإنه سيء الحفظ.
وفيه أيضًا الراوي عنه وهو أشعث بن سوار، وهو ضعيف أيضًا.
وقال ابن خزيمة: فإنَّ في القلب من أشعث بن سوار ﵀ لسوء حفظه».
وقال الترمذيّ: «حديث ابن عمر لا نعرفه مرفوعًا إِلَّا من هذا الوجه، والصحيح عن ابن عمر موقوف قوله».

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 338 من أصل 428 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: حجيج عن الميت إذا لم يحج

  • 📜 حديث: حجيج عن الميت إذا لم يحج

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: حجيج عن الميت إذا لم يحج

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: حجيج عن الميت إذا لم يحج

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: حجيج عن الميت إذا لم يحج

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب