حديث: المتلاعنان أيُفَرَّق بينهما؟

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب استحباب وعظ المتلاعنين وتذكيرهما بالله عند إرادة التلاعن

عن سعيد بن جبير قال: سئلتُ عن المتلاعنين في إمرة مُصعَب، أيُفَرَّقُ بينهما؟ قال: فما دريتُ ما أقول، فمضيتُ إلى منزل ابن عمر بمكة. فقلت للغلام: استأذن لي. قال: إنه قائلٌ. فسمعَ صوتي. قال: ابن جبير؟ قلت: نعم. قال: ادخل. فوالله! ما جاء بك، هذه الساعة، إلا حاجة. فدخلت، فإذا هو مفترِش بَرْذَعة، متوسّدٌ وسادةً حشوُها ليف. قلت: أبا عبد الرحمن المتلاعنان، أيُفَرَّق بينهما؟ قال: سبحان الله! نعم. إن أولَ من سأل عن ذلك فلانُ بن فلان. قال: يا رسول الله! أرأيت أن لو وَجَد أحدُنا امرأته على فاحشة، كيف يَصنع؟ إنْ تكلَّم تكلَّم بأمر عظيم، وإنْ سكتَ سكتَ على مثل ذلك. قال: فسكتَ النبيُّ ﷺ فلم يُجِبْه. فلما كان بعد ذلك أتاه فقال: إن الذي سألتُك عنه قد ابْتليتُ به. فأنزل الله عز وجل هؤلاء الآيات في سورة النور: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ ...﴾ [النور: ٦] فتلاهُنَّ عليه، ووعظَه وذَكَّره. وأخبره أن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة. قال: لا، والذي بعثك بالحق! ما كذبتُ عليها. ثم دعاها فوعظها وذكَّرها، وأخبرها أن عذابَ الدنيا أهونُ من عذاب الآخرة. قالت: لا، والذي بعثك بالحق! إنه لكاذب. فبدأ بالرجل فشهِدَ أربعَ شهاداتٍ بالله إنه لمن الصادقين. والخامسةُ أن لعنةَ الله عليه إن كان من الكاذبين. ثم ثنَّى بالمرأة فشَهِدت أربعَ شهادات بالله إنه لمن الكاذبين. والخامسةُ أن غَضبَ اللهِ عليها إن كان من الصادقين، ثم فرَّقَ بينهما.

صحيح: رواه مسلم في اللعان (٤: ١٤٩٣) من طرق عن عبد الملك بن أبي سليمان، عن سعيد بن جبير، قال: فذكره.

عن سعيد بن جبير قال: سئلتُ عن المتلاعنين في إمرة مُصعَب، أيُفَرَّقُ بينهما؟ قال: فما دريتُ ما أقول، فمضيتُ إلى منزل ابن عمر بمكة. فقلت للغلام: استأذن لي. قال: إنه قائلٌ. فسمعَ صوتي. قال: ابن جبير؟ قلت: نعم. قال: ادخل. فوالله! ما جاء بك، هذه الساعة، إلا حاجة. فدخلت، فإذا هو مفترِش بَرْذَعة، متوسّدٌ وسادةً حشوُها ليف. قلت: أبا عبد الرحمن المتلاعنان، أيُفَرَّق بينهما؟ قال: سبحان الله! نعم. إن أولَ من سأل عن ذلك فلانُ بن فلان. قال: يا رسول الله! أرأيت أن لو وَجَد أحدُنا امرأته على فاحشة، كيف يَصنع؟ إنْ تكلَّم تكلَّم بأمر عظيم، وإنْ سكتَ سكتَ على مثل ذلك. قال: فسكتَ النبيُّ ﷺ فلم يُجِبْه. فلما كان بعد ذلك أتاه فقال: إن الذي سألتُك عنه قد ابْتليتُ به. فأنزل الله ﷿ هؤلاء الآيات في سورة النور: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ ...﴾ [النور: ٦] فتلاهُنَّ عليه، ووعظَه وذَكَّره. وأخبره أن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة. قال: لا، والذي بعثك بالحق! ما كذبتُ عليها. ثم دعاها فوعظها وذكَّرها، وأخبرها أن عذابَ الدنيا أهونُ من عذاب الآخرة. قالت: لا، والذي بعثك بالحق! إنه لكاذب. فبدأ بالرجل فشهِدَ أربعَ شهاداتٍ بالله إنه لمن الصادقين. والخامسةُ أن لعنةَ الله عليه إن كان من الكاذبين. ثم ثنَّى بالمرأة فشَهِدت أربعَ شهادات بالله إنه لمن الكاذبين. والخامسةُ أن غَضبَ اللهِ عليها إن كان من الصادقين، ثم فرَّقَ بينهما.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا شرح للحديث النبوي الشريف الذي رواه سعيد بن جبير عن ابن عمر رضي الله عنهما:

أولاً. شرح المفردات:


● المتلاعنان: الزوج والزوجة اللذان قاما بعملية اللعان، وهي الحلف بالله مع التلاعن (اللعن والغضب) في حالة اتهام الزوج زوجته بالزنا.
● أيُفَرَّق بينهما: هل يتم التفريق بين الزوج والزوجة بعد اللعان؟
● بَرْذَعة: نوع من البسط أو الفراش الخشن.
● وسادة حشوها ليف: وسادة محشوة بألياف النخل، دلالة على زهد ابن عمر رضي الله عنه.
● ابْتليتُ به: أصبت بهذا البلاء وواجهت هذه المشكلة.
● ثنَّى بالمرأة:转向 المرأة (أي بعد الرجل).


ثانياً. شرح الحديث:


1- السياق التاريخي:
- وقع السؤال في زمن إمارة مصعب بن الزبير على مكة (حوالي 73 هـ).
- سعيد بن جبير - وهو من كبار التابعين - لم يكن يعرف الحكم فاستفتى ابن عمر رضي الله عنهما.
2- قصة اللعان الأصلية:
- أتى رجل إلى النبي ﷺ يشكو من شكه في زوجته، وسأله: إن وجدها على فاحشة، كيف يصنع؟ فإن تكلم فعليه عبء الإثم، وإن سكت فعليه ألم الصبر.
- سكت النبي ﷺ أولاً انتظاراً للوحي.
- بعد أن نزل البلاء بالفعل، أنزل الله آيات اللعان في سورة النور (الآيات 6-9).
3- كيفية اللعان:
- يبدأ الرجل فيشهد أربع شهادات بالله أنه لَصادق في اتهامه.
- في الشهادة الخامسة يقول: "وأن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين".
- ثم تقوم المرأة فتشهد أربع شهادات بالله أنه لكاذب.
- في الشهادة الخامسة تقول: "وأن غضب الله عليها إن كان من الصادقين".
4- نتيجة اللعان:
- بعد اكتمال اللعان، يُفرَّق بين الزوجين ولا يحل لهما أبداً أن يجتمعا بعد ذلك.


ثالثاً. الدروس المستفادة:


1- حكمة التشريع الإسلامي في حفظ الأعراض وقطع النزاع بين الزوجين عند الاشتباه بالزنا دون الحاجة إلى إثبات بالبينة (الأربعة شهود).
2- عظمة النبي ﷺ في التربص بالوحي وعدم التسرع في الاجتهاد في أمر لم ينزل فيه تشريع.
3- زهد الصحابة كابن عمر رضي الله عنهما في حياته البسيطة رغم مكانته.
4- اهتمام التابعين بالسؤال عن الأحكام الشرعية واتباع منهج السلف في الرجوع إلى العلماء.
5- عظم أمر الشهادة واليمين في الإسلام، وأن اللعان يمين مغلظة لها آثار دنيوية وأخروية.


رابعاً. أحكام فقهية متعلقة باللعان:


- اللعان يسقط حد القذف عن الزوج إذا لم يأتِ بأربعة شهداء.
- يثبت به النفاة للولد إذا أنكر الزوج نسبه.
● لا رجعة بعد اللعان؛ لأن التفريق يكون أبدياً.
- إذا رجع أحد المتلاعنين عن يمينه قبل انتهاء المراسم، يوقف اللعان.


ختاماً:


هذا الحديث من الأحاديث العظيمة التي تبين دقة التشريع الإسلامي في حفظ حقوق الأزواج والأعراض، وتظهر حرص السلف على فهم الدين ونقل العلم بدقة. وفيه تحذير من التهاون في الأيمان والأقوال، خاصة ما يتعلق بالأعراض والأنساب.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في اللعان (٤: ١٤٩٣) من طرق عن عبد الملك بن أبي سليمان، عن سعيد بن جبير، قال: فذكره.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب

معلومات عن حديث: المتلاعنان أيُفَرَّق بينهما؟

  • 📜 حديث: المتلاعنان أيُفَرَّق بينهما؟

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: المتلاعنان أيُفَرَّق بينهما؟

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: المتلاعنان أيُفَرَّق بينهما؟

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: المتلاعنان أيُفَرَّق بينهما؟

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب