أمسك المرأة عندك حتى تلد

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليك شرح هذا الحديث النبوي الشريف:

---

نص الحديث:

عن عباس بن سهل، عن أبيه، أن النبي ﷺ قال لعاصم بن عدي: «أمسكِ المرأةَ عندك حتى تلدَ».

---

تخريج الحديث:

هذا الحديث رواه الإمام البخاري في صحيحه في كتاب "الطلاق"، باب "إذا طلقت الحامل"، كما رواه الإمام مسلم في صحيحه، وأبو داود والنسائي وغيرهم.

---

1. شرح المفردات:

● أمسكِ: من الإمساك، أي أبقها وأحبسها عندك ولا تطلقها.
● المرأةَ: المقصود بها زوجة عاصم بن عدي.
● حتى تلدَ: أي تبقى عندك إلى أن تضع حملها.

---

2. سبب ورود الحديث والسياق:

جاء هذا الحديث في سياق طلاق المرأة الحامل. فقد كان عاصم بن عدي - رضي الله عنه - قد طلق امرأته وهي حامل، فأمره النبي ﷺ أن يراجعها ويمسكها عنده حتى تضع حملها. وهذا يدل على أن طلاق الحامل ليس كطلاق غير الحامل من حيث التوقيت والحكم.

---

3. شرح الحديث:

أمر النبي ﷺ عاصم بن عدي أن يمسك زوجته ولا يطلقها أثناء حملها، بل ينتظر حتى تلد. وهذا يشير إلى أن الطلاق في حالة الحمل له حكم خاص؛ فإذا طلق الرجل امرأته وهي حامل، فإن عدتها تنتهي بوضع الحمل، كما قال الله تعالى: {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 4]. فالنبي ﷺ هنا يبين أن الطلاق في هذه الحالة لا يكون مفيدًا إذا كان القصد هو انقضاء العدة سريعًا، لأن عدة الحامل تنتهي بوضع الحمل سواء طُلقت أم لم تطلق.

---

4. الدروس المستفادة والعبر:

● تحريم الطلاق في الحمل إذا كان فيه ضرر: قد يكون في طلاق الحامل ضرر عليها أو على الجنين، فأمر النبي ﷺ بالإمساك حتى تلد حفظًا لصحتها وصحة الجنين.
● مراعاة حال المرأة: الإسلام دين يراعي أحوال الناس، وخاصة الضعفاء كالمرأة الحامل، فيجب على الزوج أن يتقي الله في زوجته خاصة في حال الحمل.
● أن عدة الحامل تنتهي بوضع الحمل: سواء طُلقت أم لم تطلق، كما دل عليه القرآن والسنة.
● أن الطلاق ليس حلًا عشوائيًا: بل له ضوابط وشروط، ومنها مراعاة الوقت المناسب الذي لا يسبب ضررًا للزوجة أو للأبناء.

---

5. الفقه المستفاد من الحديث:

- يستحب للرجل إذا أراد الطلاق أن يتحين الوقت المناسب الذي لا يكون فيه المرأة حاملًا، إلا لضرورة.
- إذا طلق الرجل امرأته وهي حامل، فإن العدة تنتهي بوضع الحمل، ولا تنتظر ثلاثة قروء كما في غير الحامل.
- يؤخذ من الحديث أن النبي ﷺ كان يتدخل في بعض الأمور الشخصية إذا رأى فيها مصلحة أو دفعًا لمفسدة، مما يدل على عنايته بأمور المسلمين.

---

الخلاصة:

الحديث يدل على وجوب مراعاة حال المرأة الحامل وعدم طلاقها إلا لضرورة، وأن عدة الحامل تنتهي بوضع الحمل. وفيه أيضًا توجيه نبوي كريم بالرفق بالمرأة وعدم إيذائها خاصة في فترة الحمل.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.