حديث: ادعاء نسب لا يعرفه أو جحده وإن دق

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب التغليظ في الانتفاءِ من الولد

عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده أن النبي ﷺ قال: «كفرٌ بامرئ ادعاءُ نسب، لا يعرفه، أو جحدُه وإن دقَّ».

حسن: رواه ابن ماجه (٢٧٤٤) عن محمد بن يحيى، قال: حدثنا عبد العزيز بن عبد الله، قال: حدثنا سلمان بن بلال، عن يحيى بن سعيد، عن عمرو بن شعيب فذكره.

عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده أن النبي ﷺ قال: «كفرٌ بامرئ ادعاءُ نسب، لا يعرفه، أو جحدُه وإن دقَّ».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا حديث عظيم من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، يحذر من جريمتين خطيرتين تتعلقان بالنسب، ويفيد بأن ارتكاب أي منهما يعد كفرًا. وإليك الشرح الوافي للحديث:


الحديث:


عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده أن النبي ﷺ قال: «كفرٌ بامرئ ادعاءُ نسب، لا يعرفه، أو جحدُه وإن دقَّ».


1. شرح المفردات:


* كفرٌ بامرئ: أي كفرٌ منه، أو كفرٌ يُنسب إليه ويُحكم به عليه. والكفر هنا ليس الكفر المخرج من الملة بالضرورة، بل قد يكون كفرًا أصغر (نعمة) أو كفرًا دون كفر، وهو كبيرة عظيمة من الكبائر.
* ادعاء نسب لا يعرفه: أي أن يدعي الإنسان نسبًا لغير أبيه الحقيقي، وينتسب إلى قوم لا يعرفونه ولا يعرفهم، فينسب نفسه إلى غير أبيه.
* جحدُه: أي أن ينكر نسبه الصحيح المعروف، ويتبرأ منه.
* وإن دقَّ: أي وإن كان ذلك النسب دقيقًا أو بعيدًا أو قليل الشهرة. فكلمة "دق" هنا تعني خفاءه أو صعوبة إثباته أو ضعفه، ومع ذلك فلا يجحده الإنسان.


2. شرح الحديث:


يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أن من الأفعال التي تُعد كفرًا وتستوجب الذم والعقاب الشديدين أمرين:
* الأول: ادعاء النسب لغير الأب الحقيقي: وهو ما يسمى "الانتساب إلى غير الأب"، كأن يقول الشخص: "أنا فلان بن فلان" وهو يعلم أن ذلك الرجل ليس أباه. وهذا يشمل ما يعرف في الشرع بـ "الادعاء" في النسب.
* الثاني: جحد النسب الصحيح وإنكاره: وهو أن ينكر الشخص نسبه الثابت الصحيح، ويتبرأ من أبيه أو عائلته المعروفة بنسبها.
ويؤكد النبي صلى الله عليه وسلم أن هذا الفعل قبيح وشائن، سواء كان النسب المجحود مشهورًا عاليًا أو كان خفيًا دقيقًا، فحق النسب ثابت لا يسقط بدقته أو ضعفه.


3. الدروس المستفادة منه:


1- عظم جريمة التلاعب في الأنساب: جعل النبي صلى الله عليه وسلم هذا الفعل من الكفر، مما يدل على عظمه وخطورته، لأنه يترتب عليه:
* ضياع الأنساب: وهو من مقاصد الشريعة الخمسة (حفظ النسب).
* قطع الأرحام: وجحد الحقوق الواجبة بين الأقارب.
* الوقوع في اللعنة: كما في الحديث الآخر: «مَنِ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ غَيْرُ أَبِيهِ فَالْجَنَّةُ عَلَيْهِ حَرَامٌ».
* الفساد في المجتمع: من خلال اختلاط الأنساب، وضياع المواريث، وحقوق النكاح وغيرها.
2- التحذير من الانتساب لغير الآباء: سواء كان ذلك طمعًا في جاه، أو مال، أو شهرة، أو هروبًا من عار، فكل ذلك لا يبيح هذا الفعل المحرم.
3- وجوب المحافظة على صحة النسب: وذلك بالصدق في الانتساب، والاعتراف بالنسب الصحيح، وعدم إنكاره لأي سبب كان.
4- أن الكفر على مراتب: فالكفر في هذا الحديث هو كفر النعمة وجحود الحق، وهو من الكبائر التي لا تصل إلى حد الكفر الأكبر المخرج من الملة، لكنه من أعمال أهل النفاق والفسوق.
5- الحث على صلة الرحم: فالحديث يحث بشكل غير مباشر على بر الوالدين والأقارب والاعتراف بفضلهم ونسبهم.


4. معلومات إضافية مفيدة:


* حكم الحديث: صححه عدد من أهل العلم، وحسنه آخرون، منهم الألباني في "صحيح الجامع" (رقم 5975).
* الفرق بينه وبين التبني: يحرم الإسلام التبني بمعنى أن ينسب الرجل إلى نفسه من ليس ابنه، وهذا ما كان منتشرًا في الجاهلية وأبطله الإسلام بقوله تعالى: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ} [الأحزاب: 5]. لكن هذا لا يمنع من كفالة اليتيم وإحسان تربيته دون نسبه إلى الكافل.
* موقف الشريعة من اللقطاء: من وجد طفلاً مجهول النسب، يُنسب إلى من وجده بلفظ الولاء (مولى) أو يُنسب إلى إسلام (عبد الله أو عبد الرحمن) عملاً بالقرائن، ولا يجوز ادعاء نسبه كاذبًا.
نسأل الله تعالى أن يحفظ أنسابنا، ويجنبنا الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وأن يوفقنا للصدق في الأقوال والأفعال. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه ابن ماجه (٢٧٤٤) عن محمد بن يحيى، قال: حدثنا عبد العزيز بن عبد الله، قال: حدثنا سلمان بن بلال، عن يحيى بن سعيد، عن عمرو بن شعيب فذكره.
وإسناده حسن من أجل عمرو بن شعيب فإنه حسن الحديث.
وأخرجه أيضا أحمد (٧٠١٩) عن علي بن عاصم، عن المثنى بن الصباح، عن عمرو بن شعيب فذكره. وإسناده ضعيف. علي بن عاصم وشيخه المثني بن الصباح تكلَّم فيهما غيرُ واحدٍ من أهل العلم إلا أنهما قد توبعا.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب

معلومات عن حديث: ادعاء نسب لا يعرفه أو جحده وإن دق

  • 📜 حديث: ادعاء نسب لا يعرفه أو جحده وإن دق

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: ادعاء نسب لا يعرفه أو جحده وإن دق

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: ادعاء نسب لا يعرفه أو جحده وإن دق

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: ادعاء نسب لا يعرفه أو جحده وإن دق

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب