حديث: لا دعوة في الإسلام، ذهب أمر الجاهلية

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب إلحاق الولد بالفراش إذا لم ينفِه صاحبُه

عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: قام رجل فقال: يا رسول الله! إن فلانا ابني، قد عاهرت بأمه في الجاهلية. فقال رسول الله ﷺ: «لا دِعْوة في الإسلام، ذهب أمرُ الجاهلية، الولد للفراش، وللعاهر الحجر».

حسن: رواه أبو داود (٢٢٧٤) عن زهير بن حرب، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا حسين المعلم، عن عمرو بن شعيب بإسناده فذكره.

عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: قام رجل فقال: يا رسول الله! إن فلانا ابني، قد عاهرت بأمه في الجاهلية. فقال رسول الله ﷺ: «لا دِعْوة في الإسلام، ذهب أمرُ الجاهلية، الولد للفراش، وللعاهر الحجر».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا حديث عظيم من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي يضع قاعدةً أساسيةً من قواعد الشريعة الإسلامية في مسائل النسب والأسرة. سأشرحه لكم وفق النقاط المطلوبة، مستندًا إلى كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة.

أولاً. شرح المفردات:


* عاهرت بأمه: "عاهرت" من الزنى والعهر، أي وطئتها وحصل بي منها الولد. وقوله "بأمه" أي بامرأته التي هي أم الولد الآن.
* لا دِعْوة في الإسلام: "الدعوة" هنا بمعنى الدعوى أو الادعاء. أي لا يُقبل ادعاءٌ يناقض أصول الإسلام وقواعده.
* ذهب أمرُ الجاهلية: أي بطلت وتلاشت أحكام الجاهلية وعاداتها الباطلة، ومنها إنكار النسب بناء على مجرد الادعاء.
* الولد للفراش: "الفراش" هو الزوج الشرعي. أي الولد يُنسب لصاحب الفراش، وهو الزوج، ولا يُنكر نسبه.
* وللعاهر الحجر: "العاهر" هو الزاني. و"الحجر" هو الحجارة، أو الرجم، أو الحرمان والإهانة والرد. والمعنى: أن جزاء الزاني هو الوعيد والعقاب، وليس له حق في الادعاء أو المطالبة بشيء.

ثانيًا. شرح الحديث:


جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأخبره أن رجلاً معينًا (يسميه "فلان") هو ابنه، وادعى أنه قد زنى بأمه في الجاهلية (أي قبل الإسلام)، وبالتالي فهو أبوه الحقيقي.
فرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم ردًا حاسمًا يقطع دابر هذه الادعاءات التي كانت شائعة في الجاهلية، ويؤسس لحكم شرعي ثابت، فقال:
1- «لا دِعْوة في الإسلام»: أي لا مجال لمثل هذه الدعاوى والادعاءات الباطلة في دين الإسلام، الذي جاء ليقطع كل أسباب الفتنة والفساد واختلاط الأنساب.
2- «ذهب أمرُ الجاهلية»: فأحكام الجاهلية وتقاليدها التي لا تقوم على دليل صحيح قد أبطلها الإسلام ولم يعد لها أي اعتبار.
3- «الولد للفراش»: هذه هي القاعدة الذهبية. الولد يُنسب إلى الرجل الذي هو زوج أمه صاحب "الفراش الشرعي"، ما دامت المرأة تحت زوجها ولم يثبت قاطعًا أن الولد من غيره (كأن ينفيها الزوج بلعان مثلًا). هذا الحكم يحفظ الأنساب ويصون الأعراض ويقطع الطريق على كل من يريد العبث بأحFamilies المسلمين.
4- «وللعاهر الحجر»: أما الرجل الزاني، فليس له إلا الوعيد والعقاب في الدنيا والآخرة، وليس له حق أن يفتخر بزنايه أو يدعي نَسَبًا قام على معصية. فجزاؤه هو الإهانة والحرمان، وليس المكافأة بالانتساب.

ثالثًا. الدروس المستفادة منه:


1- حكمة الشريعة في حفظ الأنساب: شرع الإسلام هذا الحكم العظيم لحماية الأسر من التفكك، وصون أعراض النساء، ومنع اختلاط الأنساب الذي يؤدي إلى مفاسد عظيمة.
2- قطع الطريق على الفتنة: يمنع هذا الحديث أي شخص من الإقدام على الادعاء الكاذب بنسب ولدٍ ليس له، مما يسبب فتنة وخصومات بين الناس.
3- إبطال أحكام الجاهلية: الإسلام جاء ليحرر الناس من عادات الجاهلية وتقاليدها الباطلة، ويستبدلها بأحكام عادلة تحقق المصالح وتدرأ المفاسد.
4- الوعيد الشديد للزنا: الحديث يذكر جزاء الزاني (العاهر) وهو الإهانة والعقاب (الحجر)، مما يردع عن هذه الفاحشة العظيمة.
5- الاستقرار الأسري: قاعدة "الولد للفراش" توفر الاستقرار للأطفال داخل أسرهم الطبيعية، وتحميهم من التشرد وضياع الحقوق.

رابعًا. معلومات إضافية مفيدة:


* هذا الحديث أصل من أصول الفقه الإسلامي، وقد أجمع عليه العلماء، وهو متفق على صحته ومعناه.
* يستثنى من هذه القاعدة حالة "اللعان"، وهي إذا اتهم الزوج زوجته بالزنا وأنكر نسب ولدها منه، فله أن يحلف أربعة أيمان ويشهد الخامسة بأنه من الصادقين، وتُسقِط عنه الحدود وتُبين المرأة منه.
* المقصود بـ "الحجر" في قوله "وللعاهر الحجر" فيه تفسيران مشهوران:
* الرجم بالحجارة (وهو حد الزاني المحصن).
* الحرمان والإهانة والرد، أي يرد عليه قوله ويُحرم من أي حق كان يطمع فيه.
وكلا المعنيين صحيح ومقصد الشرع تحقيره وردعه.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٢٢٧٤) عن زهير بن حرب، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا حسين المعلم، عن عمرو بن شعيب بإسناده فذكره.
ورواه الإمام أحمد (٦٩٣٣) عن يزيد بن هارون بإسناده في سياق طويل.
وإسناده حسن من أجل عمرو بن شعيب فإنه حسن الحديث.
والدِّعْوة: بكسر الدال، وسكون العين. هو أن ينتسبَ الرجل إلى غير أبيه، وعشيرتِه، وقد كانوا يفعلونه في الجاهلية، فمنعه الإسلام، وجعل الولدَ للفراش.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب

معلومات عن حديث: لا دعوة في الإسلام، ذهب أمر الجاهلية

  • 📜 حديث: لا دعوة في الإسلام، ذهب أمر الجاهلية

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: لا دعوة في الإسلام، ذهب أمر الجاهلية

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: لا دعوة في الإسلام، ذهب أمر الجاهلية

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: لا دعوة في الإسلام، ذهب أمر الجاهلية

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب