حديث: من انتفى من ولده ليفضحه في الدنيا فضحه الله يوم القيامة

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب التغليظ في الانتفاءِ من الولد

عن ابن عمر قال: قال رسول الله ﷺ: «من انتفى من ولده ليفضحه في الدنيا، فَضَحه الله يوم القيامة على رؤوسِ الأشهاد، قصاص بقصاص».

حسن: رواه الإمام أحمد (٤٧٩٥) ومن طريقه الطبراني في الكبير (١٢/ ٤٠٠) عن وكيع، عن أبيه، عن عبد الله بن أبي المجالد، عن مجاهد، عن ابن عمر فذكره.

عن ابن عمر قال: قال رسول الله ﷺ: «من انتفى من ولده ليفضحه في الدنيا، فَضَحه الله يوم القيامة على رؤوسِ الأشهاد، قصاص بقصاص».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن ينفعنا بما ندرس ونفهم من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الحديث الشريف:
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله ﷺ: «مَنِ انْتَفَى مِن وَلَدِهِ لِيُفْضِحَهُ فِي الدُّنْيَا، فَضَحَهُ اللَّهُ يَوْمَ القِيَامَةِ عَلَى رُءُوسِ الأَشْهَادِ، قِصَاصًا بِقِصَاصٍ».


1. شرح المفردات:


● انْتَفَى مِن وَلَدِهِ: أي أنكر نسبه وتبرأ منه، وادعى أنه ليس ابنه.
● لِيُفْضِحَهُ: (اللام للتعليل) أي بقصد أن يفضحه ويشهر به ويُهينه بين الناس.
● فَضَحَهُ اللَّهُ: أي كشف ستره وعيبه وأذله وأخزاه.
● عَلَى رُءُوسِ الأَشْهَادِ: أي على رؤوس الخلائق جميعًا يوم القيامة، والمشاهدين للحساب. و"الأشهاد" جمع "شاهد"، أي الحاضرون.
● قِصَاصًا بِقِصَاصٍ: أي عقابًا من جنس العمل، فكما فعل في الدنيا بفضحه لولده، فضحه الله تعالى في الآخرة جزاءً وفاقًا.


2. شرح الحديث:


يُحذّر النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث من جريمة أخلاقية واجتماعية خطيرة، وهي أن ينكر الأب نسب ابنه الصحيح الثابت منه، لا عن شك أو جهل، ولكن بقصد الإضرار به والإهانة له وإشعاره بالعار بين الناس.
فهذا الفعل ليس مجرد إنكار للنسب، بل هو تحويل الأبوة -التي هي منبع الرحمة والحماية- إلى وسيلة للانتقام والإيذاء النفسي والاجتماعي للابن.
فيهدد النبي صلى الله عليه وسلم من يفعل ذلك بأن الجزاء من جنس العمل، فمن فضح ابنه وعيّره بنسبه أمام الخلائق في الدنيا، فإن الله تعالى سيفضحه ويكشف عيوبه وذنوبه على رؤوس جميع الخلائق يوم القيامة، حيث لا يستر أحدًا ولا يخفي شيئًا، في ذلك الموقف العظيم المهول.
وقوله: «قِصَاصًا بِقِصَاصٍ» تأكيد على عدل الله تعالى المطلق، وأن عقابه ليس تعسفياً، بل هو مقابلة للفعل بمثله، فكما دسّى هو في عرض ابنه، دسّى الله تعالى في عرضه يوم القيامة.


3. الدروس المستفادة والعبر:


1- حرمة انتهاك الأعراض والفضيحة: يحرم الإسلام إشاعة الفاحشة وإفضاح الناس بكشف عوراتهم أو عيوبهم، وهذا يشمل حتى الأبناء. فالأب مُطالب بحماية وشرف أسرته، لا بأن يكون مصدر فضيحتها.
2- العدل الإلهي: الحديث من أظهر الأدلة على عدل الله تعالى، حيث يجازي الإنسان بنوع عمله، خيرًا كان أو شرًا.
3- خطورة القصد والإرادة: العقاب الشديد هنا مرتبط بالقصد السيء لِيُفْضِحَهُ»). فهذا يرفع من شأن النية في الإسلام، فالعمل قد يكون واحدًا، ولكن تختلف عقوبته باختلاف القصد خلفه.
4- الحفاظ على النسب: النسب من الأمور المُعَظَّمَة في الشريعة، والإنكار الكيدي له هو هدم لأحد أركان المجتمع الإسلامي الذي يُبنى على صحة الأنساس وحفظها.
5- التخويف من يوم القيامة: الحديث يذكر بيوم الحساب وعظمته، حيث يُكشف كل شيء، ليكون باعثًا للمسلم على مراقبة الله في كل أفعاله.


4. معلومات إضافية:


● درجة الحديث: الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده، وأبو داود في سننه، والطبراني وغيرهم، وحسنه عدد من أهل العلم كالألباني لغيره من الشواهد.
● الفرق بين هذا والإنكار للشك: الحديث لا يتناول حالة الأب الذي يشك في نسب الابن بحق (كأن يكون هناك سبب يوجب الشك)، فهذه قضية أخرى لها أحكامها الفقهية الخاصة التي تهدف إلى حفظ الأنساس وعدم إلحاق ما ليس منه. العقاب هنا مرتبط بالنيّة السيئة والقصد للإضرار والفضيحة.
● التربية بالعقاب vs الإهانة: ليس في الحديث ما يمنع من تأديب الولد وتربيته عند الخطأ بالطرق الشرعية، ولكن الفاصل هو الفرق بين التأديب الذي يقصد منه الإصلاح، والإهانة التي يقصد منها الإذلال والانتقام والفضيحة.
نسأل الله تعالى أن يحفظ أعراضنا، وأن يستر عيوبنا في الدنيا والآخرة، وأن يرزقنا حسن الخلق والرحمة بأولادنا وأهلنا.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الإمام أحمد (٤٧٩٥) ومن طريقه الطبراني في الكبير (١٢/ ٤٠٠) عن وكيع، عن أبيه، عن عبد الله بن أبي المجالد، عن مجاهد، عن ابن عمر فذكره. وإسناده حسن من أجل والد وكيع وهو الجراح بن مليح بن عدي الرؤاسي فإنه مختلف فيه، غير أنه حسن الحديث.
قال أبو أحمد بن عدي: «له أحاديث صالحة، وروايات مستقيمة، وحديثه لا بأس به، وهو صدوق، لم أجد في حديثه منكرًا فأذكره، وعامة ما يرويه عنه ابنه وكيع، وقد حدَّث عنه غير وكيع الثقاتُ من الناس.
وقد تكلّم فيه ابن معين بكلام شديد، ولكن لتعارض الروايات عنه، سقط كلامُه هذا، فقيل عنه: ما كتبت عن وكيع عن أبيه، وقيل عنه: ضعيف، وقيل عنه: ليس به بأس، وقيل عنه: ثقة، وقيل عنه: كذّبه وقال: كان وضّاعا. انظر كلامه في: تهذيب التهذيب».
ورواه البيهقي (٨/ ٣٣٢ - ٣٣٣) بإسناد آخر عن مطر الورّاق، حدثه عن نافع، عن ابن عمر قال: قال رسول الله ﷺ ثم ذكر أشياء ومنها قوله: «من انتفي من ولده يفضحه به في الدنيا، فَضَحَه الله على رؤوس الخلائق يوم القيامة«ومطر الوراق أيضا مختلف فيه غير أنه حسن الحديث.
وقوله: «قصاص بقصاص»: أي يؤخذ منه قصاص في الآخرة بمقابل ما فعله بولده من انتفاء نسبه وفضيحته في الدنيا.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب

معلومات عن حديث: من انتفى من ولده ليفضحه في الدنيا فضحه الله يوم القيامة

  • 📜 حديث: من انتفى من ولده ليفضحه في الدنيا فضحه الله يوم القيامة

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: من انتفى من ولده ليفضحه في الدنيا فضحه الله يوم القيامة

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: من انتفى من ولده ليفضحه في الدنيا فضحه الله يوم القيامة

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: من انتفى من ولده ليفضحه في الدنيا فضحه الله يوم القيامة

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب