حديث: النهي عن سب المسلمين

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قتل النفس بغير حق من أكبر الكبائر

عن عبد الله بن مسعود، عن النبي ﷺ قال: «سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر».

متفق عليه: رواه البخاري في الإيمان (٤٨) ومسلم في الإيمان (٦٤) كلاهما من حديث شعبة، عن زبيد، عن أبي وائل، عن عبد الله بن مسعود، فذكره.

عن عبد الله بن مسعود، عن النبي ﷺ قال: «سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد،
فأقدم لكم شرحًا لهذا الحديث النبوي الشريف، معتمدًا على كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة.

الحديث:


عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، عن النبي ﷺ قال: «سَبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ، وَقِتَالُهُ كُفْرٌ».
(متفق عليه: أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الإيمان، باب خوف المؤمن من أن يحبط عمله وهو لا يشعر. ومسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، باب بيان قول النبي ﷺ: «سباب المسلم فسوق»).


أولاً. شرح المفردات:


* سَبَابُ: السباب هو الشتم والتقبيح والطعن في العرض بالكلمات البذيئة والقذف. وهو كل ما يُعبر به عن الاحتقار والذم.
* الْمُسْلِمِ: كل من أظهر الإسلام ونطق بالشهادتين، فيجب احترامه وعدم الاعتداء عليه.
* فُسُوقٌ: الفسوق في الأصل هو الخروج عن طاعة الله وحدوده. وهو هنا بمعنى المعصية الكبيرة، ولكنه ليس بكفر مخرج من الملة.
* قِتَالُهُ: أي محاربته واعتداؤه بالسلاح أو القوة بقصد القتل أو الأذى.
* كُفْرٌ: الكفر هنا على نوعين بحسب حال القاتل وقصده:
* كفر أكبر مخرج من الملة: إذا قاتله تكبرًا واستحلالًا لدمه بغير حق، معتقدًا حل ذلك.
* كفر أصغر (كفر دون كفر): إذا فعله تحت تأثير الغضب الشديد أو شبهة دون استحلال، ولكنه من كبائر الذنوب.


ثانيًا. شرح الحديث:


يُحذّر النبي ﷺ في هذا الحديث من خطورة الاعتداء على المسلم، سواء كان هذا الاعتداء باللسان (السباب) أو باليد (القتال).
1- «سباب المسلم فسوق»: يبين النبي ﷺ أن مجرد شتم المسلم وانتقاصه بالكلمات البذيئة هو خروج عن طريق الحق والاستقامة، وهو معصية كبيرة من كبائر الذنوب. فحرمة المسلم عظيمة، وعرضه مصون، ولا يجوز انتهاكه باللسان. وهذا يشمل الغيبة والنميمة والبهتان، فجميعها من صور انتهاك حرمة المسلم.
2- «وقتاله كفر»: هذه الجملة فيها وعيد شديد. فقتال المسلم – أي محاربته ورفع السلاح عليه بغير حق – أمر خطير جدًا يقرب من الكفر، وقد يكون كفرًا بحسب النية والاعتقاد.
* فمن قاتل مسلمًا وهو يعتقد أن دمه حلال بغير حق، فقد كفر كفرًا أكبر لأنه استحل ما حرم الله.
* ومن قاتله تحت تأثير الغضب أو لأجل دنيا دون أن يعتقد حلّ الدم، فإنه يكون قد ارتكب ذنبًا عظيمًا يقربه من الكفر ويُسمى "كفرًا" مجازًا، ولكنه لا يخرجه من الملة، وهو من الكفر العملي لا الاعتقادي.
ويؤكد العلماء أن هذا الحديث لا يعني أن كل من شتم أو قاتل كفر حتمًا، بل هو بيان لعظم الجرم وخطورة هذه الذنوب، وأنها من خصال الكفر وأخلاق أهله.


ثالثًا. الدروس المستفادة والعبر:


1- عظم حرمة المسلم: للمسلم حرمة عظيمة في دمه وعرضه وماله، يجب على كل مسلم أن يصونها.
2- خطورة اللسان: اللسان من أعظم الجوارح خطرًا، وقد يؤدي صاحبه إلى الهاوية. فجب كفه عن كل ما يغضب الله من شتم وسب ولعن.
3- التحذير من الغضب: كثيرًا ما يندفع الإنسان تحت وطأة الغضب إلى قول أو فعل ما يندم عليه، وقد يصل به إلى مستوى الفسوق أو ما يقرب من الكفر.
4- الترابط بين القول والفعل والإيمان: الإيمان ليس مجرد شعور قلبي، بل هو قول باللسان وعمل بالجوارح. فمن استهان بحرمات المسلمين واعتدى عليهم، فإن ذلك ينقص إيمانه ويضعفه.
5- وجوب حفظ المجتمع المسلم: مثل هذه الأفعال – السب والقتال – تمزق نسيج المجتمع وتُفشي العداوة والبغضاء بين أفراده، وينهى الشرع عنها لحفظ تماسك الأمة ووحدتها.


رابعًا. معلومات إضافية:


* هذا الحديث من الأحاديث التي تُظهر رحمة الإسلام وحرصه على بناء مجتمع تسوده المحبة والأخوة.
* يجب على من وقع في سبّ أخيه أن يتوب إلى الله ويستغفره، ويُحسن إلى من أساء إليه، ويصلح ما أفسده.
* من قتل مسلمًا متعمدًا بغير حق، فوعيده شديد في الآخرة، وعقوبته القصاص في الدنيا، قال تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} [النساء: 93].
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في الإيمان (٤٨) ومسلم في الإيمان (٦٤) كلاهما من حديث شعبة، عن زبيد، عن أبي وائل، عن عبد الله بن مسعود، فذكره.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 32 من أصل 140 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: النهي عن سب المسلمين

  • 📜 حديث: النهي عن سب المسلمين

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: النهي عن سب المسلمين

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: النهي عن سب المسلمين

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: النهي عن سب المسلمين

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب