تحريم الخمر ومن كان عنده شيء فليبيعه.

حديث: تحريم الخمر ومن كان عنده شيء فليبيعه.

عن أبي سعيد الخدري قال: سمعتُ رسول الله ﷺ يخطب بالمدينة قال: «يا أيها الناس! إن الله تعالى يعرّضُ بالخمر، ولعل الله سينزل فيها أمرا، فمن كان عنده منها شيء، فليبعه ولينتفع به» قال: فما لبثنا إلا يسيرًا، حتى قال النبي ﷺ: إن الله
تعالي حرّم الخمر، فمن أدركته هذه الآية، وعنده منها شيء، فلا يشرب، ولا يبع».
قال: فاستقبل الناس بما كان عنده منها في طريق المدينة فسفكوها.

صحيح: رواه مسلم في المساقاة (١٥٧٨: ٦٧) عن عبيد الله بن عمر القواريري، حدثنا عبد الأعلى بن عبد الأعلى أبو همام، حدثنا سعيد الجريري، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري قال .

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن ينفعنا بما ندرس ونفهم من حديث نبيه الكريم.
الحديث الشريف:
هذا الحديث رواه الإمام مسلم في صحيحه عن الصحابي الجليل أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، وهو حديث عظيم يروي قصة تحريم الخمر، التي لم تُحرّم دفعة واحدة، بل كانت آخر ما حرّم من المحرمات.

1. شرح المفردات:

● يَعْرِضُ بالخمر: أي يتلطف في ذمها والتنفير منها، ويهيئ النفوس لقبول تحريمها. والعَرْض هو التلطُّف في الأمر من غير تصريح.
● لعل الله سينزل فيها أمراً: تلميح وتحذير من أن التحريم قادم لا محالة.
● فليَبِعْهُ ولينتفع به: الإذن ببيعه لأخذ منفعته المالية قبل أن يحرم، إذ كان那时 ملكاً مباحاً.
● فسفكوها: صبُّوها على الأرض وأراقوها امتثالاً لأمر الله ورسوله.

2. شرح الحديث:

يُقسّم شرح هذا الحديث إلى مرحلتين، كما حصل في الواقع:
المرحلة الأولى: التمهيد والتنبيه (قبل التحريم)
قام النبي ﷺ يخطب في الناس في المدينة ينذرهم بأن الله تعالى يهيئ قلوبهم لتحريم الخمر، ويُشعرهم بأن الأمر الجازم آتٍ لا محالة. وفي هذه الفترة، كان من عنده خمرٌ لم يُحرّم بعد، فأمرهم ﷺ أن يبيعوها ويتصرفوا فيها مالياً قبل أن يحرمها الله، فلا يضيع عليهم مالهم.
المرحلة الثانية: التحريم الفعلي والامتثال الفوري
بعد مدة قصيرة ("فما لبثنا إلا يسيرًا")، نزل التحريم القاطع للخمر. فجاء النبي ﷺ يعلن للناس أن الله حرّم الخمر تحريماً باتاً. ومن كان عنده منها شيء بعد سماع هذا التحريم، فليس له أن يشربه، وليس له أن يبيعه (لأن بيع الحرام لا يجوز)، بل الواجب إتلافها وإراقتها. فما كان من الصحابة رضي الله عنهم إلا أن امتثلوا فوراً، فخرجوا بما عندهم من الخمر وصبُّوها في شوارع المدينة.

3. الدروس المستفادة والعبر:

1- حكمة التشريع الإسلامي والتدرج فيه: لم يُحرّم الإسلام الخمر مرة واحدة، لأن النفوس كانت متعلقة بها بشدة، فكان التدرج في التحريم من أعظم الحكم، حيث بدأ بذمها في النفوس (سورة البقرة: 219)، ثم نهى عن الصلاة وهي في الإنسان (سورة النساء: 43)، ثم جاء التحريم القاطع (سورة المائدة: 90). وهذا من رحمة الله بعباده.
2- الطاعة المطلقة والاستجابة الفورية: يظهر من فعل الصحابة الكرام أروع صور الطاعة والامتثال. لم يتلكأوا أو يتساءلوا عن تعويض أو خسارة، بل بمجرد سماع الأمر أسرعوا لتنفيذه، فسكبوها في الطرقات. وهذا هو الإيمان الحق.
3- تحريم بيع الخمر وكل ما حرم الله: نهى النبي ﷺ عن بيع الخمر بعد تحريمها، وهذا أصل عظيم في تحريم الاتجار بكل ما حرم الله، كالمخدرات وآلات اللهو المحرمة، فكسب المال من الحرام هو نفسه حرام.
4- حرمة الخمر وعظم إثمها: الخمر أم الخبائث وهي رأس الإثم، ولهذا كانت آخر ما نزل من التحريم، لتكون النفوس قد تهيأت لقبول هذا التحريم الجازم.
5- حكمة النبي ﷺ في التبليغ: اختار النبي ﷺ أن يبلغهم بالأمر وهو على المنبر في خطبة الجمعة، ليكون الخبر أعظم وأبلغ في النفوس، فيتسامع به الجميع.

4. معلومات إضافية:

- الآية التي حرمت الخمر تحريماً قاطعاً هي قوله تعالى في سورة المائدة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [المائدة: 90].
- هذا الحديث من الأدلة الواضحة على أن الخمر لم تكن محرمة تحريماً كاملاً في بداية الإسلام، وهو ما يُسكت من يشكك في ذلك من المستشرقين وأذنابهم.
- فيه دليل على أن مال المسلم مصون، فلم يأمرهم بإراقتها أول الأمر حتى لا يضيع أموالهم، بل أمرهم بالتصرف فيها قبل التحريم.
نسأل الله تعالى أن يبصرنا بديننا، وأن يوفقنا لطاعته، ويباعد بيننا وبين معاصيه.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في المساقاة (١٥٧٨: ٦٧) عن عبيد الله بن عمر القواريري، حدثنا عبد الأعلى بن عبد الأعلى أبو همام، حدثنا سعيد الجريري، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري قال .. فذكره.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 2 من أصل 147 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: تحريم الخمر ومن كان عنده شيء فليبيعه.

📜 حديث: تحريم الخمر ومن كان عنده شيء فليبيعه.

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: تحريم الخمر ومن كان عنده شيء فليبيعه.

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: تحريم الخمر ومن كان عنده شيء فليبيعه.

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: تحريم الخمر ومن كان عنده شيء فليبيعه.

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية