حديث: سبب نزول: لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب التدرج في تحريم الخمر

عن علي بن أبي طالب أن رجلا من الأنصار دعاه، وعبد الرحمن بن عوف فسقاهما قبل أن تحرَّم الخمر، فأمهم عليٌّ في المغرب، وقرأ ﴿قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (١) فخلط فيهما، فنزلت: ﴿لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ﴾.

صحيح: رواه أبو داود (٣٦٧١)، والترمذي (٣٠٢٦)، والحاكم (٢/ ٢٠٧) كلهم من طريق عطاء بن السائب، عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن علي بن أبي طالب فذكره.

عن علي بن أبي طالب أن رجلا من الأنصار دعاه، وعبد الرحمن بن عوف فسقاهما قبل أن تحرَّم الخمر، فأمهم عليٌّ في المغرب، وقرأ ﴿قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (١)﴾ فخلط فيهما، فنزلت: ﴿لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ﴾.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن يفتح علينا من فضله ويرزقنا الفهم في دينه.
الحديث الذي تطلب شرحه رواه الإمام أحمد في مسنده، والإمام الترمذي في سننه، وغيرهما، وهو حديث صحيح عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، يتعلق ببيان سبب نزول آية من آيات القرآن الكريم، ويحمل دروساً عظيمة.
وفيما يلي شرحه مفصلاً:


1. شرح المفردات:


● دعاه: طلب منه الحضور للطعام أو الشراب.
● فسقاهما: قدم لهما الشراب (وهو الخمر قبل تحريمها).
● قبل أن تحرم الخمر: أي في الفترة التي كان شرب الخمر مباحاً فيها قبل نزول التحريم القاطع.
● أمهم علي في المغرب: أي صلى بهم إماماً صلاة المغرب.
● قرأ (قل يا أيها الكافرون): أي سورة الكافرون.
● فخلط فيهما: أي أخطأ في قراءتها ولم يستطع النطق بها بشكل صحيح بسبب تأثير السكر.
● سكارى: جمع سكران، وهو من غَلَبَ عليه الشراب ف affected عقله ونطقه.


2. شرح الحديث:


يخبرنا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن واقعة حدثت له مع الصحابي الجليل عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، وذلك في المرحلة المبكرة من الدعوة الإسلامية، حينما كان شرب الخمر لم يُحرَّم بعد تحريماً قاطعاً.
فقد دعاهما رجل من الأنصار (أهل المدينة المنورة) لضيافته، وقدَّم لهما شراب الخمر. وبعد أن شربا، حان وقت صلاة المغرب، فتقدم علي رضي الله عنه ليصلي بهم إماماً. وعندما شرع في القراءة في الصلاة، حاول أن يقرأ سورة الكافرون، ولكن تأثر عقله ولسانه بالخمر، فلم يستطع النطق بكلمات السورة بشكل صحيح، وأخطأ وخلط في الآيات.
فكانت هذه الحادثة سبباً مباشراً لنزول الآية الكريمة من سورة النساء: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} [النساء: 43]. وهذه الآية كانت أول خطوة في طريق تحريم الخمر، حيث منعت المسلمين من الاقتراب من الصلاة وهم في حالة سكر، لأن الصلاة تحتاج إلى وعي كامل لمعرفة ما يقرأه وما يقول فيه من ذكر ودعاء.


3. الدروس المستفادة منه:


1- رحمة الله وتدرجه في التشريع: يظهر هذا الحديث حكمة الله تعالى في تشريع الأحكام، حيث كان تحريم الخمر بشكل تدريجي. فبدأ ببيان ضررها في الآية التي نزلت في هذه الواقعة، والتي ركزت على منع الصلاة في حالة السكر، ثم نزل بعدها التحريم القاطع في سورة المائدة: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ} [المائدة: 90].
2- عظم شأن الصلاة: أن الصلاة لها مكانة عظيمة، ويشترط لأدائها الطهارة الحسية من الحدث والخبث، والطهارة المعنوية وهي حضور القلب والوعي التام بما يقوله المصلي. فالسكران يفوته هذا الشرط الجوهري.
3- الصحابة الكرام والبشرية: الحديث يظهر أن الصحابة رضوان الله عليهم بشر، قد يقع منهم ما يقع من الناس قبل نزول التحريم، وهم ليسوا معصومين. والعبرة في كيفية استجابتهم الفورية لأمر الله ونهيه بعد نزول الوحي.
4- الاقتداء بالأئمة الأكفاء: الإمام في الصلاة يجب أن يكون ممن يحسن القراءة ويقوم بها على الوجه الصحيح، ويكون عاقلاً واعياً لما يقول.
5- الصدق في الرواية: من أخلاق الصحابة رضي الله عنهم أنهم كانوا يروون ما حدث معهم بكل صدق وشفافية، دون تحريف أو محاولة لإخفاء أي شيء ولو كان في ظاهره عيباً، طاعة لله وتبليغاً للدين.


4. معلومات إضافية مفيدة:


- هذه الآية {لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} تعتبر من أوائل الآيات التي نزلت في شأن الخمر، وكانت تمهيداً للتحريم النهائي.
- التحريم النهائي للخمر جاء بعد حادثة أخرى، حيث شربها قوم ثم تقاتلوا في حالة سكر، فنزلت الآية المحرمة تحريماً قاطعاً.
- هذا الحديث من الشواهد التاريخية المهمة التي تثبت نزول القرآن بالتدريج وفقاً للأحداث والحكمة الإلهية.
أسأل الله تعالى أن ينفعنا بما علمنا، وأن يعلمنا ما ينفعنا، ويزيدنا علماً وفهماً في ديننا.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٣٦٧١)، والترمذي (٣٠٢٦)، والحاكم (٢/ ٢٠٧) كلهم من طريق عطاء بن السائب، عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن علي بن أبي طالب فذكره.
وإسناده صحيح، أبو عبد الرحمن السلمي مشهور بكنيته واسمه عبد الله بن حبيب بن رُبيّعة ثقة ثبت، وعطاء بن السائب وإن كان قد اختلط فيرويه عنه سفيان الثوري، وسماعه منه قديما قبل اختلاطه، وقد صحّح يحيى القطان، وأحمد وغيرهما رواية عطاء بن السائب إذا روى عنه سفيان وشعبة، ولذلك صحّحه الترمذي والحاكم.
وأما ما روي عن أبي هريرة، قال: حرمت الخمر ثلاث مرات، قدم رسول الله ﷺ المدينة وهم يشربون الخمر، ويأكلون الميسر، فسألوا رسول الله عنهما، فأنزل الله على نبيه ﷺ: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ﴾ [البقرة: ٢١٩] إلى آخر الآية، فقال الناس: ما حرم علينا، إنما قال: ﴿فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ﴾ وكانوا يشربون الخمر.
حتى إذا كان يوم من الأيام، صلى رجل من المهاجرين، أم أصحابه في المغرب، خلط في قراءته، فأنزل الله فيها آية أغلظ منها: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ﴾ [النساء: ٤٣]، وكان الناس يشربون حتى يأتي أحدهم الصلاة وهو مفيق.
ثم نزلت آية أغلظ من ذلك: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [المائدة: ٩٠]، فقالوا: انتهينا ربنا، فقال الناس: يا رسول الله، ناس قتلوا في سبيل الله، وماتوا على فرشهم كانوا يشربون الخمر، ويأكلون الميسر، وقد جعله الله رجسا من عمل الشيطان؟ ! فأنزل الله: ﴿لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا﴾ [المائدة: ٩٣] إلى آخر الآية.
فقال النبي ﷺ: «لو حرمت عليهم لتركوها كما تركتم». فهو ضعيف.
رواه أحمد (٨٦٢٠) عن سُريج - يعني ابن النعمان - حدثنا أبو معشر، عن أبي وهب مولى أبي هريرة، عن أبي هريرة فذكره.
وإسناده ضعيف من أجل أبي معشر وهو نجيح السندي فإنه ضعيف باتفاق أهل العلم، ومن أجل شيخه أبي وهب فإنه مجهول لا يعرف كما في «التعجيل».

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 4 من أصل 147 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: سبب نزول: لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى

  • 📜 حديث: سبب نزول: لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: سبب نزول: لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: سبب نزول: لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: سبب نزول: لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب