حديث: أخذ رجل أحد لحيي الرأس فضربني به فجرح بأنفي

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في تحريم الخمر

عن سعد بن أبي وقاص قال: »... أتيتُ على نفر من الأنصار والمهاجرين، فقالوا: تعال نطعمك ونسقيك خمرًا وذلك قبل أن تحرم الخمر، قال: فأتيتهم في حش - والحش: البستان - فإذا رأس جزور مشوي عندهم، وزق من خمر، قال: فأكلت وشربت معهم، قال: فذكرت الأنصار والمهاجرين عندهم، فقلت: المهاجرون خيرٌ من الأنصار، قال: فأخذ رجل أحد لحيي الرأس، فضربني به فجرح بأنفي، فأتيت رسول الله ﷺ فأخبرته، فأنزل الله عز وجل فيّ - يعني نفسه - شأن الخمر: ﴿إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ﴾».

صحيح: رواه مسلم في فضائل الصحابة (١٧٤٨) من طريق الحسن بن موسى، ثنا زهير، ثنا سماك بن حرب، ثنا مصعب بن سعد، عن أبيه فذكره في حديث طويل.

عن سعد بن أبي وقاص قال: »... أتيتُ على نفر من الأنصار والمهاجرين، فقالوا: تعال نطعمك ونسقيك خمرًا وذلك قبل أن تحرم الخمر، قال: فأتيتهم في حش - والحش: البستان - فإذا رأس جزور مشوي عندهم، وزق من خمر، قال: فأكلت وشربت معهم، قال: فذكرت الأنصار والمهاجرين عندهم، فقلت: المهاجرون خيرٌ من الأنصار، قال: فأخذ رجل أحد لحيي الرأس، فضربني به فجرح بأنفي، فأتيت رسول الله ﷺ فأخبرته، فأنزل الله ﷿ فيّ - يعني نفسه - شأن الخمر: ﴿إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ﴾».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن ينفعنا وإياك بشرح هذا الحديث.
الحديث: هذا الحديث رواه الإمام البخاري في صحيحه، وهو حديث صحيح ثابت عن الصحابي الجليل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، يروي قصة وقعت له قبل تحريم الخمر.


1. شرح المفردات:


* نفر: جماعة من الرجال.
* الأنصار والمهاجرين: الأنصار هم أهل المدينة الذين نصروا رسول الله ﷺ، والمهاجرين هم الذين هاجروا من مكة إلى المدينة.
* حش: البستان أو الحديقة التي فيها شجر وكروم.
* رأس جزور مشوي: رأس بعير مُعدًّ بالأكل عن طريق الشيّ.
* زق من خمر: زق هو وعاء من جلد، والخمر هو كل ما خامر العقل وغطاه من المشروبات المسكرة.
* أحد لحيي الرأس: أحد عظمي الفك للرأس المشوي، (اللحيان هما العظمان اللذان فيهما الأسنان).


2. شرح الحديث:


يروي سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه – وهو من السابقين إلى الإسلام ومن العشرة المبشرين بالجنة – واقعة حدثت له في المدينة قبل أن يُحرّم الخمر تحريماً قاطعاً بنزول الآية الكريمة.
* الموقف: دعاه نفر من أصحاب رسول الله ﷺ من المهاجرين والأنصار إلى وليمة في بستان، وكان طعامهم رأس جزور مشوي، وشرابهم الخمر (وكان شربها جائزاً في أول الإسلام ثم نُهي عنها ثم حُرّمت تحريماً باتاً).
* الخطأ والعارضة: أثناء الجلسة، وقع بين الحضور حديث عن فضائل المهاجرين والأنصار، فتفاخر سعد رضي الله عنه وقال: "المهاجرون خير من الأنصار". وهذا القول وإن كان منبعثاً من حبّه لإخوانه المهاجرين، إلا أنه في ذلك الجو (وجود الخمر) وفي مقام المفاخرة قد يُثير الحفيظة. فغضب أحد الحاضرين من الأنصار، فأخذ عظماً من رأس الجزور المشوي وضرب به أنف سعد رضي الله عنه فجرحه.
* النتيجة المباركة: ذهب سعد رضي الله عنه إلى رسول الله ﷺ شاكياً ما حدث له، مُظهراً أثر الجرح. فكان هذا الحادث سبباً مباشراً لنزول آية تحريم الخمر تحريماً قاطعاً، وهي قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [المائدة: 90]. فأنزل الله الحكم الشرعي الذي يمنع تكرار مثل هذه الأمور.


3. الدروس المستفادة منه:


1- حكمة الله في تشريع الأحكام: كثيراً ما تكون الأسباب الداعية لنزول التشريعات الإسلامية حوادث واقعية تظهر حاجة الأمة لذلك الحكم، كما حدث في هذه القصة التي كانت سبباً في تحريم الخمر تحريماً باتاً.
2- مفاسد الخمر وعواقبها: الخمر تورث العداوة والبغضاء بين الناس، وتذهب بالعقل الذي هو من أعظم نعم الله على الإنسان، فتجعل الصاحب يضرب صاحبه على أمر تافه، وتُذهب المروءة والأخوة. قال تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ} [المائدة: 91].
3- التثبت في الكلام واجتناب ما يثير الفتنة: ينبغي للمسلم أن يتجنب الكلام الذي يمكن أن يجرح مشاعر الآخرين أو يثير الأحقاد، خاصة في المجالس غير الرسمية أو التي قد يكون فيها ما يذهب بالعقل.
4- السبق إلى الفضل لا يعني المفاخرة: فضل المهاجرين والأنصار عظيم ومقرر في القرآن والسنة، ولكن المفاخرة بهذا الفضل على وجه يُهضم فيه حق الآخر أو يُقلل من شأنه مذموم.
5- قبول الصحابة رضي الله عنهم للحق: لم يعترض أحد من الصحابة على تحريم الخمر بعد نزول الآية، بل امتثلوا لأمر الله فوراً، وهذا دليل على قوة إيمانهم واستجابتهم للحق.


4. معلومات إضافية مفيدة:


* مراحل تحريم الخمر: لم يُحرّم الخمر دفعة واحدة، بل كان تحريمه تدريجياً حكمة من الله تعالى؛ لأن العرب كانوا مولعين بشربها:
1. المرحلة الأولى: نزل قوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ} [البقرة: 219]، فانحجز عنها بعض الناس.
2. المرحلة الثانية: نزل قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} [النساء: 43]، فامتنع الناس عن شربها في أوقات الصلوات.
3. المرحلة الثالثة (التحريم القاطع): نزلت آية سورة المائدة {إِنَّمَا الْخَمْرُ ... فَاجْتَنِبُوهُ}، فحُرّمت تحريماً باتاً، فقال رسول الله
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في فضائل الصحابة (١٧٤٨) من طريق الحسن بن موسى، ثنا زهير، ثنا سماك بن حرب، ثنا مصعب بن سعد، عن أبيه فذكره في حديث طويل.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 7 من أصل 147 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: أخذ رجل أحد لحيي الرأس فضربني به فجرح بأنفي

  • 📜 حديث: أخذ رجل أحد لحيي الرأس فضربني به فجرح بأنفي

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: أخذ رجل أحد لحيي الرأس فضربني به فجرح بأنفي

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: أخذ رجل أحد لحيي الرأس فضربني به فجرح بأنفي

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: أخذ رجل أحد لحيي الرأس فضربني به فجرح بأنفي

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب