حديث: يا بني عبد مناف إني نذير

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في الدعوة الجهرية

عن قبيصة بن المخارق، وزهير بن عمرو قالا: لما نزلت: ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ﴾ [الشعراء: ٢١٤] قال: انطلق نبي الله ﷺ إلى رضمة من جبل. فعلا أعلاها حجرًا ثم نادى: «يا بني عبد منافاه! إني نذير، إنما مثلي ومثلكم كمثل رجل رأى العدو فانطلق يربأ أهله. فخشي أن يسبقوه فجعل يهتف: يا صباحاه».

صحيح: رواه مسلم في الإيمان (٢٠٧) عن أبي كامل الجحدري، حدثنا يزيد بن زريع، حدثنا التميمي، عن أبي عثمان، عن قبيصة بن المخارق وزهير بن مالك بن عمرو قالا: فذكر الحديث.

عن قبيصة بن المخارق، وزهير بن عمرو قالا: لما نزلت: ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ﴾ [الشعراء: ٢١٤] قال: انطلق نبي الله ﷺ إلى رضمة من جبل. فعلا أعلاها حجرًا ثم نادى: «يا بني عبد منافاه! إني نذير، إنما مثلي ومثلكم كمثل رجل رأى العدو فانطلق يربأ أهله. فخشي أن يسبقوه فجعل يهتف: يا صباحاه».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا حديث عظيم يروي لنا قصة بداية الدعوة الجهرية، وقيام النبي صلى الله عليه وسلم بأول أمر رباني بأن يبدأ بالدعوة في أقرب الناس إليه. سأشرحه لكم جزءًا جزءً بإذن الله.

الحديث بلفظ آخر (للتوضيح):


يوجد رواية أخرى أكثر تفصيلاً في صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: لَمَّا نَزَلَتْ: ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ﴾ صَعِدَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى الصَّفَا، فَجَعَلَ يُنَادِي: «يَا بَنِي فِهْرٍ، يَا بَنِي عَدِيٍّ» لِبُطُونِ قُرَيْشٍ، حَتَّى اجْتَمَعُوا... ثم ذكر لهم القصة المشهورة بمثل صاحب الرؤيا.


1. شرح المفردات:


* عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ: أقرباؤك من قبيلة قريش، وهم بنو هاشم وبنو المطلب.
* رَضْمَةٍ مِنْ جَبَلٍ: الرَّضْمَة: هي الصخرة العظيمة أو كومة من الحجارة. وقيل: هو اسم لجبل معروف.
* يُرْبَأُ أَهْلَهُ: الربأ: العلو والارتفاع. أي: يصعد إلى مكان مرتفع لينظر ويحذر قومه من العدو.
* يَهْتِفُ: يرفع صوته بالنداء.
* يَا صَبَاحَاهْ: كلمة إنذار كان العرب يصرخون بها إذا فاجأهم العدو عند الصباح لينذروا قومهم بالخطر.


2. شرح الحديث:


يخبرنا الحديث عن اللحظة الفاصلة في تاريخ الدعوة الإسلامية، عندما نزلت الآية الكريمة ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ﴾ على النبي صلى الله عليه وسلم وهو في مكة.
* الحدث: أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أن يبدأ بالدعوة والإنذار بشكل علني، مبتدئًا بأقرب الناس إليه نسبًا، وهم عشيرته من بني عبد مناف (التي منها بنو هاشم وبنو المطلب).
* الفعل النبوي: استجاب النبي صلى الله عليه وسلم لأمر ربه فانطلق إلى مكان مرتفع (جبل الصفا كما في الرواية الأخرى) وصعد على صخرة عالية حتى يراه الناس ويسمعوا صوته.
* النداء: نادى صلى الله عليه وسلم قبائل قريش بأسمائها: "يا بني عبد منافاه!"، وهذا أسلوب نداء كان معتادًا عند العرب لجمع القبيلة لل أمر مهم.
* المثل المضروب: لخص النبي صلى الله عليه وسلم رسالته في مثل رائع يفهمه كل عربي، فقال: إن مهمتي كمهمة الرجل الذي رأى جيش العدو مقبلاً ليغير على قومه وهو نائمون لا يشعرون. فبادر هذا الرجل الشجاع إلى مكان مرتفع وصاح بأعلى صوته "يا صباحاه!" لينبه قومه إلى الخطر الداهم قبل أن يفتك بهم العدو. فالنبي صلى الله عليه وسلم هو ذلك المنذر، والعدو هو عذاب الله وعقابه، والقوم هم الناس جميعًا.


3. الدروس المستفادة منه:


1- طاعة النبي لله تعالى: سرعة استجابة النبي صلى الله عليه وسلم لأمر ربه دون تردد، مع علمه بأن هذا الإنذار سيواجه بالاستهزاء والأذى.
2- الحكمة في الدعوة: بدأ النبي صلى الله عليه وسلم بالأقرب فالأقرب، فالعشيرة ثم القبيلة ثم الناس أجمعين. وهذه قاعدة مهمة في الدعوة إلى الله.
3- الشجاعة والصدع بالحق: تجلت شجاعة النبي صلى الله عليه وسلم في موقف واحد، حيث وقف وحيدًا ينذر قومه وهم أشد الناس عداوة له لاحقًا.
4- استخدام الأساليب المؤثرة: ضرب النبي صلى الله عليه وسلم المثل الذي يناسب ثقافة وعقلية قومه، مما يجعل المعنى أوضح وأكثر تأثيرًا في النفوس.
5- الرحمة والشفقة: جوهر هذا الموقف هو الشفقة على الناس والحرص على هدايتهم وإنقاذهم من عذاب النار. فالنبي صلى الله عليه وسلم هو النذير الرحيم.
6- بيان مكانة القرابة: للقرابة حق في الدعوة والنصيحة والإنذار قبل غيرهم.


4. معلومات إضافية مفيدة:


* هذا الموقف كان بداية المرحلة الجهرية للدعوة الإسلامية بعد أن كانت سرية لمدة ثلاث سنوات.
* استهزأ به بعض المشركين في ذلك اليوم، ومنهم أبو لهب الذي قال له: "تبًا لك سائر اليوم، ألهذا جمعتنا؟"، فأنزل الله فيه سورة المسد.
* المثل الذي ضربه النبي صلى الله عليه وسلم يوضح أن الرسول لا يخترع من عنده، بل هو ناقل للتحذير الإلهي، وكمال رسالته أنه حذر وأدى الأمانة.
* في هذا الحديث دليل على وجوب إنكار المنكر والتحذير منه، وأن على المسلم أن يكون شجاعًا في قول الحق.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في الإيمان (٢٠٧) عن أبي كامل الجحدري، حدثنا يزيد بن زريع، حدثنا التميمي، عن أبي عثمان، عن قبيصة بن المخارق وزهير بن مالك بن عمرو قالا: فذكر الحديث.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 68 من أصل 1279 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: يا بني عبد مناف إني نذير

  • 📜 حديث: يا بني عبد مناف إني نذير

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: يا بني عبد مناف إني نذير

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: يا بني عبد مناف إني نذير

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: يا بني عبد مناف إني نذير

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب