حديث: طلب أهل مكة من النبي ﷺ جعل الصفا ذهبًا

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب مطالبة أهل مكة بالآيات لإثبات نبوته ﵇

عن ابن عباس قال: سأل أهل مكة النبي ﷺ أن يجعل لهم الصفا ذهبًا، وأن ينَحّي الجبال عنهم، فيزرعوا. فقيل له: إن شئت أن تستأني بهم، وإن شئت أن نؤتيهم الذي سألوا. فإن كفروا أهلكوا كما أهلكتْ من قبلهم. قال: «لا، بل أستأني بهم» فأنزل الله عز وجل هذه الآية: ﴿وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً﴾ [الإسراء: ٥٩].

صحيح: رواه أحمد (٢٣٣٣) والبزار - كشف الأستار (٢٢٢٥) والحاكم (٢/ ٣٦٢) والبيهقي في الدلائل (٢/ ٢٧١) كلهم من حديث جرير بن عبد الحميد، عن الأعمش، عن جعفر بن إياس، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، فذكره.

عن ابن عباس قال: سأل أهل مكة النبي ﷺ أن يجعل لهم الصفا ذهبًا، وأن ينَحّي الجبال عنهم، فيزرعوا. فقيل له: إن شئت أن تستأني بهم، وإن شئت أن نؤتيهم الذي سألوا. فإن كفروا أهلكوا كما أهلكتْ من قبلهم. قال: «لا، بل أستأني بهم» فأنزل الله ﷿ هذه الآية: ﴿وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً﴾ [الإسراء: ٥٩].

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يفتح علينا أبواب فهم حديث رسوله الكريم ﷺ.
هذا الحديث الذي سألت عنه، رواه الإمام البخاري في صحيحه، وهو حديث عظيم يحمل معانيَ جليلةً في الصبر والحكمة الإلهية في التعامل مع الطلب البشري للمعجزات الحسية.

أولاً. شرح المفردات:


● يستأني بهم: أي يصبر عليهم ويتأنى بهم، ويتركهم ولا يعاجلهم بالعذاب.
● أن ينحّي الجبال عنهم: أي يزيلها من مكانها ليتسع المكان للزراعة.
● مبصرة: الناقة كانت معجزة واضحة بينة، يرونها بأعينهم.

ثانيًا. شرح الحديث:


يخبرنا الصحابي الجليل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن كفار قريش في مكة قد طلبوا من النبي ﷺ معجزات حسية مادية تدل على صدق نبوته، فقالوا: اجعل لنا جبل الصفا ذهبًا، وأزل عنا هذه الجبال التي تحيط بنا حتى تتسع أرضنا للزراعة.
فعُرض على النبي ﷺ خياران من قبل الله تعالى:
1- أن يصبر عليهم (يستأني بهم) ويدعهم على حالهم.
2- أن تستجاب طلباتهم ويعطَوْا ما سألوا من المعجزات، ولكن مع تحذير شديد: إن كفروا بعد هذه الآية البينة، استحقوا الهلاك كما أهلك الله الأمم السابقة التي كذبت بعد إظهار المعجزة.
فاختار النبي ﷺ الرحمة والشفقة بقومه، وقال: «لا، بل أستأني بهم»، أي أصبر عليهم وأرجو لهم الهداية، ولا أريد أن أعرضهم لخطر الهلاك لو كفروا بعد رؤية المعجزة.
فنزلت الآية الكريمة من سورة الإسراء: ﴿وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا﴾. فالله تعالى يبين أن سبب عدم إرسال هذه الآيات الحسية التي يطلبونها ليس عجزًا، ولكنها حكمة إلهية؛ لأن الأمم السابقة (كقوم صالح مع ناقة الله المبصرة) لما رأوا المعجزة ثم كذبوا، استحقوا العذاب الشديد، فالله تعالى يؤخر هذه الآيات رحمة بهذه الأمة، لعلهم يهتدون بآيات القرآن المعنوية والعقلية دون أن يعرضوا أنفسهم لهلاك الأمم السابقة.

ثالثًا. الدروس المستفادة والعبر:


1- رحمة النبي ﷺ الشديدة بأمته: فقد فضل الصبر على قومه وعدم تعجيل العذاب لهم، وهذا من كمال شفقته وحرصه على هدايتهم.
2- الحكمة الإلهية في إظهار المعجزات: فالله حكيم لا يرسل الآيات إلا وفق حكمته البالغة، والتي منها ألا يكذب الناس بعدها فيستحقوا الهلاك.
3- القرآن نفسه أعظم معجزة: فالمعجزة الباقية الخالدة هي القرآن الكريم، الذي يتحدى العقول والألباب، وهو أنسب وأبقى من المعجزات الحسية التي تنقضي بوقتها.
4- الابتلاء بالاستدراج: طلب الآيات الحسية قد يكون استدراجًا للعصاة، فإذا أعطوها ثم كفروا كان عذابهم أشد، فمن رحمة الله منعها.
5- العبرة من قصص الأمم السابقة: فالله يذكرنا بقصة ثمود وناقتهم لنتعظ وندرك عاقبة التكذيب بعد قيام الحجة البينة.

رابعًا. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث من أدلة إثبات صفة المشيئة لله تعالى على الحقيقة، وأن الله يفعل ما يشاء بحكمته.
- فيه دليل على عصمة النبي ﷺ وأنه لا يختار إلا ما يرضي ربه، فقد اختار الخيار الأكثر رحمة وحكمة.
- الآية التي نزلت توضح أن منهج الله تعالى مع الأمم واحد، فالعذاب يتبع التكذيب بعد إقامة الحجة.
أسأل الله أن ينفعنا بما علمنا، وأن يرزقنا فهم سنة نبيه ﷺ والعمل بها.
والله أعلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أحمد (٢٣٣٣) والبزار - كشف الأستار (٢٢٢٥) والحاكم (٢/ ٣٦٢) والبيهقي في الدلائل (٢/ ٢٧١) كلهم من حديث جرير بن عبد الحميد، عن الأعمش، عن جعفر بن إياس، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، فذكره.
وإسناده صحيح. وقال الحاكم: صحيح الإسناد.
وقوله تعالى: ﴿وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآيَاتِ﴾ [الإسراء: ٥٩].
أي نرسل بالآيات التي سألوها خوفًا من أن لا يؤمنوا بعد الآيات. وقد جرت سنة الله تعالى أن من لم يؤمن بعد الآيات فإنه يعذبهم عذابًا شديدًا كما قال حاكيًا عن طلب حواري المسيح المائدة من السماء: ﴿قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ﴾ [المائدة: ١١٥] وكذلك قال حاكيًا عن ثمود حين سألوا الآية: ناقة تخرج من صخرة عيّنوها. فدعا صالح ربه، فأخرج منها ناقة على ما سألوا: ﴿فَظَلَمُوا بِهَا﴾ أي كفروا بالله الذي خلقها. فقال لهم: ﴿تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ﴾ [هود: ٦٥] فاختار النبي ﷺ رحمة بهم أن يستأني.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 80 من أصل 1279 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: طلب أهل مكة من النبي ﷺ جعل الصفا ذهبًا

  • 📜 حديث: طلب أهل مكة من النبي ﷺ جعل الصفا ذهبًا

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: طلب أهل مكة من النبي ﷺ جعل الصفا ذهبًا

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: طلب أهل مكة من النبي ﷺ جعل الصفا ذهبًا

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: طلب أهل مكة من النبي ﷺ جعل الصفا ذهبًا

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب