حديث: عنوان الحديث: "لا تغبّروا علينا قالها عبد الله بن أبي لرسول الله ﷺ"

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما لقي رسول الله ﷺ وأصحابه من المشركين بمكة من الأذى

عن أسامة بن زيد أن رسول الله ﷺ ركب على حمار على قطيفة فدكية، وأردف أسامة بن زيد وراءه، يعود سعد بن عبادة في بني الحارث بن الخزرج قبل وقعة بدر، قال: حتى مر بمجلس فيه عبد الله بن أبي ابن سلول، وذلك قبل أن يُسلم عبد الله بن أبي، فإذا في المجلس أخلاط من المسلمين والمشركين: عبدة الأوثان واليهود والمسلمين، وفي المجلس عبد الله بن رواحة، فلما غشيت المجلس عجاجة الدابة خمّر عبد الله بن أبي أنفه بردائه ثم قال: لا تغبّروا علينا، فسلم رسول الله ﷺ عليهم ثم وقف فنزل، فدعاهم إلى الله، وقرأ عليهم القرآن، فقال عبد الله بن أبي ابن سلول: أيها المرء، إنه لا أحسن مما تقول إن كان حقا فلا تؤذنا به في مجلسنا، ارجع إلى رحلك فمن جاءك فاقصص عليه. فقال عبد الله بن رواحة: بلى يا رسول الله! فاغشنا به في مجالسنا، فإنا نحب ذلك. فاستبّ المسلمون والمشركون واليهود حتى كادوا
يتثاورون، فلم يزل النبي ﷺ يخفضهم حتى سكنوا، ثم ركب النبي ﷺ دابته فسار حتى دخل على سعد بن عبادة، فقال له النبي ﷺ: «يا سعد ألم تسمع ما قال أبو حباب - يريد عبد الله بن أبي قال كذا وكذا. قال سعد بن عبادة: يا رسول الله! اعف عنه واصفح عنه، فوالذي أنزل عليك الكتاب، لقد جاء الله بالحق الذي أنزل عليك ولقد اصطلح أهل هذه البحيرة على أن يتوجوه فيعصبونه بالعصابة، فلما أبى الله ذلك بالحق الذي أعطاك الله شرق بذلك، فذلك فعل به ما رأيت. فعفا عنه رسول الله ﷺ وكان النبي ﷺ وأصحابه يعفون عن المشركين وأهل الكتاب كما أمرهم الله، ويصطبرون على الأذى، قال الله عز وجل: ﴿وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا﴾ [آل عمران: ١٨٥] وقال الله: ﴿وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا﴾ [البقرة: ١٠٩] إلى آخر الآية. وكان النبي ﷺ يتأول العفو ما أمره الله به، حتى أذن الله فيهم، فلما غزا رسول الله ﷺ بدرًا فقتل الله به صناديد كفار قريش قال ابن أبي ابن سلول ومن معه من المشركين وعبدة الأوثان: هذا أمر قد توجه، فبايَعوا الرسول ﷺ على الإسلام، فأسلَمُوا».

متفق عليه: رواه البخاري في التفسير (٤٥٦٦) ومسلم في الجهاد والسير (١١٦: ١٧٩٨) كلاهما من طريق الزهري، عن عروة بن الزبير أن أسامة بن زيد أخبره، فذكره.

عن أسامة بن زيد أن رسول الله ﷺ ركب على حمار على قطيفة فدكية، وأردف أسامة بن زيد وراءه، يعود سعد بن عبادة في بني الحارث بن الخزرج قبل وقعة بدر، قال: حتى مر بمجلس فيه عبد الله بن أبي ابن سلول، وذلك قبل أن يُسلم عبد الله بن أبي، فإذا في المجلس أخلاط من المسلمين والمشركين: عبدة الأوثان واليهود والمسلمين، وفي المجلس عبد الله بن رواحة، فلما غشيت المجلس عجاجة الدابة خمّر عبد الله بن أبي أنفه بردائه ثم قال: لا تغبّروا علينا، فسلم رسول الله ﷺ عليهم ثم وقف فنزل، فدعاهم إلى الله، وقرأ عليهم القرآن، فقال عبد الله بن أبي ابن سلول: أيها المرء، إنه لا أحسن مما تقول إن كان حقا فلا تؤذنا به في مجلسنا، ارجع إلى رحلك فمن جاءك فاقصص عليه. فقال عبد الله بن رواحة: بلى يا رسول الله! فاغشنا به في مجالسنا، فإنا نحب ذلك. فاستبّ المسلمون والمشركون واليهود حتى كادوا
يتثاورون، فلم يزل النبي ﷺ يخفضهم حتى سكنوا، ثم ركب النبي ﷺ دابته فسار حتى دخل على سعد بن عبادة، فقال له النبي ﷺ: «يا سعد ألم تسمع ما قال أبو حباب - يريد عبد الله بن أبي قال كذا وكذا. قال سعد بن عبادة: يا رسول الله! اعف عنه واصفح عنه، فوالذي أنزل عليك الكتاب، لقد جاء الله بالحق الذي أنزل عليك ولقد اصطلح أهل هذه البحيرة على أن يتوجوه فيعصبونه بالعصابة، فلما أبى الله ذلك بالحق الذي أعطاك الله شرق بذلك، فذلك فعل به ما رأيت. فعفا عنه رسول الله ﷺ وكان النبي ﷺ وأصحابه يعفون عن المشركين وأهل الكتاب كما أمرهم الله، ويصطبرون على الأذى، قال الله ﷿: ﴿وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا﴾ [آل عمران: ١٨٥] وقال الله: ﴿وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا﴾ [البقرة: ١٠٩] إلى آخر الآية. وكان النبي ﷺ يتأول العفو ما أمره الله به، حتى أذن الله فيهم، فلما غزا رسول الله ﷺ بدرًا فقتل الله به صناديد كفار قريش قال ابن أبي ابن سلول ومن معه من المشركين وعبدة الأوثان: هذا أمر قد توجه، فبايَعوا الرسول ﷺ على الإسلام، فأسلَمُوا».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله خاتم النبيين وإمام المتقين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإن الحديث الذي طلبت شرحه حديث عظيم، يحمل دروسًا جليلة في الدعوة إلى الله، والصبر على الأذى، والعفو عند المقدرة، وسأشرحه لك جزءًا جزءًا بحول الله وقوته.

أولاً. شرح المفردات:


● قطيفة فدكية: بساط من صوف منسوج في فدك (قرية قرب خيبر).
● أردف أسامة: جعله رديفًا له على الدابة، أي جعله خلفه.
● يعود سعد بن عبادة: يزوره ليطمئن على صحته.
● خمّر أنفه: ستره وغَطَّاه.
● لا تغبّروا علينا: لا تثيروا علينا الغبار.
● استبّوا: تشاتموا وتخاصموا.
● يتثاورون: يتقاتلون ويتضاربون.
● أبو حباب: كنية عبد الله بن أبي ابن سلول.
● أهل هذه البحيرة: أي أهل المدينة (يُقصد بها يثرب).
● يتوجوه: يجعلوه ملكًا عليهم.
● يعصبونه بالعصابة: يلبسونه التاج أو العصابة وهي علامة الملك.
● شرق بذلك: غصّ وحنق، وتحسر وغضب.
● يتأول العفو: يطبقه ويعمل به.

ثانيًا. شرح الحديث:


يحدثنا الصحابي الجليل أسامة بن زيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان راكبًا على حمار عليه قطيفة، وأركب أسامة خلفه، ذاهبًا لزيارة سعد بن عبادة في بني الحارث بن الخزرج - وكان ذلك قبل غزوة بدر -.
وفي الطريق مرَّ النبي صلى الله عليه وسلم بمجلس مختلط، فيه عبد الله بن أبي ابن سلول (زعيم المنافقين) قبل إسلامه، وفيه خليط من الناس: مسلمون، ومشركون يعبدون الأصنام، ويهود. وكان ضمن них الصحابي عبد الله بن رواحة رضي الله عنه.
فلما اقتربت الدابة من المجلس وأثارت الغبار، تحاشى عبد الله بن أبي الغبار بتغطية أنفه بثوبه وقال بنبرة استخفاف: "لا تُغَبِّرُوا علينا!" (أي لا تثيروا الغبار علينا). فلم يرد النبي صلى الله عليه وسلم على إساءته، بل سلم عليهم ثم نزل من دابته، ووقف بينهم داعيًا إلى الله، يتلو عليهم القرآن الكريم.
فقال له عبد الله بن أبي بعنف وغلظة: "يا أيها المرء، إن ما تقوله لو كان حقًا لما كان أحسن منه، ولكن لا تؤذنا به في مجلسنا، اذهب إلى بيتك، فمن جاءك فحدثه". فهذا رفض صريح للدعوة، واستهزاء بالرسول صلى الله عليه وسلم.
لكن عبد الله بن رواحة رضي الله عنه تدخل بغيرة للإيمان، وقال: "بل يا رسول الله، اغشنا به (أي تفضل علينا بهذا القرآن) في مجالسنا، فإنا نحب ذلك". فاشتعلت المشاجرة بين الحاضرين من المسلمين والمشركين واليهود، وكادوا أن يتقاتلوا.
فما كان من النبي صلى الله عليه وسلم إلا أن هدأ من روعهم، وخفَّض من حدتهم، حتى سكنوا. ثم مضى في طريقه حتى دخل على سعد بن عبادة، وأخيره بما قاله عبد الله بن أبي (الملقب بأبي حباب).
فطلب سعد من النبي صلى الله عليه وسلم أن يعفو ويصفح عنه، وذكر له سبب حنق ابن أبي وغضبه، وهو أن أهل المدينة كانوا عازمين على تتويجه ملكًا عليهم، فلما جاء الله بالإسلام ونصرة النبي صلى الله عليه وسلم، حمِقَ وحَسَدَ، فذلك الذي دفعه إلى هذا السلوك.
فقد عفا عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، هو وأصحابه، صابرين محتسبين، امتثالاً لأمر الله تعالى بالصبر والعفو حتى يأتي الله بأمره.
ثم بين الراوي أن هذا العفو والصبر كانا منهجًا للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه حتى أذن الله بالجهاد، فلما كانت غزوة بدر وانتصر المسلمون، أيقن عبد الله بن أبي وأتباعه أن الأمر قد استقر للإسلام، فدخلوا في الإسلام ظاهرًا (مع بقاء النفاق في قلوب بعضهم).

ثالثًا. الدروس المستفادة والعبر:


1- الرفق في الدعوة واللين في المعاملة: فقد قابل النبي صلى الله عليه وسلم الإساءة بالسلام والدعوة بالحكمة.
2- الصبر على الأذى: تحمل النبي صلى الله عليه وسلم أذى المنافقين والمشركين، وكان يعفو ويصبر امتثالاً لأمر ربه.
3- الحكمة في التعامل مع المواقف المتشنجة: عندما كاد الحاضرون أن يتقاتلوا، لم يغضب النبي صلى الله عليه وسلم بل هدأ الجميع وسكنهم.
4- العفو عند المقدرة: عفا النبي صلى الله عليه وسلم عن عبد الله بن أبي مع قدرته على المؤاخذة، وهذا من أخلاقه الكريمة صلى الله عليه وسلم.
5- الغيرة على الدين: كما فعل عبد الله بن رواحة عندما دافع عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن الدعوة.
6- أن النصر بيد الله: فلما انتصر المسلمون في بدر، دخل الناس في دين الله أفواجًا، واهتزت قواعد الشرك والكفر.

رابعًا. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث أخرجه الإمام البخاري في صحيحه.
- عبد الله بن أبي ابن سلول هو رأس النفاق في المدينة، وكان من أشد الناس عداوة للإسلام وأهله.
- العفو والصبر كانا المرحلة الأولى من مراحل الدعوة، حتى نزل الإذن بالجهاد.
- في الحديث بيان للعاقبة الحميدة للصبر والاحتساب، حيث دخل الناس بعد ذلك في الإسلام.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا من المتأسين برسول الله صلى الله عليه وسلم، المقتفين
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في التفسير (٤٥٦٦) ومسلم في الجهاد والسير (١١٦: ١٧٩٨) كلاهما من طريق الزهري، عن عروة بن الزبير أن أسامة بن زيد أخبره، فذكره.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 89 من أصل 1279 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: عنوان الحديث: "لا تغبّروا علينا قالها عبد الله بن أبي لرسول الله ﷺ"

  • 📜 حديث: عنوان الحديث: "لا تغبّروا علينا قالها عبد الله بن أبي لرسول الله ﷺ"

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: عنوان الحديث: "لا تغبّروا علينا قالها عبد الله بن أبي لرسول الله ﷺ"

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: عنوان الحديث: "لا تغبّروا علينا قالها عبد الله بن أبي لرسول الله ﷺ"

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: عنوان الحديث: "لا تغبّروا علينا قالها عبد الله بن أبي لرسول الله ﷺ"

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب