ما أنا بأقدر على أن أدع لكم ذلك على أن تستشعلوا لي منها

حديث: ما أنا بأقدر على أن أدع لكم ذلك على أن تستشعلوا لي منها

عن عقيل بن أبي طالب قال: جاءت قريش إلى أبي طالب فقالوا: إن ابن أخيك يؤذينا في نادينا، وفي مسجدنا، فانهه عن أذانا. فقال: يا عقيل! ائتني بمحمد، فذهبت فأتيته به، فقال: يا ابن أخي! إن بني عمك يزعمون أنك تؤذيهم في ناديهم، وفي مسجدهم، فانته عن ذلك.
قال: فحلّق رسول الله ﷺ بصره إلى السماء فقال: أترون هذه الشمس؟ قالوا: نعم، قال: «ما أنا بأقدر على أن أدع لكم ذلك على أن تستشعلوا لي منها شعلة» قال: فقال أبو طالب: ما كذبنا ابنُ أخي، فارجعوا.

حسن: رواه أبو يعلى (٦٨٠٤) والبيهقي في الدلائل (٢/ ١٨٦ - ١٨٧) كلاهما من حديث يونس
ابن بكير، حدثنا طلحة بن يحيى، عن موسى بن طلحة، حدثنا عقيل بن أبي طالب، فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أهلاً بك أيها السائل الكريم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب. هذا الحديث الذي ذكر هو حديث صحيح رواه الإمام أحمد في مسنده، وهو حسن، وهو من الأحاديث التي تُظهر عظمة إيمان النبي ﷺ وثباته على دعوته.

أولاً. شرح مفردات الحديث:

● يؤذينا: أي يسبب لنا الأذى والضرر بلسانه ودعوته.
● في نادينا: النادي هو المجلس أو المكان الذي يجتمعون فيه للتحدث.
● فحلّق رسول الله ﷺ بصره إلى السماء: رفع نظره متأملاً في السماء.
● تستشعلوا لي منها شعلة: أي توقدوا لي منها ناراً أو تشعلوا لي جزءاً منها.

ثانياً. شرح الحديث:

يحدثنا هذا الحديث عن موقف عظيم من مواقف الدعوة الإسلامية في مكة، حيث جاءت قريش إلى أبي طالب -عم النبي ﷺ- تشكو إليه ما يسمعونه من النبي ﷺ من دعوة إلى التوحيد وترك الشرك، فطلبوا منه أن يمنع النبي ﷺ عن ذلك.
فدعا أبو طالب ابنه عقيلاً ليحضر النبي ﷺ، وعندما حضر نصحه أبو طالب بأن يكف عن أذى قريش بدعوته. وهنا كان الرد العظيم من النبي ﷺ، حيث نظر إلى السماء وأشار إلى الشمس، وهو يسألهم: هل ترون هذه الشمس؟ فأجابوا: نعم. فقال لهم: "ما أنا بأقدر على أن أدع لكم ذلك على أن تستشعلوا لي منها شعلة"، أي أن قدرتي على التوقف عن الدعوة إلى الله كقدرتكم على إحضار جزء من هذه الشمس وإشعال نار منها.
فأدرك أبو طالب قوة إيمان ابن أخيه وصدقه، فقال لقريش: "ما كذبنا ابن أخي"، أي أنه صادق في ما يقول، ولا يمكنه التراجع عن دعوته.

ثالثاً. الدروس المستفادة من الحديث:

1- ثبات النبي ﷺ على دعوته: فقد أظهر الحديث تمسكه بالدعوة وعدم قدرته على التخلي عنها، حتى لو كان ذلك سيسبب له الأذى.
2- استحالة التوقف عن الدعوة: شبه النبي ﷺ توقفه عن الدعوة باستحالة إحضار جزء من الشمس، مما يدل على أن الدعوة جزء من رسالته التي لا يمكنه التخلي عنها.
3- صدق النبي ﷺ وشجاعته: فقد واجه قريشاً بكل شجاعة ووضوح، دون خوف أو تردد.
4- دعم الأقارب: موقف أبي طالب يدل على أهمية دعم الأقارب للدعوة، وإن كان لم يسلم بعد، إلا أنه كان يحمي النبي ﷺ.
5- الحكمة في الرد: استخدم النبي ﷺ التشبيه البليغ ليوضح لهم استحالة طلبهم.

رابعاً. معلومات إضافية:

- هذا الحديث من الأحاديث التي تُظهر مراحل الدعوة الإسلامية في مكة، وكيف كان النبي ﷺ يواجه الصعوبات.
- يُستفاد منه أيضاً أن الدعوة إلى الله تحتاج إلى صبر وثبات، وعدم التراجع أمام الضغوط.
- وهو درس للمسلمين اليوم في الثبات على المبادئ وعدم التخلي عن الدعوة مهما كانت التحديات.
أسأل الله أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يثبتنا على دينه كما ثبت نبيه ﷺ. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو يعلى (٦٨٠٤) والبيهقي في الدلائل (٢/ ١٨٦ - ١٨٧) كلاهما من حديث يونس
ابن بكير، حدثنا طلحة بن يحيى، عن موسى بن طلحة، حدثنا عقيل بن أبي طالب، فذكره.
وإسناده حسن من أجل طلحة بن يحيى وهو التميمي المدني مختلف فيه غير أنه حسن الحديث.
وروي بمعناه، يقول ﷺ: «يا عم! والله! لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر حتى يُظهره الله، أو أهلك فيه ما تركته».
رواه ابن إسحاق قال: حدثني يعقوب بن عتبة بن المغيرة بن الأخنس أنه حدّث: أن قريشًا حين قالوا لأبي طالب هذه المقالة بعث إلى رسول الله ﷺ، فقال له: يا ابن أخي! إن قومك قد جاءوني، فقالوا لي كذا وكذا - للذي قالوا له - فأبق عليّ وعلى نفسك، ولا تحمّلني من الأمر ما لا أطيق. قال: فظنّ رسول الله ﷺ أنه قد بدا لعمه فيه بداء، وأنه خاذِلُه ومسلِمُه، وأنه قد ضعف عن نصرته والقيام معه، قال: فقال له رسول الله ﷺ: «يا عم! والله! لو وضعوا الشمس في يميني، والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر حتى يُظهره الله، أو أهلك فيه ما تركته» قال: ثم استعبر رسول الله ﷺ فبكى ثم قام، فلما ولّى ناداه أبو طالب فقال: أقبل يا ابن أخي! فأقبل عليه رسول الله ﷺ، فقال: اذهب يا ابن أخي! فقل ما أحببت، فوالله! لا أسلمك لشيء أبدًا. انظر: سيرة ابن هشام (١/ ٢٦٦).
ويعقوب بن عتبة بن المغيرة مات سنة ثمان وعشرين ومائة وهو من أتباع التابعين ففي إسناده إعضال.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 77 من أصل 1279 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: ما أنا بأقدر على أن أدع لكم ذلك على أن تستشعلوا لي منها

📜 حديث: ما أنا بأقدر على أن أدع لكم ذلك على أن تستشعلوا لي منها

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: ما أنا بأقدر على أن أدع لكم ذلك على أن تستشعلوا لي منها

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: ما أنا بأقدر على أن أدع لكم ذلك على أن تستشعلوا لي منها

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: ما أنا بأقدر على أن أدع لكم ذلك على أن تستشعلوا لي منها

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية