حديث: رؤية النبي لجبريل جالسا بين السماء والارض

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في ذكر فترة انقطاع الوحي

عن جابر بن عبد الله قال: سمعت النبي ﷺ وهو يحدث عن فترة الوحي فقال في حديثه: «فبينا أنا أمشي إذ سمعت صوتًا من السماء، فرفعت رأسي فإذا الملك الذي جاءني بحراء جالس على كرسي بين السماء والأرض فجئثت منه رعبًا فرجعت فقلت: زمّلوني زملوني، فدثروني فأنزل الله عز وجل: ﴿يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ﴾ إلى قوله تعالى: ﴿وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ﴾ [المدثر: ١ - ٥] قبل أن تفرض الصلاة - وهي الأوثان - ثم حمي الوحي وتتابع».

متفق عليه: رواه البخاري في التفسير (٤٩٢٥) ومسلم في الإيمان (١٦١) كلاهما من حديث الزهري، قال: أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن، عن جابر بن عبد الله قال: فذكره.

عن جابر بن عبد الله قال: سمعت النبي ﷺ وهو يحدث عن فترة الوحي فقال في حديثه: «فبينا أنا أمشي إذ سمعت صوتًا من السماء، فرفعت رأسي فإذا الملك الذي جاءني بحراء جالس على كرسي بين السماء والأرض فجئثت منه رعبًا فرجعت فقلت: زمّلوني زملوني، فدثروني فأنزل الله ﷿: ﴿يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ﴾ إلى قوله تعالى: ﴿وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ﴾ [المدثر: ١ - ٥] قبل أن تفرض الصلاة - وهي الأوثان - ثم حمي الوحي وتتابع».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد،
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن ينفعنا بما ندرس ونسمع. هذا الحديث العظيم الذي رواه الإمام البخاري في صحيحه يصف لنا لحظة فارقة في تاريخ البشرية، وهي بداية نزول الوحي بعد انقطاعه، وفيه بيان للظروف التي نزلت فيها سورة المدثر.

أولاً. شرح المفردات:


● فترة الوحي: الانقطاع والهدوء المؤقت بعد أول نزول للوحي في غار حراء.
● فبينا أنا أمشي: بينما أنا أسير.
● فجئثت: فَجُثِثْتُ، أي فَزِعْتُ وخررت إلى الأرض من شدة الخوف والرهبة، وأصابني الذعر.
● زمّلوني، دثروني: اللفظان بمعنى واحد، وهو الطلب بالتغطية بالثياب (كالدثار والملاءة) بسبب البرد أو الخوف.
● وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ: الرجز هنا هو الأصنام والأوثان، وهجرها يعني تركها واجتنابها.
● قبل أن تفرض الصلاة: أي قبل أن تُفرض الصلوات الخمس ليلة الإسراء والمعراج.
● حمي الوحي وتتابع: أي اشتد نزول الوحي وكَثُر واستمر.


ثانياً. شرح الحديث:


يحدثنا الصحابي الجليل جابر بن عبد الله رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يروي قصة فترة الوحي، وهي تلك المدة التي انقطع بعدها الوحي بعد أول لقاء في غار حراء ونزول {اقْرَأْ}، مما سبب للرسول صلى الله عليه وسلم شدة وغمًا.
وفي أثناء سيره صلى الله عليه وسلم، سمع صوتاً من السماء، فرفع رأسه لينظر، فإذا به يرى الملك جبريل عليه السلام – وهو نفسه الملك الذي جاءه في حراء – جالساً على كرسي بين السماء والأرض في هيئته الحقيقية التي خلقه الله عليها.
مشهد هيبة الملك وعظمته، الذي لم يعتد عليه النبي صلى الله عليه وسلم من قبل، أصابه بخوف عظيم ورعب شديد، حتى إنه خرَّ على الأرض من شدة الهول. فعاد مسرعاً إلى بيته خائفاً مرتعداً، وطلب من زوجته خديجة رضي الله عنها وأهل بيته أن يغطوه ويلفوه بالثياب ليستدفئ وليستتر من هذا الفزع.
وفي هذه اللحظة العصيبة، ينزل الوحي مرة أخرى بهذه الكلمات العظيمة من سورة المدثر، التي كانت بداية التكليف الرسمي بالدعوة إلى الله تعالى.


ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- بشريّة النبي صلى الله عليه وسلم: الحديث يظهر بوضوح الطبيعة البشرية للنبي صلى الله عليه وسلم، فهو يخاف مما يخيف البشر، ويحتاج إلى الدفء والطمأنينة. وهذا دليل على أنه بشر رسول، وليس فيه شيء من خصائص الألوهية.
2- عظمة الملك جبريل ومهابته: رؤية الملك في صورته الحقيقية حدث جليل ومخيف، مما يدل على عظمة خلق الله وقدرته.
3- بداية مرحلة الجهر بالدعوة: كانت سورة المدثر هي صك التكليف الرسمي للنبي صلى الله عليه وسلم بالبدء في الدعوة العلنية، وإنذار الناس، والتخلص من كل مظاهر الشرك.
4- التدرج في التشريع: نزل الأمر بهجر الأوثان (الرجز) قبل فرض الصلاة، مما يدل على حكمة الله في تربية الأمة وتدرجها في التكاليف، حيث يبدأ بتصحيح العقيدة أولاً.
5- الاستعانة بالأهل والصالحين في الأزمات: لجوء النبي صلى الله عليه وسلم إلى أهله طالباً منهم ستره وتغطيته درس في أهمية وجود السند الأسري والمعين الصادق في أوقات الشدة.


رابعاً. معلومات إضافية:


سورة المدثر هي من أوائل السور نزولاً، وهي تحوي أول أمر بالدعوة والإنذار.
- الحديث يبين الفرق بين نزول الوحي أول مرة في غار حراء (كبداية للنبوة) وبين نزول سورة المدثر (كبداية لمرحلة الدعوة الجهرية).
- قوله: (وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ) تفسيرها بالأوثان هو تفسير نبوي، وهو أصل من أصول التوحيد، وهو البراءة من الشرك وأهله.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا من أهل التوحيد الخالص، وأن يوفقنا لفهم سنة نبيه والعمل بها.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في التفسير (٤٩٢٥) ومسلم في الإيمان (١٦١) كلاهما من حديث الزهري، قال: أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن، عن جابر بن عبد الله قال: فذكره.
واختلف أهل العلم في مدة فترة انقطاع الوحي. وسبق ذكره في كتاب الوحي.
وأما ما ذكره البخاري (٦٩٨٢): وفتر الوحي فترة حتى حزن النبي ﷺ فيما بلغنا حزنًا غدا منه مرارًا كي يتردّى من رؤوس شواهق الجبال، فكلما أوفى بِذروة جبل لكي يُلقي منه نفسه تبدّى له جبريل, فهو ضعيف، وهي من بلاغات الزهري. وأهل العلم متفقون على أن بلاغات الزهري واهية، وقد سبق التنبيه عليه في كتاب الوحي فلا يجوز عزوه إلى البخاري بدون بيان؛ لأنه ليس على شرطه وإنما ذكره بلاغًا.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 60 من أصل 1279 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: رؤية النبي لجبريل جالسا بين السماء والارض

  • 📜 حديث: رؤية النبي لجبريل جالسا بين السماء والارض

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: رؤية النبي لجبريل جالسا بين السماء والارض

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: رؤية النبي لجبريل جالسا بين السماء والارض

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: رؤية النبي لجبريل جالسا بين السماء والارض

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب