حديث: النبي ﷺ لا يطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

طلب المشركين من رسول الله ﷺ طرد الفقراء عنه

عن سعد بن أبي وقاص: كنا مع النبي ﷺ ستة نفر فقال المشركون للنبي ﷺ: اطرد هؤلاء يجترئون علينا.
قال: وكنت أنا، وابن مسعود، ورجل من هذيل، وبلال، ورجلان لست
أسميهما، فوقع في نفس رسول الله ﷺ ما شاء الله أن يقع، فحدّث نفسه فأنزل الله: ﴿وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ (٥٢) [الأنعام: ٥٢].

صحيح: رواه مسلم في الفضائل (٢٤١٣: ٤٦) عن أبي بكر بن أبي شيبة، حدثنا محمد بن عبد الله الأسدي، عن إسرائيل، عن المقدام بن شريح، عن أبيه، عن سعد، فذكره.

عن سعد بن أبي وقاص: كنا مع النبي ﷺ ستة نفر فقال المشركون للنبي ﷺ: اطرد هؤلاء يجترئون علينا.
قال: وكنت أنا، وابن مسعود، ورجل من هذيل، وبلال، ورجلان لست
أسميهما، فوقع في نفس رسول الله ﷺ ما شاء الله أن يقع، فحدّث نفسه فأنزل الله: ﴿وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ (٥٢)﴾ [الأنعام: ٥٢].

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
الحديث الشريف:
هذا الحديث رواه الإمام مسلم في صحيحه عن الصحابي الجليل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، وهو يروي قصة ذات عبرة ودلالة عظيمة.
شرح المفردات:
● ستة نفر: ستة رجال من الصحابة.
● يجترئون علينا: يتجرأون علينا ويقتربون منا (وكان المشركون يستنكفون من مجالسة الضعفاء والفقراء من المسلمين).
● وقع في نفس رسول الله ﷺ: خطر بباله وحدثته نفسه (بفعل إلحاح المشركين).
● يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ: يعبدون ربهم ويذكرونه في الصباح والمساء.
شرح الحديث:
يحكي سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه واقعة حدثت في مكة، حيث كان النبي ﷺ مع ستة من أصحابه وهم من المستضعفين والفقراء، منهم: سعد نفسه، وعبد الله بن مسعود، وبلال بن رباح، ورجل من قبيلة هذيل، ورجلان لم يذكرهما سعد بالاسم.
فلما رأى المشركون هؤلاء الصحابة مع النبي ﷺ، استنكفوا منهم وطلبوا من النبي أن يطردهم عن مجلسه حتى يجلسوا هم معه، زاعمين أن هؤلاء الضعفاء قد تجرأوا فجلسوا معهم. فحدث في نفس النبي ﷺ - بحكم البشرية والرغبة في هدايتهم - أن يفكر في هذا الطلب، فأنزل الله تعالى الآية الكريمة من سورة الأنعام (52) تؤيد الصحابة وتثبت فؤاد النبي ﷺ، وتنهاه عن طرد هؤلاء المؤمنين الذين يريدون وجه الله تعالى.
الدروس المستفادة والعبر:
1- عزة المؤمنين بقربهم من الله: فالفقر والضعف الدنيوي لا يقلل من قيمة المؤمن عند الله، بل إخلاصه وعبادته هي معيار التكريم.
2- رفض التمييز الطبقي: الإسلام يحارب الطبقية والتفاخر بالحسب والنسب، ويجعل التقوى هي المعيار الوحيد للتفاضل.
3- حكمة النبي ﷺ واتباع الوحي: يظهر تواضعه واتباعه للوحي حتى في ما يخطر بالبال، فلم يطردهم بل ثبت على الحق.
4- الرد الإلهي على المشركين: أن الله هو الذي يتولى حساب عباده، وليس للنبي ﷺ أن يطردهم من رحمة الله أو مجالس الذكر.
5- الاستعانة بالله والصبر على الدعوة: فالدعوة تحتاج إلى صبر وثبات، وعدم الانسياق وراء ضغوط المخالفين.
فوائد إضافية:
- الآية نزلت دفاعاً عن المستضعفين من الصحابة، مثل بلال الحبشي وسلمان الفارسي وصهيب الرومي رضي الله عنهم، مما يؤكد على عالمية الإسلام ومساواته بين الناس.
- في هذا تربية للأمة على عدم التكبر على الفقراء والضعفاء، وعدم احتقار أحد لفقره أو ضعفه.
- إظهار عناية الله بأوليائه المؤمنين، حتى لو كانوا مستضعفين في الأرض.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في الفضائل (٢٤١٣: ٤٦) عن أبي بكر بن أبي شيبة، حدثنا محمد بن عبد الله الأسدي، عن إسرائيل، عن المقدام بن شريح، عن أبيه، عن سعد، فذكره.
وعند ابن ماجه (٤١٢٨) من طريق قيس بن الربيع، عن المقدام بن شريح، عن أبيه، عن سعد قال: نزلت: هذه الآية فينا، ستة: «فِيَّ وفي ابن مسعود، وصهيب، وعمار، والمقدام، وبلال».
وفي الباب ما رُوي عن خباب في قوله تعالى: ﴿وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ﴾ إلى قوله: ﴿فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ (٥٢) [الأنعام: ٥٢] قال: جاء الأقرع بن حابس التميمي، وعيينة بن حصن الفزاري، فوجدوا رسول الله ﷺ مع صهيب، وبلال، وعمار، وخباب، قاعدًا في ناس من الضعفاء من المؤمنين، فلما رأوهم حول النبي ﷺ حقروهم، فأتوه فخلوا به، وقالوا: إنا نريد أن تجعل لنا منك مجلسًا، تعرف لنا به العرب فضلنا، فإن وفود العرب تأتيك فنستحيي أن ترانا العرب مع هذه الأعبد، فإذا نحن جئناك، فأقمهم عنك، فإذا نحن فرغنا، فاقعد معهم إن شئت، قال: نعم، قالوا: فاكتب لنا عليك كتابًا، قال: فدعا بصحيفة، ودعا عليًا ليكتب، ونحن قعود في ناحية، فنزل جبرائيل عليه السلام، فقال: ﴿وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ (٥٢) [الأنعام: ٥٢] ثم ذكر الأقرع بن حابس، وعيينة بن حصن، فقال: ﴿وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ (٥٣) [الأنعام: ٥٣] ثم قال: ﴿وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ﴾ [الأنعام: ٥٤] قال: فدنونا منه حتى وضعنا ركبنا على ركبته، وكان رسول الله ﷺ، يجلس معنا، فإذا أراد أن يقوم، قام وتركنا، فأنزل الله: ﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ﴾ ولا تجالس الأشراف ﴿تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا﴾ يعني عيينة، والأقرع ﴿وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا (٢٨) [الكهف: ٢٨] قال: هلاكًا، قال: أمرُ عيينة، والأقرع. ثم ضرب لهم مثل الرجلين ومثل الحياة الدنيا. قال خباب: فكنا نقعد مع النبي ﷺ، فإذا بلغنا الساعة التي يقوم فيها، قمنا وتركناه حتى يقوم.
رواه ابن ماجه (٤١٢٧) عن أحمد بن محمد بن يحيى بن سعيد القطان، قال: حدثنا عمرو بن محمد العنقري قال: حدثنا أسباط بن نصر، عن السدي، عن أبي سعيد الأزدي، وكان قارئ الأزد، عن أبي الكنود، عن خبّاب، فذكره.
وأبو سعيد يقال له: أبو سعد أيضًا روى عنه عدد، ووثّقه ابن حبان وحده ولذا قال الحافظ:
«مقبول» أي عند المتابعة، وهو لم يتابع في بعض فقراته مثل قوله: الأقرع بن حابس التميمي وعيينة بن حصن الفزاري فإنهما أسلما بعد الهجرة. والقصة وقعت في مكة.
وفي الباب أيضًا ما رُوي عن ابن مسعود قال: مر الملأ من قريش على رسول الله ﷺ وعنده خبّاب، وصهيب وبلال، وعمار، فقالوا: يا محمد! أرضيت بهؤلاء؟ فنزل فيهم القرآن: ﴿وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ﴾ إلى قوله: ﴿وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالظَّالِمِينَ (٥٨) [الأنعام: ٥٨].
رواه أحمد (٣٩٨٥) عن أسباط، حدثنا أشعث، عن كُردوس، عن ابن مسعود، فذكره.
وأشعث هو ابن سوار الكندي ضعيف باتفاق أهل العلم.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 94 من أصل 1279 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: النبي ﷺ لا يطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي

  • 📜 حديث: النبي ﷺ لا يطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: النبي ﷺ لا يطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: النبي ﷺ لا يطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: النبي ﷺ لا يطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, December 17, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب