حديث: نهى رسول الله ﷺ عن الدباء والنقير والحنتم

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

وفد عبد القيس، وكان قبل فتح مكة

عن سعيد بن المسيب يقول: سمعت عبد الله بن عمر يقول عند هذا المنبر، وأشار إلى منبر رسول الله ﷺ: قدم وفد عبد القيس على رسول الله ﷺ فسألوه عن الأشربة، فنهاهم عن الدباء والنقير والحنتم، فقلت له: يا أبا محمد، والمزفت، -وظننا أنه نسيه-؟ فقال: لم أسمعه يومئذ من عبد الله بن عمر، وقد كان يكره.

صحيح: رواه مسلم في الأشربة (١٩٩٧: ٥٨) عن أبي بكر بن أبي شيبة، حدثنا يزيد بن هارون: أخبرنا عبد الخالق بن سلمة، قال: سمعت سعيد بن المسيب، يقول: فذكره.

عن سعيد بن المسيب يقول: سمعت عبد الله بن عمر يقول عند هذا المنبر، وأشار إلى منبر رسول الله ﷺ: قدم وفد عبد القيس على رسول الله ﷺ فسألوه عن الأشربة، فنهاهم عن الدباء والنقير والحنتم، فقلت له: يا أبا محمد، والمزفت، -وظننا أنه نسيه-؟ فقال: لم أسمعه يومئذ من عبد الله بن عمر، وقد كان يكره.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا الحديث الذي سألت عنه حديث عظيم، رواه الإمام مسلم في صحيحه، وفيه دروس وعبر مهمة. سأشرحه لك جزءًا جزءًا بإذن الله تعالى، معتمدًا على كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة.

أولاً. شرح المفردات:


● سعيد بن المسيب: هو أحد كبار التابعين، فقيه المدينة وعالمها، وهو من أئمة الإسلام المشهود لهم.
● عبد الله بن عمر: هو الصحابي الجليل ابن الخليفة الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، وهو من أكثر الصحابة رواية للحديث.
● وفد عبد القيس: هم جماعة من قبيلة عبد القيس، قدموا من البحرين إلى النبي ﷺ.
● الأشربة: جمع شَراب، وهو ما يُشرب من السوائل.
● الدباء: هو القرع اليابس، وكانوا يتخذونه آنية للسقاية والخمر.
● النقير: هو أصل النخلة ينقرونه ويجعلونه وعاءً للخمر.
● الحنتم: جرار خضر كانت تصنع من الفخار، وتستخدم لحفظ الخمر.
● المزفت: هو الوعاء الذي طلي بالزفت (القار) ليمنع تسرب السائل منه، وكانوا يستخدمونه للخمر أيضًا.

ثانيًا. شرح الحديث:


يخبرنا التابعي الجليل سعيد بن المسيب أنه سمع الصحابي عبد الله بن عمر رضي الله عنه وهو واقف عند منبر رسول الله ﷺ في المسجد النبوي، يروي قصة وفد عبد القيس الذين قدموا على النبي ﷺ وسألوه عن الأشربة، أي عن أنواع الخمور وما يحل منها وما يحرم.
فنهاهم النبي ﷺ عن الانتباذ (وهو نقع التمر أو الزبيب ليصير مسكرًا) في أوعية معينة هي:
● الدباء (القرع)
● النقير (جذع النخلة المنقور)
● الحنتم (الجرار الخضر)
وكان النهي عن هذه الأوعية لأنها تسرع في تخمر العصير وتحوله إلى خمر مسكرة.
ثم يسأل سعيد بن المسيب عبد الله بن عمر عن وعاء رابع هو المزفت (المطلي بالزفت)، ويظن سعيد أن ابن عمر قد نسيه، فيجيب ابن عمر بأنه لم يسمع النبي ﷺ يذكر المزفت في ذلك اليوم تحديدًا، ولكن ابن عمر نفسه كان يكره الانتباذ في المزفت أيضًا.

ثالثًا. الدروس المستفادة والعبر:


1- تحريم كل مسكر وخمر: النهي عن هذه الأوعية ليس لذاتها، ولكن لأنها كانت أوعية تُصنع فيها الخمور. والعبرة بالعلة، وهي الإسكار. فكل شراب أسكر كثيره فقليله حرام، وفي أي وعاء كان.
2- سد الذرائع: نهى النبي ﷺ عن هذه الأوعية لأنها كانت ذريعة وطريقًا إلى شرب الخمر، فسد عليهم هذه الطرق سدًا للباب أمام المعصية.
3- اجتهاد الصحابة وفقههم: هنا نرى فقه عبد الله بن عمر رضي الله عنه حيث أفتى بكرهية المزفت بالرغم من أنه لم يسمع النهي عنه صراحة من النبي ﷺ في تلك الواقعة، لأنه قاسه على الأوعية الأخرى التي نُهي عنها لعلة واحدة وهي كونها أوعية تُتخذ للخمر. وهذا يدل على فهمهم العميق لأسباب الأحكام ومقاصدها.
4- الأمانة في الرواية: دقة عبد الله بن عمر في الرواية حيث فرق بين ما سمعه من النبي ﷺ مباشرة (النهي عن الدباء والنقير والحنتم) وبين ما استنبطه هو واجتهد فيه (كراهية المزفت)، فلم يضفه مباشرة إلى النبي ﷺ. وفي هذا درس عظيم في الأمانة العلمية والدقة في نقل الحديث.
5- أدب السائل والمفتي: أدب سعيد بن المسيب حيث ظن أن ابن عمر نسي فذكره بأدب قائلًا: "يا أبا محمد"، وأدب ابن عمر في الرد وبيان ما سمعه وما لم يسمعه.

رابعًا. معلومات إضافية:


- هذا الحديث أصل من أصول تحريم الخمر وكل ما يؤدي إليها.
- اتفق العلماء على تحريم الانتباذ في هذه الأوعية إذا كان سيؤدي إلى الإسكار.
- من فوائد الحديث: أن ما نهى عنه النبي ﷺ لعلة معينة، فإن كل ما تحققت فيه تلك العلة يدخل تحت النهي، وهو قاعدة فقهية عظيمة.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في الأشربة (١٩٩٧: ٥٨) عن أبي بكر بن أبي شيبة، حدثنا يزيد بن هارون: أخبرنا عبد الخالق بن سلمة، قال: سمعت سعيد بن المسيب، يقول: فذكره.
وفي الباب عن هود العصري، عن جده قال: بينما رسول الله ﷺ يحدث أصحابه إذ قال: «يطلع عليكم من هذا الوجه ركب من خير أهل المشرق». فقام عمر بن الخطاب، فتوجه في ذلك الوجه، فلقي ثلاثة عشر راكبا، فرحب وقرب، وقال: من القوم؟ قالوا: قوم من عبد القيس. قال: فما أقدمكم هذه البلاد؟ التجارة؟ قالوا: لا. قال: فتبيعون سيوفكم هذه؟ قالوا: لا. قال: فلعلكم إنما قدمتم في طلب هذا الرجل؟ قالوا: أجل، فمشى معهم يحدثهم حتى نظر إلى النبي ﷺ، فقال لهم: هذا صاحبكم الذي تطلبون. فرمى القوم بأنفسهم عن رحالهم، فمنهم من سعى سعيا، ومنهم من هرول، ومنهم من مشى حتى أتوا رسول الله ﷺ، فأخذوا بيده يقبلونها، وقعدوا إليه، وبقي الأشج -وهو أصغر القوم- فأناخ الإبل وعقلها، وجمع متاع القوم، ثم أقبل يمشي على تؤدة حتى أتى رسول الله ﷺ، فأخذ بيده فقبلها، فقال النبي ﷺ: «فيك خصلتان يحبهما الله ورسوله». قال: وما هما يا نبي الله؟ قال: «الأناة والتؤدة». قال: أجَبْلًا جُبِلْتُ عليه أو تَخَلُّقًا مني؟ قال: «بل جَبْلٌ» فقال: الحمد لله الذي جبلني على ما يحب الله ورسوله.
وأقبل القوم قِبَل تمرات لهم يأكلونها، فجعل النبي ﷺ يسمي لهم: «هذا كذا، وهذا كذا». قالوا: أجل يا رسول الله، ما نحن بأعلم بأسمائها منك. قال: «أجل». فقالوا لرجل منهم: أطعمنا من بقية الذي بقي في نَوْطك، فقام فأتاه بالبرني، فقال النبي ﷺ: «هذا البرَني، أما إنه من خير تمراتكم، إنما هو دواء، ولا داء فيه».
رواه أبو يعلى (٦٨٥٠) والطبراني في الكبير (٢٠/ ٣٤٥ - ٣٤٦) كلاهما من حديث محمد بن صُدران، حدثنا طالب بن حجير العبدي، حدثنا هود العصري، عن جده. وجده هو مزيدة العصري.
قال الهيثمي في مجمع الزوائد (٩/ ٣٨٨): «رواه الطبراني وأبو يعلى ورجالهما ثقات، وفي بعضهم اختلاف».
قال الأعظمي: في إسناده هو العصري، لم يذكر له راو غير طالب، ولم أجد توثيقه عن أحد إلا أن ابن
حبان ذكره في ثقاته. ولذا قال ابن حجر: «مقبول» أي عند المتابعة. ولم أجد له متابعا.
وروي عن الجارود العبدي قال: أتيت النبي ﷺ أبايعه، فقلت له: على إني إن تركت ديني ودخلت في دينك لا يعذبني الله في الآخرة؟ قال: «نعم».
رواه أبو يعلى (٩١٨) والطبراني في الكبير (٢/ ٣٠٠) كلاهما من طريق أشعث بن سوار، عن محمد بن سيرين، عن الجارود العبدي، فذكره.
قال الهيثمي في المجمع (١/ ٣٢): رواه أبو يعلى ورجاله ثقات.
قال الأعظمي: بل في إسناده أشعث بن سوار ضعيف.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1251 من أصل 1279 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: نهى رسول الله ﷺ عن الدباء والنقير والحنتم

  • 📜 حديث: نهى رسول الله ﷺ عن الدباء والنقير والحنتم

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: نهى رسول الله ﷺ عن الدباء والنقير والحنتم

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: نهى رسول الله ﷺ عن الدباء والنقير والحنتم

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: نهى رسول الله ﷺ عن الدباء والنقير والحنتم

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب