حديث: نهى رسول الله ﷺ عن الدباء والنقير والحنتم
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
وفد عبد القيس، وكان قبل فتح مكة
صحيح: رواه مسلم في الأشربة (١٩٩٧: ٥٨) عن أبي بكر بن أبي شيبة، حدثنا يزيد بن هارون: أخبرنا عبد الخالق بن سلمة، قال: سمعت سعيد بن المسيب، يقول: فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.أما بعد، فهذا الحديث الذي سألت عنه حديث عظيم، رواه الإمام مسلم في صحيحه، وفيه دروس وعبر مهمة. سأشرحه لك جزءًا جزءًا بإذن الله تعالى، معتمدًا على كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة.
أولاً. شرح المفردات:
● سعيد بن المسيب: هو أحد كبار التابعين، فقيه المدينة وعالمها، وهو من أئمة الإسلام المشهود لهم.
● عبد الله بن عمر: هو الصحابي الجليل ابن الخليفة الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، وهو من أكثر الصحابة رواية للحديث.
● وفد عبد القيس: هم جماعة من قبيلة عبد القيس، قدموا من البحرين إلى النبي ﷺ.
● الأشربة: جمع شَراب، وهو ما يُشرب من السوائل.
● الدباء: هو القرع اليابس، وكانوا يتخذونه آنية للسقاية والخمر.
● النقير: هو أصل النخلة ينقرونه ويجعلونه وعاءً للخمر.
● الحنتم: جرار خضر كانت تصنع من الفخار، وتستخدم لحفظ الخمر.
● المزفت: هو الوعاء الذي طلي بالزفت (القار) ليمنع تسرب السائل منه، وكانوا يستخدمونه للخمر أيضًا.
ثانيًا. شرح الحديث:
يخبرنا التابعي الجليل سعيد بن المسيب أنه سمع الصحابي عبد الله بن عمر رضي الله عنه وهو واقف عند منبر رسول الله ﷺ في المسجد النبوي، يروي قصة وفد عبد القيس الذين قدموا على النبي ﷺ وسألوه عن الأشربة، أي عن أنواع الخمور وما يحل منها وما يحرم.
فنهاهم النبي ﷺ عن الانتباذ (وهو نقع التمر أو الزبيب ليصير مسكرًا) في أوعية معينة هي:
● الدباء (القرع)
● النقير (جذع النخلة المنقور)
● الحنتم (الجرار الخضر)
وكان النهي عن هذه الأوعية لأنها تسرع في تخمر العصير وتحوله إلى خمر مسكرة.
ثم يسأل سعيد بن المسيب عبد الله بن عمر عن وعاء رابع هو المزفت (المطلي بالزفت)، ويظن سعيد أن ابن عمر قد نسيه، فيجيب ابن عمر بأنه لم يسمع النبي ﷺ يذكر المزفت في ذلك اليوم تحديدًا، ولكن ابن عمر نفسه كان يكره الانتباذ في المزفت أيضًا.
ثالثًا. الدروس المستفادة والعبر:
1- تحريم كل مسكر وخمر: النهي عن هذه الأوعية ليس لذاتها، ولكن لأنها كانت أوعية تُصنع فيها الخمور. والعبرة بالعلة، وهي الإسكار. فكل شراب أسكر كثيره فقليله حرام، وفي أي وعاء كان.
2- سد الذرائع: نهى النبي ﷺ عن هذه الأوعية لأنها كانت ذريعة وطريقًا إلى شرب الخمر، فسد عليهم هذه الطرق سدًا للباب أمام المعصية.
3- اجتهاد الصحابة وفقههم: هنا نرى فقه عبد الله بن عمر رضي الله عنه حيث أفتى بكرهية المزفت بالرغم من أنه لم يسمع النهي عنه صراحة من النبي ﷺ في تلك الواقعة، لأنه قاسه على الأوعية الأخرى التي نُهي عنها لعلة واحدة وهي كونها أوعية تُتخذ للخمر. وهذا يدل على فهمهم العميق لأسباب الأحكام ومقاصدها.
4- الأمانة في الرواية: دقة عبد الله بن عمر في الرواية حيث فرق بين ما سمعه من النبي ﷺ مباشرة (النهي عن الدباء والنقير والحنتم) وبين ما استنبطه هو واجتهد فيه (كراهية المزفت)، فلم يضفه مباشرة إلى النبي ﷺ. وفي هذا درس عظيم في الأمانة العلمية والدقة في نقل الحديث.
5- أدب السائل والمفتي: أدب سعيد بن المسيب حيث ظن أن ابن عمر نسي فذكره بأدب قائلًا: "يا أبا محمد"، وأدب ابن عمر في الرد وبيان ما سمعه وما لم يسمعه.
رابعًا. معلومات إضافية:
- هذا الحديث أصل من أصول تحريم الخمر وكل ما يؤدي إليها.
- اتفق العلماء على تحريم الانتباذ في هذه الأوعية إذا كان سيؤدي إلى الإسكار.
- من فوائد الحديث: أن ما نهى عنه النبي ﷺ لعلة معينة، فإن كل ما تحققت فيه تلك العلة يدخل تحت النهي، وهو قاعدة فقهية عظيمة.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
تخريج الحديث
وفي الباب عن هود العصري، عن جده قال: بينما رسول الله ﷺ يحدث أصحابه إذ قال: «يطلع عليكم من هذا الوجه ركب من خير أهل المشرق». فقام عمر بن الخطاب، فتوجه في ذلك الوجه، فلقي ثلاثة عشر راكبا، فرحب وقرب، وقال: من القوم؟ قالوا: قوم من عبد القيس. قال: فما أقدمكم هذه البلاد؟ التجارة؟ قالوا: لا. قال: فتبيعون سيوفكم هذه؟ قالوا: لا. قال: فلعلكم إنما قدمتم في طلب هذا الرجل؟ قالوا: أجل، فمشى معهم يحدثهم حتى نظر إلى النبي ﷺ، فقال لهم: هذا صاحبكم الذي تطلبون. فرمى القوم بأنفسهم عن رحالهم، فمنهم من سعى سعيا، ومنهم من هرول، ومنهم من مشى حتى أتوا رسول الله ﷺ، فأخذوا بيده يقبلونها، وقعدوا إليه، وبقي الأشج -وهو أصغر القوم- فأناخ الإبل وعقلها، وجمع متاع القوم، ثم أقبل يمشي على تؤدة حتى أتى رسول الله ﷺ، فأخذ بيده فقبلها، فقال النبي ﷺ: «فيك خصلتان يحبهما الله ورسوله». قال: وما هما يا نبي الله؟ قال: «الأناة والتؤدة». قال: أجَبْلًا جُبِلْتُ عليه أو تَخَلُّقًا مني؟ قال: «بل جَبْلٌ» فقال: الحمد لله الذي جبلني على ما يحب الله ورسوله.
وأقبل القوم قِبَل تمرات لهم يأكلونها، فجعل النبي ﷺ يسمي لهم: «هذا كذا، وهذا كذا». قالوا: أجل يا رسول الله، ما نحن بأعلم بأسمائها منك. قال: «أجل». فقالوا لرجل منهم: أطعمنا من بقية الذي بقي في نَوْطك، فقام فأتاه بالبرني، فقال النبي ﷺ: «هذا البرَني، أما إنه من خير تمراتكم، إنما هو دواء، ولا داء فيه».
رواه أبو يعلى (٦٨٥٠) والطبراني في الكبير (٢٠/ ٣٤٥ - ٣٤٦) كلاهما من حديث محمد بن صُدران، حدثنا طالب بن حجير العبدي، حدثنا هود العصري، عن جده. وجده هو مزيدة العصري.
قال الهيثمي في مجمع الزوائد (٩/ ٣٨٨): «رواه الطبراني وأبو يعلى ورجالهما ثقات، وفي بعضهم اختلاف».
قال الأعظمي: في إسناده هو العصري، لم يذكر له راو غير طالب، ولم أجد توثيقه عن أحد إلا أن ابن
حبان ذكره في ثقاته. ولذا قال ابن حجر: «مقبول» أي عند المتابعة. ولم أجد له متابعا.
وروي عن الجارود العبدي قال: أتيت النبي ﷺ أبايعه، فقلت له: على إني إن تركت ديني ودخلت في دينك لا يعذبني الله في الآخرة؟ قال: «نعم».
رواه أبو يعلى (٩١٨) والطبراني في الكبير (٢/ ٣٠٠) كلاهما من طريق أشعث بن سوار، عن محمد بن سيرين، عن الجارود العبدي، فذكره.
قال الهيثمي في المجمع (١/ ٣٢): رواه أبو يعلى ورجاله ثقات.
قال الأعظمي: بل في إسناده أشعث بن سوار ضعيف.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 1251 من أصل 1279 حديثاً له شرح
- 1226 لا ينقصني مائة سنة وعين تطرف
- 1227 تغزون جزيرة العرب فيفتحها الله ثم فارس فيفتحها الله ثم...
- 1228 الفقر تخافون أو العوز أو تهمكم الدنيا
- 1229 ستفتحون مصر فأحسنوا إلى أهلها
- 1230 معنى لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة
- 1231 معجزة رؤية وتجلية بيت المقدس للنبي ﷺ
- 1232 رأيتني في الحجر وقريش تسألني عن مسراي
- 1233 شاور النبي ﷺ حين بلغه إقبال أبي سفيان
- 1234 سيبلغ ملك أمتي ما زوي لي من الأرض
- 1235 الرجل يمشي بصدقته فلا يجد من يقبلها
- 1236 يأتي زمان يطوف الرجل بالصدقة من الذهب ولا يجد من...
- 1237 لا تقوم الساعة حتى يكثر المال فيفيض
- 1238 لا تقوم الساعة حتى تخرج نار من أرض الحجاز تضيء...
- 1239 وضع رسول الله إصبعه على شامة في قرنه وقال لتبلغن...
- 1240 بعث إلى السند والهند
- 1241 الجمل الذي أقر بالنبوة وشهد أن محمدًا رسول الله
- 1242 قولوا لا إله إلا الله تفلحوا
- 1243 نهينا أن نسأل رسول الله ﷺ عن شيء
- 1244 يقدم عليكم غدا أقوام هم أرق قلوبا للإسلام منكم
- 1245 قال أبو هريرة: لما قدمت على النبي ﷺ قلت في...
- 1246 غفر لي بهجرتي إلى نبيه
- 1247 قالوا: يا رسول الله، إن دوسا قد كفرت، وأبت فادع...
- 1248 أمرهم بالإيمان بالله وحده ونهاهم عن أربع
- 1249 آتوا الزكاة، وصوموا رمضان وأعطوا الخمس من الغنائم
- 1250 نهي النبي ﷺ عن النبيذ في الدباء والنقير والمزفت والحنتم
- 1251 نهى رسول الله ﷺ عن الدباء والنقير والحنتم
- 1252 ما لكم قد اصفرت ألوانكم وعظمت بطونكم
- 1253 الوفد يقول للنبي: قاتلتك مضر ولم نقاتلك
- 1254 بعث النبي علي بن أبي طالب إلى همدان فأسلموا فخر...
- 1255 هذا أمين هذه الأمة
- 1256 صالح رسول الله ﷺ أهل نجران على ألفي حلة
- 1257 أبشروا يا بني تميم
- 1258 الإيمان يمان والحكمة يمانية والفخر والخيلاء في أصحاب الإبل
- 1259 نهي المؤمنين عن التقديم بين يدي الله ورسوله
- 1260 كاد الخيران أن يهلكا أبو بكر وعمر
- 1261 نحن بنو النضر بن كنانة لا نقفو أمنا ولا ننتفي...
- 1262 رسول الله ﷺ يخبر عن الكذابين مسيلمة والعنسي
- 1263 تفسير رؤيا النبي سوارين من ذهب
- 1264 رسول الله ﷺ يقول لمسيلمة الكذاب: لو سألتني هذا القضيب...
- 1265 أما والله لولا أن الرسل لا تقتل لضربت أعناقكما
- 1266 سيتصدقون ويجاهدون إذا أسلموا
- 1267 النبي يأمر المجذوم بالرجوع بعد البيعة
- 1268 عنوان الحديث: "المسلم أخو المسلم يسعهما الماء والشجر ويتعاونان على...
- 1269 أسبغ الوضوء وخلل بين الأصابع وبالغ في الاستنشاق إلا أن...
- 1270 قولوا بقولكم أو بعض قولكم، ولا يستجرنكم الشيطان
- 1271 كتب النبي ﷺ إلى كسرى وقيصر والنجاشي وكل جبار يدعوهم...
- 1272 اتخذ النبي خاتما من فضة ونقش فيه محمد رسول الله
- 1273 هرقل يسأل أبا سفيان عن نبوة محمد ﷺ
- 1274 من ينطلق بصحيفتي هذه إلى قيصر وله الجنة
- 1275 بعث النبي كتابًا إلى كسرى فمزقه فدعا أن يمزقوا
معلومات عن حديث: نهى رسول الله ﷺ عن الدباء والنقير والحنتم
📜 حديث: نهى رسول الله ﷺ عن الدباء والنقير والحنتم
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: نهى رسول الله ﷺ عن الدباء والنقير والحنتم
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: نهى رسول الله ﷺ عن الدباء والنقير والحنتم
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: نهى رسول الله ﷺ عن الدباء والنقير والحنتم
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








