حديث: أمرهم بالإيمان بالله وحده ونهاهم عن أربع

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

وفد عبد القيس، وكان قبل فتح مكة

عن أبي جمرة قال: كنتُ أقعدُ مع ابن عباس يُجلسني على سريره فقال: أَقِمْ عندي حتى أجعل لك سهمًا من مالي. فأقمتُ معه شهرين، ثم قال: إنّ وفد عبد القيس لما أتوا النبي ﷺ قال: «من القوم؟ -أو من الوفد؟ -» قالوا: ربيعة. قال: «مرحبا بالقوم -أو بالوفد- غير خزايا ولا ندامى». فقالوا: يا رسول الله، إنّا لا نستطيع أن نأتيك إلا في الشّهر الحرام، وبيننا وبينك هذا الحيُّ من كفار مُضر، فُمرْنا بأمر فَصْل نُخْبر به مَنْ وراءَنا، وندخل به الجنّة. وسألوه عن الأشربة، فأمرهم بأربع، ونهاهم عن أربع، أمرهم: بالإيمان بالله وحده، قال: «أتدرون ما الإيمان بالله وحده؟» قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: «شهادةُ أن لا إله إلا الله، وأنّ محمدًا رسولُ الله، وإقامُ الصلاة، وإيتاءُ الزّكاة، وصيامُ رمضان، وأنْ تُعطوا من المغنم الخمس». ونهاهم عن أربع: عن الحنتم، والدُّباء، والنّقير، والمزفّت، وربما قال: المقير، وقال: «احفظوهن وأخبروا بهنّ من وراءكم».

متفق عليه: رواه البخاريّ في الإيمان (٥٣)، ومسلم في الإيمان (١٧) كلاهما من طريق شعبة، عن أبي جمرة، فذكره، واللّفظ للبخاريّ، ولفظ مسلم نحوه.

عن أبي جمرة قال: كنتُ أقعدُ مع ابن عباس يُجلسني على سريره فقال: أَقِمْ عندي حتى أجعل لك سهمًا من مالي. فأقمتُ معه شهرين، ثم قال: إنّ وفد عبد القيس لما أتوا النبي ﷺ قال: «من القوم؟ -أو من الوفد؟ -» قالوا: ربيعة. قال: «مرحبا بالقوم -أو بالوفد- غير خزايا ولا ندامى». فقالوا: يا رسول الله، إنّا لا نستطيع أن نأتيك إلا في الشّهر الحرام، وبيننا وبينك هذا الحيُّ من كفار مُضر، فُمرْنا بأمر فَصْل نُخْبر به مَنْ وراءَنا، وندخل به الجنّة. وسألوه عن الأشربة، فأمرهم بأربع، ونهاهم عن أربع، أمرهم: بالإيمان بالله وحده، قال: «أتدرون ما الإيمان بالله وحده؟» قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: «شهادةُ أن لا إله إلا الله، وأنّ محمدًا رسولُ الله، وإقامُ الصلاة، وإيتاءُ الزّكاة، وصيامُ رمضان، وأنْ تُعطوا من المغنم الخمس». ونهاهم عن أربع: عن الحنتم، والدُّباء، والنّقير، والمزفّت، وربما قال: المقير، وقال: «احفظوهن وأخبروا بهنّ من وراءكم».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإني أسعد بشرح هذا الحديث النافع الذي رواه الإمام البخاري في صحيحه، والذي يحوي جوامعَ من الكلم النبوي، ويضيء لنا جوانب مهمة من العقيدة والشريعة.
### أولاً. ترجمة الراوي وسياق الحديث
● أبو جمرة: هو نصر بن عمران الضُّبَعي، تابعي ثقة، كان يجلس إلى ابن عباس رضي الله عنهما ويأخذ عنه العلم.
● ابن عباس: هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب، ابن عم النبي ﷺ، حبر الأمة وترجمان القرآن، وكان من كبار الصحابة وعلمائهم.
قصة الحديث أن أبا جمرة جلس مع ابن عباس فترة من الزمن، فوعده بأن يعطيه جزءًا من ماله، وفي أثناء هذه المجالسة حدثه بهذا الحديث العظيم عن وفد عبد القيس.

### ثانيًا. شرح المفردات
● وفد عبد القيس: قبيلة من ربيعة جاءت من البحرين إلى النبي ﷺ.
● غير خزايا ولا ندامى: الخزايا: الذين يصيبهم الخزي والندامة، أي مرحبًا بكم بلا خزي ولا ندم.
● الحَيُّ من كفار مضر: هم بعض القبائل المعادية التي كانت تحول بينهم وبين الوصول إلى النبي إلا في الأشهر الحرم.
● أمر فصل: أمر واضح بين لا لبس فيه.
● الأشربة: جمع شراب، وهي ما يشرب من الخمر وغيرها.
● الحنتم: جرار خضر كانت تخمر فيها الخمر.
● الدُّباء: القرع، وكانوا يتخذونه آنية للخمر.
● النقير: أصول النخل ينقرونها ويجعلونها أوعية للخمر.
● المزفت: الظروف المطلية بالزفت.
● المقير: المشبع بالقار، وهو مشابه للمزفت.
● المغنم: الغنيمة في الحرب.

### ثالثًا. شرح الحديث
1- استقبال النبي ﷺ للوفد:
لما قدم وفد عبد القيس على النبي ﷺ، سألهم عن هويتهم فأخبروه أنهم من ربيعة، فرحب بهم ترحيبًا حارًا، ودعا لهم بأن لا يصيبهم خزي ولا ندامة.
2- طلب الوفد تعليمهم أمرًا واضحًا يدخلون به الجنة:
بين الوفد أن بينهم وبين المدينة حيًا من كفار مضر، فلا يستطيعون القدوم إلا في الأشهر الحرم (ذو القعدة، ذو الحجة، المحرم، رجب)؛ فطلبوا من النبي ﷺ أن يعلمهم أمرًا واضحًا يعملون به ويبلغونه لمن خلفهم، ويكون سببًا في دخولهم الجنة.
3- أمرهم بأربع ونهاهم عن أربع:
● الأمر بأربع:
هذه الأربع هي أركان الإسلام الأساسية، وهي:
- الإيمان بالله وحده: وقد فسره النبي ﷺ بقوله: "شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله".
- إقام الصلاة.
- إيتاء الزكاة.
- صوم رمضان.
- وأضاف إليها إعطاء الخمس من الغنيمة، وهو من الأحكام المتعلقة بالجهاد والمال.
● النهي عن أربع:
وهي عن الانتباذ في أربعة أنواع من الأوعية التي كانت تستخدم لصنع الخمر وتخزينها، وهي:
- الحنتم: الجرار الخضر.
- الدباء: القرع.
- النقير: أوعية من النخل.
- المزفت أو المقير: الأوعية المطلية بالقار أو الزفت.
وكان النهي عن هذه الأوعية لأنها تسرع في تخمر العصير وتزيد في شدة الخمر، فنهى عنها النبي ﷺ سدًا لذريعة الوقوع في المحرم.
4- التوصية بحفظ الحديث ونشره:
ختم النبي ﷺ حديثه بقوله: "احفظوهن وأخبروا بهن من وراءكم"، مما يدل على أهمية حفظ هذا العلم ونشره.

### رابعًا. الدروس المستفادة والفقه في الحديث
1- جواز إعطاء المال لتشجيع طلب العلم:
كما فعل ابن عباس مع أبي جمرة.
2- حسن استقبال الوافدين والترحيب بهم:
كما فعل النبي ﷺ مع وفد عبد القيس.
3- أركان الإسلام الأساسية:
بين الحديث أن أركان الإسلام هي: الشهادتان، والصلاة، والزكاة، والصوم، وقد ذكر الخمس من الغنيمة لأنه كان من الأحكام المهمة في ذلك الوقت.
4- سد الذرائع إلى المحرمات:
النهي عن الانتباذ في هذه الأوعية لأنه طريق إلى شرب الخمر.
5- التيسير على الناس ومراعاة ظروفهم:
حيث علمهم النبي ﷺ أمورًا واضحة يمكنهم العمل بها ونقلها لغيرهم.
6- مسؤولية نقل العلم ونشره:
لقوله ﷺ: "احفظوهن وأخبروا بهن من وراءكم".
7- حرص السلف على مجالسة العلماء:
كما فعل أبو جمرة مع ابن عباس.

### خامسًا. فوائد إضافية
- الحديث يدل على أن الإيمان يشمل العمل، لأنه فسر الإيمان بالله بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة等.
- النهي عن الانتباذ في هذه الأوعية خاص بما يتخمر ويصير مسكرًا، أما إذا كان عصيرًا لا يتخمر فلا بأس به إن شاء الله.
- الحديث من جوامع كلم النبي ﷺ، حيث جمع بين أصول العقيدة والأحكام العملية.
أسأل الله أن ينفعنا بما علمنا، وأن يعلمنا ما ينفعنا، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في الإيمان (٥٣)، ومسلم في الإيمان (١٧) كلاهما من طريق شعبة، عن أبي جمرة، فذكره، واللّفظ للبخاريّ، ولفظ مسلم نحوه.
وزاد مسلمٌ في رواية قرّة بن خالد، عن أبي جمرة: وقال رسول الله ﷺ للأشجّ -أشجّ عبد القيس-: «إن فيك خصلتين يحبُّهما الله: الحِلمُ والأناةُ».
قوله: «والمقير» هو المزفّت، وهو المطلي بالقار، وهو الزّفت.
قال الحافظ ابن كثير: «سياق حديث ابن عباس يدل على أن قدوم وفد عبد القيس كان قبل فتح مكة لقولهم: وبيننا وبينك هذا الحي من مضر، لا نصل إليك إلا في شهر حرام» البداية والنهاية (٧/ ٢٥١).

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1248 من أصل 1279 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: أمرهم بالإيمان بالله وحده ونهاهم عن أربع

  • 📜 حديث: أمرهم بالإيمان بالله وحده ونهاهم عن أربع

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: أمرهم بالإيمان بالله وحده ونهاهم عن أربع

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: أمرهم بالإيمان بالله وحده ونهاهم عن أربع

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: أمرهم بالإيمان بالله وحده ونهاهم عن أربع

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, December 17, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب