حديث: رسول الله ﷺ يقول لمسيلمة الكذاب: لو سألتني هذا القضيب ما أعطيتكه

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب وفد بني حنيفة ومعهم مسيلمة الكذاب، وكان ذلك بعد سنة تسع

عن ابن عبيدة بن نشيط -وكان في موضع آخر اسمه عبد الله- أن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة قال: بلغنا أن مسيلمة الكذاب قدم المدينة فنزل في دار بنت الحارث، وكان تحته بنت الحارث بن كريز، وهي أم عبد الله بن عامر، فأتاه رسول الله ﷺ ومعه ثابت بن قيس بن شماس، وهو الذي يقال له خطيب رسول الله ﷺ، وفي يد رسول الله ﷺ قضيب، فوقف عليه فكلمه، فقال له مسيلمة: إن شئت خليت بيننا وبين الأمر ثم جعلته لنا بعدك. فقال النبي ﷺ: «لو سألتني هذا القضيب ما أعطيتكه، وإني لأراك الذي أريت فيه ما أريت، وهذا ثابت بن قيس، وسيجيبك عني»، فانصرف النبي ﷺ.

صحيح: رواه البخاري في المغازي (٤٣٧٨) عن سعيد بن محمد الجرمي، حدثنا يعقوب بن إبراهيم، حدثنا أبي، عن صالح، عن ابن عبيدة بن نشيط، فذكره.

عن ابن عبيدة بن نشيط -وكان في موضع آخر اسمه عبد الله- أن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة قال: بلغنا أن مسيلمة الكذاب قدم المدينة فنزل في دار بنت الحارث، وكان تحته بنت الحارث بن كريز، وهي أم عبد الله بن عامر، فأتاه رسول الله ﷺ ومعه ثابت بن قيس بن شماس، وهو الذي يقال له خطيب رسول الله ﷺ، وفي يد رسول الله ﷺ قضيب، فوقف عليه فكلمه، فقال له مسيلمة: إن شئت خليت بيننا وبين الأمر ثم جعلته لنا بعدك. فقال النبي ﷺ: «لو سألتني هذا القضيب ما أعطيتكه، وإني لأراك الذي أريت فيه ما أريت، وهذا ثابت بن قيس، وسيجيبك عني»، فانصرف النبي ﷺ.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فأقدم لكم شرحًا وافيًا لهذا الحديث النبوي الشريف، معتمدًا على كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة.

الحديث ومصدره:


هذا الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده، وابن سعد في الطبقات، وابن كثير في البداية والنهاية، وهو حديث صحيح الإسناد.

شرح المفردات:


● مسيلمة الكذاب: هو مسيلمة بن ثمامة الحنفي، ادعى النبوة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم في منطقة اليمامة.
● دار بنت الحارث: مقر إقامته في المدينة.
● قضيب: غصن من الشجر أو عصا صغيرة.
● خليت بيننا وبين الأمر: تترك لنا السلطة أو النبوة.
● أريت فيه ما أريت: إشارة إلى الرؤيا أو العلامة التي رآها النبي صلى الله عليه وسلم concerning مسيلمة.

شرح الحديث:


يحدثنا هذا الحديث عن موقف تاريخي مهم، عندما قدم مسيلمة الكذاب -مدعي النبوة- إلى المدينة، ونزل في دار زوجته بنت الحارث. فجاءه النبي صلى الله عليه وسلم ومعه ثابت بن قيس بن شماس -خطيب الرسول صلى الله عليه وسلم- وفي يده قضيب.
وقف النبي صلى الله عليه وسلم على مسيلمة وكلمه، فاقترح مسيلمة عليه صفقة سياسية دنيوية بقوله: إن شئت تترك لنا الأمر (السلطة أو النبوة) الآن ثم نجعله لك بعدك! فرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم ردًا حاسمًا يعبر عن ثبات المبدأ ورفض المساومة على الدين: "لو سألتني هذا القضيب ما أعطيتكه"، أي أن النبي صلى الله عليه وسلم لن يتنازل عن أدنى شيء في دينه، حتى لو كان قضيبًا لا قيمة له.
ثم بين النبي صلى الله عليه وسلم أنه يعرف حقيقة مسيلمة وما أعده الله له من العذاب، فقال: "إني لأراك الذي أريت فيه ما أريت"، إشارة إلى ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم من مصير مسيلمة السيء.
وأخيرًا أحال النبي صلى الله عليه وسلم الرد إلى ثابت بن قيس، قائلاً: "وهذا ثابت بن قيس، وسيجيبك عني"، ثم انصرف، مما يدل على أن المساومة في الدين ليست محل نقاش.

الدروس المستفادة:


1- ثبات النبي صلى الله عليه وسلم في مواجهة المدعين والمضللين، ورفضه أي مساومة على الدين ولو كانت تبدو صغيرة.
2- الحكمة في التعامل مع أصحاب الأفكار المنحرفة، حيث واجه النبي صلى الله عليه وسلم مسيلمة بالحجة والموقف الواضح.
3- التوكل على الله والثقة بنصره، حيث لم يخف النبي صلى الله عليه وسلم من تهديدات مسيلمة أو وعوده.
4- استخدام الأساليب المناسبة في الرد، حيث أحال الرد إلى ثابت بن قيس، خطيب الرسول صلى الله عليه وسلم، ليكون رده أوقع وأبلغ.

معلومات إضافية:


- قتل مسيلمة الكذاب في حرب اليمامة في عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه.
- ثابت بن قيس بن شماس كان خطيبًا بليغًا، واستشهد في معركة اليمامة.
- هذا الموقف يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعرف منازل الناس ومصائرهم بإذن الله.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في المغازي (٤٣٧٨) عن سعيد بن محمد الجرمي، حدثنا يعقوب بن إبراهيم، حدثنا أبي، عن صالح، عن ابن عبيدة بن نشيط، فذكره.
قال محمد بن سعد: أخبرنا محمد بن عمر الأسلمي قال: حدثني الضحاك بن عثمان، عن يزيد ابن رومان.
وقال: محمد بن سعد: وأخبرنا علي بن محمد القرشي، عن من سَمَّى من رجاله قالوا: قدم وفد بني حنيفة على رسول الله ﷺ بضعة عشر رجلًا، فيهم رحَّال بن عُنفوة، وسلمى بن حنظلة السحيمي، وطلق بن علي بن قيس، وحمران بن جابر من بني شمر، وعلي بن سنان، والأقعس بن مسلمة، وزيد بن عبد عمرو، ومسيلمة بن حبيب، وعلى الوفد سلمى بن حنظلة، فأنزلوا دار رملة بنت الحارث، وأجريت عليهم ضيافة، فكانوا يؤتون بغداء وعشاء، مرة خبزًا ولحمًا، ومرة خبرًا ولبنًا، ومرة خبزًا وسمنًا، ومرة تمرًا نثر لهم، فأتوا رسول الله ﷺ في المسجد، فسلموا عليه، وشهدوا شهادة الحق، وخلَّفوا مسيلمة في رحلهم، وأقاموا أيامًا يختلفون إلى رسول الله ﷺ وكان رحَّال بن عُنفوة يتعلم القرآن من أبي بن كعب، فلما أرادوا الرجوع إلى بلادهم أمر لهم رسول الله ﷺ بجوائزهم خمس أواق لكل رجل، فقالوا: يا رسول الله، إنا خلفنا صاحبًا لنا في رحالنا
يُبصرها لنا، وفي ركابنا يحفظها علينا، فأمر له رسول الله ﷺ بمثل ما أمر به لأصحابه، وقال: «ليس بشركم مكانًا لحفظه ركابكم ورحالكم»، فقيل ذلك لمسيلمة، فقال: عرف أن الأمر إلي من بعده، ورجعوا إلى اليمامة وأعطاهم رسول الله ﷺ إداوةً من ماء فيها فضل طهور، فقال: «إذا قدمتم بلدكم فاكسروا بيعتكم، وأنضحوا مكانها بهذا الماء، واتخذوا مكانها مسجدًا» ففعلوا، وصارت الإداوة عند الأقعس بن مسلمة، وصار المؤذن طلق بن علي، فأذن فسمعه راهب البيعة، فقال: كلمة حق، ودعوة حق! وهرب، فكان آخر العهد به، وادعى مسيلمة -لعنه الله- النبوة، وشهد له الرحَّال بن عُنفوة أن رسول الله ﷺ أشركه في الأمر فافتتن الناس به.
أخرجه في طبقاته (١/ ٣٠٦ - ٣١٧) ومحمد بن عمر هو الواقدي، وفي الإسناد الثاني رجال لم يسموا.
ويستفاد منه أن عددهم بضعة عشر رجلا.
قال ابن إسحاق: وكان منزلهم في دار بنت الحارث امرأة من الأنصار، ثم من بني النجار، فحدثني بعض علمائنا من أهل المدينة: أن بني حنيفة أتت به رسول الله ﷺ تستره بالثياب، ورسول الله ﷺ جالس في أصحابه. معه عسيب من سعف النخل في رأسه خوصات، فلما انتهى إلى رسول الله ﷺ وهم يسترونه بالثياب كلمه وسأله، فقال له رسول الله ﷺ: «لو سألتني هذا العسيب ما أعطيتكه».
قال ابن إسحاق: وقد حدثني شيخ من بني حنيفة من أهل اليمامة أن حديثه كان على غير هذا.
زعم أن وفد بني حنيفة أتوا رسول الله ﷺ، وخلَّفوا مسيلمة في رحالهم، فلما أسلموا ذكروا مكانه، فقالوا: يا رسول الله، إنا قد خلفنا صاحبا لنا في رحالنا وفي ركابنا يحفظها لنا، قال: فأمر له رسول الله ﷺ بمثل ما أمر به للقوم، وقال: «أما إنه ليس بشركم مكانا»؛ أي لحفظه ضيعة أصحابه، وذلك الذي يريد رسول الله ﷺ.
قال: ثم انصرفوا عن رسول الله ﷺ، وجاءوه بما أعطاه، فلما انتهوا إلى اليمامة ارتد عدو الله وتنبأ وتكذب لهم، وقال: إني قد أشركت في الأمر معه. وقال لوفده الذين كانوا معه: ألم يقل لكم حين ذكرتموني له: «أما إنه ليس بشركم مكانا»؛ ما ذاك إلا لما كان يعلم أني قد أشركت في الأمر معه، ثم جعل يسجع لهم السجعات، ويقول لهم فيما يقول مضاهاة للقرآن: «لقد أنعم الله على الحبلى، أخرج منها نسمة تسعى، من بين صفاق وحشا»، وأحل لهم الخمر والزنا، ووضع عنهم الصلاة وهو مع ذلك يشهد لرسول الله ﷺ بأنه نبي، فأصفقت معه حنيفة على ذلك، فالله أعلم أي ذلك كان. سيرة ابن هشام (٢/ ٥٧٦ - ٥٧٧).
وقد دار بين النبي ﷺ وبين مسيلمة الكذاب الكتاب التالي:

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1264 من أصل 1279 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: رسول الله ﷺ يقول لمسيلمة الكذاب: لو سألتني هذا القضيب ما أعطيتكه

  • 📜 حديث: رسول الله ﷺ يقول لمسيلمة الكذاب: لو سألتني هذا القضيب ما أعطيتكه

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: رسول الله ﷺ يقول لمسيلمة الكذاب: لو سألتني هذا القضيب ما أعطيتكه

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: رسول الله ﷺ يقول لمسيلمة الكذاب: لو سألتني هذا القضيب ما أعطيتكه

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: رسول الله ﷺ يقول لمسيلمة الكذاب: لو سألتني هذا القضيب ما أعطيتكه

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, December 17, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب