قائمة السور | مواضيع القرآن الكريم مرتبة حسب الآيات :آيات القرآن الكريم مقسمة حسب كل موضوع و فئة | لقراءة سورة كاملة اختر من : فهرس القرآن | - للاستماع للقراء : القرآن الكريم mp3
آيات قرآنية عن أخلاق الرسول وصفاته في القرآن الكريم
✅ مواضيع القرآن الكريم
﴿فَبِمَا رَحۡمَةٖ مِّنَ ٱللَّهِ لِنتَ لَهُمۡۖ وَلَوۡ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ ٱلۡقَلۡبِ لَٱنفَضُّواْ مِنۡ حَوۡلِكَۖ فَٱعۡفُ عَنۡهُمۡ وَٱسۡتَغۡفِرۡ لَهُمۡ وَشَاوِرۡهُمۡ فِي ٱلۡأَمۡرِۖ فَإِذَا عَزَمۡتَ فَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلۡمُتَوَكِّلِينَ ﴾ [آل عمران: 159]
قيل هذا للنبيِّ ﷺ وهو المؤيَّد بالوحي، والمشهود له بالخُلق العظيم، والمبعوث إلى خير هذه الأمَّة، فما بالُك بغيره؟! رفقًا أيها الداعيةُ بالخَلق؛ فإن تبليغ الحقِّ لا يسوِّغ الفَظاظة، ولستَ بأحرصَ على البلاغ من رسول الله، وقد كان في دعوته لطيفًا رحيمًا. حُسن خُلُق الداعية يجذِبُ الناسَ إلى دين الله، مع ما له من المدح، وسوء خُلُقه ينفِّر الناسَ عن الدِّين، مع ما له من الذمِّ. أمر الباري نبيَّه ﷺ أن يعفوَ عمَّن أخطأ بحقِّه، وأن يستغفرَ اللهَ لمن أخطأ في حقِّ ربِّه حتى يعفوَ الله عنه، وفي هذا مراعاةُ حقِّ الله وحقِّ الخلق. إذا كان الله يأمر رسوله ﷺ بمشاورة أصحابه، وهو أكملُ الناس عقلًا، وأغزرهم علمًا، وأفضلهم رأيًا، فمَن دونَه بذلك أولى. عدوُّ النجاح أمران: سوء الرأي والتدبير، والحَيرة والتردُّد، أمَّا سوء الرأي فتقوِّمه الشُّورى، وأمَّا التردُّد فيدفعه العزيمةُ وصدق التوكُّل. مَن جعل توكُّله على الله تعالى أحبَّه وسدَّده وأعانه، ومَن توكَّل على غيره خذله ولم يظفَر منه بطائل. |
﴿وَلَوۡلَا فَضۡلُ ٱللَّهِ عَلَيۡكَ وَرَحۡمَتُهُۥ لَهَمَّت طَّآئِفَةٞ مِّنۡهُمۡ أَن يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّآ أَنفُسَهُمۡۖ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِن شَيۡءٖۚ وَأَنزَلَ ٱللَّهُ عَلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡحِكۡمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمۡ تَكُن تَعۡلَمُۚ وَكَانَ فَضۡلُ ٱللَّهِ عَلَيۡكَ عَظِيمٗا ﴾ [النساء: 113]
سَلِ الله تعالى مقلِّبَ القلوب أن يثبِّتَ قلبك على دينه؛ فإنك ما اهتديتَ إلى الحقِّ إلا بفضله عليك، فلا تأمن على نفسك الحَوْرَ بعد الكَوْر، والضلال بعد الهُدى. إضلال المرء غيرَه عائدٌ على نفسه؛ إذ لا يمكن أن يَضُرَّ مَن هدى الله ممَّن اعتصم بالله تعالى ووحيه، مهما اجتهد في إضلاله وإغوائه. اعتصِم بالكتاب والسنَّة حقَّ الاعتصام تَنجُ من كلِّ ضلال؛ فإن القرآن والسنَّة أصلُ الهداية. لكلِّ مُتباهٍ بعلمه، مُتعالٍ بفهمه، متكبِّرٍ على بني جنسه: اعلم أن كلَّ ما لديك، إنما هو من فضل الله عليك، فبماذا تفخَر؟ وعلامَ تزهو وتبطَر؟! |
﴿قُل لَّآ أَقُولُ لَكُمۡ عِندِي خَزَآئِنُ ٱللَّهِ وَلَآ أَعۡلَمُ ٱلۡغَيۡبَ وَلَآ أَقُولُ لَكُمۡ إِنِّي مَلَكٌۖ إِنۡ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَىٰٓ إِلَيَّۚ قُلۡ هَلۡ يَسۡتَوِي ٱلۡأَعۡمَىٰ وَٱلۡبَصِيرُۚ أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الأنعام: 50]
على داعيةِ الحقِّ أن يكونَ واضحًا في دعوته، معلنًا بصدق منهجه وواقعيَّته، فلا يستدعي الأتباعَ بمطامعَ مزعومة، ولا يُغري المستجيبين بوعودٍ موهومة؛ فإن الحقَّ غنيٌّ عن كلِّ هذا. العقيدة مُستغنيةٌ عن كلِّ زُخرُف، فمَن أرادها لذاتها فهي أكبرُ من كلِّ قيمة، وأعظمُ من كلِّ غنيمة، ومَن أرادها سلعةً فهو لم يُدرك طبيعتَها، وهي لن تُغنيَه بهذه النيَّة الدنيَّة. العمل بغير الوحيِ كخَبط الأعمى، وهو عملُ الأدعياء. والعمل بمُقتضى الوحيِ كسَير البَصير، وهو عملُ الأنبياء. فلنسِر على مِنهاجهم. أنِر تفكيرَك بأنوار الوحي؛ حتى ترى الأمورَ على حقيقتها؛ لأن النظرَ إليها بغير ضياء السماء عَمًى يمنع من رؤية الصورة الصحيحة للأشياء. |
﴿ٱلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ٱلرَّسُولَ ٱلنَّبِيَّ ٱلۡأُمِّيَّ ٱلَّذِي يَجِدُونَهُۥ مَكۡتُوبًا عِندَهُمۡ فِي ٱلتَّوۡرَىٰةِ وَٱلۡإِنجِيلِ يَأۡمُرُهُم بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَيَنۡهَىٰهُمۡ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ ٱلطَّيِّبَٰتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيۡهِمُ ٱلۡخَبَٰٓئِثَ وَيَضَعُ عَنۡهُمۡ إِصۡرَهُمۡ وَٱلۡأَغۡلَٰلَ ٱلَّتِي كَانَتۡ عَلَيۡهِمۡۚ فَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِهِۦ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَٱتَّبَعُواْ ٱلنُّورَ ٱلَّذِيٓ أُنزِلَ مَعَهُۥٓ أُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ ﴾ [الأعراف: 157]
قبيحٌ بالمرء أن يكذِّبَ بحقيقةٍ يوقن بصدقها، ويُبطل قضيَّةً يعلم صوابَها؛ فنبوَّة نبيِّنا محمَّد ﷺ لا ينكرُها من أهل الكتاب إلا مكابرٌ أو حاسد. ما أعظمَ شريعةَ الإسلام، وحرصَها على مصالح الأنام! فلقد أحلَّت كلَّ ما كان في نفسه طيِّبًا، وحرَّمت كلَّ ما كان في نفسه خبيثًا. في شريعتنا ليس تحريمُ المحرَّمات يجري مَجرى العقوبات، ولكنَّه إنقاذٌ للأمَّة ممَّا فيها من المفسِدات. ألا نشكرُ اللهَ الكريم على فضله علينا؛ فقد جعل شريعتَنا أسهلَ الشرائع، فوضع عنها ما كان يثقُل على مَن كان قبلَنا من التكاليف. من حقِّ رسولنا الكريم ﷺ، وما جاء به من الدين العظيم: الجهادُ بالسِّنان، والقلم واللسان؛ نصرةً للرسول الأمين، ونشرًا لهذا الدين في العالمين. ما أشبهَ المهتديَ بنور القرآن بسارٍ وراء نورٍ يضيءُ له طريقَ الأمان! فلا يزال يتَّبعه ويتحرَّاه؛ إذ يرى باتِّباعه نجاتَه وهداه. لقد أفلحَ أصحابُ رسول الله ﷺ كلَّ الفلاح، وورَّثوا مَن بعدهم أعلامَ الصلاح، فكم لهم من فضل، وخَلَفٍ من الخير جزل! فكُن على طريقهم، عساك تلحقُ بهم. لا سعادةَ ولا فلاحَ إلا باتِّباع الرسول ﷺ ظاهرًا وباطنًا، في أصول الدين وفُروعه، ونصرة دينه واتِّباع شريعته. |
﴿قُلۡ يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنِّي رَسُولُ ٱللَّهِ إِلَيۡكُمۡ جَمِيعًا ٱلَّذِي لَهُۥ مُلۡكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ يُحۡيِۦ وَيُمِيتُۖ فَـَٔامِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ ٱلنَّبِيِّ ٱلۡأُمِّيِّ ٱلَّذِي يُؤۡمِنُ بِٱللَّهِ وَكَلِمَٰتِهِۦ وَٱتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمۡ تَهۡتَدُونَ ﴾ [الأعراف: 158]
رسالة رسولنا محمَّد ﷺ إلى الناس كافَّة، وإن كان للعرب شرفٌ بخروجه منهم، لكنَّ هذا الشرفَ لا يدركُه إلا مَن اتَّبعه حقًّا من العرب أو العجم. كيف يُعبَد غيرُ الله، ويُعصى مَن أرسلَه، والمُلك كلُّه لله وحدَه؛ يحيي ويميت، ويبعثُ العبادَ للحساب؛ من غير شريك ولا نِدٍّ! إن العلم العظيمَ الذي تلقَّاه رسولنا الأميُّ الكريم ﷺ كان من كلمات الله، فهل بعد هذا العلم من علم؟ أميَّةُ نبيِّنا الكريم ﷺ كمال، وأميَّةُ غيره نقص، فمجيئُه بهذا العلم مع أميَّته دليلٌ على نبوَّته. لا يكفي الإيمانُ في القلب ما لم يكن معه اتِّباعٌ عملي، فدلِّل على إيمانك بصحيح اتِّباعك. يا من تطلب الهدايةَ والنجاة، كن متَّبعًا ولا تكن مبتدِعًا. |
﴿أَوَلَمۡ يَتَفَكَّرُواْۗ مَا بِصَاحِبِهِم مِّن جِنَّةٍۚ إِنۡ هُوَ إِلَّا نَذِيرٞ مُّبِينٌ ﴾ [الأعراف: 184]
تفكَّر وترَوَّ؛ حتى تعرفَ الأشياء كما هي، فذاك النظرُ طريقٌ لمعرفة الحقيقة. لقد وقف القومُ على سيرة رسول الله ﷺ وقوف الصاحبِ على مسيرة صاحبه الذي يلازمُه، فما لهم عنه مُعرضون وقد تيقَّنوا صدقَه وأمانته؟! قد استبانت حقيقةُ رسول الله ﷺ، فكيف ينسُبه إلى الجنون عاقلون؟ أما يفرِّق المتَّهِمون له بين قول النذير المبين، وهذَيانِ أهل الجنون؟! |
﴿وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمۡ وَأَنتَ فِيهِمۡۚ وَمَا كَانَ ٱللَّهُ مُعَذِّبَهُمۡ وَهُمۡ يَسۡتَغۡفِرُونَ ﴾ [الأنفال: 33]
من كرامة الرسول الكريم ﷺ عند ربِّه سبحانه أن منع العذابَ عن الأمَّة لكونه فيهم. عن ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما قال: (إن الله جعل في هذه الأمَّة أمانَينِ؛ لا يزالون معصومِين من قوارع العذاب ما داما بين أظهُرهم، فأمانٌ قبضَه الله تعالى إليه، وأمانٌ بقي فيكم). |
﴿وَمِنۡهُمُ ٱلَّذِينَ يُؤۡذُونَ ٱلنَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٞۚ قُلۡ أُذُنُ خَيۡرٖ لَّكُمۡ يُؤۡمِنُ بِٱللَّهِ وَيُؤۡمِنُ لِلۡمُؤۡمِنِينَ وَرَحۡمَةٞ لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنكُمۡۚ وَٱلَّذِينَ يُؤۡذُونَ رَسُولَ ٱللَّهِ لَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ ﴾ [التوبة: 61]
لا تعجَب إن حرَّف المنافقون مظاهرَ الخير في المؤمنين، فجعلوها صفاتِ ذمٍّ، فذلك داءٌ فيهم قديم. الأصل في المسلمين حُسنُ الظنِّ، حتى يظهرَ ما يخالفُ ذلك. كلَّما كانت النفسُ أسلمَ قلبًا كانت في السماحة أكمل، ليس ضعفًا منها، بل من باب اللطافة وسرعةِ القَبول لما يُناسب من الخير. ما يجب أن يسودَ في المجتمع هو اللطفُ والتصديق، ولا يعكِّر ذلك أفرادٌ غيرُ أنقياء من تلك الثلَّة النقيَّة. لقد أرسل اللهُ تعالى رسولَه رحمةً لجميع الخلائق، فطوبى لمَن تلقَّى هذه الرحمةَ بالقَبول، وصدَّق ما جاء به. مَن آذى رسولَ الله ﷺ فقد آذى اللهَ الذي أرسله جلَّ جلالُه، وذلك يوجب سَخَط اللهِ وعذابَه. |
﴿لَقَدۡ جَآءَكُمۡ رَسُولٞ مِّنۡ أَنفُسِكُمۡ عَزِيزٌ عَلَيۡهِ مَا عَنِتُّمۡ حَرِيصٌ عَلَيۡكُم بِٱلۡمُؤۡمِنِينَ رَءُوفٞ رَّحِيمٞ ﴾ [التوبة: 128]
تشريفٌ للعربِ وتكليفٌ أنْ كان رسولُ الله ﷺ منهم، فتشريفُهم بأن بُعِث من بينهم؛ يفهمون عنه أكثرَ من غيرهم، وتكليفٌ بأن يتحمَّلوا من أمانة التبليغ ما لم يتحمَّله غيرُهم. ما أرحمَ رسولَ الله ﷺ وأرأفَه بأمَّته! يَشُقُّ عليه أن يرى المشقةَ بهم نازلة، ويَحرِصُ على إيصال الخير لهم في كلِّ أوان، فما أحسنَ أن يكون الدُّعاة كذلك! لا ينتفعُ برأفةِ رسول الله ﷺ ورحمتِه إلا مَن آمنَ به، فحينما يهتدي إلى الحقِّ يَظهرُ أثرُ الرأفةِ والرحمة عليه. |
﴿قُل لَّوۡ شَآءَ ٱللَّهُ مَا تَلَوۡتُهُۥ عَلَيۡكُمۡ وَلَآ أَدۡرَىٰكُم بِهِۦۖ فَقَدۡ لَبِثۡتُ فِيكُمۡ عُمُرٗا مِّن قَبۡلِهِۦٓۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ ﴾ [يونس: 16]
الوحيُ والبلاغ بمشيئة الله تعالى، ولو كان من تِلقاء نفس النبيِّ ﷺ لكان في سِنِّ الحداثة والشباب أَولى به، ولم يؤخِّره حتى بلغَ الأربعين. على مَن يهيِّئ نفسَه لقيادة الناس أن يضبِطَ تصرُّفاته في وقتٍ مبكِّر؛ فإن لهذا أثرًا بعد أخذ زِمام القيادة. السيرة الحسنة أدعى لقَبول دعوة الداعي، والاستجابةِ لما جاء به، وهكذا كان حالُ الأنبياء والمرسَلين، وسادةِ الدعاة والمصلحين. إذا رُزقَ الإنسانُ العقلَ المستنيرَ أيقنَ أن القرآن من عند العليم الخبير سبحانه، وأن رسولَ اللهِ ﷺ هو المبلِّغُ الأمينُ له. |
﴿أَلَّا تَعۡبُدُوٓاْ إِلَّا ٱللَّهَۚ إِنَّنِي لَكُم مِّنۡهُ نَذِيرٞ وَبَشِيرٞ ﴾ [هود: 2]
مَن عبدَ غيرَ اللهِ تعالى فالآياتُ تُنذِرُه، ومَن لم يعبُد سوى مولاه فإنها تُبشِّرُه. عبـادةُ اللهِ هـــي الغـايةُ، والبشارةُ والنذارة هما الوسيلة، وعـلى الداعي لتلك الغـايةِ العليا أن يُحسنَ استعمالَ تلك الوسيلة. |
﴿وَمَآ أَكۡثَرُ ٱلنَّاسِ وَلَوۡ حَرَصۡتَ بِمُؤۡمِنِينَ ﴾ [يوسف: 103]
لا يضرُّ أهلَ الحقِّ قلَّةُ عددِهم، كما يزعمُ الجاهلون؛ إذ لا يُعرفُ الحقُّ بكثرة أهله، بل الجماعةُ ما وافقَ الحقَّ وإن كنتَ وحدَك. الحرصُ الشديد على هداية الناس لا يسوقُهم إليها، ولو كان الأمرُ على ذلك لما ضلَّ أقاربُ الأنبياء، ولكنَّ الهدى هدى الله. |
﴿فَلَعَلَّكَ بَٰخِعٞ نَّفۡسَكَ عَلَىٰٓ ءَاثَٰرِهِمۡ إِن لَّمۡ يُؤۡمِنُواْ بِهَٰذَا ٱلۡحَدِيثِ أَسَفًا ﴾ [الكهف: 6]
يتبدَّى صدقُ محبَّة العبد لربِّه في شفقته على خلقه، وحرصِه على هدايتهم، لكن عليه ألا يُهلكَ نفسَه في سبيل ذلك. تأمَّل في رحمة الله تعالى برسوله، وحبِّه إبعادَ الحزن عن حبيبه عليه الصلاة والسلام، فإنه نهاه عن إهلاك نفسه غمًّا على إعراض قومه، وصدودهم عن دعوته. |
﴿قُلۡ إِنَّمَآ أَنَا۠ بَشَرٞ مِّثۡلُكُمۡ يُوحَىٰٓ إِلَيَّ أَنَّمَآ إِلَٰهُكُمۡ إِلَٰهٞ وَٰحِدٞۖ فَمَن كَانَ يَرۡجُواْ لِقَآءَ رَبِّهِۦ فَلۡيَعۡمَلۡ عَمَلٗا صَٰلِحٗا وَلَا يُشۡرِكۡ بِعِبَادَةِ رَبِّهِۦٓ أَحَدَۢا ﴾ [الكهف: 110]
أعظمُ مزيَّةٍ للرسول ﷺ هي بعثته بالوحي والرِّسالة، وأعظم الوحي كلمةُ التوحيد، فمَن حقَّق التوحيد فقد كمُلت له أعلى مراتب البشرية للرسُل وعلى رأسهم محمد ﷺ. مَن آمن أنه قادم على أعظم لقاء وأهيبه، وهو لقاؤه بربه؛ فليُعدَّ للقائه عملًا صالحًا، وقلبًا موحدًا، لا الأمانيَّ والغرور. لا يقبلُ اللهُ من العمل إلا ما كان موافقًا لسنَّة نبيه ﷺ، ومرادًا به وجهُ الله الكريم، وما سوى ذلك فلا يرتضيه ولا يحبه، ولا يوصل إليه، ولا يثيب عليه. |
﴿وَمَآ أَرۡسَلۡنَٰكَ إِلَّا رَحۡمَةٗ لِّلۡعَٰلَمِينَ ﴾ [الأنبياء: 107]
ما أعظمَ هذه التزكيةَ وأعلى هذا التكريم من رب العالمين لرسوله الأمين عليه الصلاة والسلام! فما من أحدٍ من المكلفين إلا أصابته هذه الرحمة العامة. |
﴿لِّكُلِّ أُمَّةٖ جَعَلۡنَا مَنسَكًا هُمۡ نَاسِكُوهُۖ فَلَا يُنَٰزِعُنَّكَ فِي ٱلۡأَمۡرِۚ وَٱدۡعُ إِلَىٰ رَبِّكَۖ إِنَّكَ لَعَلَىٰ هُدٗى مُّسۡتَقِيمٖ ﴾ [الحج: 67]
شريعة الله تراعي اختلاف الأمــم، وأحوالهــا وأوقاتهــا، فكل ذلك منظور غير مغفل في التشريعات السابقة، ولا الشريعة الخاتمة، فلا يعترضن أحد عليها بروح العصر! فإنما وضعت يوم وضعت لكل عصر يأتي بعدُ إلى قيام الساعة. لا تلتفت إلى مَن ينازعونك في الحق وينتصرون للباطل، وعاملهم بالإغفال ما داموا مصرين على الجدال، حتى ينقادوا للحق ويستسلموا له ويتركوا المنازعة فيه، ويا حبذا المتاركة بالوعيد والإنذار الصادر في قالبِ رفقٍ ولين. اطمئنانُك إلى أن ما أنت فيه من الهدى هو الحقُّ يعينك في الثبات عليه والدعوة إليه. إنما يجدي الجدل مع القلوب المستعدة للهدى، التي تطلب المعرفة، وتبحث بصدق عن الدليل، لا مع القلوب المصرة على الضلال والمكابرة، فليَكلِ الداعي في نهاية الأمر حالهم إلى الله تعالى. |
﴿۞ ٱللَّهُ نُورُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ مَثَلُ نُورِهِۦ كَمِشۡكَوٰةٖ فِيهَا مِصۡبَاحٌۖ ٱلۡمِصۡبَاحُ فِي زُجَاجَةٍۖ ٱلزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوۡكَبٞ دُرِّيّٞ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٖ مُّبَٰرَكَةٖ زَيۡتُونَةٖ لَّا شَرۡقِيَّةٖ وَلَا غَرۡبِيَّةٖ يَكَادُ زَيۡتُهَا يُضِيٓءُ وَلَوۡ لَمۡ تَمۡسَسۡهُ نَارٞۚ نُّورٌ عَلَىٰ نُورٖۚ يَهۡدِي ٱللَّهُ لِنُورِهِۦ مَن يَشَآءُۚ وَيَضۡرِبُ ٱللَّهُ ٱلۡأَمۡثَٰلَ لِلنَّاسِۗ وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمٞ ﴾ [النور: 35]
الله تعالى نور، وكتابه نور، وهدايته نور، وحجابه نور، وبنوره سبحانه استنارت السماواتُ والأرض وما فيهما، فلولا نورُه تعالى المبثوثُ في الأرض لتراكمت الظلماتُ بعضُها فوق بعض. نور الله تعالى الذي يودعه في المؤمن هو من معرفته ومحبته وذكره، فإذا تمكَّن من القلب وأشرق فيه ظهر على الوجه والجوارح، وتجلَّى في القول والعمل. قلب المؤمن يشرق بنور مصدره، ومصدرُه شجرة الوحي التي هي أعظم الأشياء بركة، فأي جانب من جوانب الحياة شعَّ فيه هذا النور تلألأ بالصفاء، وتسربل بالبهاء. لا أصفى من الوحي السماوي ولا أنقى، ولا أعذبَ ولا أزكى، فمَن أراد صفاءَ دنياه وآخرته فليكن الوحي دليلَ طريقه وحياته. عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (كذلك يكون قلب المؤمن؛ يعمل بالهدى قبل أن يأتيَه العلم، فإذا أتاه العلم ازداد هدى على هدى، ونورًا على نور). مشيئة الله تعالى هي مناط الهداية ومِلاكها، فمَن لم يُعِنه من الله توفيقٌ إليها فما له من معين. يا سائرًا على طريق النور، احمد الله عليه، وتشبث به؛ حتى تأتي يوم القيامة وهو يسعى بين يديك، فكم حُرم هذا النورَ أناسٌ هم أذكى منك وأقوى، وأعلم وأغنى! لضرب المثل اتصالٌ وثيق بباب الإرشاد؛ لأنه يبرز المعقول في هيئة المحسوس، ويصوِّر المعاني العميقة، بأوضح حقيقة. كلام الله تعالى في غاية البيان، فتدبَّره بإمعان؛ يفتَحِ الله لك ما استغلق على فهمك منه. |
﴿تَبَارَكَ ٱلَّذِي نَزَّلَ ٱلۡفُرۡقَانَ عَلَىٰ عَبۡدِهِۦ لِيَكُونَ لِلۡعَٰلَمِينَ نَذِيرًا ﴾ [الفرقان: 1]
ما أعظمَ بركاتِه سبحانه وتعالى، وما أوسعها وأكملَها وأكثرها! وما أسعدَ مَن يتدبَّر كتابه بها، وأقربه منها! إذا أردتَّ أن تعرفَ عظمة القرآن الكريم وبركته وقدْره وجلاله فاعرِف عظمةَ قائله ومُنزله وحافظه سبحانه وتعالى. القرآن العزيز يفرِّق بين الحقِّ والباطل، والهدى والضلال، ومناهج البشر وعهودهم، فما أهدى مَن اتَّبع هذا الكتابَ العظيم، في هذا التميُّز القويم! |
﴿وَمَآ أَرۡسَلۡنَٰكَ إِلَّا مُبَشِّرٗا وَنَذِيرٗا ﴾ [الفرقان: 56]
كان العلاء بن زياد يذكر النار، فقال له رجل: لِمَ تقنِّط الناس؟ فقال: إنكم تحبون أن تُبشروا بالجنة على مساوئ أعمالكم! وإنما بعث الله محمدًا ﷺ مبشرًا بالجنة لمَن أطاعه، ومنذرًا بالنار مَن عصاه. |
﴿ٱلَّذِي يَرَىٰكَ حِينَ تَقُومُ ﴾ [الشعراء: 218]
لقد كان رسول الله بمحل العناية من ربه، وبمكان الاهتمام به، فيراه وهو يتقرب إليه، فيُقبل الله عليه ويتقبل منه. |
﴿وَتَقَلُّبَكَ فِي ٱلسَّٰجِدِينَ ﴾ [الشعراء: 219]
أقبل على صلواتك، وقُم في جوف الليل بين يدَي ربِّك، واستشعر سمعَه لكلِّ ما نطق به فمك، فكم في تلك الصلواتِ من موجبات الرحمات. |
﴿فَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِۖ إِنَّكَ عَلَى ٱلۡحَقِّ ٱلۡمُبِينِ ﴾ [النمل: 79]
لمَّا كان الله تعالى وليَّ الحقِّ وناصرَه ومؤيِّدَه، فما على صاحب الحقِّ إلا أن يتوكل عليه، ويكتفيَ به ويأويَ إليه. يا لها من شهادة عظيمة من الله تعالى لنبيِّه الكريم بكمال الاهتداء! فهو عليه الصلاة والسلام متمكِّنٌ من الحقِّ الجامع لحقائق الأشياء، وذلك الحقُّ واضح ليس فيه خَفاء. |
﴿ٱلنَّبِيُّ أَوۡلَىٰ بِٱلۡمُؤۡمِنِينَ مِنۡ أَنفُسِهِمۡۖ وَأَزۡوَٰجُهُۥٓ أُمَّهَٰتُهُمۡۗ وَأُوْلُواْ ٱلۡأَرۡحَامِ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلَىٰ بِبَعۡضٖ فِي كِتَٰبِ ٱللَّهِ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُهَٰجِرِينَ إِلَّآ أَن تَفۡعَلُوٓاْ إِلَىٰٓ أَوۡلِيَآئِكُم مَّعۡرُوفٗاۚ كَانَ ذَٰلِكَ فِي ٱلۡكِتَٰبِ مَسۡطُورٗا ﴾ [الأحزاب: 6]
ألا يكون رسول الله ﷺ أولى بنا من أنفسنا، وأحبَّ إلينا منها، وحكمه أنفذ، وحقُّه آثر، وأحقَّ بأن تفديَه أموالنا وأولادنا ونفوسنا؟! ما أشرفهنَّ من نساء وهبَهنَّ الله من الكمالات اللائقة ما جعلهنَّ أهلًا ليكنَّ زوجاتٍ لأحبِّ الخلق إليه، وأمَّهاتٍ للمؤمنين به! فلا يستأهلنَ منَّا إلا التوقير والإعظام، والمبرَّة والاحترام. للقرابة المسلمة حقوقٌ لازمة مقدَّمة معظَّمة؛ ألا ترى كيف جعل أخوَّة النسب في الميراث أولى من أخوَّة الهجرة؟ ابسُط يدك إلى ذويك بالمعروف؛ بصدقة أو مواساة أو هدية أو وصية، فذلك من شريعة الله تعالى التي كتبها، ولعباده قد رضيها. |
﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ قُل لِّأَزۡوَٰجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدۡنَ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيۡنَ أُمَتِّعۡكُنَّ وَأُسَرِّحۡكُنَّ سَرَاحٗا جَمِيلٗا ﴾ [الأحزاب: 28]
قد تجول الخواطر الدنيوية في أذهان كرام الناس، غير أنهم في قرارة نفوسهم لا يمكن أن يختاروا زينة الدنيا على نعيم الآخرة. لو أن امرأةً آثرت ترك زوجها لأسباب مباحة وبطرق مشروعة، فإنَّ الزوج الكريم لا يسيء إليها، ولا ينتقص من حقها، فالشهم النبيل يسرِّح السراح الجميل. |
﴿وَإِن كُنتُنَّ تُرِدۡنَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَٱلدَّارَ ٱلۡأٓخِرَةَ فَإِنَّ ٱللَّهَ أَعَدَّ لِلۡمُحۡسِنَٰتِ مِنكُنَّ أَجۡرًا عَظِيمٗا ﴾ [الأحزاب: 29]
يا هناء مَن آثر رضا الله تعالى والقربَ منه على كلِّ حظ دنيويٍّ بما يكرمه الله تعالى به من رفع درجته وحسن مثوبته. حين يسمو إيمانُ المرأة المؤمنة فإنها تؤثر الآخرة على العاجلة، وتسعى إليها ظاهرًا وباطنًا، وتقدِّم مرضاة ربِّها على شهَوات نفسها. من كرم الله وجوده عنايتُه بالأجر الذي يمتنُّ به على عباده، فكم أعدَّه لهم وعظَّمه، ورغَّب فيه وحثَّ على الأعمال الموصلة إليه! بمقدار إحسان العبد يكون إحسانُ الله سبحانه وتعالى إليه. |
﴿يَٰنِسَآءَ ٱلنَّبِيِّ مَن يَأۡتِ مِنكُنَّ بِفَٰحِشَةٖ مُّبَيِّنَةٖ يُضَٰعَفۡ لَهَا ٱلۡعَذَابُ ضِعۡفَيۡنِۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٗا ﴾ [الأحزاب: 30]
مَن وقع في مخالفة ربِّه ولم يتُب إليه من ذنبه، فإن عقابه على الله يسيرٌ غير عسير؛ إذ لا يقف أمام قدرة الله تبارك وتعالى شيء. |
﴿مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَآ أَحَدٖ مِّن رِّجَالِكُمۡ وَلَٰكِن رَّسُولَ ٱللَّهِ وَخَاتَمَ ٱلنَّبِيِّـۧنَۗ وَكَانَ ٱللَّهُ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمٗا ﴾ [الأحزاب: 40]
لمَّا نفى الله عن النبيِّ ﷺ تلك الأبوَّة، نوَّه بأن له قدرًا عاليًا، وهو شرف الرسالة والنبوَّة، بل إنه خاتم الأنبياء، وسيِّد المرسلين. بمحمد عليه الصلاة والسلام خُتمت النبوة؛ لأن الشرع الذي جاء به قد اشتمل على مصالح الناس في كل زمان وكل مكان، فما من فضيلة إلا جلَّاها، ولا مكرمة إلا أحياها. يعلم الله تعالى ما يصلح للبشرية وما يُصلحها، فيقضي للعباد بما فيه صلاحُهم من النظُم والشرائع والقوانين، وَفقَ رحمته وتخيُّره للمؤمنين. |
﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَدۡخُلُواْ بُيُوتَ ٱلنَّبِيِّ إِلَّآ أَن يُؤۡذَنَ لَكُمۡ إِلَىٰ طَعَامٍ غَيۡرَ نَٰظِرِينَ إِنَىٰهُ وَلَٰكِنۡ إِذَا دُعِيتُمۡ فَٱدۡخُلُواْ فَإِذَا طَعِمۡتُمۡ فَٱنتَشِرُواْ وَلَا مُسۡتَـٔۡنِسِينَ لِحَدِيثٍۚ إِنَّ ذَٰلِكُمۡ كَانَ يُؤۡذِي ٱلنَّبِيَّ فَيَسۡتَحۡيِۦ مِنكُمۡۖ وَٱللَّهُ لَا يَسۡتَحۡيِۦ مِنَ ٱلۡحَقِّۚ وَإِذَا سَأَلۡتُمُوهُنَّ مَتَٰعٗا فَسۡـَٔلُوهُنَّ مِن وَرَآءِ حِجَابٖۚ ذَٰلِكُمۡ أَطۡهَرُ لِقُلُوبِكُمۡ وَقُلُوبِهِنَّۚ وَمَا كَانَ لَكُمۡ أَن تُؤۡذُواْ رَسُولَ ٱللَّهِ وَلَآ أَن تَنكِحُوٓاْ أَزۡوَٰجَهُۥ مِنۢ بَعۡدِهِۦٓ أَبَدًاۚ إِنَّ ذَٰلِكُمۡ كَانَ عِندَ ٱللَّهِ عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 53]
الإيمان يحثُّ أهله على البعد عن التطفُّل، ومباغتة الناس على موائدهم من غير سابق دعوة أو تقدُّم إذن ورضا. يعلِّم الله عباده من الآداب الرفيعة الحضورَ للطعام عند موعده؛ مراعاةً لحال المُضيف وأهل بيته، ووقته وانشغاله، فما ألطفَه من أدب! من أدب الدعوة مراعاة وقتها بدءًا وانتهاء، فلا يَحضُر المدعو قبل وقته، ولا يتأخر في المُكث عند داعيه. لمَّا منع الحياء النبيَّ ﷺ من أن يفصحَ عن حاجته إلى انتشار مَن نزل عليه؛ تولى الله تعالى القولَ عنه حمايةً له، ودفعًا للأذى عن جانبه الكريم. إذا أُمر الصحابة بسؤال أمَّهات المؤمنين من وراء حجاب وهم أطهرُ الأمَّة قلوبًا، فغيرهم مع سائر النساء أولى وأحرى. العينان نافذة طهارة القلب أو نجاسته، فمَن حفظ عينيه طهَّره، ومَن أطلقهما في الحرام قذَّره. الذي خلق النفوس البشرية وعلم ما تنطوي عليه أخبر بأن سؤال الرجال للنساء من وراء حجاب أطهرُ لقلوبهم وقلوبهن، فمَن زعم خلافَ ذلك فزعمُه باطل مردود. لا يحِلُّ لأحد أن يؤذيَ رسول الله ﷺ حيًّا ولا ميتًا، بل الواجب إكرامه وإعظامه، وتوقيره واحترامه، ورعاية حقوقه في حياته وبعد مماته. إذا كان الإثقال على رسول الله ﷺ عند الله ذنبًا عظيمًا، فكيف ذنبُ من آذاه بقوله، أو استصغره في شأنه؟! |
﴿۞ قُلۡ إِنَّمَآ أَعِظُكُم بِوَٰحِدَةٍۖ أَن تَقُومُواْ لِلَّهِ مَثۡنَىٰ وَفُرَٰدَىٰ ثُمَّ تَتَفَكَّرُواْۚ مَا بِصَاحِبِكُم مِّن جِنَّةٍۚ إِنۡ هُوَ إِلَّا نَذِيرٞ لَّكُم بَيۡنَ يَدَيۡ عَذَابٖ شَدِيدٖ ﴾ [سبأ: 46]
مَن أراد الوصول إلى الحقِّ فليخلص له النيَّة، وليَصدُق فيه القصد، وليجتنَّب الهوى وحظَّ النفس والشيطان، فإن فعل ذلك فاز بالهدى. لو جُليت مرآةُ الفكر من غبار التقليد والكبر لاتضحت عليها صورة الحقيقة، فشهدت لمن تفكر بأن محمدًا ﷺ أصدق البشر وأعقلهم، وآمنهم وأنصحهم. لا تبادر إلى الحكم على الأشياء بحكم الجمِّ الغفير، بل زنها بميزان التفكير، فتخرجَ برأي قد مخضَه العقل، وأحكمته الرويَّة، فتعتنقه عن قناعة لا تهزُّها رياح العواطف أو المواقف. |
﴿قُلۡ مَآ أَسۡـَٔلُكُمۡ عَلَيۡهِ مِنۡ أَجۡرٖ وَمَآ أَنَا۠ مِنَ ٱلۡمُتَكَلِّفِينَ ﴾ [ص: 86]
ليحرِص الدعاة على الترفُّع عمَّا في أيدي الناس، ومخاطبتهم بمنطق الفِطرة القريب، من غير تكلُّف ولا تصنُّع. لعلَّ من أشنع التكلُّف أن يخوضَ المرء فيما لا علم له به، ومن هنا قال أبو موسى الأشعريُّ رضي الله عنه: (مَن علِم علمًا فليُعلِّمه، ولا يقولنَّ ما ليس له به علم؛ فيكونَ من المتكلِّفين). |
﴿وَكَذَٰلِكَ أَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡكَ رُوحٗا مِّنۡ أَمۡرِنَاۚ مَا كُنتَ تَدۡرِي مَا ٱلۡكِتَٰبُ وَلَا ٱلۡإِيمَٰنُ وَلَٰكِن جَعَلۡنَٰهُ نُورٗا نَّهۡدِي بِهِۦ مَن نَّشَآءُ مِنۡ عِبَادِنَاۚ وَإِنَّكَ لَتَهۡدِيٓ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ ﴾ [الشورى: 52]
القرآن رُوحٌ من أمر الله يحيي به القلوب، ونورٌ يضيء به الأرواحَ والدروب، فهنيئًا لمَن عَمَرَ فؤادَه بالقرآن، واشتغل عُمُرَه بهدي الفرقان. المتَّبع للكتاب والسنَّة تراه قد كُسيَ من الرَّوحِ والنور، ومن الجلال والوقار ما حُرمه غيرُه، فلنَحرِص على أن نكونَ منهم. قد تزِلُّ القدم بعد ثبوتها، ويعتري الفطرةَ الزيغُ والضلال، فلا بدَّ لها من مرشد ناصح، وليس ككلام الله وسنَّة رسوله مرشدٌ هاد. لا تُغني الكتبُ عن الرسُل والدعاة إليها، المبصِّرين بهديها والناشرين لطيبها، فجزى الله عنَّا نبيَّنا محمَّدًا ﷺ خيرَ ما جزى نبيًّا عن أمَّته. |
﴿بَلۡ مَتَّعۡتُ هَٰٓؤُلَآءِ وَءَابَآءَهُمۡ حَتَّىٰ جَآءَهُمُ ٱلۡحَقُّ وَرَسُولٞ مُّبِينٞ ﴾ [الزخرف: 29]
مَن تمسَّك بالقرآن نال الهداية، وشَمِلته العزَّة والرفعة؛ ففيه الحقُّ والهدى، وقد خاب وخسر مَن لم يَظفَر بهداه، أو يقتبس من ضوء تلك المشكاة. |
﴿فَإِمَّا نَذۡهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنۡهُم مُّنتَقِمُونَ ﴾ [الزخرف: 41]
لا يظنَّ المشركون المعاندون أنهم في مأمن من أخذة الله عزَّ وجلَّ وانتقامه؛ فإن قدرته تعالى تحيط بهم، وعذابَه سيَحُلُّ بهم، فالحذرَ الحذرَ من الشرك وطرُقه. |
﴿أَوۡ نُرِيَنَّكَ ٱلَّذِي وَعَدۡنَٰهُمۡ فَإِنَّا عَلَيۡهِم مُّقۡتَدِرُونَ ﴾ [الزخرف: 42]
لا يظنَّ المشركون المعاندون أنهم في مأمن من أخذة الله عزَّ وجلَّ وانتقامه؛ فإن قدرته تعالى تحيط بهم، وعذابَه سيَحُلُّ بهم، فالحذرَ الحذرَ من الشرك وطرُقه. |
﴿فَٱسۡتَمۡسِكۡ بِٱلَّذِيٓ أُوحِيَ إِلَيۡكَۖ إِنَّكَ عَلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ ﴾ [الزخرف: 43]
الاستمساك بالوحي واتِّباعه هو مِعراجُ الوصول إلى خيرَي الدنيا والآخرة، ومَن كان كذلك فليطمئنَّ؛ فإنه على الطريق الراشد، والدرب القويم. إنْ علِمَ المؤمنُ وأيقنَ بأن هذا الصراطَ مستقيمٌ لا اعوجاج فيه، أورثه ذلك طُمَأنينةً وراحةً يواجه بها عوائق هذا الطريق. |
﴿قُلۡ مَا كُنتُ بِدۡعٗا مِّنَ ٱلرُّسُلِ وَمَآ أَدۡرِي مَا يُفۡعَلُ بِي وَلَا بِكُمۡۖ إِنۡ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَىٰٓ إِلَيَّ وَمَآ أَنَا۠ إِلَّا نَذِيرٞ مُّبِينٞ ﴾ [الأحقاف: 9]
كلُّ دعوات الأنبياء والرسُل من مِشكاة واحدة، والمؤمن يؤمن بهم كلِّهم، لا يفرِّق بين أحد منهم، فقد حملوا همَّ الدعوة، وأوصلوا رسالة ربِّهم للناس. يمضي الرسولُ في دعوته، مؤتمرًا بأوامر الله، غيرَ آبهٍ بما يقوله المعرضون، واثقًا بربِّه، مستسلمًا لإرادته، مطيعًا لتوجيهه، يضع خُطاه حيث قادها الله. |
﴿إِنَّا فَتَحۡنَا لَكَ فَتۡحٗا مُّبِينٗا ﴾ [الفتح: 1]
ما أعظمَه من استفتاح للسورة! فبضمير العظَمة جاء الوعد، والفتحُ كان هو الموعودَ به، والمُبين كان نعتَ ذلك الفتح الذي نكَّره؛ لبيان فخامته وعظمته. كم من أمر مكروه الأوائل، محبوب الأواخر! فصلحُ الحديبية سمَّاه الله فتحًا مُبينًا وقد كره بعضُ الصحابة في أوَّل الأمر حصوله، فلمَّا رأوا أثره عرَفوا أنه كان فتحًا حقًّا. |
﴿لِّيَغۡفِرَ لَكَ ٱللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنۢبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعۡمَتَهُۥ عَلَيۡكَ وَيَهۡدِيَكَ صِرَٰطٗا مُّسۡتَقِيمٗا ﴾ [الفتح: 2]
غفر الله لنبيِّه ما تقدَّم من ذنبه وما تأخَّر، فلم يُلهِه ذلك عن العمل، بل زاد وجدَّ في العبادة؛ شكرًا لله تعالى على فضله، فمَن لم ينَل هذه الكرامةَ ألا يكون أكثرَ جدًّا وأكثر اجتهادا؟ مَن أراد الهدايةَ إلى الصراط المستقيم، ونَيل النصر العزيز فليطلب ذلك من الله؛ فهو واهبُه ومُعطيه. لا معنى للنصر إذا انفكَّ عنه الهدى، فإنه يصبح حينئذٍ تقدُّمًا نحو الهاوية؛ لأنه لن يوصلَ إلى مرضاة الله تعالى. تتملَّك العزَّةُ أولياء الله حين نزول نصره، فتمتلئ قلوب أعدائهم بالمهابة منهم، ويقذف الله فيها الذلَّ والهوان. |
﴿إِنَّآ أَرۡسَلۡنَٰكَ شَٰهِدٗا وَمُبَشِّرٗا وَنَذِيرٗا ﴾ [الفتح: 8]
ثلاثة أشياء بُعث لأجلها رسولُ الله: الشهادةُ على أمَّته بالبلاغ، وتبشير مَن أطاعه بكلِّ خير في الدنيا والآخرة، وإنذار مَن عصاه بكلِّ شرٍّ في دنياه وأخراه. فعلى الداعي إلى الله أن يبلِّغَ الناس البلاغ المبين، ويبشِّرَ الطائعين بالخير ترغيبا، وينذر المستمرِّين في العصيان ترهيبا. |
﴿مُّحَمَّدٞ رَّسُولُ ٱللَّهِۚ وَٱلَّذِينَ مَعَهُۥٓ أَشِدَّآءُ عَلَى ٱلۡكُفَّارِ رُحَمَآءُ بَيۡنَهُمۡۖ تَرَىٰهُمۡ رُكَّعٗا سُجَّدٗا يَبۡتَغُونَ فَضۡلٗا مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضۡوَٰنٗاۖ سِيمَاهُمۡ فِي وُجُوهِهِم مِّنۡ أَثَرِ ٱلسُّجُودِۚ ذَٰلِكَ مَثَلُهُمۡ فِي ٱلتَّوۡرَىٰةِۚ وَمَثَلُهُمۡ فِي ٱلۡإِنجِيلِ كَزَرۡعٍ أَخۡرَجَ شَطۡـَٔهُۥ فَـَٔازَرَهُۥ فَٱسۡتَغۡلَظَ فَٱسۡتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِۦ يُعۡجِبُ ٱلزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ ٱلۡكُفَّارَۗ وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ مِنۡهُم مَّغۡفِرَةٗ وَأَجۡرًا عَظِيمَۢا ﴾ [الفتح: 29]
خلَّد الله ذكرَ الصحابة ورفع شأنهم؛ لأنهم ناصروا دينه، وآزروا نبيَّه ﷺ، فحقَّت لهم الرفعة، ووجب لهم الثناء. المنهج المستقيم في الولاء والبراء يتمثل بالشِّدَّة على الكافرين، والرحمة بالمؤمنين، فمَن عكسَ القضيَّة فقد خالف ما كان عليه الرسول وأصحابه. جمع الله لهؤلاء المؤمنين بين الشدَّة والرحمة؛ إيماءً إلى أصالة آرائهم وحكمة عقولهم، وأنهم يتصرَّفون في أخلاقهم وأعمالهم تصرُّفَ الحكمة والرُّشد، فلا تغلِب على نفوسهم مَحمَدةٌ دون أخرى، ولا يندفعون إلى العمل بالجِبِلَّة وعدم الرؤية. مَن انقطع إلى الله وصله الله، ومَن أراد صِلةً بمولاه فليلزم الصلاة، فهي مفتاح كلِّ خير، وأصل كلِّ سعادة. لم يكن يَشغَلهم عن ربِّهم بَهرَجُ هذه الدنيا، ولم يكونوا يسعَون لتحصيل زخارفها، بل أسمى غاياتهم رضوان ربِّهم. قال الإمام مالك: (مَن أصبح في قلبه غَيظٌ على أحد من أصحاب رسول الله ﷺ فقد أصابته الآية). لئن سبق السابقون بنصرة النبيِّ والوقوف معه، إن للاحقين بابًا يدركونهم منه إذا أحبُّوهم وقاموا بما قاموا به، والمرء مع مَن أحبَّ. |
﴿نَّحۡنُ أَعۡلَمُ بِمَا يَقُولُونَۖ وَمَآ أَنتَ عَلَيۡهِم بِجَبَّارٖۖ فَذَكِّرۡ بِٱلۡقُرۡءَانِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ ﴾ [ق: 45]
أيها الدعاةُ، إنما وظيفتكم تبليغُ رسالة الإسلام وتبيينُ شرع الله، وهو سبحانه أعلمُ بخصومكم، وعند الله تجتمعُ الخصوم. القرآن تبصرةٌ وعِظة، فيه الحجَّةُ البالغة والموعظةُ البليغة، ولكن هيهاتَ أن ينتفعَ به إلا من يخافُ الوعيد، ويطمعُ بالموعود. |
﴿فَذَكِّرۡ فَمَآ أَنتَ بِنِعۡمَتِ رَبِّكَ بِكَاهِنٖ وَلَا مَجۡنُونٍ ﴾ [الطور: 29]
امضِ في سبيلك؛ مُستمسكًا بشرع الله معتزًّا به داعيًا إليه، ولا تعبأ بما يفتريه أعداء الأمَّة من التُّهَم الملفَّقة، والأكاذيب المنمَّقة. |
﴿وَٱصۡبِرۡ لِحُكۡمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعۡيُنِنَاۖ وَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ ﴾ [الطور: 48]
كلُّ من حملَ على عاتقه أمانةَ الدعوة إلى الله عليه أن يهيِّئَ نفسَه لمشاقِّ الطريق الطويل؛ بالاحتساب والصبر الجميل. أيها العبدُ، كن مع الله ولا تُبالِ، فمَن أحاطَه الله برعايته وحِفظه لم يضرَّه شيء. التسبيحُ ودوام الذِّكر يشحَذُ الهمَّة على الصبر، ويزيدُ من قُدرة المرء على التجلُّد والثَّبات؛ فما أحرانا أن نستمسكَ به. |
﴿مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمۡ وَمَا غَوَىٰ ﴾ [النجم: 2]
إن الله يُدافع عن أوليائه وأهل طاعته، فاثبُت أيها المسلمُ على الحقِّ وامضِ في دعوتك، ولا تخشَ في الله لومةَ لائم. |
﴿وَمَا يَنطِقُ عَنِ ٱلۡهَوَىٰٓ ﴾ [النجم: 3]
إذا ما جاهدَ المسلم نفسَه، وأخضع للحقِّ قلبَه، لم يصدُر في شيء من أقواله وأفعاله إلا عمَّا يحبُّه المولى ويرضى. |
﴿هَٰذَا نَذِيرٞ مِّنَ ٱلنُّذُرِ ٱلۡأُولَىٰٓ ﴾ [النجم: 56]
مضى النبيُّ ﷺ على سَننِ مَن قبله من الرسُل في إقامة التوحيد وإرساء الحقِّ والعدل، وحريٌّ بنا أن نمضيَ على ذات السَّننِ الذي مضى عليه نبيُّنا. |
﴿هُوَ ٱلَّذِي بَعَثَ فِي ٱلۡأُمِّيِّـۧنَ رَسُولٗا مِّنۡهُمۡ يَتۡلُواْ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتِهِۦ وَيُزَكِّيهِمۡ وَيُعَلِّمُهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡحِكۡمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبۡلُ لَفِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٖ ﴾ [الجمعة: 2]
امتنَّ الله سبحانه على العرب أن علَّمهم بعد الجهل، وهداهم بعد الضَّلالة، ويا لها من منَّة عظيمة فاقت المِنَن، وجلَّت أن يقدرَ العبادُ لها على ثمَن. المنهج السَّديد في صناعة الجيل المسلم يبدأ بمعرفة الوحي وتبصير العقل، ثم بالتربية والتزكية، حتى تتهيَّأَ العقولُ والنفوس لتلقِّي العلم بالكتاب والسنَّة. رسالة النبيِّ ﷺ جاءت لتحرير العقول من قيود العقائد الفاسدة والأفكار الباطلة، وتهذيب النفوس وتطهيرها من أدران المعاصي والآثام. مهمَّة الدعاة تربيةُ الناس علمًا وعملًا بالكتاب والسنَّة، بتحريك العقل وإثارة الوِجدان. حرَّر القرآن أرواحَ هذه الأمَّة من العبودية للأوثان، وحرَّر عقولَهم من الخضوع لجبَروت الخرافة والأوهام، وطهَّرهم من رذائل الجاهليَّة وقبائحها كلِّها. |
﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَآ أَحَلَّ ٱللَّهُ لَكَۖ تَبۡتَغِي مَرۡضَاتَ أَزۡوَٰجِكَۚ وَٱللَّهُ غَفُورٞ رَّحِيمٞ ﴾ [التحريم: 1]
لا طاعةَ لمخلوق في معصية الخالق، وكما لا يجوز أن نحلِّلَ ما حرَّم الله تعالى، كذلك لا يجوز أن نحرِّمَ ما أحلَّه سبحانه. لرسول الله ﷺ منزلةٌ عظيمة عند ربِّه ليست لأحدٍ من البشَر، تأمَّل كيف تولَّى الله الدفاعَ عنه، وعلَّم أمَّتَه التأدُّبَ معه. مخاطبة الرسول ﷺ بأمرٍ ما تنبيهٌ للأمَّة على أهميَّته، ووجوب التزام أمر الله فيه. |
﴿قَدۡ فَرَضَ ٱللَّهُ لَكُمۡ تَحِلَّةَ أَيۡمَٰنِكُمۡۚ وَٱللَّهُ مَوۡلَىٰكُمۡۖ وَهُوَ ٱلۡعَلِيمُ ٱلۡحَكِيمُ ﴾ [التحريم: 2]
ما شرعَ الله حُكمًا إلا لعلمه بما فيه من صلاحك أيها العبدُ وخيرك، وهو لا يأمرُ وينهى إلا بما تقتضيه الحكمةُ بأجلِّ معانيها. مَن كان الله مولاه فقد كفاه وأغناه، عن كلِّ ما سواه، فأخلص لربِّك وتوكَّل عليه، ولا تخشَ فيه أحدًا. |
﴿وَإِذۡ أَسَرَّ ٱلنَّبِيُّ إِلَىٰ بَعۡضِ أَزۡوَٰجِهِۦ حَدِيثٗا فَلَمَّا نَبَّأَتۡ بِهِۦ وَأَظۡهَرَهُ ٱللَّهُ عَلَيۡهِ عَرَّفَ بَعۡضَهُۥ وَأَعۡرَضَ عَنۢ بَعۡضٖۖ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِۦ قَالَتۡ مَنۡ أَنۢبَأَكَ هَٰذَاۖ قَالَ نَبَّأَنِيَ ٱلۡعَلِيمُ ٱلۡخَبِيرُ ﴾ [التحريم: 3]
قِوامُ الحياة الزوجيَّة الثقةُ المتبادلة بين الزوجين، وممَّا يدعِّم أركانَ الثقة كتمانُ أحدهما أسرار الآخَر. ما استمرَّت الألفةُ والمحبَّة إلا على أساس من إقالة العثَرات، والتغاضي عن الزلَّات. قيل: (تسعةُ أعشار العافية في التغافُل). فما أجملَه مع زوجةٍ وولدٍ ومحبٍّ، ومن قبلُ قال عليٌّ رضي الله عنه: (مَن لم يتغافل تنغَّصَت عِيشتُه). كم من فتنةٍ وُئِدَت في مهدها بالتغافُل والتسامح، ومن هنا قيل: إن التغافلَ نصفُ العقل، بل هو العقل كلُّه. مهما تناجى المتناجون واستَخفَوا عن الأنظار، فإنَّ الله عليمٌ بالسرائر، خبيرٌ بما في الضمائر. |
﴿إِن تَتُوبَآ إِلَى ٱللَّهِ فَقَدۡ صَغَتۡ قُلُوبُكُمَاۖ وَإِن تَظَٰهَرَا عَلَيۡهِ فَإِنَّ ٱللَّهَ هُوَ مَوۡلَىٰهُ وَجِبۡرِيلُ وَصَٰلِحُ ٱلۡمُؤۡمِنِينَۖ وَٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ بَعۡدَ ذَٰلِكَ ظَهِيرٌ ﴾ [التحريم: 4]
وقوعُك في الخطأ ليس نهايةَ المطاف، فكلُّ بني آدمَ خطَّاء، والمهمُّ أن تنهضَ من كَبوتك وتمضيَ في مسيرتك نادمًا مستغفرًا. ما أعظمَ النبيَّ ﷺ وما أكرمَه على الله تعالى! فإنَّ مكانته رفيعةٌ عالية في الملأ الأعلى في السماء، وبين المؤمنين في الأرض. بلغ النبيُّ ﷺ من المنزلة عند ربِّه أعلاها، كيف لا وقد جعل الملكُ العزيز نفسَه مولاه، وجعل خواصَّ خَلقه أعوانًا له ومناصرين؟ |
﴿عَسَىٰ رَبُّهُۥٓ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبۡدِلَهُۥٓ أَزۡوَٰجًا خَيۡرٗا مِّنكُنَّ مُسۡلِمَٰتٖ مُّؤۡمِنَٰتٖ قَٰنِتَٰتٖ تَٰٓئِبَٰتٍ عَٰبِدَٰتٖ سَٰٓئِحَٰتٖ ثَيِّبَٰتٖ وَأَبۡكَارٗا ﴾ [التحريم: 5]
لا يختار الله لرسوله ﷺ إلا أكملَ الأحوال وأعلى الأمور، فلمَّا اختار له بقاء نسائه معه دلَّ على أنهنَّ خيرُ النساء وأكملهنَّ فضلًا. احرِص أيها الخاطبُ على ذات الدِّين، فإنَّ الظَّفَر بها خيرٌ لك في عاجلك وآجلك. ما اجتمعَت هذه الصفاتُ في امرأة إلا كانت صالحةً ربَّانية؛ تصون دينَها، وتحفظ بيتَها، وتنفع مجتمعَها. بئسَ الضَّلالُ ضلالُ قوم آذَوا رسولَ الله ﷺ في أزواجه، بهتانًا وافتراء! |
﴿مَآ أَنتَ بِنِعۡمَةِ رَبِّكَ بِمَجۡنُونٖ ﴾ [القلم: 2]
حسبُ النبيِّ ﷺ منزلةً عَليَّة؛ أنَّ الله سبحانه تولَّى الذبَّ عن عِرضه الشريف، ودَفع افتراء المُبطلين عنه. فليقُل المكذِّبون فيك - أيها النبيُّ - ما شاءت لهم أهواؤهم وأحقادُهم، ألا يرضيكَ أن الله وصلكَ برضاه، وبأجرٍ دائم من عُلاه؟ |
﴿وَإِنَّ لَكَ لَأَجۡرًا غَيۡرَ مَمۡنُونٖ ﴾ [القلم: 3]
حسبُ النبيِّ ﷺ منزلةً عَليَّة؛ أنَّ الله سبحانه تولَّى الذبَّ عن عِرضه الشريف، ودَفع افتراء المُبطلين عنه. فليقُل المكذِّبون فيك - أيها النبيُّ - ما شاءت لهم أهواؤهم وأحقادُهم، ألا يرضيكَ أن الله وصلكَ برضاه، وبأجرٍ دائم من عُلاه؟ |
﴿وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٖ ﴾ [القلم: 4]
سُئلت أمُّ المؤمنين عائشةُ رضي الله عنها عن خُلق رسول الله ﷺ، فقالت: (كان خُلُقه القرآن) أي: بما تضمَّنه من حثٍّ على المحاسن وتنفيرٍ من المساوي. كان نبيُّنا ﷺ مهتديًا بهدي الله تعالى؛ بتنزيه علمه عن الجهل، وجُوده عن البخل، وعدله عن الظُّلم، وحِلمه عن الطَّيش، وما أحرانا أن نهتديَ بهديه. |
﴿فَسَتُبۡصِرُ وَيُبۡصِرُونَ ﴾ [القلم: 5]
مهما افترى المفترون، وأرجف المرجفون، فإنَّ العاقبة لا ريبَ للمتَّقين؛ إذ لا يحقُّ في النهاية إلا الحقُّ ولا يصحُّ إلا الصحيح. |
﴿بِأَييِّكُمُ ٱلۡمَفۡتُونُ ﴾ [القلم: 6]
مهما افترى المفترون، وأرجف المرجفون، فإنَّ العاقبة لا ريبَ للمتَّقين؛ إذ لا يحقُّ في النهاية إلا الحقُّ ولا يصحُّ إلا الصحيح. |
﴿إِنَّهُۥ لَقَوۡلُ رَسُولٖ كَرِيمٖ ﴾ [الحاقة: 40]
هذا أعمُّ قسَمٍ في القرآن؛ يشمل العُلويَّات والسُّفليَّات، والدنيا والآخرة، وما يُرى وما لا يُرى؛ ليكونَ القرآن آيةً على صدق رسوله، وما جاء به من لدُن ربِّه. كيف لا يكون كريمًا من حَباه الله باجتماع الكمالات، ونزَّهه عن النقائص المَعيبات؟ وإنَّ من أجلِّ الكمال تبليغَ الرسالة بأمانة وإخلاص. |
﴿وَمَا هُوَ بِقَوۡلِ شَاعِرٖۚ قَلِيلٗا مَّا تُؤۡمِنُونَ ﴾ [الحاقة: 41]
الداعية يمضي في دعوته متجلِّدًا صبورًا، غيرَ عابئ بتثبيط المثبِّطين، ولا افتراءات المفترين، والله يدافعُ عنه وينصر دعوته، ما أخلصَ واستقام. يُدرك العربيُّ الفصيح بفِطرته البَونَ البعيد بين القرآن في علوِّ بيانِه، وسموِّ تبيانِه، وبين ما سواه من قولٍ وكلام، ولكنَّه الكِبرُ واتِّباع الهوى! |
﴿وَلَا بِقَوۡلِ كَاهِنٖۚ قَلِيلٗا مَّا تَذَكَّرُونَ ﴾ [الحاقة: 42]
الداعية يمضي في دعوته متجلِّدًا صبورًا، غيرَ عابئ بتثبيط المثبِّطين، ولا افتراءات المفترين، والله يدافعُ عنه وينصر دعوته، ما أخلصَ واستقام. يُدرك العربيُّ الفصيح بفِطرته البَونَ البعيد بين القرآن في علوِّ بيانِه، وسموِّ تبيانِه، وبين ما سواه من قولٍ وكلام، ولكنَّه الكِبرُ واتِّباع الهوى! |
﴿إِلَّا بَلَٰغٗا مِّنَ ٱللَّهِ وَرِسَٰلَٰتِهِۦۚ وَمَن يَعۡصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ فَإِنَّ لَهُۥ نَارَ جَهَنَّمَ خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدًا ﴾ [الجن: 23]
يتجلَّى في هذا القول كمالُ العبوديَّة لله تعالى؛ بالإقرار بالعَجز التامِّ، وأنه لا حولَ ولا قوَّةَ لأحدٍ إلا بالله العليِّ العظيم. إذا كان رسولُ الله ﷺ سيِّدُ الأوَّلين والآخرين، وأحبُّ الخلق إلى ربِّ العالمين، لا يملكُ لأحدٍ نفعًا ولا ضرًّا، ولا يمنع نفسَه من الله، فكيف بغيره من البشَر؟! لا تشغَل نفسَك أيها الداعيةُ بالخَلق؛ فإنما أنت مبلِّغٌ عن ربِّك، فانصح لأمَّتك بصدق وإخلاص، ودَعك من سوى ذلك؛ فإنك لا تملك لهم شيئًا. |
﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلۡمُزَّمِّلُ ﴾ [المزمل: 1]
صلاةُ الليل وذكرُ الله زادٌ يعين المؤمنَ على تحمُّل أثقال الحياة وتجاوز عقَباتها، وأَولى من يتزوَّد به العلماءُ والدعاة. المقصود من الترتيل حضورُ القلب وتدبُّر المعاني؛ فمَن تدبَّر القرآنَ ابتهج فؤادُه، واستشعر حلاوةَ الإيمان وبردَ اليقين. إن الله لا يكلِّف نفسًا إلا وسعَها، فقُم من الليل ما تستطيع، وتهجَّد ما كان قلبك حاضرًا، وفؤادك ناشطًا، فإذا أثقلك النعاسُ فنَم. |
﴿إِنَّآ أَرۡسَلۡنَآ إِلَيۡكُمۡ رَسُولٗا شَٰهِدًا عَلَيۡكُمۡ كَمَآ أَرۡسَلۡنَآ إِلَىٰ فِرۡعَوۡنَ رَسُولٗا ﴾ [المزمل: 15]
في يوم القيامة يشهد رسولُ الله ﷺ للمؤمنين بالإيمان، ويشهد على الكفَّار بالعصيان، فكيف تحبُّ أن تكونَ شهادتُه فيك؟ لنا فيمَن مضى عِظةٌ وعبرة؛ فكلُّ مَن كذَّب نبيَّه ولم يستجب لدعوته ونُصحِه استحقَّ سخطَ الله وعذابَه، ﴿وما ربُّك بظلَّامٍ للعَبيد﴾ . |
﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلۡمُدَّثِّرُ ﴾ [المدثر: 1]
في نداء المرء ومخاطبته بحسَب الحالة المتلبِّس بها تلطُّفٌ وتحبُّب، فما أحسنَ أن نتلطَّفَ مع أهلينا، ونتحبَّبَ إلى إخواننا بما يسرُّهم من خطاب! |
﴿وَمَا هُوَ عَلَى ٱلۡغَيۡبِ بِضَنِينٖ ﴾ [التكوير: 24]
عن قَتادة قال: (كان هذا القرآنُ غيبًا أعطاه الله تعالى محمَّدًا ﷺ، فبذله وعلَّمه ودعا إليه وما ضنَّ به). |
﴿وَإِذَا ٱلۡبِحَارُ فُجِّرَتۡ ﴾ [الانفطار: 3]
البحار على سعَتها وعِظَم أمواجها، تغادر شطآنَها ويذهب ماؤها، مُؤذنةً بهلاك كلِّ شيء! طالما ستَرَت القبور أجسادَ أصحابها، فما بالها اليوم تلفظُهم وتتخلَّى عنهم؟ إنه اليومُ الذي لا تخفى منهم خافية! |
﴿سَنُقۡرِئُكَ فَلَا تَنسَىٰٓ ﴾ [الأعلى: 6]
ما أشرفَ إقراءَ القرآن وتعليمَه، وقد نسب الله إقراءَ نبيِّه إلى نفسِه؛ لجلال الأمر وعظيم أهميَّته، فأين المُقبِلون على كتاب الله تعلُّمًا وقراءة؟ إقبالك على القراءة والإقراء، وما تتمتَّع به من حافظةٍ واعية، وذاكرة حاضرة، كلُّ ذلك نعمةٌ عظيمة من ربِّك تستوجب الشكرَ، بتوظيفها فيما ينفع الناس. |
﴿وَنُيَسِّرُكَ لِلۡيُسۡرَىٰ ﴾ [الأعلى: 8]
إنه وعدٌ لرسول الله ﷺ ولأمَّته من بعده؛ بأن يوفَّقوا لليُسرى، فلا تعترضُ دروبَهم شدَّةٌ وضَنك إلَّا ويجعل لهم منهما فرَجًا ومَخرجًا. |
﴿لَآ أُقۡسِمُ بِهَٰذَا ٱلۡبَلَدِ ﴾ [البلد: 1]
أقسم الله بمكَّةَ تعظيمًا لشأنها، وكيف لا يكون عظيمًا مكانٌ انبثقَ منه نورُ الإسلام، ورُفع فيه البيتُ الحرام، وخرج منه رسولُ السَّلام؟ |
﴿وَأَنتَ حِلُّۢ بِهَٰذَا ٱلۡبَلَدِ ﴾ [البلد: 2]
أقسم الله بمكَّةَ تعظيمًا لشأنها، وكيف لا يكون عظيمًا مكانٌ انبثقَ منه نورُ الإسلام، ورُفع فيه البيتُ الحرام، وخرج منه رسولُ السَّلام؟ |
﴿مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَىٰ ﴾ [الضحى: 3]
هي تسليةٌ للنبيِّ ﷺ؛ أن الله هو مربِّيك، وهو كافلك وراعيك، ولن يدعَك أو يجفوَك، فأحسن الظنَّ دومًا بربِّك تجده عند ظنِّك. |
﴿وَلَلۡأٓخِرَةُ خَيۡرٞ لَّكَ مِنَ ٱلۡأُولَىٰ ﴾ [الضحى: 4]
بشرى لرسول الله ﷺ؛ أن الله مدَّخرٌ له من الخيرات أضعافَ ما آتاه في الدنيا من نعيم الطاعة، ولذَّة العبادة. اجعل الآخرةَ همَّك ومَطمحَك يكفِكَ الله همَّ الدنيا، ويجعل غناكَ في قلبك، ويؤتِكَ من خيرَي الدنيا والآخرة. |
﴿وَلَسَوۡفَ يُعۡطِيكَ رَبُّكَ فَتَرۡضَىٰٓ ﴾ [الضحى: 5]
كم من العطاءات التي منحَها الله سبحانه لنبيِّه ﷺ؛ تشمل ما يرجوه لنفسِه ولأمَّته، وهي عطاءاتٌ تنتظر كلَّ مسلمٍ التزم منهجَه، واقتفى أثرَه. |
﴿أَلَمۡ يَجِدۡكَ يَتِيمٗا فَـَٔاوَىٰ ﴾ [الضحى: 6]
لطف الله بنبيِّه ﷺ ملازمٌ له من صِغَره، وقد ذكر أفضاله السابقة عليه ليعلمَ الناس أن وعد الله له حقٌّ؛ أليس الله بكاف عبده؟! |
﴿وَوَجَدَكَ ضَآلّٗا فَهَدَىٰ ﴾ [الضحى: 7]
الهداية بعد الحَيرة، والإيمان بعد الكفر لا تعدلهما منَّة ونعمة، فلنحمَد الله عليهما، ولنسأله الثباتَ وحسنَ الختام. |
﴿وَوَجَدَكَ عَآئِلٗا فَأَغۡنَىٰ ﴾ [الضحى: 8]
إذا ما تحقَّق العبد أن الله وحدَه هو المعطي المانع، رضيَ بقضائِه، وشكرَه على نَعمائِه، وفزع إليه في كشف ضرَّائِه، وهذا جوهرُ غنى القلب. |
﴿أَلَمۡ نَشۡرَحۡ لَكَ صَدۡرَكَ ﴾ [الشرح: 1]
أوَّل ما يحتاج إليه الداعيةُ في دعوته انشراحُ صدره؛ ولذلك كان أولُ دعاء موسى عليه السلام قبل انطلاقه لتبليغ رسالته: ﴿قالَ رَبِّ اشرَح لي صَدري﴾ . بدأت السُّورة بذكر أعظم النِّعَم وهي انشراحُ الصَّدر، وستُختَم بأهمِّ أسباب انشراحه وهو التفرُّغ لعبادة الله وطاعته. |
﴿وَوَضَعۡنَا عَنكَ وِزۡرَكَ ﴾ [الشرح: 2]
المعاصي أثقالٌ على الصدر لا تُطاق، ومن ثَمَّ كان من جليل المِنَن وضعُ هذه الأثقال عن العبد ليستريحَ من أعبائها، وقد فاز من خفَّ وِزرُه، جعلَنا الله منهم. العبد الصالح يرى تقصيرَه في شكر أنعُم الله ذنوبًا تثقل الكاهل، والعبد الغافل اللاهي يجترح الكبائرَ ولا تهتزُّ له شعرة! |
﴿ٱلَّذِيٓ أَنقَضَ ظَهۡرَكَ ﴾ [الشرح: 3]
المعاصي أثقالٌ على الصدر لا تُطاق، ومن ثَمَّ كان من جليل المِنَن وضعُ هذه الأثقال عن العبد ليستريحَ من أعبائها، وقد فاز من خفَّ وِزرُه، جعلَنا الله منهم. العبد الصالح يرى تقصيرَه في شكر أنعُم الله ذنوبًا تثقل الكاهل، والعبد الغافل اللاهي يجترح الكبائرَ ولا تهتزُّ له شعرة! |
﴿وَرَفَعۡنَا لَكَ ذِكۡرَكَ ﴾ [الشرح: 4]
عن قَتادة قال: (رفع الله ذكرَ نبيِّه في الدنيا والآخرة، فليس خطيبٌ ولا متشهِّد ولا صاحبُ صلاة إلا ينادي "أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمَّدًا رسول الله"). |
﴿إِنَّآ أَعۡطَيۡنَٰكَ ٱلۡكَوۡثَرَ ﴾ [الكوثر: 1]
إذا كانت المآدبُ على قدر الآدِب، فما ظنُّكم بهديَّة الربِّ الكريم ذي الفضل الواسع والعطاء الوافر لسيِّد أنبيائه وأحبِّ الخلق إليه؟ لمَّا سُئلت أمُّ المؤمنين عائشةُ رضي الله عنها عن الكوثر قالت: (هو نهر أُعطيه نبيُّكم ﷺ، شاطئاه عليه دُرٌّ مجوَّف، آنيتُه كعدد النجوم). |
﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَٱنۡحَرۡ ﴾ [الكوثر: 2]
في هاتين العبادتين العظيمتين؛ الصلاة والنحر، يتجلَّى الخضوعُ لله تعالى والشَّفَقة على خَلقه بأظهر صورهما، فاللهم اجعلنا خاضعين لك محسنين إلى خلقك. الصلاة خضوعُ القلب والجوارح لله، والنحرُ تقرُّب إلى الله بأفضل ما عند العبد من أنعام، ولذلك قرنَ بينهما في بيان كمال العبوديَّة. |
﴿إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ ٱلۡأَبۡتَرُ ﴾ [الكوثر: 3]
كما تكفَّل الله بإفاضة النِّعَم على سيِّد خلقه في أوَّل السورة، تكفَّل أخيرًا بالدفع عنه والذبِّ عن عِرضه، فالله تعالى هو الأوَّل والآخِر، فلا تعلِّق قلبَك إلا به. الأبتر حقًّا ليس مَن لا عَقِبَ له من الذريَّة، ولكنَّ الأبتر مَن لا عَقِبَ له من الخيريَّة، فلا تفرح بكثرة الولد، ما لم تحرِص على صلاح القول والعمل. محبَّة رسول الله ﷺ سببٌ عظيم لأن تكونَ موصولًا بخيرَي الدنيا والآخرة، فإيَّاك أن تقطعَ حبالَ الوصل بينك وبين محبَّتِه، واتِّباع شرعه وهَديِه. |
مواضيع أخرى في القرآن الكريم
التنزيه عن الشعر المخاصمة والمنازعة الأدب مع الرسول البهتان ضرب الأمثال الفتنة ذو الرحمة المحكم والمتشابه عالم غيب السماوات والأرض الزواج من المشركين
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Friday, December 27, 2024
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب