حديث: اللهم أمرتنا فتركنا ونهيتنا فركبنا ولا يسعنا إلا مغفرتك
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب فضائل عمرو بن العاص وأخباره
صحيح: رواه أحمد (١٧٧٨١) عن عفّان، حَدَّثَنَا الأسود بن شيبان، حَدَّثَنَا أبو نوفل بن أبي عقرب فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الأثر العظيم، الذي رواه الإمام أحمد في مسنده وغيره، يحمل قصة موعظة وعبرة من صحابي جليل هو عمرو بن العاص رضي الله عنه، وهو من دهاة العرب وأصحاب الرأي والحكمة، وقد أسلم قبل فتح مكة بقليل وكان إسلامه فتحاً عظيماً للمسلمين.
أولاً. شرح المفردات:
● جَزَعَ: اضطرب واهتزّ خوفاً من الموت وشدته، وهو نقيض الصبر.
● يُدْنِيكَ: يقربك منه ويجلسك في مكان قريب منه تكريماً لك.
● يَسْتَعْمِلُكَ: يوليك العمل والمناصب، كإمارة الجيوش وغيرها.
● تَأَلُّفًا يَتَأَلَّفُنِي: أي مصادقة وملاينة ليجذب قلبي إلى الإسلام، لأني كنت新اً في الدين.
● فَارَقَ الدُّنْيَا: أي مات وانتقل إلى الآخرة.
● ابْنُ سُمَيَّة: هو عمار بن ياسر رضي الله عنه، وأمه سمية أول شهيدة في الإسلام.
● ابْنُ أُمِّ عَبْد: هو عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، وكان يلقب بذلك.
● مَوْضِعَ الْغَلَالِ مِنْ ذَقْنِهِ: الغلال هو الحبل الذي يُربط في العنق، كناية عن وضع يده على عنقه أو تحت ذقنه كما يفعل المأسور أو الخائف من العقاب.
● هَجِيرَاهُ: أي كلمته التي يرددها دائماً، أو جملته التي أصبحت شغله الشاغل.
ثانياً. شرح الحديث:
يخبرنا أبو نوفل عن المشهد المؤثر لوفاة عمرو بن العاص رضي الله عنه، حيث ظهر عليه الخوف الشديد والاضطراب عند حضور أجلِه.
فلما رآه ابنه عبد الله على هذه الحالة، استغرب وقال له: كيف تخاف هذا الخوف وأنت من أصحاب النبي ﷺ المقربين، الذي كان يقربك ويوليك أعمالاً مهمة؟ implying أن هذا المكانة يجب أن تطمئنك.
فأجابه عمرو بحكمة بالغة: "يا بني، نعم كان ذلك، ولكنني والله لا أدري: هل كان تقريبي واستعمالي لأنه ﷺ كان يحبني حقيقة، أم كان ذلك ليتألفني ويميل قلبي إلى الإسلام لأن إسلامي كان حديثاً؟".
ثم ليطمئن ابنه ويعلمه أنه لا ييأس من رحمة الله تماماً، استشهد بشاهدين على محبة النبي ﷺ الصادقة: هما عمار بن ياسر وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهما، مؤكداً أنهما ماتا والنبي ﷺ يحبهما حباً جازماً.
ثم أخذ يردد بندمة وخشوع: "اللهم! أنت أمرتنا فأطعناك في بعض وتركنا الكثير، ونهيتنا فانتهينا عن بعض وركبنا المعاصي في أخرى، ولا يوجد ما ينجينا من عذابك إلا مغفرتك ورحمتك الواسعة". واستمر على هذا الدعاء والاستغفار حتى فارق الحياة.
ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:
1- خوف الصالحين: يظهر هذا الأثر حقيقة خوف السلف الصالح من الله وعدم اغترارهم بأعمالهم، حتى لو بلغوا أعلى المراتب. فعمرو بن العاص كان فاتح مصر وقائد جيوش، ومع هذا خاف من التقصير.
2- الخشية عند الموت: الموت وآلامه تذكر الإنسان بحقارة الدنيا وعظمة الآخرة، فتذهب الغرورة وتبقى الحقيقة. هذا الموقف درس لكل من يغتر بمنصبه أو عمله.
3- عدم الارتياح للذات: المؤمن الحقيقي لا يثق بعمله ولا يرى لنفسه فضلاً، بل يخشى أن تكون أعماله لم تقبل، أو أن هناك تقصيراً خفياً. وهذا من كمال إيمانه.
4- محبة النبي ﷺ الصادقة: ذكر عمرو رضي الله عنه محبة النبي ﷺ لعمار وابن مسعود ليبين أن محبة النبي هي الشرف الحقيقي، لا المناصب الدنيوية.
5- الاستغفار والإنابة: كان رد عمرو على خوفه هو التوجه إلى الله بالاعتراف بالتقصير والالتجاء إلى مغفرته. هذا هو طريق النجاة الوحيد: "وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ ۚ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ" [هود: 88].
6- الحكمة في تربية الأبناء: رد عمرو على ابنه كان رداً حكيماً، لم يزده رهبة، بل علمه درساً في التواضع وعدم الاغترار، وأراه طريق الإنابة والاستغفار.
رابعاً. معلومات إضافية:
- هذا الأثر ليس حديثاً نبوياً مرفوعاً، بل هو أثر من فعل صحابي، وهو صحيح ثابت عن عمرو بن العاص.
- موقف عمرو هذا هو عين ما أمر الله به في قوله: "وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَىٰ رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ" [المؤمنون: 60]. كانوا يعطون الأعمال ولكن قلوبهم وجلة خائفة.
- توفي عمرو بن العاص رضي الله عنه في مصر سنة 43 هـ، وكان عمره آنذاك يقارب المائة عام.
أسأل الله أن يتوفانا وهو راض عنا، وأن يجعلنا من الذين يخافونه حق خشيته، ولا يغترون بعملهم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
تخريج الحديث
وقوله: «هجيراه» أي دأبه وشأنه.
وفي الباب ما رُوي عن طلحة بن عبيد الله قال: سمعتُ رسول الله ﷺ يقول: «إن عمرو بن العاص من صالحي قريش». إِلَّا أنه منقطع.
رواه الترمذيّ (٣٨٤٥)، وأحمد (١٣٨٢) كلاهما من طرق، عن ابن أبي مليكة (وهو عبد الله بن عبد الله بن أبي مليكة) قال: قال: طلحة بن عبيد الله فذكره.
قال الترمذيّ: «هذا حديث إنّما نعرفه من حديث نافع بن عمر الجمحي، ونافع ثقة وليس إسناده بمتصل، ابن أبي مليكة لم يدرك طلحة».
وبه أعلّه ابن حجر في الإصابة.
وفي الباب عن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله ﷺ: «أسلم الناس، وآمن عمرو بن العاص». رواه الترمذيّ (٣٨٤٤)، وأحمد (١٧٤١٣) كلاهما من طريق ابن لهيعة، عن مشرح بن هاعان، عن عقبة بن عامر قال: فذكره.
قال الترمذيّ: «هذا حديث غريب لا نعرفه إِلَّا من حديث ابن لهيعة عن مشرح وليس إسناده بالقوي».
وهو كما قال: فإن مشرح بن هاعان يُروي عن عقبة بن عامر أحاديث مناكير لا يتابع عليها قاله ابن حبَّان.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 492 من أصل 643 حديثاً له شرح
- 467 عبد الله الذي كان يلقب حمارا ويحب الله ورسوله
- 468 ذو البجادين كان رجلاً كثير الذكر لله في القرآن
- 469 ما أصبت في عملي إلا بردين معقدين
- 470 أم قومك فمن أم قومًا فليخفف
- 471 ذاك شيطان يقال له خنزب فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه
- 472 عرض لي شيء في صلواتي حتى ما أدري ما أصلي
- 473 من عمل صالحًا في الدنيا فهو يجري له بعد الموت.
- 474 المرأة تسافر من الحيرة الى الكعبة بلا خوف الا من...
- 475 أسلمت إذا كفروا وأقبلت إذا أدبروا
- 476 من لا يرقون ولا يسترقون يدخلون الجنة بغير حساب
- 477 سبعون ألفا يدخلون الجنة لا حساب عليهم
- 478 يدخل الجنة من أمتي زمرة هي سبعون ألفا
- 479 يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفا بغير حساب.
- 480 ملئ عمار إيمانا إلى مشاشه
- 481 فضل عمار بن ياسر
- 482 أبو اليقظان على الفطرة لن يدعها حتى يموت
- 483 لا يخير بين أمرين إلا اختار أرشدهما
- 484 عمار يدعوهم إلى الله ويدعونه إلى النار
- 485 تقتلك الفئة الباغية
- 486 بؤس ابن سمية تقتلك فئة باغية
- 487 رجل دخل الجنة لم يصل قط
- 488 صلاة الفجر مع النبي ﷺ وقراءة سورة التكوير
- 489 أفضل ما نعد شهادة أن لا إله إلا الله وأن...
- 490 خذ عليك ثيابك وسلاحك ثم ائتني
- 491 ابنا العاص مؤمنان: عمرو وهشام
- 492 اللهم أمرتنا فتركنا ونهيتنا فركبنا ولا يسعنا إلا مغفرتك
- 493 الجمع بين الحج والعمرة ولم ينه عنه حتى مات
- 494 بعث رسول الله ﷺ بسيسة عينا ينظر ما صنعت عير...
- 495 عنوان الحديث: أتيت رسول الله فاستأذنته أن أدخل يدي في...
- 496 قيس بن سعد كان بين يدي النبي بمنزلة صاحب الشرط...
- 497 عن النَّبِيّ ﷺ: «هذا سيد أهل الوبر»
- 498 أبشر بخير يوم مر عليك يوم ولدتك أمك
- 499 لقد تاب توبة لو قسمت بين أمة لوسعتهم
- 500 لا تضرك الفتنة
- 501 مجّة مجّها رسول الله ﷺ من دلو
- 502 اذهب وادع لي معاوية
- 503 بعث رسول الله إلى معاوية وكان كاتبه
- 504 أوتر معاوية بعد العشاء بركعة
- 505 ما ينصبك منه إنه لن يضرك
- 506 نقاتل عن يمينك وعن شمالك وبين يديك وخلفك
- 507 احتلبوا هذا اللبن بيننا
- 508 رسول الله ﷺ ينهى عن لبس الذهب والحرير وجلود السباع
- 509 «إن فيك لخصلتين يحبهما الله: الحلم والأناة»
- 510 إن فيك خصلتين يحبهما الله الحلم والأناة
- 511 إن فيك لخلقين يحبهما الله: الحلم والحياء
- 512 صفات يحبها الله الحلم والاناة
- 513 أمرت بخير أنت نبيشة الخير بعد ذلك
- 514 اللهم بارك فيها وفيمن أرسل بها
- 515 أشركنا فإن النبي قد دعا لك بالبركة
- 516 أول ما بدئ به الوحي إلى رسول الله ﷺ
معلومات عن حديث: اللهم أمرتنا فتركنا ونهيتنا فركبنا ولا يسعنا إلا مغفرتك
📜 حديث: اللهم أمرتنا فتركنا ونهيتنا فركبنا ولا يسعنا إلا مغفرتك
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: اللهم أمرتنا فتركنا ونهيتنا فركبنا ولا يسعنا إلا مغفرتك
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: اللهم أمرتنا فتركنا ونهيتنا فركبنا ولا يسعنا إلا مغفرتك
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: اللهم أمرتنا فتركنا ونهيتنا فركبنا ولا يسعنا إلا مغفرتك
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Thursday, November 20, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








