حديث: ما تجاوز الله عنه من حديث النفس ما لم يتكلم أو يعمل
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب قوله: ﴿آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ
متفق عليه: رواه البخاريّ في الطلاق (٥٢٦٩) ومسلم في الإيمان (٣٣٣: ١٢٧) كلاهما من حديث هشام، حدّثنا قتادة، عن زرارة بن أوفى، عن أبي هريرة فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
الحديث الذي ذكر حديث عظيم، رواه الإمام البخاري ومسلم في صحيحيهما، وهو من جوامع كلم النبي صلى الله عليه وسلم، الذي أوتي جوامع الكلم واختصر له الكلام اختصاراً.
أولاً. شرح المفردات:
* تجاوز: بمعنى عفا وصفح وغفر، والتجاوز هو المسامحة وترك المؤاخذة.
* أمتي: هم أتباعه المؤمنون به صلى الله عليه وسلم.
* ما حدثت به أنفسها: أي الخواطر والوساوس التي تجول في النفس، وما يقع في القلب من حديث داخلي دون إرادة.
* ما لم تعمل أو تتكلم: أي ما دام هذا الحديث النفسي لم يترتب عليه فعل بالجوارح أو نطق باللسان.
ثانياً. شرح الحديث:
يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث برحمة الله تعالى الواسعة وعفوه الكريم عن هذه الأمة. فمن رحمته سبحانه أنه لا يؤاخذ الإنسان على مجرد ما يخطر في قلبه من وساوس أو أفكار سيئة، أو حديث داخلي مع النفس، ما دام ذلك محصوراً في دائرة الفكر والقلب ولم يتحول إلى فعل أو قول.
* الحديث النفسي: هو ما يجول في الخاطر من خير أو شر دون تعمد أو استدعاء، أو ما يوسوس به الشيطان للإنسان. وهذا النوع لا يؤاخذ عليه المرء لأنه خارج عن إرادته في كثير من الأحيان.
* ضابط المؤاخذة: المؤاخذة والتحريم تكون عند الاسترسال مع هذه الوساوس والاستمتاع بها والتصديق لها، أو عند ترجمتها إلى عمل بالجوارح (كأن يسرق أو يضرب) أو إلى كلام باللسان (كأن يشتم أو يكذب أو يغتاب).
ومعنى ذلك أن الإثم والذنب يترتب على الفعل أو القول، أما مجرد الخواطر والوساوس فلا إثم فيها ما لم يستسلم لها الإنسان ويوافق عليها.
ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:
1- سعة رحمة الله تعالى وعفوه: فهذه من أعظم النعم على المسلم، حيث جعل الله حدود الذنب عند العمل والقول، ولم يجعل الإنسان في حرج من وساوس نفسه التي لا تسلم منها نفس بشرية.
2- التفريق بين حديث النفس والعمل: الإسلام دين واقعي لا يكلف الإنسان بما لا طاقة له به، فوساوس النفس أمر طبيعي، ولكن المطلوب هو مجاهدتها وعدم الاستجابة لها.
3- طمأنينة القلب: على المسلم ألا يحزن أو يقنط إذا راودته بعض الخواطر السيئة، بل عليه أن يستعيذ بالله من الشيطان ويصرف هذه الخواطر ولا يعتقد أنها تنقص من إيمانه ما دام لم يعمل بها.
4- حماية المجتمع: لو أخذ الناس بحديث النفس لفسدت الحياة بين الناس، لأنك لا تستطيع أن تعاقب إنساناً على ما في قلبه. فالشريعة جاءت لتحكم على الظاهر، والله يتولى السرائر.
5- الحث على مجاهدة النفس: عدم المؤاخذة على حديث النفس ليس ترخيصاً في الاسترسال معها، بل هو حافز لمجاهدة النفس على أن تظل هذه الوساوس خواطر لا تتحول إلى نيات راسخة ثم إلى أفعال.
رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:
* هذا الحديث أصل عظيم من أصول الإسلام في باب العفو عن الخواطر والوساوس.
* الفقهاء يستدلون بهذا الحديث على أن الإيمان هو التصديق القلبي والقول والعمل، ولا يكفي مجرد ما في القلب إذا لم يظهر على الجوارح.
* ينبغي للمسلم إذا عرضت له وسوسة سيئة أن يفعل كما علمنا النبي صلى الله عليه وسلم: أن يستعيذ بالله من الشيطان وينتهي، ويحول انتباهه إلى شيء آخر. قال تعالى: {وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}.
نسأل الله تعالى أن يعفو عنا ويغفر لنا ويتجاوز عن تقصيرنا، وأن يحفظ علينا إيماننا، ويصرف عنا وساوس الشيطان.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
تخريج الحديث
وقوله تعالى: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلا وُسْعَهَا﴾ أي فوق طاقته، وهي ناسخة لقوله: ﴿وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ﴾ فإن العبد لا يملك وساوس نفسه، فكيف يؤاخذ عليه.
وروي عن ابن عباس وغيره بأن الآية محكمة غير منسوخة قال: ﴿وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ﴾ فإنها لم تنسخ، ولكن اللَّه عز وجل إذا جمع بين الخلائق يوم القيامة، يقول: إني أخبركم بما أخفيتم في أنفسكم مما لم تطلع عليه ملائكتي، فأما المؤمنون فيخبرهم ويغفر لهم ما حدثوا به أنفسهم، وهو قوله: ﴿يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ يقول: يخبركم، وأما أهل الشك والريب فيخبرهم بما أخفوا من التكذيب، وهو قوله: ﴿فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ﴾ قوله: ﴿وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ﴾ [البقرة: ٢٢٥] من الشك والنفاق. رواه ابن جرير الطبري (٥/ ١٣٩) عن المثنى، ثنا عبد اللَّه بن صالح، قال: ثني معاوية بن صالح، عن علي ابن أبي طلحة، عن ابن عباس فذكره.
وعبد اللَّه بن صالح هو الجهني أبو صالح المصري كاتب الليث لا يقبل تفرده لغفلته، وكتابه صحيح. وروي نحوه عن جماعة من التابعين.
قوله: ﴿أَنْتَ مَوْلَانَا﴾ أي ولينا وناصرنا، وعليك توكلنا.
وقوله: ﴿مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ﴾ كان معاذ إذا فرغ من قراءة هذه السورة قال: آمين.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 206 من أصل 1947 حديثاً له شرح
- 181 رجل تصدق فأخفى حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه
- 182 ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء
- 183 المسكين الذي يتعفف ولا يسأل الناس إلحافًا
- 184 من سأل وله أربعون درهما فهو ملحف
- 185 المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة
- 186 تحريم تجارة الخمر بعد قراءة آيات الربا
- 187 آكل الربا ومؤكله وكاتبه وشاهديه
- 188 نهى النبي عن ثمن الكلاب وثمن الدم وآكل الربا وموكله
- 189 الرجل الذي في النهر آكلوا الربا
- 190 ما أحد أكثر من الربا إلا كان عاقبة أمره إلى...
- 191 ولا يقبل الله إلا الطيب
- 192 تلقّت الملائكة روح رجل فقالوا: أعملت من الخير شيئًا؟
- 193 من أنظر معسرًا أو وضع عنه أظله الله في ظله
- 194 من سره أن ينجيه الله من كرب يوم القيامة فلينفس...
- 195 من أنظر معسرًا فله بكل يوم مثليه صدقة
- 196 آخر شيء نزل من القرآن: واتقوا يوما ترجعون فيه إلى...
- 197 آخر اية نزلت من القرآن الكريم
- 198 ثلاثة وددت أن رسول الله لم يفارقنا
- 199 هذه نسخت ما قبلها
- 200 اشترى رسول الله طعامًا بنسيئة ورهن درعه
- 201 قد أنزلت عليك هذه الآية، ولا نطيقها
- 202 وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ نسختها الآية التي...
- 203 قولوا: سمعنا وأطعنا وسلمنا
- 204 ابن عمر يبكي عند تلاوة الآية ويقول: لئن أخذنا الله...
- 205 قولوا: سمعنا وأطعنا نسختها آية لا يكلف الله نفسا إلا...
- 206 ما تجاوز الله عنه من حديث النفس ما لم يتكلم...
- 207 إذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فاحذروهم
- 208 القلب بين أصبعين من أصابع الرحمن
- 209 قلب ابن آدم أسرع تقلبا من القدر إذا استجمعت غليانًا
- 210 قتل الأنبياء من الكبائر
- 211 ائذنوا له بئس ابن العشيرة
- 212 كل مولود يمسه الشيطان إلا مريم وابنها
- 213 لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة
- 214 دعا رسول الله ﷺ عليا وفاطمة وحسنا وحسينا فقال: اللهم...
- 215 كتاب النبي ﷺ إلى هرقل: أسلم تسلم يؤتك الله أجرك...
- 216 عقوبة الحلف الكاذب لأخذ مال المسلم
- 217 من حلف على سلعة ليوقع فيها مسلما
- 218 لو يعطى الناس بدعواهم لذهب دماء قوم وأموالهم
- 219 كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم
- 220 بخ، ذلك مال رابح، ذلك مال رابح
- 221 أي الطعام حرم إسرائيل على نفسه
- 222 كان إسرائيل أخذه عرق النسا فجعل لله عليه إن شفاه...
- 223 المسجد الحرام أول مسجد وضع في الأرض ثم المسجد الأقصى
- 224 ذروني ما تركتكم فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم
- 225 رسول الله يمشي بين الأوس والخزرج لفض النزاع
- 226 وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ
- 227 عذاب الزقوم لو قطرت قطرة لامرت على الارض
- 228 من أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة
- 229 حسن الظن بالله عند الموت
- 230 خير أمة أخرجت للناس تأتون بهم في السلاسل
معلومات عن حديث: ما تجاوز الله عنه من حديث النفس ما لم يتكلم أو يعمل
📜 حديث: ما تجاوز الله عنه من حديث النفس ما لم يتكلم أو يعمل
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: ما تجاوز الله عنه من حديث النفس ما لم يتكلم أو يعمل
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: ما تجاوز الله عنه من حديث النفس ما لم يتكلم أو يعمل
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: ما تجاوز الله عنه من حديث النفس ما لم يتكلم أو يعمل
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Thursday, November 20, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








