حديث: قد أنزلت عليك هذه الآية، ولا نطيقها

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ

عن أبي هريرة قال: لما نزلت على رسول اللَّه ﷺ: ﴿لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٨٤) قال: فاشتد ذلك على أصحاب رسول اللَّه ﷺ، فأتوا رسول اللَّه ﷺ، ثم بركوا على الركب، فقالوا: أي رسول اللَّه! كلفنا من الأعمال ما نطيق، الصلاة والصيام والجهاد والصدقة، وقد أنزلت عليك هذه الآية، ولا نطيقها، قال رسول اللَّه ﷺ: «أتريدون أن تقولوا كما قال أهل الكتابين من قبلكم: سمعنا وعصينا؟ بل قولوا: سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير» قالوا: سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير، فلما اقترأها القوم ذلت بها ألسنتهم، فأنزل اللَّه في إثرها: ﴿آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (٢٨٥) فلما فعلوا ذلك نسخها اللَّه تعالى، فأنزل اللَّه عز وجل: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا﴾ قال: نعم ﴿رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا﴾ قال: نعم ﴿رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ﴾ قال: نعم ﴿وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ﴾ قال: نعم.

صحيح: رواه مسلم في الإيمان (١٢٥) من طرق عن يزيد بن زريع، حدّثنا روح -وهو ابن القاسم- عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة فذكره.

عن أبي هريرة قال: لما نزلت على رسول اللَّه ﷺ: ﴿لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٨٤)﴾ قال: فاشتد ذلك على أصحاب رسول اللَّه ﷺ، فأتوا رسول اللَّه ﷺ، ثم بركوا على الركب، فقالوا: أي رسول اللَّه! كلفنا من الأعمال ما نطيق، الصلاة والصيام والجهاد والصدقة، وقد أنزلت عليك هذه الآية، ولا نطيقها، قال رسول اللَّه ﷺ: «أتريدون أن تقولوا كما قال أهل الكتابين من قبلكم: سمعنا وعصينا؟ بل قولوا: سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير» قالوا: سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير، فلما اقترأها القوم ذلت بها ألسنتهم، فأنزل اللَّه في إثرها: ﴿آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (٢٨٥)﴾ فلما فعلوا ذلك نسخها اللَّه تعالى، فأنزل اللَّه ﷿: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا﴾ قال: نعم ﴿رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا﴾ قال: نعم ﴿رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ﴾ قال: نعم ﴿وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ﴾ قال: نعم.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله خاتم النبيين وإمام المتقين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإن الحديث الذي أشرت إليه حديث عظيم، يحكي قصة نزول آيات من سورة البقرة، ويبين مدى حرص الصحابة رضي الله عنهم على تطبيق أوامر الله تعالى، ومدى رحمة الله تعالى بعباده. وإليك الشرح الوافي لهذا الحديث:

1. شرح المفردات:


● فاشتد ذلك: ثقل عليهم وشقَّ.
● بركوا على الركب: جلسوا على ركبهم تواضعًا وسؤالاً.
● كلفنا: أُمرنا بأعمال شاقة.
● نطيقها: نستطيع القيام بها.
● أهل الكتابين: اليهود والنصارى.
● ذلت بها ألسنتهم: لانَت وسهلت عليهم النطق بها.
● نسخها الله: أبطل حكمها بحكم آخر.

2. شرح الحديث:


يبدأ الحديث بأن الله تعالى أنزل على رسوله ﷺ الآية 284 من سورة البقرة، والتي تخبر أن الله يعلم كل ما في السماوات والأرض، وسيحاسب العباد على ما أبدوه من أقوال وأفعال وما أخفوه في أنفسهم من نيات وخواطر، ثم يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء.
فحزن الصحابة رضي الله عنهم وشق عليهم هذا الأمر، لأنهم فهموا أنهم سيحاسبون حتى على ما يخطر في نفوسهم من وساوس وخواطر، وهو أمر لا يستطيع الإنسان السيطرة عليه تمامًا. فجاؤوا إلى النبي ﷺ متواضعين، وأخبروه أنهم قد كُلِّفوا بأعمال ظاهرة يستطيعون القيام بها كالصلاة والصيام والجهاد والصدقة، ولكن هذه الآية تطلب منهم أن يحاسبوا على ما في الأنفس، وهو مما لا يطيقون.
فأرشدهم النبي ﷺ إلى أن يقولوا: "سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير"، ونهاهم أن يقولوا كما قال أهل الكتاب من قبلهم: "سمعنا وعصينا" عندما أمروا بأمر فاستكبروا عنه. فاستجاب الصحابة لأمر النبي ﷺ، وقالوا هذه الكلمات بقلوب مؤمنة مطمئنة، فذلّت بها ألسنتهم، وقبلها الله تعالى منهم.
ثم أنزل الله تعالى بعد ذلك الآية 285 من سورة البقرة، التي مدح فيها المؤمنين بقولهم: "سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير"، وأثبت لهم الإيمان الكامل.
وبعد أن استجاب الصحابة وأظهر الله تعالى رضاه عنهم، نسخ الله الحكم الأول المتعلق بالمحاسبة على ما تُخفيه الأنفس، وأنزل بدلاً منه الآية 286 من سورة البقرة، التي فيها تيسير كبير على الأمة، حيث بيّن أن الله لا يكلف نفسًا إلا وسعها، وأن الإنسان لا يحاسب إلا على ما كسبه من أعمال ظاهرة، وأما ما يخطر في النفس من وساوس فلا يؤاخذ عليه الإنسان إذا لم يعمل به أو يتكلم به.

3. الدروس المستفادة منه:


● حرص الصحابة على الدين: فهم كانوا يحرصون على تطبيق كل ما يأمرهم الله به، ويخافون من عدم القدرة على الوفاء به.
● التسليم لله والانقياد لأوامره: أمرهم النبي ﷺ أن يقولوا "سمعنا وأطعنا" تعليمًا لهم أن الواجب على المسلم التسليم الكامل لأمر الله دون تردد.
● رحمة الله تعالى بالأمة: حيث رفع عنهم الحرج، ونسخ الحكم الشاق بحكم يسير، مما يدل على أن الله تعالى لا يريد بعباده العسر، بل يريد بهم اليسر.
● أن الوساوس التي تخطر في القلب لا يؤاخذ عليها الإنسان: ما دام لم يعمل بها أو يتكلم بها، وهذا من رحمة الله تعالى.
● فضل الدعاء بالأدعية الواردة في القرآن: مثل "ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا" وغيرها من الأدعية التي جاءت في آخر سورة البقرة، والتي أجاب الله عليها بـ "نعم"، مما يدل على استجابته تعالى لها.

4. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث رواه الإمام مسلم في صحيحه، وهو من الأحاديث الصحيحة.
- الآية التي نسخت هي قوله تعالى: "وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله"، وقد نسخت بآية: "لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها".
- يستحب للإنسان أن يكثر من الدعاء بالأدعية الواردة في آخر سورة البقرة، خاصة في الصلاة وفي أوقات الاستجابة، لأن الله قد استجاب لها.
- القصة تدل على أن الشريعة الإسلامية جاءت بالتيسير ورفع الحرج، وهذا من محاسن الإسلام.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يعيننا على طاعته ورضاه، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في الإيمان (١٢٥) من طرق عن يزيد بن زريع، حدّثنا روح -وهو ابن القاسم- عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة فذكره.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 201 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: قد أنزلت عليك هذه الآية، ولا نطيقها

  • 📜 حديث: قد أنزلت عليك هذه الآية، ولا نطيقها

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: قد أنزلت عليك هذه الآية، ولا نطيقها

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: قد أنزلت عليك هذه الآية، ولا نطيقها

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: قد أنزلت عليك هذه الآية، ولا نطيقها

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب