حديث: قولوا: سمعنا وأطعنا وسلمنا

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ

عن ابن عباس قال: لما نزلت هذه الآية: ﴿وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ﴾ قال: دخل قلوبهم منها شيء لم يدخل قلوبهم من شيء، فقال النبي ﷺ: «قولوا: سمعنا وأطعنا وسلمنا» قال: فألقى اللَّه الإيمان في قلوبهم، فأنزل اللَّه تعالى: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا﴾ قال: قد فعلت، ﴿رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا﴾ قال: قد فعلت، ﴿رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ﴾ قال: قد فعلت.

صحيح: رواه مسلم في الإيمان (١٢٦) من طرق عن وكيع، عن سفيان، عن آدم بن سليمان مولى خالد، قال: سمعت سعيد بن جبير يحدث عن ابن عباس فذكره.

عن ابن عباس قال: لما نزلت هذه الآية: ﴿وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ﴾ قال: دخل قلوبهم منها شيء لم يدخل قلوبهم من شيء، فقال النبي ﷺ: «قولوا: سمعنا وأطعنا وسلمنا» قال: فألقى اللَّه الإيمان في قلوبهم، فأنزل اللَّه تعالى: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا﴾ قال: قد فعلت، ﴿رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا﴾ قال: قد فعلت، ﴿رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ﴾ قال: قد فعلت.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا حديث عظيم يرويه الصحابي الجليل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، ويبين كيف كان تفاعل الصحابة مع الوحي، ورحمة الله تعالى بهم، وتيسيره عليهم. وإليك الشرح الوافي للحديث:

أولاً. شرح المفردات:


● نزلت هذه الآية: المقصود بها قوله تعالى: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ} [البقرة: 284].
● دخل قلوبهم منها شيء: أي أصابهم خوف وقلق شديد من هذه الآية.
● سمعنا وأطعنا وسلمنا: أي استسلمنا وانقادنا لأمر الله تعالى.
● ألقى الله الإيمان في قلوبهم: أي ثبّت الإيمان وزاده في قلوبهم.
● لا تُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا: أي لا يطلب الله من الإنسان إلا ما يقدر عليه.
● رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا: دعاء بأن لا يعاقبهم الله على النسيان أو الخطأ غير المتعمد.
● إِصْرًا: أي عبئاً ثقيلاً أو تكليفاً شاقاً.
● مَوْلَانَا: أي ناصرنا وحافظنا.


ثانياً. شرح الحديث:


يحدثنا ابن عباس رضي الله عنهما عن موقف مهم في تاريخ الدعوة الإسلامية، عندما نزلت آية المحاسبة على ما في النفوس، وهي قوله تعالى: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ}، ففهم الصحابة الكرام منها أن الله سيحاسبهم حتى على الخواطر والوساوس التي تمر في نفوسهم، مما سبب لهم قلقاً شديداً لم يشعروا بمثله من قبل، لأنهم أدركوا عظمة المسؤولية ودقة المحاسبة.
فأرشدهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى الاستسلام الكامل لله تعالى بقول: "سمعنا وأطعنا وسلمنا"، أي نقبل بما جاء من الله دون تردد أو اعتراض، ونسلم لحكمه تعالى. فلما استجاب الصحابة لهذا التوجيه النبوي، وأعلنوا انقيادهم، أنزل الله تعالى عليهم السكينة والطمأنينة، وثبت الإيمان في قلوبهم.
ثم أنزل الله تعالى الآيات التالية من سورة البقرة (آية 286) التي فيها التيسير والرحمة، حيث بيّن تعالى أنه لا يكلف نفساً فوق طاقتها، وأن الإنسان يحاسب على ما كسبه من أعمال صالحة أو طالحة، ثم جاء الدعاء العظيم الذي علمه الله للأمة: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا}، فاستجاب الله تعالى بقوله: "قد فعلت"، أي أن الله لا يؤاخذ على النسيان والخطأ غير المتعمد. ثم قال: {رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا}، فأجاب الله: "قد فعلت"، أي لم يجر على هذه الأمة من الأغلال والتكاليف الشاقة ما حمل على الأمم السابقة. ثم ختم الدعاء بقوله: {رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ}، فأجاب الله: "قد فعلت"، أي أن الله لا يكلفهم ما لا يطيقون.


ثالثاً. الدروس المستفادة من الحديث:


1- عظم رحمة الله تعالى بهذه الأمة: حيث خفف عنها ما كان على الأمم السابقة من تكاليف شاقة.
2- الإيمان يزيد بالطاعة والانقياد: كما حصل للصحابة عندما استجابوا لأمر النبي صلى الله عليه وسلم.
3- الخوف من الله تعالى من صفات المؤمنين: حيث خشي الصحابة من محاسبة الله حتى على ما في النفوس.
4- الاستسلام والانقياد لله من أسباب تثبيت الإيمان: كما قال تعالى: {فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} [آل عمران: 159].
5- الله تعالى لا يكلف نفساً إلا وسعها: وهذا من أعظم مبادئ العدل الإلهي.
6- الاعتراف بالعجز والالتجاء إلى الله بالدعاء: كما في الدعاء المذكور في الآية.
7- بيان أن الخطأ والنسيان مغفور: إذا كان غير متعمد.


رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث رواه الإمام مسلم في صحيحه، وهو من الأحاديث الصحيحة المتعلقة بتفسير القرآن.
- الآية الأولى (284 من سورة البقرة) نزلت في بداية الأمر، ثم نسخها الله تعالى بآية التيسير (286 من سورة البقرة) في رواية بعض المفسرين، وقيل: إن المحاسبة على ما في النفوس باقية ولكن على سبيل الفضل والرحمة، لا على سبيل الإلزام والعقاب.
- الدعاء الوارد في آخر سورة البقرة (آية 286) من الأدعية العظيمة التي ينبغي للمسلم أن يحافظ عليها، فقد استجاب الله تعالى لها كما في هذا الحديث.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يثبت قلوبنا على دينه، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في الإيمان (١٢٦) من طرق عن وكيع، عن سفيان، عن آدم بن سليمان مولى خالد، قال: سمعت سعيد بن جبير يحدث عن ابن عباس فذكره.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 203 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: قولوا: سمعنا وأطعنا وسلمنا

  • 📜 حديث: قولوا: سمعنا وأطعنا وسلمنا

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: قولوا: سمعنا وأطعنا وسلمنا

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: قولوا: سمعنا وأطعنا وسلمنا

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: قولوا: سمعنا وأطعنا وسلمنا

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب