حديث: ابن عمر يبكي عند تلاوة الآية ويقول: لئن أخذنا الله بهذا لنهلكن
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب قوله: ﴿آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ
صحيح: رواه ابن جرير الطبري (٥/ ١٣٢) عن يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني يونس بن يزيد، عن ابن شهاب، عن سعيد بن مرجانة فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.أهلاً بك أيها السائل الكريم، وأسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث العظيم الذي ذكرته، رواه الإمام البخاري في صحيحه، وهو حديث يمسّ صميم العقيدة الإسلامية ويسكب في القلب رحمة الله وفضله. سأشرحه لك جزءاً جزءاً بحول الله وقوته.
أولاً. شرح المفردات:
● تلا هذه الآية: قرأها.
● لنهلكن: لهلكنا جميعاً.
● نشيجه: صوت بكائه مع شهيق.
● يغفر الله لأبي عبد الرحمن: دعاء منه بالرحمة والمغفرة لابن عمر.
● وجد المسلمون منها: أصابهم منها خوف وحرج شديد.
● الوسوسة: ما يخطر في القلب من خواطر الشر.
● لا طاقة لهم بها: لا يقدرون على دفعها أو منعها.
ثانياً. شرح الحديث بإيجاز:
يحكي سعيد بن مرجانة أنه كان جالساً مع الصحابي الجليل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، فقرأ ابن عمر قوله تعالى: {لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ} [البقرة: 284].
ففهم عبد الله بن عمر - رضي الله عنه - من العموم في الآية أن الله سيحاسب العبد على كل ما يخطر بباله، حتى مجرد الوساوس والخواطر التي لا يستطيع منعها. وهذا الفهم جعله يخاف خوفاً شديداً ويقول: "والله لئن أخذنا الله بهذا لنهلكن"، ثم بكى بكاءً شديداً.
فلما رأى ابن مرجانة هذا المشهد، ذهب إلى عالم الصحابة وترجمان القرآن، عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، وأخبره بما حدث. ففسر ابن عباس الموقف تفسيراً رائعاً، فقال: "يغفر الله لأبي عبد الرحمن" أي يدعو له، ثم بيّن أن هذا الفهم والحرج الذي شعر به ابن عمر قد شعر به جميع الصحابة عند نزول الآية، حتى أنزل الله تعالى الآية التالية لها تيسيراً ورفعاً للحرج: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} [البقرة: 286].
فبيّن ابن عباس أن الله تعالى لم يجعل الحساب على مجرد الوساوس التي لا يملك العبد دفعها، وإنما الحساب على ما كسبته النفس قولاً أو فعلاً بإرادتها واختيارها.
ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:
1- خوف الصالحين: يظهر لنا من موقف ابن عمر شدة خوف الصحابة من الله تعالى وتحرجهم من عقابه، حتى إنهم كانوا يخافون من مجرد فهم خاطئ للآية. هذا الخوف هو سر قربهم من الله.
2- فضل العلم والتفقه في الدين: لو لم يذهب ابن مرجانة إلى ابن عباس لبقى هذا الفهم الموجع في القلب. العالم كالطبيب، يزيل الشكوك ويشرح الصدور.
3- يسر الإسلام ورفع الحرج: من أعظم مقاصد الشريعة رفع الحرج عن الأمة. فالله تعالى لا يكلف نفساً إلا وسعها، وهو أرحم بعباده من أن يحاسبهم على ما لا يملكون.
4- الفرق بين الوسوسة والاختيار: العقاب والثواب إنما هما على ما كسبه العبد باختياره وقصده، أما ما يوسوس به الشيطان في النفس من غير اختيار، فلا مؤاخذة عليه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا، مَا لَمْ تَتَكَلَّمْ أَوْ تَعْمَلْ بِهِ».
5- حسن الظن بالله: الآية التي أنزلها الله {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} هي تتويج لرحمة الله وفضله على عباده.
رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:
- هذا الحديث من أبلغ الأدلة على حرص السلف على فهم القرآن حق الفهم، وخوفهم من الله، وسرعة تبينهم للحكم الشرعي.
- الآية التي استشكلها ابن عمر {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ} قد أجمع العلماء على أن المراد بها: ما أبداه العبد بقوله أو فعله، أو أخفاه في نفسه مع العزم عليه والإصرار. أما مجرد الخواطر والوساوس التي لا يستقر عليها القلب ولا يرضى بها، فهي غير محاسبة عليها.
- هذا الموقف يعلمنا أدب السلف في التعامل مع النصوص، فلم ينكر ابن عمر أو يتهم، بل خاف وبكى، ثم سُئل العالم فبين.
أسأل الله أن يرزقنا خشيته في الغيب والشهادة، وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
تخريج الحديث
وإسناده صحيح. وسعيد بن مرجانة هو: ابن عبد اللَّه على الصحيح، وهو ثقة من رجال الصحيح، ومرجانة أمه.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 204 من أصل 1947 حديثاً له شرح
- 179 أنفقي ولا تحصي فيحصي الله عليك ولا توعي فيوعي الله...
- 180 يد الله ملأى لا تغيضها نفقة
- 181 رجل تصدق فأخفى حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه
- 182 ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء
- 183 المسكين الذي يتعفف ولا يسأل الناس إلحافًا
- 184 من سأل وله أربعون درهما فهو ملحف
- 185 المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة
- 186 تحريم تجارة الخمر بعد قراءة آيات الربا
- 187 آكل الربا ومؤكله وكاتبه وشاهديه
- 188 نهى النبي عن ثمن الكلاب وثمن الدم وآكل الربا وموكله
- 189 الرجل الذي في النهر آكلوا الربا
- 190 ما أحد أكثر من الربا إلا كان عاقبة أمره إلى...
- 191 ولا يقبل الله إلا الطيب
- 192 تلقّت الملائكة روح رجل فقالوا: أعملت من الخير شيئًا؟
- 193 من أنظر معسرًا أو وضع عنه أظله الله في ظله
- 194 من سره أن ينجيه الله من كرب يوم القيامة فلينفس...
- 195 من أنظر معسرًا فله بكل يوم مثليه صدقة
- 196 آخر شيء نزل من القرآن: واتقوا يوما ترجعون فيه إلى...
- 197 آخر اية نزلت من القرآن الكريم
- 198 ثلاثة وددت أن رسول الله لم يفارقنا
- 199 هذه نسخت ما قبلها
- 200 اشترى رسول الله طعامًا بنسيئة ورهن درعه
- 201 قد أنزلت عليك هذه الآية، ولا نطيقها
- 202 وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ نسختها الآية التي...
- 203 قولوا: سمعنا وأطعنا وسلمنا
- 204 ابن عمر يبكي عند تلاوة الآية ويقول: لئن أخذنا الله...
- 205 قولوا: سمعنا وأطعنا نسختها آية لا يكلف الله نفسا إلا...
- 206 ما تجاوز الله عنه من حديث النفس ما لم يتكلم...
- 207 إذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فاحذروهم
- 208 القلب بين أصبعين من أصابع الرحمن
- 209 قلب ابن آدم أسرع تقلبا من القدر إذا استجمعت غليانًا
- 210 قتل الأنبياء من الكبائر
- 211 ائذنوا له بئس ابن العشيرة
- 212 كل مولود يمسه الشيطان إلا مريم وابنها
- 213 لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة
- 214 دعا رسول الله ﷺ عليا وفاطمة وحسنا وحسينا فقال: اللهم...
- 215 كتاب النبي ﷺ إلى هرقل: أسلم تسلم يؤتك الله أجرك...
- 216 عقوبة الحلف الكاذب لأخذ مال المسلم
- 217 من حلف على سلعة ليوقع فيها مسلما
- 218 لو يعطى الناس بدعواهم لذهب دماء قوم وأموالهم
- 219 كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم
- 220 بخ، ذلك مال رابح، ذلك مال رابح
- 221 أي الطعام حرم إسرائيل على نفسه
- 222 كان إسرائيل أخذه عرق النسا فجعل لله عليه إن شفاه...
- 223 المسجد الحرام أول مسجد وضع في الأرض ثم المسجد الأقصى
- 224 ذروني ما تركتكم فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم
- 225 رسول الله يمشي بين الأوس والخزرج لفض النزاع
- 226 وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ
- 227 عذاب الزقوم لو قطرت قطرة لامرت على الارض
- 228 من أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة
معلومات عن حديث: ابن عمر يبكي عند تلاوة الآية ويقول: لئن أخذنا الله بهذا لنهلكن
📜 حديث: ابن عمر يبكي عند تلاوة الآية ويقول: لئن أخذنا الله بهذا لنهلكن
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: ابن عمر يبكي عند تلاوة الآية ويقول: لئن أخذنا الله بهذا لنهلكن
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: ابن عمر يبكي عند تلاوة الآية ويقول: لئن أخذنا الله بهذا لنهلكن
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: ابن عمر يبكي عند تلاوة الآية ويقول: لئن أخذنا الله بهذا لنهلكن
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








