حديث: ابن عمر يبكي عند تلاوة الآية ويقول: لئن أخذنا الله بهذا لنهلكن

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ

عن سعيد بن مرجانة يحدث أنه بينا هو جالس مع عبد اللَّه بن عمر تلا هذه الآية: ﴿لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ﴾ الآية. فقال: واللَّه لئن أخذنا اللَّه بهذا لنهلكن، ثم بكى ابن عمر حتى سمع نشيجه، فقال ابن مرجانة: فقمت حتى أتيت ابن عباس، فذكرت له ما تلا ابن عمر، وما فعل حين تلاها، فقال عبد اللَّه بن عباس: يغفر اللَّه لأبي عبد الرحمن، لعمري لقد وجد المسلمون منها حين أنزلت مثل ما وجد عبد اللَّه بن عمر، فأنزل اللَّه: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ إلى آخر السورة، قال ابن عباس: فكانت هذه الوسوسة مما لا طاقة للمسلمين بها، وصار الأمر إلى أن قضى اللَّه أن للنفس ما كسبت، وعليها ما اكتسبت في القول والفعل.

صحيح: رواه ابن جرير الطبري (٥/ ١٣٢) عن يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني يونس بن يزيد، عن ابن شهاب، عن سعيد بن مرجانة فذكره.

عن سعيد بن مرجانة يحدث أنه بينا هو جالس مع عبد اللَّه بن عمر تلا هذه الآية: ﴿لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ﴾ الآية. فقال: واللَّه لئن أخذنا اللَّه بهذا لنهلكن، ثم بكى ابن عمر حتى سمع نشيجه، فقال ابن مرجانة: فقمت حتى أتيت ابن عباس، فذكرت له ما تلا ابن عمر، وما فعل حين تلاها، فقال عبد اللَّه بن عباس: يغفر اللَّه لأبي عبد الرحمن، لعمري لقد وجد المسلمون منها حين أنزلت مثل ما وجد عبد اللَّه بن عمر، فأنزل اللَّه: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ إلى آخر السورة، قال ابن عباس: فكانت هذه الوسوسة مما لا طاقة للمسلمين بها، وصار الأمر إلى أن قضى اللَّه أن للنفس ما كسبت، وعليها ما اكتسبت في القول والفعل.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أهلاً بك أيها السائل الكريم، وأسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث العظيم الذي ذكرته، رواه الإمام البخاري في صحيحه، وهو حديث يمسّ صميم العقيدة الإسلامية ويسكب في القلب رحمة الله وفضله. سأشرحه لك جزءاً جزءاً بحول الله وقوته.

أولاً. شرح المفردات:


● تلا هذه الآية: قرأها.
● لنهلكن: لهلكنا جميعاً.
● نشيجه: صوت بكائه مع شهيق.
● يغفر الله لأبي عبد الرحمن: دعاء منه بالرحمة والمغفرة لابن عمر.
● وجد المسلمون منها: أصابهم منها خوف وحرج شديد.
● الوسوسة: ما يخطر في القلب من خواطر الشر.
● لا طاقة لهم بها: لا يقدرون على دفعها أو منعها.

ثانياً. شرح الحديث بإيجاز:


يحكي سعيد بن مرجانة أنه كان جالساً مع الصحابي الجليل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، فقرأ ابن عمر قوله تعالى: {لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ} [البقرة: 284].
ففهم عبد الله بن عمر - رضي الله عنه - من العموم في الآية أن الله سيحاسب العبد على كل ما يخطر بباله، حتى مجرد الوساوس والخواطر التي لا يستطيع منعها. وهذا الفهم جعله يخاف خوفاً شديداً ويقول: "والله لئن أخذنا الله بهذا لنهلكن"، ثم بكى بكاءً شديداً.
فلما رأى ابن مرجانة هذا المشهد، ذهب إلى عالم الصحابة وترجمان القرآن، عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، وأخبره بما حدث. ففسر ابن عباس الموقف تفسيراً رائعاً، فقال: "يغفر الله لأبي عبد الرحمن" أي يدعو له، ثم بيّن أن هذا الفهم والحرج الذي شعر به ابن عمر قد شعر به جميع الصحابة عند نزول الآية، حتى أنزل الله تعالى الآية التالية لها تيسيراً ورفعاً للحرج: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} [البقرة: 286].
فبيّن ابن عباس أن الله تعالى لم يجعل الحساب على مجرد الوساوس التي لا يملك العبد دفعها، وإنما الحساب على ما كسبته النفس قولاً أو فعلاً بإرادتها واختيارها.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- خوف الصالحين: يظهر لنا من موقف ابن عمر شدة خوف الصحابة من الله تعالى وتحرجهم من عقابه، حتى إنهم كانوا يخافون من مجرد فهم خاطئ للآية. هذا الخوف هو سر قربهم من الله.
2- فضل العلم والتفقه في الدين: لو لم يذهب ابن مرجانة إلى ابن عباس لبقى هذا الفهم الموجع في القلب. العالم كالطبيب، يزيل الشكوك ويشرح الصدور.
3- يسر الإسلام ورفع الحرج: من أعظم مقاصد الشريعة رفع الحرج عن الأمة. فالله تعالى لا يكلف نفساً إلا وسعها، وهو أرحم بعباده من أن يحاسبهم على ما لا يملكون.
4- الفرق بين الوسوسة والاختيار: العقاب والثواب إنما هما على ما كسبه العبد باختياره وقصده، أما ما يوسوس به الشيطان في النفس من غير اختيار، فلا مؤاخذة عليه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا، مَا لَمْ تَتَكَلَّمْ أَوْ تَعْمَلْ بِهِ».
5- حسن الظن بالله: الآية التي أنزلها الله {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} هي تتويج لرحمة الله وفضله على عباده.

رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث من أبلغ الأدلة على حرص السلف على فهم القرآن حق الفهم، وخوفهم من الله، وسرعة تبينهم للحكم الشرعي.
- الآية التي استشكلها ابن عمر {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ} قد أجمع العلماء على أن المراد بها: ما أبداه العبد بقوله أو فعله، أو أخفاه في نفسه مع العزم عليه والإصرار. أما مجرد الخواطر والوساوس التي لا يستقر عليها القلب ولا يرضى بها، فهي غير محاسبة عليها.
- هذا الموقف يعلمنا أدب السلف في التعامل مع النصوص، فلم ينكر ابن عمر أو يتهم، بل خاف وبكى، ثم سُئل العالم فبين.
أسأل الله أن يرزقنا خشيته في الغيب والشهادة، وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه ابن جرير الطبري (٥/ ١٣٢) عن يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني يونس بن يزيد، عن ابن شهاب، عن سعيد بن مرجانة فذكره.
وإسناده صحيح. وسعيد بن مرجانة هو: ابن عبد اللَّه على الصحيح، وهو ثقة من رجال الصحيح، ومرجانة أمه.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 204 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: ابن عمر يبكي عند تلاوة الآية ويقول: لئن أخذنا الله بهذا لنهلكن

  • 📜 حديث: ابن عمر يبكي عند تلاوة الآية ويقول: لئن أخذنا الله بهذا لنهلكن

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: ابن عمر يبكي عند تلاوة الآية ويقول: لئن أخذنا الله بهذا لنهلكن

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: ابن عمر يبكي عند تلاوة الآية ويقول: لئن أخذنا الله بهذا لنهلكن

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: ابن عمر يبكي عند تلاوة الآية ويقول: لئن أخذنا الله بهذا لنهلكن

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب