حديث: قولوا: سمعنا وأطعنا نسختها آية لا يكلف الله نفسا إلا وسعها

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ

عن مجاهد، قال: دخلت على ابن عباس، فقلت: يا أبا عباس، كنت عند ابن عمر، فقرأ هذه الآية فبكى، قال: أية آية؟ قلت: ﴿وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ﴾ قال ابن عباس: إن هذه الآية حين أنزلت، غمت أصحاب رسول اللَّه ﷺ غما شديدا، وغاظتهم غيظًا شديدًا، يعني، وقالوا: يا رسول اللَّه، هلكنا، إن كنا نؤاخذ بما تكلمنا، وبما نعمل، فأما قلوبنا فليست بأيدينا، فقال لهم رسول اللَّه
ﷺ: «قولوا: سمعنا وأطعنا» قالوا: سمعنا وأطعنا، قال: فنسختها هذه الآية: ﴿آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ﴾ إلى ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا﴾ فتجوز لهم عن حديث النفس، وأخذوا بالأعمال.

حسن: رواه أحمد (٣٠٧٠) وابن جرير (٥/ ١٣٣) كلاهما من حديث عبد الرزاق، -هو في تفسيره (١/ ١١٣ - ١١٤) - أخبرنا معمر، عن حميد الأعرج، عن مجاهد فذكره.

عن مجاهد، قال: دخلت على ابن عباس، فقلت: يا أبا عباس، كنت عند ابن عمر، فقرأ هذه الآية فبكى، قال: أية آية؟ قلت: ﴿وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ﴾ قال ابن عباس: إن هذه الآية حين أنزلت، غمت أصحاب رسول اللَّه ﷺ غما شديدا، وغاظتهم غيظًا شديدًا، يعني، وقالوا: يا رسول اللَّه، هلكنا، إن كنا نؤاخذ بما تكلمنا، وبما نعمل، فأما قلوبنا فليست بأيدينا، فقال لهم رسول اللَّه
ﷺ: «قولوا: سمعنا وأطعنا» قالوا: سمعنا وأطعنا، قال: فنسختها هذه الآية: ﴿آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ﴾ إلى ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا﴾ فتجوز لهم عن حديث النفس، وأخذوا بالأعمال.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإن هذا الحديث العظيم الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه وغيره، يروي لنا قصة نزول آيتين من كتاب الله تعالى، ويبين لنا جانبًا من رحمة الله تعالى بعباده وتيسيره عليهم.

أولاً. شرح المفردات:


● غَمَّتْ: أحزنت وأثقلت.
● غَاظَتْهُمْ: أغضبتهم وأقلقتهم.
● نُسِخَتْها: ألغيت حكمها واستبدلت بحكم آخر. والنسخ في الشرع: رفع الحكم الثابت بخطاب متقدم بخطاب متأخر.
● يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ: يعاقبكم الله عليه.
● لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا: لا يطلب الله من الإنسان إلا ما يقدر عليه.

ثانيًا. شرح الحديث:


يبدأ الحديث بأن مجاهدًا دخل على الصحابي الجليل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، وأخبره أنه كان عند عبد الله بن عمر رضي الله عنهما فقرأ قوله تعالى: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ} [البقرة: 284]، فبكى من شدة الخوف من الله تعالى.
فأخبره ابن عباس رضي الله عنهما بأن هذه الآية عندما نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم، أحزنت وأقلقت الصحابة رضي الله عنهم غاية القلق، لأنهم فهموا منها أن الله سيحاسبهم حتى على ما يخطر في أنفسهم من الوساوس والخواطر التي لا يستطيعون دفعها.
فقالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: "هلكنا، إن كنا نؤاخذ بما تكلمنا، وبما نعمل، فأما قلوبنا فليست بأيدينا"، أي أنهم يتحكمون في أقوالهم وأفعالهم، لكن قلوبهم قد تخطر فيها أفكار لا إرادية لا يستطيعون منعها.
فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يقولوا: "سمعنا وأطعنا"، استسلامًا لأمر الله تعالى وتوكلًا عليه، فقالوها.
ثم أنزل الله تعالى الآيات التالية من سورة البقرة: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ * لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} [البقرة: 285-286].
فنسخت هذه الآيات الحكم السابق، وبينت أن الله تعالى لا يؤاخذ العبد على ما يخطر في نفسه من الوساوس والخواطر التي لا يقصدها، وإنما يؤاخذ على ما كسبته نفسه عمدًا واختيارًا.

ثالثًا. الدروس المستفادة:


1- رحمة الله تعالى بعباده: حيث رفع الحرج عن الأمة، ولم يؤاخذها على ما لا تقدر على دفعه من وساوس النفس.
2- الاستسلام لأمر الله: كما فعل الصحابة عندما قالوا "سمعنا وأطعنا" دون تردد.
3- أن النسخ واقع في الشريعة: وهو من رحمة الله تعالى، حيث ينسخ الحكم الأول بما هو أنفع للعباد.
4- خوف الصحابة من الله تعالى: حيث بكى ابن عمر رضي الله عنهما عند تلاوة الآية، مما يدل على شدة خوفهم من محاسبة الله.
5- أن المؤاخذة تكون على الأفعال والأقوال المتعمدة: أما الخطأ والنسيان وما لا طاقة للعبد به، فإن الله يعفو عنه.

رابعًا. معلومات إضافية:


- هذا الحديث من الأحاديث التي تبين نسخ الآيات في القرآن الكريم، وهو من الأدلة على أن النسخ كان واقعًا في الشريعة الإسلامية.
- الآية الأولى التي نزلت {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ} كانت من الآيات التي أوجبت الخوف والوجل في قلوب المؤمنين، ثم خفف الله تعالى عنهم بالآيات التي بعدها.
- يستحب للعبد أن يدعو بالدعاء الوارد في آخر آيات سورة البقرة: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا}، فقد روى الإمام مسلم أن الله تعالى قد استجاب هذا الدعاء.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أحمد (٣٠٧٠) وابن جرير (٥/ ١٣٣) كلاهما من حديث عبد الرزاق، -هو في تفسيره (١/ ١١٣ - ١١٤) - أخبرنا معمر، عن حميد الأعرج، عن مجاهد فذكره.
وإسناده حسن من أجل حميد وهو ابن قيس المكي القاري.
وقد تواتر النقل عن الصحابة والتابعين ومن بعدهم بأن قوله تعالى: نسختها الآية التي بعدها، لأن اللَّه عز وجل تجاوز عن حديث النفس ما لم يتكلم أو يعمل كما ثبت في الأحاديث الصحيحة.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 205 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: قولوا: سمعنا وأطعنا نسختها آية لا يكلف الله نفسا إلا وسعها

  • 📜 حديث: قولوا: سمعنا وأطعنا نسختها آية لا يكلف الله نفسا إلا وسعها

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: قولوا: سمعنا وأطعنا نسختها آية لا يكلف الله نفسا إلا وسعها

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: قولوا: سمعنا وأطعنا نسختها آية لا يكلف الله نفسا إلا وسعها

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: قولوا: سمعنا وأطعنا نسختها آية لا يكلف الله نفسا إلا وسعها

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب