حديث: قولوا: سمعنا وأطعنا نسختها آية لا يكلف الله نفسا إلا وسعها
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب قوله: ﴿آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ
ﷺ: «قولوا: سمعنا وأطعنا» قالوا: سمعنا وأطعنا، قال: فنسختها هذه الآية: ﴿آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ﴾ إلى ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا﴾ فتجوز لهم عن حديث النفس، وأخذوا بالأعمال.
حسن: رواه أحمد (٣٠٧٠) وابن جرير (٥/ ١٣٣) كلاهما من حديث عبد الرزاق، -هو في تفسيره (١/ ١١٣ - ١١٤) - أخبرنا معمر، عن حميد الأعرج، عن مجاهد فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.أما بعد، فإن هذا الحديث العظيم الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه وغيره، يروي لنا قصة نزول آيتين من كتاب الله تعالى، ويبين لنا جانبًا من رحمة الله تعالى بعباده وتيسيره عليهم.
أولاً. شرح المفردات:
● غَمَّتْ: أحزنت وأثقلت.
● غَاظَتْهُمْ: أغضبتهم وأقلقتهم.
● نُسِخَتْها: ألغيت حكمها واستبدلت بحكم آخر. والنسخ في الشرع: رفع الحكم الثابت بخطاب متقدم بخطاب متأخر.
● يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ: يعاقبكم الله عليه.
● لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا: لا يطلب الله من الإنسان إلا ما يقدر عليه.
ثانيًا. شرح الحديث:
يبدأ الحديث بأن مجاهدًا دخل على الصحابي الجليل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، وأخبره أنه كان عند عبد الله بن عمر رضي الله عنهما فقرأ قوله تعالى: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ} [البقرة: 284]، فبكى من شدة الخوف من الله تعالى.
فأخبره ابن عباس رضي الله عنهما بأن هذه الآية عندما نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم، أحزنت وأقلقت الصحابة رضي الله عنهم غاية القلق، لأنهم فهموا منها أن الله سيحاسبهم حتى على ما يخطر في أنفسهم من الوساوس والخواطر التي لا يستطيعون دفعها.
فقالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: "هلكنا، إن كنا نؤاخذ بما تكلمنا، وبما نعمل، فأما قلوبنا فليست بأيدينا"، أي أنهم يتحكمون في أقوالهم وأفعالهم، لكن قلوبهم قد تخطر فيها أفكار لا إرادية لا يستطيعون منعها.
فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يقولوا: "سمعنا وأطعنا"، استسلامًا لأمر الله تعالى وتوكلًا عليه، فقالوها.
ثم أنزل الله تعالى الآيات التالية من سورة البقرة: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ * لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} [البقرة: 285-286].
فنسخت هذه الآيات الحكم السابق، وبينت أن الله تعالى لا يؤاخذ العبد على ما يخطر في نفسه من الوساوس والخواطر التي لا يقصدها، وإنما يؤاخذ على ما كسبته نفسه عمدًا واختيارًا.
ثالثًا. الدروس المستفادة:
1- رحمة الله تعالى بعباده: حيث رفع الحرج عن الأمة، ولم يؤاخذها على ما لا تقدر على دفعه من وساوس النفس.
2- الاستسلام لأمر الله: كما فعل الصحابة عندما قالوا "سمعنا وأطعنا" دون تردد.
3- أن النسخ واقع في الشريعة: وهو من رحمة الله تعالى، حيث ينسخ الحكم الأول بما هو أنفع للعباد.
4- خوف الصحابة من الله تعالى: حيث بكى ابن عمر رضي الله عنهما عند تلاوة الآية، مما يدل على شدة خوفهم من محاسبة الله.
5- أن المؤاخذة تكون على الأفعال والأقوال المتعمدة: أما الخطأ والنسيان وما لا طاقة للعبد به، فإن الله يعفو عنه.
رابعًا. معلومات إضافية:
- هذا الحديث من الأحاديث التي تبين نسخ الآيات في القرآن الكريم، وهو من الأدلة على أن النسخ كان واقعًا في الشريعة الإسلامية.
- الآية الأولى التي نزلت {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ} كانت من الآيات التي أوجبت الخوف والوجل في قلوب المؤمنين، ثم خفف الله تعالى عنهم بالآيات التي بعدها.
- يستحب للعبد أن يدعو بالدعاء الوارد في آخر آيات سورة البقرة: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا}، فقد روى الإمام مسلم أن الله تعالى قد استجاب هذا الدعاء.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
تخريج الحديث
وإسناده حسن من أجل حميد وهو ابن قيس المكي القاري.
وقد تواتر النقل عن الصحابة والتابعين ومن بعدهم بأن قوله تعالى: نسختها الآية التي بعدها، لأن اللَّه عز وجل تجاوز عن حديث النفس ما لم يتكلم أو يعمل كما ثبت في الأحاديث الصحيحة.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 205 من أصل 1947 حديثاً له شرح
- 180 يد الله ملأى لا تغيضها نفقة
- 181 رجل تصدق فأخفى حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه
- 182 ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء
- 183 المسكين الذي يتعفف ولا يسأل الناس إلحافًا
- 184 من سأل وله أربعون درهما فهو ملحف
- 185 المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة
- 186 تحريم تجارة الخمر بعد قراءة آيات الربا
- 187 آكل الربا ومؤكله وكاتبه وشاهديه
- 188 نهى النبي عن ثمن الكلاب وثمن الدم وآكل الربا وموكله
- 189 الرجل الذي في النهر آكلوا الربا
- 190 ما أحد أكثر من الربا إلا كان عاقبة أمره إلى...
- 191 ولا يقبل الله إلا الطيب
- 192 تلقّت الملائكة روح رجل فقالوا: أعملت من الخير شيئًا؟
- 193 من أنظر معسرًا أو وضع عنه أظله الله في ظله
- 194 من سره أن ينجيه الله من كرب يوم القيامة فلينفس...
- 195 من أنظر معسرًا فله بكل يوم مثليه صدقة
- 196 آخر شيء نزل من القرآن: واتقوا يوما ترجعون فيه إلى...
- 197 آخر اية نزلت من القرآن الكريم
- 198 ثلاثة وددت أن رسول الله لم يفارقنا
- 199 هذه نسخت ما قبلها
- 200 اشترى رسول الله طعامًا بنسيئة ورهن درعه
- 201 قد أنزلت عليك هذه الآية، ولا نطيقها
- 202 وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ نسختها الآية التي...
- 203 قولوا: سمعنا وأطعنا وسلمنا
- 204 ابن عمر يبكي عند تلاوة الآية ويقول: لئن أخذنا الله...
- 205 قولوا: سمعنا وأطعنا نسختها آية لا يكلف الله نفسا إلا...
- 206 ما تجاوز الله عنه من حديث النفس ما لم يتكلم...
- 207 إذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فاحذروهم
- 208 القلب بين أصبعين من أصابع الرحمن
- 209 قلب ابن آدم أسرع تقلبا من القدر إذا استجمعت غليانًا
- 210 قتل الأنبياء من الكبائر
- 211 ائذنوا له بئس ابن العشيرة
- 212 كل مولود يمسه الشيطان إلا مريم وابنها
- 213 لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة
- 214 دعا رسول الله ﷺ عليا وفاطمة وحسنا وحسينا فقال: اللهم...
- 215 كتاب النبي ﷺ إلى هرقل: أسلم تسلم يؤتك الله أجرك...
- 216 عقوبة الحلف الكاذب لأخذ مال المسلم
- 217 من حلف على سلعة ليوقع فيها مسلما
- 218 لو يعطى الناس بدعواهم لذهب دماء قوم وأموالهم
- 219 كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم
- 220 بخ، ذلك مال رابح، ذلك مال رابح
- 221 أي الطعام حرم إسرائيل على نفسه
- 222 كان إسرائيل أخذه عرق النسا فجعل لله عليه إن شفاه...
- 223 المسجد الحرام أول مسجد وضع في الأرض ثم المسجد الأقصى
- 224 ذروني ما تركتكم فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم
- 225 رسول الله يمشي بين الأوس والخزرج لفض النزاع
- 226 وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ
- 227 عذاب الزقوم لو قطرت قطرة لامرت على الارض
- 228 من أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة
- 229 حسن الظن بالله عند الموت
معلومات عن حديث: قولوا: سمعنا وأطعنا نسختها آية لا يكلف الله نفسا إلا وسعها
📜 حديث: قولوا: سمعنا وأطعنا نسختها آية لا يكلف الله نفسا إلا وسعها
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: قولوا: سمعنا وأطعنا نسختها آية لا يكلف الله نفسا إلا وسعها
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: قولوا: سمعنا وأطعنا نسختها آية لا يكلف الله نفسا إلا وسعها
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: قولوا: سمعنا وأطعنا نسختها آية لا يكلف الله نفسا إلا وسعها
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








