حديث: من حلف على سلعة ليوقع فيها مسلما

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٧٧)﴾

عن عبد اللَّه بن أبي أوفى أن رجلا أقام سلعة في السوق، فحلف فيها: لقد أَعْطى بها ما لم يعطه، ليوقع فيها رجلا من المسلمين، فنزلت: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ﴾ إلى آخر الآية.

صحيح: رواه البخاريّ في التفسير (٤٥٥١) عن علي، هو ابن أبي هاشم، سمع هشيما، أخبرنا العوام بن حوشب، عن إبراهيم بن عبد الرحمن، عن عبد اللَّه بن أبي أوفى، قال: فذكره.

عن عبد اللَّه بن أبي أوفى أن رجلا أقام سلعة في السوق، فحلف فيها: لقد أَعْطى بها ما لم يعطه، ليوقع فيها رجلا من المسلمين، فنزلت: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ﴾ إلى آخر الآية.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث الذي ذكر يرويه الصحابي الجليل عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه، وهو حديث صحيح رواه الإمام البخاري في صحيحه، وفيه قصة عظيمة وموعظة بليغة.

أولاً. شرح مفردات الحديث:


● أقام سلعة: عرض بضاعة للبيع.
● حلف فيها: أقسم بالله على صحة ما يقول.
● أَعْطى بها ما لم يعطه: ادعى أنه دفع فيها ثمناً عالياً (أكثر من الحقيقة) ليوهم المشتري بقيمتها.
● ليوقع فيها رجلاً من المسلمين: ليخدع مسلماً ويغريه بشرائها بذلك الثمن المزيف.
● نزلت: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ﴾: أي أنزل الله تعالى الآية الكريمة في سورة آل عمران التي تذم هذا الفعل وتتوعد فاعله.

ثانياً. شرح الحديث:


يحكي لنا الصحابي عبد الله بن أبي أوفى قصة رجل من المنافقين كان في سوق المسلمين، فعرض بضاعة للبيع، ثم حلف بالله كاذباً أنه اشتراها بثمن باهظ (لم يدفعه في الحقيقة)؛ ليوهم المشتري المسلَِم أن هذه السلعة ثمينة وتستحق هذا الثمن المرتفع، فيقع في الفخ ويشتريها بثمن أعلى من قيمتها الحقيقية.
فكان هذا الفعل خيانة وغشاً وخداعاً للمسلمين، ومقترناً بحلف كاذب باسم الله تعالى، فأنزل الله تعالى الآية 77 من سورة آل عمران تعقيباً على هذا الفعل الشنيع، لتوبيخ فاعله وتوعده بالعذاب الأليم، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}.
ومعنى "يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا" أي: يستبدلون العهد الذي عاهدوا الله عليه (وهو الصدق والأمانة) بجانب الأيمان التي يحلفون بها، بثمن قليل من حطام الدنيا، وهو المكسب الحرام من هذا الغش والخداع.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- تحريم الغش والخداع في المعاملات: خصوصا إذا كان موجهاً لإخوانك في الدين. فالمسلم أخو المسلم، لا يغشه ولا يخدعه.
2- خطورة الحلف الكاذب في البيع والشراء: وهو من كبائر الذنوب، لأنه استهانة بعظمة الله وجعل اسمه وسيلة للظلم والعدوان.
3- أن السوق مجتمع له أحكامه: ودخوله ليس مجرد عملية بيع وشراء، بل هو عبادة يتقرب بها المسلم إلى الله بإخلاصه وأمانته وصدقه.
4- عظم جزاء من يفعل ذلك: فالوعيد المذكور في الآية (لا خلاق لهم في الآخرة، ولا يكلمهم الله، ولا ينظر إليهم...) وعيد شديد يدل على عظم هذه الجريمة عند الله تعالى.
5- أن القرآن نزل ليعالج واقع الناس: فلم ينزل في الفراغ، بل كان ينزل ليواجه الأحداث والمواقف ويبين حكم الله فيها.

رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث هو من أسباب النزول، أي أنه يبين الحادثة أو الواقعة التي نزلت فيها الآية الكريمة.
- الفعل الذي صدر من هذا الرجل يجمع بين عدة سيئات: الكذب، والغش، وخيانة الأمانة، والحلف كاذباً، والإضرار بمسلم.
- جاء في الحديث الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر على صبرة طعام، فأدخل يده فيها فنالت أصابعه بللاً، فقال: «ما هذا يا صاحب الطعام؟» قال: أصابته السماء يا رسول الله، قال: «أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس؟ من غش فليس مني». (رواه مسلم). وهذا يؤكد على أن الغش خلق مذموم ينافي صفات المؤمن الحق.
نسأل الله تعالى أن يجنبنا الغش والخداع، وأن يرزقنا الأمانة والصدق في أقوالنا وأعمالنا.
والله أعلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في التفسير (٤٥٥١) عن علي، هو ابن أبي هاشم، سمع هشيما، أخبرنا العوام بن حوشب، عن إبراهيم بن عبد الرحمن، عن عبد اللَّه بن أبي أوفى، قال: فذكره.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 217 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من حلف على سلعة ليوقع فيها مسلما

  • 📜 حديث: من حلف على سلعة ليوقع فيها مسلما

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: من حلف على سلعة ليوقع فيها مسلما

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: من حلف على سلعة ليوقع فيها مسلما

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: من حلف على سلعة ليوقع فيها مسلما

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب