حديث: خذ ما أعطيت من غير أن تسأل فكل وتصدق
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب قوله: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٦٠)﴾
متفق عليه: رواه مسلم في الزكاة (١٠٤٥: ١١٢) عن قتيبة بن سعيد، حدثنا ليث، عن بكير، عن بسر بن سعيد، عن ابن الساعدي المالكي، فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، و نسأل الله تعالى أن يرزقنا و إياكم العلم النافع والعمل الصالح، اللهم علمنا ما ينفعنا و انفعنا بما علمتنا و زدنا علما وفقها في الدين واجعلنا هداة مهتدين.
هذا حديث عظيم فيه قصة تدل على فقه وحكمة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وفيه توجيه نبوي كريم في باب قبول الهبات والعطايا. وإليك الشرح المفصل:
أولاً. ترجمة الراوي وسند الحديث:
الراوي هو عبد الله بن الساعدي المالكي، وكان من الصحابة رضوان الله عليهم. روى الحديث الإمام مسلم في صحيحه، والإمام البخاري في الأدب المفرد، وهو حديث صحيح.
ثانياً. شرح مفردات الحديث:
● استعملني: عينني وجعلني عاملاً.
● على الصدقة: أي على جباية زكاة الأموال وتحصيلها.
● أديتها إليه: سلمتها له بعد جمعها.
● أمر لي بعمالة: أمر أن يعطيني أجراً على عملي.
● عملت لله: أي قصدت بعملي وجه الله تعالى والثواب منه.
● أجري على الله: ثوابي متروك لله تعالى يجزيني به.
● فعمَّلني: أي أعطاني أجراً على عملي.
● من غير أن تسأل: بدون أن تطلب أو تتكلف للسؤال.
● فكل وتصدق: فخذ منه لنفسك وأعط منه في وجوه البر.
ثالثاً. شرح الحديث:
يحكي الصحابي الجليل عبد الله بن الساعدي رضي الله عنه أنه عين من قبل الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه ليكون عاملاً على جمع زكاة أموال المسلمين (الصدقات). وبعد أن انتهى من مهمته وسلم ما جمعه إلى بيت مال المسلمين، أراد الخليفة عمر أن يكافئه على جهده وعمله بأن يعطيه أجراً (عمالة) مقابل عمله.
فرفض عبد الله بن الساعدي ذلك قائلاً: "إنما عملت لله وأجري على الله"، أي أنني لم أكن أنوي من عملي إلا وجه الله تعالى وابتغاء ثوابه، فلا حاجة بي إلى أجر دنيوي.
فأجابه عمر بن الخطاب رضي الله عنه بحكمة بالغة مستنداً إلى سنة النبي صلى الله عليه وسلم، حيث أخبره أنه قد حدث معه موقف مماثل في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، عندما كلفه النبي بعمل فأعطاه أجراً عليه، فرفض عمر قائلاً نفس ما قاله عبد الله، فرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم بتوجيهه الكريم: «إذا أعطيت شيئا من غير أن تسأل، فكل وتصدق».
رابعاً. الدروس المستفادة والعبر:
1- إخلاص النية لله تعالى: من أعظم الدروس في هذا الحديث تأكيد أهمية إخلاص النية لله تعالى في جميع الأعمال، كما فعل الصحابيان حينما رفضا الأجر في البداية قائلين: "عملت لله وأجري على الله".
2- قبول الهبة والعطية من غير سؤال: يبين الحديث الشريف أنه لا حرج على المسلم أن يقبل العطية أو الهبة إذا أعطيت له من غير أن يطلبها أو يسألها، بل هو أمر مستحب.
3- الجمع بين الإخلاص وقبول العطاء: لا تعارض بين إخلاص العمل لله وبين قبول العطاء الدنيوي مقابل العمل، ما دام العطاء قد جاء من غير مسألة ولا إلحاح.
4- الحكمة في التعامل مع النفس والغير: النبي صلى الله عليه وسلم يعلمنا أن قبول العطاء ينفع الإنسان في دنياه، ويجعله قادراً على الصدقة والإحسان إلى غيره، فيجمع بين النفع الدنيوي والأخروي.
5- فقه عمر رضي الله عنه وحفظه للسنة: يدل الموقف على فقه عمر العميق وحفظه للسنة النبوية وتطبيقها في مواقف الحياة، حيث استدل بسنة النبي صلى الله عليه وسلم لتعليم الصحابي وتصويب فهمه.
6- جواز أخذ الأجر على العمل العام: الحديث يدل على مشروعية أخذ الأجر على الأعمال التي تقام لخدمة المسلمين، كجباية الزكاة وغيرها، إذا كان ذلك من غير سؤال.
7- التوازن بين الحقوق: التوازن بين حق النفس في الكسب الحلال، وحق العمل لله تعالى بإخلاص.
خامساً:
معلومات إضافية مفيدة:- هذا الحديث أصل في باب قبول الهدايا والعطايا دون سؤال.
- يستدل به العلماء على جواز أخذ الأجرة على الأعمال التي فيها نفع عام للمسلمين.
- فيه دليل على أن العمل لله لا يمنع من أخذ الأجر المباح، ما دامت النية خالصة لله ولم يكن هناك مسألة أو تكلف.
- يعلمنا النبي صلى الله عليه وسلم كيف نتعامل مع العطاء: نأخذ منه لأنفسنا وننفع به غيرنا بالصدقة، فيجتمع فيه الخير الدنيوي والأخروي.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
تخريج الحديث
ورواه البخاري في الأحكام (٧١٦٣) من وجه آخر عن عبد الله بن الساعدي نحوه.
وأما أقرباء رسول الله ﷺ الذين تحرم عليهم الصدقة، فلا يجوز أن يكونوا سعاة وجباة كما في الحديث الآتي: عن عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث قال: اجتمع ربيعة بن الحارث والعباس بن عبد المطلب، فقالا: والله لو بعثنا هذين الغلامين (قالا لي وللفضل بن عباس) إلى رسول الله ﷺ، فكلّماه، فأمرهما على هذه الصدقات، فأديا ما يؤدي الناس، وأصابا مما يصيب الناس. قال: فبينما هما في ذلك جاء علي بن أبي طالب فوقف عليهما، فذكرا له ذلك، فقال علي بن أبي طالب: لا تفعلا فوالله ما هو بفاعل. فانتحاه ربيعة بن الحارث، فقال: والله ما تصنع هذا إلا نفاسة منك علينا، فوالله! لقد نِلتَ صهر رسول الله ﷺ، فما نفسناه عليك. قال علي: أرسلوهما. فانطلقا واضطجع عليٌّ. قال: فلما صلّى رسول الله ﷺ الظهر سبقناه إلى الحجرة، فقمنا عندها حتى جاء، فأخذ بآذاننا. ثم قال: «أخرجا ما تصرران». ثم دخل، ودخلنا عليه وهو يومئذ
عند زينب بنت جحش، قال: فتواكلنا الكلام، ثم تكلم أحدنا، فقال: يا رسول الله! أنت أبر الناس، وأوصل الناس، وقد بلغنا النكاح، فجئنا لتؤمرنا على بعض هذه الصدقات، فنؤدي إليك كما يؤدي الناس، ونصيب كما يصيبون». قال: «فسكت طويلا حتى أردنا أن نكلّمه. قال: وجعلت زينب تُلمِع علينا من وراء الحجاب أن لا تكلّماه. قال: ثم قال: «إن الصدقة لا تنبغي لآل محمد. إنما هي أوساخ الناس ادعوا لي محمية (وكان على الخمس) ونوفل بن الحارث بن عبد المطلب». قال فجاءاه، فقال لمحمية: «أنكح هذا الغلام ابنتك» للفضل بن عباس، فأنكحه. وقال لنوفل بن الحارث: «أنكح هذا الغلام ابنتك» لي، فأنكحني، وقال لمحمية: «أَصدِق عنهما من الخمس كذا وكذا».
صحيح: رواه مسلم في الزكاة (١٠٧٢) عن عبد الله بن محمد بن أسماء الضبعي، حدثنا جويرية، عن مالك، عن الزهري، أن عبد الله بن عبد الله بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب، حدّثه أن عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث حدّثه قال: فذكره.
وهذا إذا كان الجهاد قائما، ولهم حق من الخمس يصل إليهم ويكفيهم ويغنيهم. فإن توقف هذا المصدر، واحتاج بعضهم للمال، ولم يجد إلا مال الزكاة، جاز لهم أخذها وهو قول القاضي يعقوب من الحنابلة، وأبي يوسف من الحنفية، والإصطخري من الشافعية، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية كما في الفتاوى الكبرى (٥/ ٣٧٤).
بل قال بعض أهل العلم: إن دفع الزكاة لهم أولى من غيرهم لوصية النبي ﷺ بهم خيرا.
وقوله: ﴿وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ﴾ وهم الصنف الرابع من المستحقين للصدقة.
وهؤلاء ينقسمون إلى عدة أقسام:
١ - الكفار الذين يطمع في إسلامهم إذا ظهر منهم ما يدل على ذلك.
٢ - الكفار الذين يخشى من شرهم.
٣ - الذين دخلوا في الإسلام وهم ضعفاء، فيعطى لهم من الصدقات تثبيتا لهم على دينهم.
٤ - الذين دخلوا في الإسلام وهم رؤوساء القبائل، والشرفاء، فيعطى لهم من الصدقات تألفا لقومهم، وترغيبا لأمثالهم في الدخول في الإسلام. وقيل: إن هؤلاء لا يعطى لهم من الصدقات، وإنما يعطيهم الإمام من خمس خمس الغنيمة، والفيء.
وأما قول من قال: إن سهم المؤلفة منقطع وساقط، فقد يكون ذلك في زمانهم وعهدهم، وأما اليوم فنحن في أشد الحاجة إلى هذا السهم لتخفيف الضغط على المسلمين من أجل غلبة الكفار والمشركين، وخاصة الذين يدخلون في الإسلام، أو الذين يُطمَع في إسلامهم، كما قال أحمد:
يُعطون إن احتاج المسلمون إلى ذلك.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 624 من أصل 1947 حديثاً له شرح
- 599 ليبلغن هذا الأمر مبلغ الليل والنهار
- 600 لا يبقى على ظهر الأرض بيت مدر ولا وبر إلا...
- 601 من كنز الذهب والفضة فلم يؤد زكاتها فويل له
- 602 ما من صاحب كنز لا يؤدي زكاته إلا أحمي عليه...
- 603 بشّر الكانزين بِكَيٍّ في ظهورهم
- 604 بشر الكانزين برضف يحمى عليه في نار جهنم
- 605 من آتاه الله مالا فلم يؤد زكاته
- 606 يكون كنز أحدكم يوم القيامة شجاعا أقرع
- 607 من أطاع أميره فقد أطاعني
- 608 ما يسرني أن عندي مثل أحد ذهبا إلا شيئا أرصده...
- 609 الأكثرون أموالا إلا من قال هكذا وهكذا وهكذا
- 610 أيما ذهب أو فضة أوكي عليه فهو جمر على صاحبه
- 611 إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم، كحرمة يومكم هذا
- 612 قيمة الدنيا في الآخرة كنقطة في البحر
- 613 الدنيا أهون على الله من الجدي الميت
- 614 إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا
- 615 ما ظنك باثنين الله ثالثهما
- 616 من قاتل لإعلاء كلمة الله فهو في سبيل الله
- 617 تكفل الله لمن جاهد في سبيله أن يدخله الجنة
- 618 لا يستأذنك الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر
- 619 يا جد هل لك في جلاد بني الأصفر
- 620 من يعدل إذا لم أعدل
- 621 لا حظ فيها لغني ولا لقوي مكتسب
- 622 حرمة الزكاة على الغني والقوي القادر
- 623 المسكين الذي لا يجد غنى يغنيه
- 624 خذ ما أعطيت من غير أن تسأل فكل وتصدق
- 625 رسول الله ﷺ يعطي صفوان بن أمية مائة من النعم
- 626 رسول الله ﷺ يعطي الرجل وغيره أحب إليه خشية أن...
- 627 يقتلون أهل الإسلام، ويدعون أهل الأوثان يمرقون من الإسلام
- 628 المجاهد في سبيل الله والمكاتب الذي يريد الأداء والناكح الذي...
- 629 الصدقة على من عليه دين
- 630 تحملت حمالة فأتيت رسول الله أسأله فيها
- 631 الصدقة لا تحل لغني إلا لخمسة
- 632 ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء أرغب بطونًا ولا أكذب ألسنة
- 633 قول مخشي بن حمير لوددت أني أقاضي على أن يضرب...
- 634 لتتبعن سنن من قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع
- 635 أخذ أمتي بأخذ القرون قبلها شبرا بشبر وذراعا بذراع
- 636 المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا
- 637 المؤمنون في تراحمهم وتوادهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد
- 638 جنتان من فضة وجنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما
- 639 أنا أعطيكم أفضل من ذلك أحل عليكم رضواني
- 640 رضواني أكبر
- 641 لئن كان هذا الرجل صادقًا لنحن أشر من الحمير
- 642 إنه سيأتيكم إنسان، فينظر إليكم بعيني شيطان، فإذا جاء فلا...
- 643 علامات المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا...
- 644 الذين يلمزون المطوعين في الصدقات
- 645 عبد الرحمن بن عوف جاء بأربعين أوقية من ذهب
- 646 عمر يأخذ بثوب النبي عند الصلاة على عبد الله بن...
- 647 إني خيرت فاخترت، لو أعلم أني إن زدت على السبعين...
- 648 طلب ثوب من ثياب النبي للكفن والصلاة على المنافق
معلومات عن حديث: خذ ما أعطيت من غير أن تسأل فكل وتصدق
📜 حديث: خذ ما أعطيت من غير أن تسأل فكل وتصدق
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: خذ ما أعطيت من غير أن تسأل فكل وتصدق
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: خذ ما أعطيت من غير أن تسأل فكل وتصدق
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: خذ ما أعطيت من غير أن تسأل فكل وتصدق
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








