حديث: من يعدل إذا لم أعدل

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ (٥٨)﴾

عن أبي سعيد قال: بينا النبي ﷺ يقسم، جاء عبد الله بن ذي الخويصرة التميمي، فقال: اعدل يا رسول الله. فقال: «ويلك من يعدل إذا لم أعدل». قال عمر بن الخطاب: دعني أضرب عنقه. قال: «دعه، فإن له أصحابا يحقر أحدكم صلاته مع صلاته، وصيامه مع صيامه، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، ينظر في قذذه فلا يوجد فيه شيء، ينظر في نصله فلا يوجد فيه شيء، ثم ينظر في رصافه، فلا يوجد فيه شيء، ثم ينظر في نضيه، فلا يوجد فيه شيء، قد سبق الفرث والدم، آيتهم رجل إحدى يديه - أو قال ثدييه - مثل ثدي المرأة أو قال مثل البضعة تدردر، يخرجون على حين فرقة من الناس».
قال أبو سعيد: أشهد سمعت من النبي ﷺ، وأشهد أن عليا قتلهم وأنا معه، جيء بالرجل على النعت الذي نعته النبي ﷺ. قال: فنزلت فيه: ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ﴾

متفق عليه: رواه البخاري في استتابة المرتدين (٦٩٣٣) من طريق معمر، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي سعيد الخدري فذكره.

عن أبي سعيد قال: بينا النبي ﷺ يقسم، جاء عبد الله بن ذي الخويصرة التميمي، فقال: اعدل يا رسول الله. فقال: «ويلك من يعدل إذا لم أعدل». قال عمر بن الخطاب: دعني أضرب عنقه. قال: «دعه، فإن له أصحابا يحقر أحدكم صلاته مع صلاته، وصيامه مع صيامه، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، ينظر في قذذه فلا يوجد فيه شيء، ينظر في نصله فلا يوجد فيه شيء، ثم ينظر في رصافه، فلا يوجد فيه شيء، ثم ينظر في نضيه، فلا يوجد فيه شيء، قد سبق الفرث والدم، آيتهم رجل إحدى يديه - أو قال ثدييه - مثل ثدي المرأة أو قال مثل البضعة تدردر، يخرجون على حين فرقة من الناس».
قال أبو سعيد: أشهد سمعت من النبي ﷺ، وأشهد أن عليا قتلهم وأنا معه، جيء بالرجل على النعت الذي نعته النبي ﷺ. قال: فنزلت فيه: ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ﴾

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا حديث عظيم من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي يحذر فيه من فئة الخوارج، وسأشرحه لكم جزءًا جزءًا معتمدًا على كلام أهل العلم من أهل السنة والجماعة.

الحديث باختصار:


يخبرنا أبو سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقسم مالًا أو غنائم، فجاءه رجل من الخوارج يسمى عبد الله بن ذي الخويصرة التميمي، وطلب منه أن يعدل في القسمة، فرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم ردًا بليغًا، ثم وصف لنا النبي صلى الله عليه وسلم صفات أتباع هذا الرجل (الخوارج) وعلاماتهم، وختم أبو سعيد رضي الله عنه بشهادته أنه سمع هذا من النبي صلى الله عليه وسلم وأنه شهد مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه قتال الخوارج.


1. شرح المفردات:


● يقسم: أي يوزع المال أو الغنائم على الناس.
● اذي الخويصرة: اسم لأبيه، والخويصرة تصغير الخصرة، وهو قليل الخير.
● اِعدل: طلب منه العدالة في التوزيع.
● ويلك: كلمة تقال للتحذير أو التهديد، ومعناها الهلاك لك.
● يَمرقون: يخرجون خروجًا سريعًا.
● الرمية: الصيد الذي يُرمى بالسهم.
● قذذه: ريش السهم.
● نصله: حديدة السهم.
● رصافه: الموضع الذي يلصق فيه الريش.
● نضيه: خشبة السهم.
● الفرث: ما في الكرش من الطعام.
● البضعة: القطعة من اللحم.
● تدردر: تتهدل وتتمايل.
● حين فرقة: وقت اختلاف الناس وفرقتهم.


2. شرح الحديث:


● الموقف: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقسم مالًا بين الصحابة، فجاء عبد الله بن ذي الخويصرة (وهو من الخوارج) وقال: "اِعدل يا رسول الله"، وهذا طلب غير لائق؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم هو المبلغ عن ربه، وهو أعدل الخلق، فكيف يطلب منه العدالة؟!
● رد النبي صلى الله عليه وسلم: قال: "ويلك، من يعدل إذا لم أعدل؟"، أي: إذا لم أكن أنا العادل فمن يكون العادل؟! وهذا توبيخ له وتذكير بعصمة النبي صلى الله عليه وسلم.
● رد عمر بن الخطاب رضي الله عنه: غضب عمر وقال: "دعني أضرب عنقه"، لأنه تجرأ على النبي صلى الله عليه وسلم.
● رد النبي صلى الله عليه وسلم على عمر: قال: "دعه، فإن له أصحابًا..."، هنا يبدأ النبي صلى الله عليه وسلم بوصف الخوارج وصفًا دقيقًا.
وصف الخوارج:
● "يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم": يعني أنهم يكثرون من العبادة بشكل ظاهري، حتى إن أحد الصحابة قد يظن أن صلاته قليلة مقارنة بصلاتهم، ولكن العبرة ليست بالكم بل بالكيف والإخلاص.
● "يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية": يخرجون من الدين بسرعة كما يخرج السهم من الصيد عندما يصيبه، وهذا تشبيه بليغ لسرعة خروجهم من الدين.
● "ينظر في قذذه فلا يوجد فيه شيء...": هذا توضيح لكيفية خروج السهم من الصيد دون أن يعلق به شيء من الدماء، مما يعني أنهم يخرجون من الدين دون أن ينتفعوا به أو يعلق في قلوبهم شيء من الإيمان.
● "قد سبق الفرث والدم": أي أن خروجهم سريع لدرجة أن السهم يخرج قبل أن يتلوث بالفرث والدم.
● "آيتهم رجل إحدى يديه (أو ثدييه) مثل ثدي المرأة": هذه علامة جسدية لهؤلاء الخوارج، حيث يكون لأحدهم ذراع أو ثدي متدلٍ مثل ثدي المرأة، وقد ظهر هذا في زمن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عندما قاتل الخوارج.
● "يخرجون على حين فرقة من الناس": يظهرون عندما يختلف الناس ويتفرقون.
ختم أبي سعيد رضي الله عنه:
- يشهد أنه سمع هذا من النبي صلى الله عليه وسلم.
- ويشهد أنه كان مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه عندما قاتل الخوارج في معركة النهروان، وأنه رأى الرجل الذي وصفه النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الصفات.
الآية الكريمة: قال أبو سعيد: "نزلت فيه: ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ﴾" [التوبة: 58]، أي أن هذا الرجل ونظراءه هم الذين يعيبون على النبي صلى الله عليه وسلم في قسمة الصدقات.


3. الدروس المستفادة:


1- عصمة النبي صلى الله عليه وسلم: لا يجوز لأحد أن يتهم النبي صلى الله عليه وسلم بعدم العدل، فهو معصوم في تبليغ الشرع.
2- خطورة التسرع في الحكم على الآخرين: هذا الرجل استعجل في الحكم على قسمة النبي صلى الله عليه وسلم.
3- التحذير من الخوارج: وصف النبي صلى الله عليه وسلم الخوارج وبيَّن خطرهم على الأمة، وأنهم يظهرون بالعبادة ولكنهم يخرجون من الدين.
4- الفهم الصحيح للدين: ليس الدين بالعبادة الظاهرة فقط، بل بالإيمان والعمل الصالح والاتباع الصحيح.
5- الاعتبار بتحقق نبوءات النبي صلى الله عليه وسلم: فقد تحققت علامات الخوارج في زمن علي رضي الله عنه.


4. معلومات إضافية:


● الخوارج: هم فرقة ظهرت في زمن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، خرجوا عليه وكفروه، وقاتل
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في استتابة المرتدين (٦٩٣٣) من طريق معمر، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي سعيد الخدري فذكره.
ورواه البخاري (٣٦١٠) من طريق شعيب، ومسلم في الزكاة (١٠٦٤: ١٤٨) من طريق يونس كلاهما عن الزهري بإسناده وجاء فيه: «وأتاه ذو الخويصرة» أي الأب، وكذلك رواه الأوزاعي وغيره عن الزهري فقالوا: «ذو الخويصرة».
ويظهر من هذا أن معمرا تفرد فقال: «عبد الله بن الخويصرة» أو «ابن ذي الخويصرة»، والمحفوظ قول الأكثرين.
وذو الخويصرة اسمه: حرقوس بن زهير كما قال ابن عبد البر في التمهيد (٢٣/ ٣٣٢).
هو ومثله من المنافقين الآخرين هل يعدون من الصحابة أم لا؟
فالمؤلفون في الصحابة اختلفوا، فلم يذكرهم ابن عبد البر، وذكرهم ابن الأثير في الصحابة مستدركا على من قبله، واختار ابن حجر المذهب الأول، وهو الصحيح؛ لأنه من شرط الصحبة أن يموت على الإسلام، وهم ماتوا على النفاق.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 620 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من يعدل إذا لم أعدل

  • 📜 حديث: من يعدل إذا لم أعدل

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: من يعدل إذا لم أعدل

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: من يعدل إذا لم أعدل

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: من يعدل إذا لم أعدل

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب