إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا

حديث: إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

كتاب تفسير القرآن العظيم

باب قوله: ﴿إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٣٩)﴾

عن ابن عباس قال: ﴿إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا﴾ و﴿مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ﴾ إلى قوله ﴿يَعْمَلُونَ﴾ [سورة التوبة: ١٢٠ - ١٢١] نسختها الآية التي تليها ﴿وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ﴾ [سورة التوبة: ١٢٢].

حسن: رواه أبو داود (٢٥٠٥) - ومن طريقه البيهقي (٩/ ٤٧) -، عن أحمد بن محمد المروزي، حدثني علي بن الحسين، عن أبيه، عن يزيد النحوي، عن عكرمة، عن ابن عباس فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن يفتح علينا من فضله.
هذا الأثر المروي عن الصحابي الجليل عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - يتعلق ببيان أحد أوجه الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم، وهو من أعلم الناس بذلك.

أولاً. شرح المفردات:

● تَنفِرُوا: النَّفير هو الخروج إلى الجهاد، والمقصود هنا ترك الخروج للقتال في سبيل الله.
● يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً: تهديد شديد لمن يتخلف عن الجهاد بغير عذر.
● نَسَخَتْهَا: النسخ في термиن العلماء: رفع الحكم الشرعي بدليل شرعي متأخر. فالناسخ يرفع حكم الآية المنسوخة.
● طَائِفَةٌ: جماعة أو فريق.
● لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّين: ليتعلموا علوم الدين وأحكامه.
● وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ: ليعلموهم ويحذروهم من عذاب الله.

ثانياً. شرح الأثر والآيات:

يذكر ابن عباس - رضي الله عنهما - أن الآية الأولى وهي قوله تعالى: {إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} [التوبة: 39] والتي فيها أمر عام بالنفير للجهاد وتهديد شديد لمن يتخلف، نُسخت بالآية التي بعدها في سورة التوبة، وهي قوله تعالى: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً}.
● الآية المنسوخة (المنسوخ حكمها): كانت تأمر بوجوب النفير العام، بحيث يجب على كل فرد قادر أن يخرج للجهاد، ويتوعَّد المتخلف بعذاب أليم. هذا كان في ظرف معين ومرحلة من مراحل الدعوة كانت تتطلب ذلك.
● الآية الناسخة: وهي التي نسخت ذلك الحكم العام، وبينت أن النفير ليس فرض عين على كل فرد، بل هو فرض كفاية. إذا قام به طائفة من المسلمين سقط الإثم عن الباقين.
فالآية الناسخة بينت الحكمة من ذلك، وهي:
1- {لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ}: حتى تبقى طائفة من الأمة تتفرغ لطلب العلم الشرعي وتعليمه.
2- {وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ}: حتى إذا رجع المجاهدون من القتال، وجدوا من يعلمهم أحكام دينهم ويحذرهم من المعاصي، فيستفيد الجميع.
3- {لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ}: وهذا هو الهدف، وهو تحقيق التقوى والخوف من الله في قلوب الناس جميعاً، المجاهدين والمقيمين.
فالنسخ هنا كان من الحكم العام الشديد إلى الحكم التفصيلي الذي يراعي مصلحة الأمة في جميع الجوانب، جانب الجهاد وجانب العلم والتعليم.

ثالثاً. الدروس المستفادة:

1- مرونة التشريع الإسلامي: الشريعة الإسلامية جاءت لتحقيق مصالح العباد، وهي تتدرج في أحكامها حسب الظروف والحاجات، والنسخ دليل على هذه المرونة ورحمة الله بالأمة.
2- توزيع الأدوار في المجتمع المسلم: ليس كل الناس يكلفون بنفس الدور. فمنهم المجاهد، ومنهم العالم المعلم، ومنهم التاجر، والزارع، وغيرهم. كلٌّ في تخصصه يقوم بواجبه towards بناء المجتمع.
3- مكانة العلم والعلماء: الآية الناسخة جعلت التفرغ للعلم والتعلم مساوياً في الأهمية للجهاد في سبيل الله، بل إن وجود العلماء ضروري لاستمرار الهداية في المجتمع.
4- فقه الأولويات: فهم أوقات فرض العين وفرض الكفاية من أهم ما يميز الفقه في الدين. فالجهاد فرض كفاية في أصل وضعه، إلا إذا هاجم العدو بلداً Muslimاً فإنه يصبح فرض عين على أهله.

رابعاً. معلومات إضافية:

- هذا النوع من النسخ (نسخ العام أو نسخ الوجوب) مقبول عند جمهور العلماء، ومنه ما هو ثابت في القرآن والسنة.
- المقصود بالنسخ هنا هو نسخ الحكم العام للآية الأولى بالحكم التفصيلي في الآية الثانية، وليس نسخ التلاوة، فالآيتان متلوتان إلى يوم القيامة.
- هذا البيان من ابن عباس - وهو حبر الأمة وترجمان القرآن - يدل على فهم الصحابة العميق للقرآن ومناسبات نزوله وأحكامه.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٢٥٠٥) - ومن طريقه البيهقي (٩/ ٤٧) -، عن أحمد بن محمد المروزي، حدثني علي بن الحسين، عن أبيه، عن يزيد النحوي، عن عكرمة، عن ابن عباس فذكره.
وهذا إسناد حسن من أجل علي بن الحسين بن واقد وأبيه فإنهما حسنا الحديث. ويزيد النحوي وهو يزيد بن أبي سعيد المروزي.
وفي الباب ما روي عن نجدة بن نفيع قال: سألت ابن عباس عن هذه الآية: ﴿إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا﴾ قال: فأمسِك عنهم المطر، فكان عذابهم.
رواه أبو داود (٢٥٠٦)، والبيهقي (٩/ ٤٨) من طريق زيد بن الحباب، عن عبد المؤمن بن خالد الحنفي، حدثني نجدة بن نفيع فذكره. واللفظ لأبي داود.
وفيه نجدة بن نفيع لم يرو عنه إلا واحد، ولم يوثقه أحد حتى ابن حبان الذي يوثّق كثيرا من المجاهيل الذين لا يعرف فيهم جرح، ولذا قال الذهبي: «لا يعرف». وقال ابن حجر: «مجهول».

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 614 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا

📜 حديث: إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية