حديث: من لم يدع قول الزور، والعمل به والجهل

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ (٣٠)﴾

عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ قال: «من لم يدع قول الزور، والعمل به، والجهل، فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه».

صحيح: رواه البخاري في الأدب (٦٠٥٧) عن أحمد بن يونس، حدثنا ابن أبي ذئب، عن المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة، فذكره.

عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ قال: «من لم يدع قول الزور، والعمل به، والجهل، فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا حديث عظيم رواه الإمام البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ، وَالعَمَلَ بِهِ، وَالجَهْلَ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ».

أولاً. شرح المفردات:


● يَدَعْ: يترك وينتهي عنه.
● قَوْلَ الزُّورِ: كل كلام باطل، من كذب وغِيبة ونميمة وشهادة زور وسب وشتم.
● وَالعَمَلَ بِهِ: أي أن يعمل بما يتضمنه قول الزور من الأفعال المحرمة، أو أن يصدق قوله بفعله، كأن يكذب ثم يتصرف بناء على تلك الكذبة.
● وَالجَهْلَ: هنا لا يقصد عدم العلم، بل يقصد السَّفَهُ والْحُمْق والْغَضَب الذي يؤدي إلى الأفعال والأقوال السيئة، وهو ضد الحلم. وقيل: هو كل تصرف قبيح وسلوك سيء.
● فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ: أي لا يريد الله منه هذا الصوم، ولا يقبله منه، فلا حاجة لله في امتناعه عن الطعام والشراب فقط.
● أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ: أي أن يصوم ويترك المفطرات الحسية من أكل وشرب.

ثانيًا. شرح الحديث:


يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أن الصوم ليس مجرد امتناع عن الطعام والشراب والشهوات الحسية فحسب، بل هو امتحان للإيمان وتربية للنفس على تقوى الله وترك المعاصي في السر والعلن.
فمن صام وامتنع عن المفطرات المادية، ولكن استمر لسانه في الكذب والغيبة والنميمة، واستمرت جوارحه في ارتكاب المحرمات، ولم يكف عن التصرفات الحمقاء والسفيهة، فإن صومه ناقصٌ جدًا، بل قد لا يُقبَل منه لأنه فقد روح الصوم وحقيقته.
فالله تعالى غني عن تعب هذا الصائم وعن جوعه وعطشه، إذا لم ينتفع هو بنفسه من صومه، ولم يتحلى بالتقوى التي هي ثمرة الصوم الحقيقية. يقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (البقرة: 183). فالحكمة من الصوم هي تحقيق التقوى، وترك قول الزور والعمل به والجهل هو من أعظم مظاهر التقوى.

ثالثًا. الدروس المستفادة والعبر:


1- الصوم الحقيقي هو صوم الجوارح: فليس الصوم عن الطعام والشراب فقط، بل صوم اللسان عن الكذب والفحش، وصوم البصر عن النظر إلى المحرم، وصوم الأذن عن الاستماع للغيبة، وصوم اليد والرجل عن العمل المحرم.
2- ربانية العمل: أن الغاية من العبادة هي إصلاح القلب والسلوك، وليس أداء حركات جوفاء بلا روح أو أثر. فالله لا ينظر إلى صور أعمالنا، بل ينظر إلى قلوبنا وثمار أعمالنا.
3- التحذير من الرياء: الحديث تحذير شديد لمن يصوم ليراه الناس أو ليقولوا عنه "صائم"، وهو في الحقيقة لم يحقق الغاية من الصوم.
4- ضرورة مجاهدة النفس: الصوم مدرسة لتدريب النفس على ترك الشهوات كلها، وليس فقط شهوة البطن والفرج. فمن استطاع أن يمسك عن الحلال طاعة لله، فهو أولى بأن يمسك عن الحرام.
5- أن ترك المفطرات الحسية شرط في صحة الصوم، ولكن كمال الصوم وتمام أجره مرتبط بتحقيق هذه الآداب العظيمة.

رابعًا. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث يبين الفرق بين الصوم الشرعي الكامل والصوم العرفي الناقص. فالصوم الكامل هو الذي يحفظ جميع الجوارح عن الآثام.
- ينبغي للصائم أن يكون حليمًا، فإذا شتمه أحد أو أساء إليه يقول: "إني صائم"، ليس تعاليًا، ولكن ليمنع نفسه من رد الإساءة بإساءة، فيتحقق بذلك معنى ترك "الجهل".
- من الأعمال التي تُذهب ثواب الصوم: الغيبة والنميمة والكذب. فقد قالوا: كم من صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش.
نسأل الله تعالى أن يتقبل منا الصيام والقيام، وأن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في الأدب (٦٠٥٧) عن أحمد بن يونس، حدثنا ابن أبي ذئب، عن المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة، فذكره.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 937 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من لم يدع قول الزور، والعمل به والجهل

  • 📜 حديث: من لم يدع قول الزور، والعمل به والجهل

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: من لم يدع قول الزور، والعمل به والجهل

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: من لم يدع قول الزور، والعمل به والجهل

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: من لم يدع قول الزور، والعمل به والجهل

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب