حديث: من أعظم الفرى أن يدعي الرجل إلى غير أبيه

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب الترهيب من ادعاء الرجل إلى غير أبيه

عن واثلة بن الأسقع، يقول: قال رسول الله ﷺ: «إن من أعظم الفرى أن يدعي الرجل إلى غير أبيه، أو يري عينه ما لم تر، أو يقول على رسول الله ﷺ ما لم يقل».

صحيح: رواه البخاري في المناقب (٣٥٠٩) عن علي بن عياش، حدثنا حريز، قال: حدثني عبد الواحد بن عبد الله النصري، قال: سمعت واثلة بن الأسقع، يقول: فذكره.

عن واثلة بن الأسقع، يقول: قال رسول الله ﷺ: «إن من أعظم الفرى أن يدعي الرجل إلى غير أبيه، أو يري عينه ما لم تر، أو يقول على رسول الله ﷺ ما لم يقل».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن ينفعنا بما نسمع ونقول.
هذا حديث عظيم، رواه الإمام البخاري في صحيحه، عن الصحابي الجليل واثلة بن الأسقع رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ الْفِرَى أَنْ يَدَّعِيَ الرَّجُلُ إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ، أَوْ يُرِيَ عَيْنَهُ مَا لَمْ تَرَ، أَوْ يَقُولَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا لَمْ يَقُلْ».

أولاً. شرح المفردات:


● الْفِرَى: جمع فِرْيَة، وهي الكذبة العظيمة والباطل المُفْتَعَل. يقال: افترى فلان على فلان: أي كذب عليه واختلق عليه الكذب.
● يَدَّعِيَ: أي ينتسب وينسب نفسه.
● يُرِيَ عَيْنَهُ: أي يُخبر بأن عينه رأت شيئاً.
● مَا لَمْ تَرَ: أي ما لم يحصل في الواقع ولم تشهده.

ثانيًا. شرح الحديث:


يبيّن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث ثلاثة من أعظم أنواع الكذب والافتراء وأشدها إثماً وخطراً:
1- أَنْ يَدَّعِيَ الرَّجُلُ إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ: أي أن ينتسب لغير أبيه الحقيقي، فينسب نفسه إلى رجل آخر يدعيه أباً له وهو ليس بأب. وهذا يشمل:
● الانتساب إلى غير الأب معرفةً وكذباً، طمعاً في مجد أو مال أو نسب.
● نسب ولد الزنا إلى غير أبيه الحقيقي وإلحاقه بآخر.
وهذا من الكبائر، لأنه قطع للرحم وتغيير لأنساب الناس وحقوق الميراث، وفيه تعريض للاختلاط في الأنساب المحرمة. قال صلى الله عليه وسلم في حديث آخر: «مَنِ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ غَيْرُ أَبِيهِ فَالْجَنَّةُ عَلَيْهِ حَرَامٌ».
2- أَوْ يُرِيَ عَيْنَهُ مَا لَمْ تَرَ: أي أن يختلق كذبة ويحلف كاذباً أنه رأى بعينيه شيئاً لم يره، أو يشهد زوراً على أمر لم يحدث. وهذا من أعظم الكذب لأنه:
● شهادة زور، وهي من الكبائر.
● حلف كاذب ليطيل لسانه بالباطل ويخدع الناس بمنظره.
- فيه تضليل للقضاة والحكام وإضاعة للحقوق.
3- أَوْ يَقُولَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا لَمْ يَقُلْ: وهذا أعظم الثلاثة وأخطرها على الإطلاق. وهو أن يَنسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم قولاً أو فعلاً أو تقريراً لم يصح عنه. وهذا هو الکذب على الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو من كبائر الذنوب، وقد توعد فاعله بأشد الوعيد. قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ». وذلك لأن الكذب عليه:
● تشريع في الدين بغير إذن الله.
● تحليل الحرام وتحريم الحلال بالباطل.
● إفساد للعقائد والأحكام التي جاء بها الإسلام.
● تضليل للأمة وإبعاد لها عن منهج النبي الصحيح.

ثالثًا. الدروس المستفادة والعبر:


1- تحريم الكذب مطلقاً، وتأكيد أن هذه الأنواع الثلاثة من أفظعه وأعظمه إثماً.
2- الحفاظ على أنساب المسلمين وعدم العبث بها، وصيانة أعراض الناس وحقوقهم الموروثة.
3- تحريم شهادة الزور والتحذير من اليمين الكاذبة، لما فيهما من إضاعة للحقوق وإيذاء للمسلمين.
4- التحذير الشديد من الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه طريق إلى النار.
5- وجوب التثبت في نقل الأحاديث وعدم التسرع في رواية شيء إلا بعد التأكد من صحته.
6- بيان عظمة مقام النبوة، وأن الكذب على صاحب هذا المقام جرم عظيم لا يُغتفر.
7- الحث على الصدق والأمانة في القول والعمل، فهما أساس الدين وسعادة الدنيا والآخرة.

رابعًا. معلومات إضافية:


- هذا الحديث أصل عظيم في علم الحديث، حيث يحذر العلماء من رواية الأحاديث بدون تحقيق وتثبت، خشية الوقوع في الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم حتى لو عن غير قصد.
- يجب على المسلم إذا سمع حديثاً أن يسأل عن صحته، ولا ينقله حتى يتأكد، عملاً بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ}.
- من ادعى إلى غير أبيه وهو يعلم، فإنه لا ينظر الله إليه يوم القيامة كما في بعض الأحاديث، وهو من الكبائر التي تُوعَد صاحبها بالعذاب الشديد.
نسأل الله أن يجنبنا الفرى والكذب، وأن يوفقنا للصدق في الأقوال والأعمال.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في المناقب (٣٥٠٩) عن علي بن عياش، حدثنا حريز، قال: حدثني عبد الواحد بن عبد الله النصري، قال: سمعت واثلة بن الأسقع، يقول: فذكره.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 643 من أصل 1112 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من أعظم الفرى أن يدعي الرجل إلى غير أبيه

  • 📜 حديث: من أعظم الفرى أن يدعي الرجل إلى غير أبيه

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: من أعظم الفرى أن يدعي الرجل إلى غير أبيه

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: من أعظم الفرى أن يدعي الرجل إلى غير أبيه

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: من أعظم الفرى أن يدعي الرجل إلى غير أبيه

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب