أبو الحكم فلم تكنى أبا الحكم إن الله هو الحكم

حديث: أبو الحكم فلم تكنى أبا الحكم إن الله هو الحكم

عن هانئ أنه لما وفد إلى رسول الله ﷺ مع قومه سمعهم يكنونه بأبي الحكم، فدعاه رسول الله ﷺ فقال: «إن الله هو الحكم، وإليه الحكم، فلم تكنى أبا الحكم؟ «فقال: إن قومي إذا اختلفوا في شيء أتوني، فحكمت بينهم فرضي كلا الفريقين، فقال رسول الله ﷺ: «ما أحسن هذا، فما لك من الولد؟ «قال: لي شريح، ومسلم، وعبد الله، قال: «فمن أكبرهم؟ «قلت: شريح، قال: «فأنت أبو شريح».

حسن: رواه أبو داود (٤٩٥٥)، والنسائي (٥٣٨٧) كلاهما من طريق يزيد بن المقدام بن شريح، عن أبيه، عن جده، شريح عن أبيه هانئ، فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليكم شرح هذا الحديث النبوي الشريف الذي رواه الإمام أحمد في مسنده، وأبو داود في سننه، وغيرهما من أئمة الحديث.

نص الحديث:

1. شرح المفردات:

● وفد: قدم في وفد، أي في مجموعة من قومه.
● يكنونه: ينادونه بكنيته (والكنية هي ما صُدِّر بأب أو أم، مثل أبو فلان، أم فلان).
● أبا الحكم: كنيته قبل الإسلام، وتعني "أبو الحَكَم" أو "صاحب الحَكْم والقضاء".
● الحكم: هنا بمعنى القاضي الذي يفصل في الأمور، وهو من أسماء الله الحسنى "الحَكَم".
● فلم تكنى: فلم تتخذ لنفسك هذه الكنية؟
● إليه الحكم: المرجع في الحكم والمصير هو لله تعالى.
● شريح، ومسلم، وعبد الله: أسماء أبنائه.
● أبو شريح: الكنية الجديدة التي أطلقها عليه النبي صلى الله عليه وسلم.

2. شرح الحديث:

يخبرنا الصحابي الجليل هانئ -رضي الله عنه- أنه عندما قدم مع قومه إلى النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة، سمعهم ينادونه بكنيته "أبا الحكم". فلما سمع النبي صلى الله عليه وسلم هذه الكنية، استدعاه وسأله عن سبب تكنيته بهذا الاسم، قائلاً: «إن الله هو الحكم، وإليه الحكم» أي أن الحكم المطلق والتفضيل النهائي هو لله تعالى وحده، فكيف تتسمى باسم يتضمن معنى من معاني الألوهية؟
فأجاب هانئ رضي الله عنه بأن قومه إذا اختلفوا في أمر ما، يأتونه ليحكم بينهم، وكان كلا الطرفين يرضى بحكمه لعدله وحكمته. فهذه الكنية جاءت نتيجة مكانته بينهم كحَكَم عادل.
فأثنى النبي صلى الله عليه وسلم على هذا الخلق الجميل، وقال: «ما أحسن هذا»، أي ما أجمل هذا الصنيع منك من العدل والإنصاف.
ثم سأله النبي صلى الله عليه وسلم عن أولاده، فقال: عندي شريح ومسلم وعبد الله. فسأله: من أكبرهم؟ فأجاب: شريح. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «فأنت أبو شريح»، أي أن كنيتك من الآن فصاعدًا هي "أبو شريح"، تيمنًا باسم ابنه الأكبر.

3. الدروس المستفادة منه:

● تنزيه أسماء الله وصفاته: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن التسمي أو التكني بأسماء تختص بالله تعالى، مثل "الحكم"، تأدبًا مع الله وتنزيهًا لاسمه.
● الأدب مع الله تعالى: ينبغي للمسلم أن يتأدب في ألفاظه وأسمائه، فلا يستعمل ما يوهم مشاركة الله في أسمائه أو صفاته.
● جواز التكنية بأسماء الأبناء: من السنة أن يُكنى الرجل بابنه الأكبر، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم مع هانئ.
● العدل والإنصاف من صفات المؤمن: مدح النبي صلى الله عليه وسلم صفة العدل عند هانئ، مما يدل على عظم مكانة العدل في الإسلام.
● التوجيه النبوي الرقيق: لم يزجر النبي صلى الله عليه وسلم هانئًا، بل وجهه بلطف وسأله عن سبب الكنية، ثم قدم له البديل المناسب. وهذا من حكمته ورفقه في الدعوة والتعليم.

4. معلومات إضافية مفيدة:

- هذا الحديث يدخل في باب "تغيير الأسماء والكنى التي تخالف الشرع".
- كنَّى النبي صلى الله عليه وسلم كثيرًا من الصحابة بأسماء أولادهم، مثل أبي بكر الصديق (كان يكنى بأبي عبد الله، فكناه النبي بأبي بكر)، وأبي هريرة (كان يكنى بأبي الأسد، فكناه النبي بأبي هريرة).
- الكنية سنة مستحبة، وهي من الأمور التي تدل على التبجيل والتكريم في الثقافة العربية والإسلامية.

أسأل الله تعالى أن ينفعنا بما علمنا، وأن يعلمنا ما ينفعنا، ويزيدنا علمًا وعملاً صالحًا متقبلًا. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٤٩٥٥)، والنسائي (٥٣٨٧) كلاهما من طريق يزيد بن المقدام بن شريح، عن أبيه، عن جده، شريح عن أبيه هانئ، فذكره.
وإسناده حسن من أجل يزيد بن المقدام فإنه حسن الحديث، وصحّحه ابن حبان (٥٠٤) من هذا الوجه.
ورواه الحاكم (٤/ ٢٧٩) من طريق قيس بن الربيع، عن المقدام بن شريح، عن أبيه، عن جده، فذكره.
قال الحاكم: «تفرد به قيس عن المقدام، وليس من شرط هذا الكتاب.
كذا قال، وهو متعقب برواية يزيد بن المقدام متابعا لقيس بن الربيع.
تنبيه: سقط من إسناد النسائي في المجتبي المطبوع «عن أبيه» فصارت الرواية يزيد بن المقدام بن شريح، عن شريح، والساقط ثابت في «السنن الكبرى» (٥٩٠٧)، والإسناد واحد. بل وثبت في أصل المجتبى كما في تحفة الأشراف (٩/ ٦٨).

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 628 من أصل 1112 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: أبو الحكم فلم تكنى أبا الحكم إن الله هو الحكم

📜 حديث: أبو الحكم فلم تكنى أبا الحكم إن الله هو الحكم

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: أبو الحكم فلم تكنى أبا الحكم إن الله هو الحكم

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: أبو الحكم فلم تكنى أبا الحكم إن الله هو الحكم

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: أبو الحكم فلم تكنى أبا الحكم إن الله هو الحكم

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية