حديث: عمر بن الخطاب يقول: إنا في جلجتنا

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في التكني بأبي عيسى

عن زيد بن أسلم، عن أبيه، أن عمر بن الخطاب ضرب ابنا له يُكنى أبا عيسى، وأن المغيرة بن شعبة تكنى بأبي عيسى فقال له عمر: أما يكفيك أن تكنى بأبي عبد الله؟ فقال: إن رسول الله ﷺ كناني، فقال: إن رسول الله ﷺ قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وإنا في جلجتنا، فلم يزل يُكنى بأبي عبد الله حتى هلك.

حسن: رواه أبو داود (٤٩٦٣) عن هارون بن زيد بن أبي الزرقاء، حدثنا أبي، حدثنا هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، فذكره.

عن زيد بن أسلم، عن أبيه، أن عمر بن الخطاب ضرب ابنا له يُكنى أبا عيسى، وأن المغيرة بن شعبة تكنى بأبي عيسى فقال له عمر: أما يكفيك أن تكنى بأبي عبد الله؟ فقال: إن رسول الله ﷺ كناني، فقال: إن رسول الله ﷺ قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وإنا في جلجتنا، فلم يزل يُكنى بأبي عبد الله حتى هلك.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده، وهو حديث صحيح، يحمل قصة عظيمة وعبرة بليغة من حياة الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه، تُظهر دقته في تطبيق السنة واتباعه لها، وخشيته من الله تعالى.

أولاً. شرح المفردات:


● ضرب ابنا له: أي أنه وبخه وعاتبه وعاقبه تأديباً له.
● يُكنى أبا عيسى: أي كان يُنادى بهذه الكنية (أبو عيسى).
● أما يكفيك أن تكنى بأبي عبد الله؟: أي أليس من الأفضل والأولى لك أن تكتفي بكنية "أبي عبد الله" وهي كنية حسنة ومعناها جميل.
● قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر: هذا ثابت في حق النبي ﷺ في القرآن الكريم، وهو تشريف وتكريم من الله له.
● وإنا في جلجتنا: "الجلجة" تعني الاضطراب والحيرة والخوف من المساءلة، أي أننا (نحن الصحابة وغير النبي) في حيرة وقلق من حساباتنا وأعمالنا، نخاف أن لا تُقبل منا، ونخاف عذاب الله.

ثانياً. شرح الحديث:


تدور أحداث القصة حول كنية كان يحملها ابن للخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وكذلك كان يحملها الصحابي الجليل المغيرة بن شعبة رضي الله عنه، وهي "أبو عيسى".
1- موقف عمر من الكنية: عندما رأى عمر أن ابنه والمغيرة بن شعبة يتكنون بـ "أبي عيسى" – وهو اسم نبي الله عيسى عليه السلام – لم يعجبه ذلك. فعاتب ابنه وعاقبه، ثم توجه إلى المغيرة بن شعبة وسأله: ألا تكفيك الكنية الحسنة "أبي عبد الله" (أي عبد الله)؟ فلماذا تختار كنية تشير إلى اسم نبي؟
2- رد المغيرة بن شعبة: أجاب المغيرة رضي الله عنه بأن هذه الكنية ليست من اختياره، بل هو تشريف من رسول الله ﷺ نفسه، حيث كناه بها، أي أنه هو من دعاه بـ "أبي عيسى".
3- رد عمر الحكيم: فهم عمر رضي الله عنه أن الأمر فيه سعة إذ هو من فعل النبي ﷺ، ولكنه عبر عن موقف دقيق جداً، فقال: "إن رسول الله ﷺ قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر". أي أن النبي معصوم ومغفور له، فما يفعله هو تشريع وحكمة، وهو في مكانة لا يُقاس عليها.
ثم قال: "وإنا في جلجتنا"، أي أما نحن ففي قلق وخوف من ذنوبنا، نخشى أن نُسأل عن أفعالنا وتصرفاتنا، فالأولى لنا أن نتحرى الأحوط والأبعد عن الشبهات، وأن نقتصد في التسمية والكنى بما هو واضح الحسن ولا إشكال فيه.
4- نتيجة الموقف: اقتنع المغيرة بن شعبة رضي الله عنه بحجة عمر وقوة استدلاله، ولم يتمسك بالكنية التي كان يفتخر بها، بل تركها واكتفى بكنية "أبي عبد الله" حتى توفي.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- الورع والاحتياط في الدين: يعلّمنا عمر رضي الله عنه درساً عظيماً في الورع، وهو ترك ما قد يحتمل شيئاً من الكراهة أو الشبهة، حتى لو كان جائزاً في أصله. فاختيار كنية "أبي عبد الله" أبعد عن أي إشكال وأوضح في التوحيد.
2- الفهم العميق للسنة: لم ينكر عمر على المغيرة سنة النبي ﷺ، بل فهم الفرق بين منزلة النبي المعصوم والمغفور له، ومنزلة الصحابي الذي يحاسب على عمله. فهو فهم روح السنة ولم يقف عند حرفيتها فقط.
3- الأدب مع رسول الله ﷺ: بيان الأدب العالي للصحابة مع رسول الله ﷺ، حيث فهموا أن ما يسوغ له قد لا يسوغ لغيره، لتفرده ﷺ بالخصائص والمكانة.
4- قبول النصيحة والانقياد للحق: تواضع المغيرة بن شعبة رضي الله عنه وقبوله للحق عندما تبين له، مع أنه كان يستند إلى فعل النبي نفسه، وهذا من قوة إيمانه وحرصه على الخير.
5- تفضيل الأسماء والكنى الإسلامية: استحباب اختيار الأسماء والكنى التي تحمل معاني عبادية توحيدية، مثل "عبد الله" و"عبد الرحمن"، فهي أشرف وأفضل.
6- حرص الصحابة على تطبيق الدين بدقة: يظهر الموقف حرصهم الشديد على تطبيق تعاليم الإسلام بأفضل صورة، وابتعادهم عن كل ما قد يشوب عقيدتهم أو عبادتهم.

رابعاً. معلومات إضافية:


- هذا الموقف من عمر رضي الله عنه ليس تحريماً للكنية بـ "أبي عيسى"، بل هو من باب الورع والاحتياط والأفضلية، خاصة أن عيسى عليه السلام هو نبي كريم، ولكن الأولى للمسلم أن يختار ما هو أنفع لعبادته وتوحيده.
- القصة يظهر (تظهر) كيف كان الصحابة يتناصحون ويتراحمون، وكان الحق هو غايتهم، فلم يعاتب عمر المغيرة عناداً، ولم يتمسك المغيرة برأيه تعصباً.
أسأل الله أن يفقهنا في الدين، وأن يردنا إلى سنة نبيه ﷺ رداً جميلاً.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٤٩٦٣) عن هارون بن زيد بن أبي الزرقاء، حدثنا أبي، حدثنا هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، فذكره.
وإسناده حسن من أجل هشام بن سعد المدني، فهو حسن الحديث.
ومن طريق أبي داود رواه الضياء في المختارة (٨٦) ثم قال: «كذا رواه أبو داود في سننه، وهو بمسند المغيرة بن شعبة أشبه، لكن بعضهم أخرجه في مسند عمر بن الخطاب».
قال الأعظمي: ومسند المغيرة رواه الحاكم (٣/ ٤٧٧) من طريق هشام بن سعد بهذا الإسناد عن المغيرة بن شعبة قال: كناني رسول الله ﷺ بأبي عيسى هكذا مختصرا.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 639 من أصل 1112 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: عمر بن الخطاب يقول: إنا في جلجتنا

  • 📜 حديث: عمر بن الخطاب يقول: إنا في جلجتنا

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: عمر بن الخطاب يقول: إنا في جلجتنا

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: عمر بن الخطاب يقول: إنا في جلجتنا

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: عمر بن الخطاب يقول: إنا في جلجتنا

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب