حديث: من كان يتبع دابته في الصلاة أحب إليه من أن يشق عليه

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب التيسير على الناس ما لم يكن إثما

عن الأزرق بن قيس، قال: كنا بالأهواز نقاتل الحرورية، فبينا أنا على جرف نهر إذا رجل يصلي، وإذا لجام دابته بيده، فجعلت الدابة تنازعه وجعل يتبعها، فجعل رجل من الخوارج يقول: اللهم افعل بهذا الشيخ، فلما انصرف الشيخ، قال: إني سمعت قولكم، وإني غزوت مع رسول الله ﷺ ست غزوات، أو سبع غزوات، أو ثمان وشهدت تيسيره، وإني إن كنت أن أراجع مع دابتي أحب إلي من أن أدعها ترجع إلى مألفها فيشق علي.

صحيح: رواه البخاري في الصلاة (١٢١١) عن آدم، حدثنا شعبة، حدثنا الأزرق بن قيس، قال: فذكره.

عن الأزرق بن قيس، قال: كنا بالأهواز نقاتل الحرورية، فبينا أنا على جرف نهر إذا رجل يصلي، وإذا لجام دابته بيده، فجعلت الدابة تنازعه وجعل يتبعها، فجعل رجل من الخوارج يقول: اللهم افعل بهذا الشيخ، فلما انصرف الشيخ، قال: إني سمعت قولكم، وإني غزوت مع رسول الله ﷺ ست غزوات، أو سبع غزوات، أو ثمان وشهدت تيسيره، وإني إن كنت أن أراجع مع دابتي أحب إلي من أن أدعها ترجع إلى مألفها فيشق علي.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.
أهلاً بك أيها السائل الكريم، هذا حديث عظيم يحمل دروساً مهمة في فهم الدين وتطبيقه، وسأشرحه لك جزءاً جزءاً معتمداً على كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة.

أولاً. شرح المفردات:


● الأهواز: منطقة معروفة بين العراق وإيران.
● الحرورية: هم الخوارج، سموا بذلك لأنهم خرجوا على الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه ونزلوا بقرية تسمى "حروراء".
● جرف نهر: حافة النهر أو شاطئه المرتفع.
● لجام دابته: اللجام هو الحبل أو الزمام الذي يقاد به الدابة.
● تنازعه: تجذبه وتشد عليه.
● تيسيره: أي تساهله وتيسيره ﷺ ورفقه بأمته وعدم التشديد عليهم.

ثانياً. شرح الحديث:


يحكي الأزرق بن قيس قصة حدثت معه أثناء قتال الخوارج (الحرورية) في منطقة الأهواز. فبينما كان واقفاً على شاطئ نهر، رأى رجلاً كبيراً في السن (الشيخ) يصلي، وكان يمسك بيده لجام دابته (حماره أو فرسه). أثناء صلاته، كانت الدابة تجذب اللجام بعنف وتريد أن تذهب، فكان الشيخ يتحرك معها في اتجاه سحبها ليتمكن من إكمال صلاته دون أن يفلت اللجام من يده.
فلما رأى أحد الخوارج هذا المنظر، استنكر عليه ظناً منه أن هذا العمل ينقص من صلاته، فدعا عليه بقوله: "اللهم افعل بهذا الشيخ" (أي عاقبه أو أخزيه).
ولما انتهى الشيخ من صلاته، سمع كلامهم ورد عليهم رداً حكيماً يعلمهم فيه سنة نبيهم ﷺ. فأخبرهم أنه غزا مع رسول الله ﷺ ست أو سبع أو ثمان غزوات، وشهد بنفسه تيسيره ورفقه ﷺ بأمته وعدم تحميلهم ما يشق عليهم.
ثم بين حكمته في فعله؛ فقال إنه يرى أن مواصلة الصلاة مع الحركة البسيطة اللازمة لمراجعة الدابة (أي جذبها وإمساكها) أولى وأحب إليه من أن يتركها فتذهب إلى مكان ألفته (مرعاها أو إسطبلها)، لأنه إذا تركها ستهرب وسيشق عليه اللحاق بها وإعادتها، وهذا مشقة كبيرة تذهب بهدوء الصلاة وخشوعها أصلاً.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- التيسير ورفع الحرج من أصول الشريعة: هذا الحديث من أعظم الأدلة على سماحة الإسلام ويسره، ورفعه للحرج والمشقة عن المكلفين. وهو ما كان يحرص عليه النبي ﷺ دائماً.
2- الفهم السليم مقابل التشديد والغلو: موقف الخوارج يمثل نموذجاً للغلو في الدين والجهل بفقه الواقع وسنة التيسير. بينما مثل الشيخ الراوي العالم بالسنة النبوية النموذج العملي لفقه الأولويات وموازنة المصالح والمفاسد.
3- حفظ المال من الضياع: حرص الشيخ على دابته يدل على أهمية حفظ المال في الشريعة، وعدم إضاعته حتى أثناء العبادة إذا أمكن الجمع بينهما.
4- جواز العمل اليسير في الصلاة للضرورة: فعل الشيخ دليل على جواز الحركة اليسيرة في الصلاة للحاجة، كإمساك دابة أو طفل، أو دفع أذى، وهي لا تبطل الصلاة. وهذا مذهب جمهور العلماء.
5- الأخذ بالأيسر والأرفق: اختار الشيخ أخف المفسدتين (حركة يسيرة في الصلاة) لدفع أفسدهما (ضياع الدابة والمشقة الكبيرة في استعادتها).
6- الرد على المخالف بالحكمة والعلم: لم يغضب الشيخ من دعاء الخارجي عليه، بل رد عليه برد عالم حكيم، مستدلاً بسنة النبي ﷺ وبالمقصد الشرعي.
7- فضل الصحابة وعلمهم: الشيخ من الصحابة الذين شهدوا الغزوات مع النبي ﷺ، وفقهوا الدين من منبعه الصافي، فهم أعلم الناس بروح الشريعة ومقاصدها.

رابعاً. معلومات إضافية:


- هذا الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده، وقال عنه الشيخ الألباني: إسناده صحيح.
- القصة تظهر الفرق الجوهري بين منهج أهل السنة والجماعة القائم على الوسطية والتيسير، ومنهج الخوارج القائم على التشديد والغلو وتتبع الزلات.
- يستدل الفقهاء بهذا الحديث على مسائل فقهية متعلقة بأحوال قضاء الصلاة وشروطها، وعلى باب "أعمال الصلاة" والحركة فيها.
أسأل الله أن يفقهنا في الدين، وأن يرزقنا العمل بالسنة، والابتعاد عن الغلو والتشديد. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في الصلاة (١٢١١) عن آدم، حدثنا شعبة، حدثنا الأزرق بن قيس، قال: فذكره.
قوله: «إذا رجل يصلي» قال شعبة: هو أبو برزة الأسلمي.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 792 من أصل 1112 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من كان يتبع دابته في الصلاة أحب إليه من أن يشق عليه

  • 📜 حديث: من كان يتبع دابته في الصلاة أحب إليه من أن يشق عليه

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: من كان يتبع دابته في الصلاة أحب إليه من أن يشق عليه

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: من كان يتبع دابته في الصلاة أحب إليه من أن يشق عليه

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: من كان يتبع دابته في الصلاة أحب إليه من أن يشق عليه

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب