حديث: أن تعين قومك على الظلم
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب ما جاء في ذم العصبية
حسن: رواه أبو داود (٥١١٩) عن محمود بن خالد الدمشقي، حدّثنا الفريابي، حدّثنا سلمة بن بشر الدمشقي، عن بنت واثلة بن الأسقع، أنها سمعت أباها، يقول: فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.أهلاً وسهلاً بك، وأسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا حديث عظيم من جوامع كلم النبي صلى الله عليه وسلم، الذي أوتي جوامع الكلم واختصر له الحديث اختصاراً. وها هو ذا يضع تعريفاً دقيقاً وصارماً لموقف خاطئ قد يقع فيه الإنسان.
### أولاً. تخريج الحديث ومصدره
هذا الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده، وأبو داود في سننه، وابن حبان في صحيحه، من طريق الصحابي الجليل واثلة بن الأسقع الليثي رضي الله عنه. وحسنه عدد من أهل العلم.
### ثانياً. شرح المفردات
* العصبية (أو العصبيّة): مصدر "تعصّب"، وهي مشتقة من "العَصَب" وهو ما يربط المفاصل، فكأن المتعصّب يربط نفسه بقومه ربطاً أعمى بغض النظر عن الحق والباطل. وفي اللغة: هي المناصرة، يقال: "تعصّب له" أي: جانبه وناصره.
* قومك: يشمل هذا اللفظ العشيرة، والأهل، والبلد، والوطن، والجماعة، وأي مجموعة ينتمي إليها الإنسان.
* الظلم: هو وضع الشيء في غير موضعه، والتعدي على حق الغير. وهو كل معصية أو إساءة أو اعتداء على النفس أو المال أو العرض أو الحقوق.
### ثالثاً. شرح الحديث ومعناه الإجمالي
يصور لنا هذا الموقف الصحابي الجليل واثلة بن الأسقع رضي الله عنه، وهو يسأل النبي صلى الله عليه وسلم سؤالاً يريد فيه أن يعرف حقيقة مفهوم شائع في الجاهلية والإسلام، وهو "العصبية".
فجاء جواب النبي صلى الله عليه وسلم حاسماً وشافياً، ليميز بين مفهومين:
1- نصرة القوم على الحق: وهذا ممدوح ومطلوب، وهو من الأخوة والإيمان. قال صلى الله عليه وسلم: «انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا». فقيل: يا رسول الله، هذا ننصره مظلوماً فكيف ننصره ظالماً؟ قال: «تَحْجُزُهُ أَوْ تَمْنَعُهُ مِنَ الظُّلْمِ، فَذَلِكَ نَصْرُهُ» (رواه البخاري). فالنصرة هنا بمنعه من الظلم، لا بمساعدته عليه.
2- نصرة القوم على الباطل (العصبية): وهذا هو ما حذّر منه الحديث. فالعصبية الحقيقية المذمومة شرعاً هي أن يجعل الإنسان انتماءه لقومه أو عشيرته أو فئته فوق انتمائه للحق والعدل. فيساندهم ويؤيدهم وينصرهم وهم ظالمون متجاوزون لحدود الله وحقوق الناس.
فالحديث يحرّم تحريماً قاطعاً مساعدة الظالم على ظلمه، حتى لو كان هذا الظالم أقرب الناس إليك. الإيمان والحق فوق كل родства и كل انتماء.
### رابعاً. الدروس المستفادة والعبر
1- الولاء للحق فوق الولاء لأي شخص أو جماعة: المسلم يعرف الحق أولاً، ثم يوالى عليه، ولا يجعله تابعاً لعواطف القبيلة أو العائلة أو الحزب.
2- تحذير شديد من الظلم ومن أعوان الظلمة: ليس الظالم فقط هو الآثم، بل كل من ساعده أو سكت عنه أو دافع عنه وهو يعلم أنه على باطل يشاركه في الإثم.
3- بيان سماحة الإسلام وعدالته: جاء الإسلام ليحطم روابط الجاهلية القائمة على الحمية والعصبية العمياء، ويبني مجتمعاً قائماً على التقوى والعدل والإحسان.
4- واجب النصيحة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: حتى مع أقرب الناس إليك. نصرة الأخ أو القريب تكون بمنعه من الظلم، لا بمساعدته فيه.
5- العدل هو الأساس: قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَىٰ أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} [النساء: 135]. فهذا هو المبدأ الذي يؤكده الحديث.
خامساً:
أمثلة معاصرة على العصبية المذمومة* الدفاع عن شخص من عائلتك أو حزبك وهو مخطئ وظالم في خصومته، لمجرد كونه منك.
* التغطية على أخطاء وأعمال غير مشروعة لزملاء في العمل أو دراسة لمجرد الانتماء لهم.
* التحيز في القضاء أو الإدارة أو التقييم لصالح شخص بسبب قرابته أو جنسيته أو مذهبه.
* السكوت عن مخالفات جماعة ما أو طائفة ما لمجرد الانتماء إليها، مع العلم بأنها على باطل.
فالحديث نداء قوي لكل مسلم أن يجعل كلمة الحق وميزان العدل هي الحَكَم في كل علاقاته وولاءاته.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
تخريج الحديث
رواه أحمد (١٦٩٨٩)، وابن ماجه (٣٩٤٩)، والبخاري في الأدب المفرد (٣٩٦) كلهم من طريق زياد بن الربيع قال: حدثني عباد بن كثير، فذكره.
وعباد بن كثير الرملي الفلسطيني مختلف فيه فوثّقه ابن معين، وضعّفه غيره، ولكنه لا بأس به
في المتابعات، وهذا منها.
وأما ما روي عن جبير بن مطعم، أن رسول اللَّه ﷺ قال: «ليس منا من دعا إلى عصبية، وليس منا من قاتل على عصبية، وليس منا من مات على عصبية«
رواه أبو داود (٥١٢١) عن ابن السرح، حدّثنا ابن وهب، عن سعيد بن أبي أيوب، عن محمد بن عبد الرحمن المكي يعني ابن أبي لبيبة، عن عبد اللَّه بن أبي سليمان، عن جبير بن مطعم، فذكره.
قال أبو داود: «هذا مرسل، عبد اللَّه بن أبي سليمان لم يسمع من جبير».
قال الأعظمي: وفيه محمد بن عبد الرحمن بن أبي لبيبة ضعّفه الدارقطني.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 1072 من أصل 1112 حديثاً له شرح
- 1047 الرياء شرك السرائر
- 1048 من صلى يرائي فقد أشرك ومن صام يرائي فقد أشرك
- 1049 الشرك الخفي أن يقوم الرجل يصلي فيزين صلاته لما يرى...
- 1050 اتقوا الظلم فانه ظلمات يوم القيامة
- 1051 شح هالع وجبن خالع
- 1052 هذا أبخل الناس
- 1053 بعني عذقك بعذق في الجنة
- 1054 أن رجلا قال للنبي ﷺ: أوصني، قال: «لا تغضب»
- 1055 لا تغضب
- 1056 اجتنب الغضب
- 1057 ماذا يباعدني من غضب الله؟ قال: «لا تغضب»
- 1058 الذي يملك نفسه عند الغضب
- 1059 ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب
- 1060 أعوذ بالله من الشيطان الرجيم تذهب الغضب
- 1061 من غضب وهو قائم فليجلس فإن ذهب عنه الغضب وإلا...
- 1062 أشد الناس عذابا يوم القيامة الذين يصورون هذه الصور
- 1063 من صلى بالناس فليتجوز، فإن فيهم المريضر والكبير وذا الحاجة
- 1064 لا تتَنَخَّمَنَّ حيال وجهك في الصلاة
- 1065 عن اللقطة: عرفها سنة ثم اعرف وكاءها وعفاصها
- 1066 فليجتنب الوجه، فإن الله خلق آدم على صورته
- 1067 من يعذبون في الدنيا يعذبهم الله
- 1068 السام عليكم فقالت عائشة عليكم ولعنكم الله وغضب الله عليكم
- 1069 من خرج على أمتي، يضرب برها وفاجرها، ولا يتحاشى من...
- 1070 ما بال دعوى الجاهلية
- 1071 لينصر الرجل أخاه ظالما أو مظلوما
- 1072 أن تعين قومك على الظلم
- 1073 من فحم جهنم أو أهون على الله من الجعلان
- 1074 الجعل يدهده عن منخريه خير من آبائكم في الجاهلية
- 1075 من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملاً ثم يصبح فيكشفه
- 1076 إلام يضحك أحدكم مما يفعل؟
- 1077 كثرة الضحك تميت القلب
- 1078 أعظم المسلمين جرما، من سأل عن شيء لم يحرم، فحرم...
- 1079 لا يزال الناس يتساءلون حتى يقولوا: هذا الله خالق كل...
- 1080 سلوني عن أبي
- 1081 قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال
- 1082 كنا عند عمر فقال: نهينا عن التكلف
- 1083 معنى هلك المتنطعون
- 1084 لا تأخذ متاع أخيك لاعبا ولا جادا
- 1085 إياكم والقسامة
- 1086 إذا حدّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتُمِن خان
- 1087 إذا ائتمن خان
- 1088 ثلاث من كن فيه فهو منافق
- 1089 لا إيمان لمن لا أمانة له
- 1090 أكثر منافقي أمتي قراؤها
- 1091 أكثر المنافقين في الأمة هم القراء
- 1092 من شر الناس ذو الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء...
- 1093 ما ينبغي لذي الوجهين أن يكون أمينًا
- 1094 لا ينبغي لذي الوجهين أن يكون وجيها يوم القيامة
- 1095 من كان له وجهان في الدنيا كان له يوم القيامة...
- 1096 عطاء النبي قميصه ليكفن فيه عبد الله بن أبي
معلومات عن حديث: أن تعين قومك على الظلم
📜 حديث: أن تعين قومك على الظلم
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: أن تعين قومك على الظلم
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: أن تعين قومك على الظلم
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: أن تعين قومك على الظلم
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Thursday, November 20, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








