حديث: إنما الغنى غنى القلب والفقر فقر القلب

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب الغنى غنى النفس

عن أبي ذر قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «يا أبا ذر، أترى كثرة المال هو الغنى»؟ قلت: نعم يا رسول اللَّه، قال: «فترى قلّة المال هو الفقر»؟ قلت: نعم يا رسول اللَّه، قال: «إنما الغنى غنى القلب، والفقر فقر القلب». ثم سألني عن رجل من قريش، فقال: «هل تعرف فلانا»؟ قلت: نعم يا رسول اللَّه، قال: «فكيف تَراه وتُراه»؟ قلت: إذا سأل أُعطي، وإذا حضر أدخل، ثم سألني عن رجل من أهل الصفة فقال: «هل تعرف فلانا»؟ قلت: لا واللَّه ما أعرفه يا رسول اللَّه، قال: فما زال يحلّيه وينعته حتى عرفته، فقلت: قد عرفته يا رسول اللَّه، قال: «فكيف تَراه أو تُراه»؟ قلت: رجل مسكين من أهل الصفة، فقال: «هو خير من طلاع الأرض من الآخر». قلت: يا رسول اللَّه، أفلا يعطى من بعض ما يعطى الآخر؟ فقال: «إذا أعطي خيرًا فهو أهله، وإن صرف عنه فقد أعطي حسنة».

صحيح: رواه النسائي في الكبرى (١١٧٨٥)، وصحّحه ابن حبان (٦٨٥)، والحاكم (٤/ ٣٢٧) كلهم من طريق معاوية بن صالح، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه، عن أبي ذر قال: فذكره.

عن أبي ذر قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «يا أبا ذر، أترى كثرة المال هو الغنى»؟ قلت: نعم يا رسول اللَّه، قال: «فترى قلّة المال هو الفقر»؟ قلت: نعم يا رسول اللَّه، قال: «إنما الغنى غنى القلب، والفقر فقر القلب». ثم سألني عن رجل من قريش، فقال: «هل تعرف فلانا»؟ قلت: نعم يا رسول اللَّه، قال: «فكيف تَراه وتُراه»؟ قلت: إذا سأل أُعطي، وإذا حضر أدخل، ثم سألني عن رجل من أهل الصفة فقال: «هل تعرف فلانا»؟ قلت: لا واللَّه ما أعرفه يا رسول اللَّه، قال: فما زال يحلّيه وينعته حتى عرفته، فقلت: قد عرفته يا رسول اللَّه، قال: «فكيف تَراه أو تُراه»؟ قلت: رجل مسكين من أهل الصفة، فقال: «هو خير من طلاع الأرض من الآخر». قلت: يا رسول اللَّه، أفلا يعطى من بعض ما يعطى الآخر؟ فقال: «إذا أعطي خيرًا فهو أهله، وإن صرف عنه فقد أعطي حسنة».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله خاتم النبيين وإمام المتقين.
أما بعد، فهذا حديث عظيم من أحاديث النبي ﷺ الذي يربي فيه أصحابه على تصحيح المفاهيم والقيم في الحياة، ويوجههم إلى حقيقة الغنى والفقر الحقيقيين. وسأشرحه لكم جزءًا جزءًا مستعينًا بالله تعالى.

الحديث باختصار:


يسأل النبي ﷺ الصحابي الجليل أبا ذر عن مفهوم الغنى والفقر، ثم يضرب له مثلاً برجلين: أحدهما غني من قريش والآخر فقير من أهل الصفة، ليوضح له أن القيمة الحقيقية للإنسان ليست في ماله بل في قلبه وتقواه.


1. شرح المفردات:


● كثرة المال هو الغنى: أي هل تعتقد أن كثرة الأموال هي الغنى الحقيقي؟
● قلّة المال هو الفقر: أي هل تعتقد أن قلة المال هي الفقر الحقيقي؟
● غنى القلب: يعني القناعة والرضا بما قسم الله، والشعور بالاستغناء عن الناس.
● فقر القلب: يعني الطمع والحسد وعدم القناعة، وشعور الإنسان بالحاجة الدائمة حتى لو كان غنيًا.
● أهل الصفة: هم فقراء الصحابة الذين كانوا يسكنون في صفة المسجد النبوي، وليس لهم مال ولا مسكن.
● طلعان الأرض: كناية عن كثرة العدد، أي لو ملأت الأرض من أمثال ذلك الرجل القرشي.
● إذا أعطي خيرًا فهو أهله: أي إذا أعطي الرجل الفقير مالاً فهو مستحق له لأنه محتاج.
● وإن صرف عنه فقد أعطي حسنة: أي إذا لم يُعطَ المال، فله أجر الصبر والاحتساب.


2. شرح الحديث:


يبدأ النبي ﷺ حوارًا مع أبي ذر ليبين له حقيقة الغنى والفقر. فيسأله: أترى أن كثرة المال هي الغنى؟ فيجيب أبو ذر بنعم، لأنه ظن أن الغنى هو امتلاك المال. ثم يسأله: أترى أن قلة المال هي الفقر؟ فيوافق أبو ذر again. هنا يصحح له النبي ﷺ المفهوم ويقول: «إنما الغنى غنى القلب، والفقر فقر القلب».
أي أن الغنى الحقيقي هو غنى النفس والقلب، وهو القناعة والرضا بما عند الله، والشعور بالاستغناء عن الناس وعن أموالهم. والفقر الحقيقي هو فقر القلب، وهو الطمع والحسد وعدم القناعة، حتى لو كان الإنسان يملك أموالاً طائلة.
ثم يضرب النبي ﷺ مثالاً عمليًا ليوضح الفكرة: يسأل أبا ذر عن رجل من قريش (وهو من الأغنياء)، فيمدحه أبو ذر ويقول: "إذا سأل أُعطي، وإذا حضر أدخل" أي أنه كريم ومحترم بين الناس. ثم يسأله عن رجل من أهل الصفة (الفقراء)، فيعرفه النبي ﷺ له بصفاته حتى عرفه أبو ذر، فقال أبو ذر: "رجل مسكين من أهل الصفة". هنا يقول النبي ﷺ: «هو خير من طلاع الأرض من الآخر»، أي أن هذا الفقير خير من أن تمتلئ الأرض من أمثال ذلك الغني.
لم يفهم أبو ذر المغزى تمامًا، فسأل: أفلا يعطى من بعض ما يعطى الآخر؟ أي هل لا نعطيه من المال كما نعطي الغني؟ فأجابه النبي ﷺ: «إذا أعطي خيرًا فهو أهله، وإن صرف عنه فقد أعطي حسنة»، يعني إذا أُعطي المال فهو مستحق لأنه فقير، وإذا لم يُعطَ فله أجر الصبر والاحتساب عند الله.


3. الدروس المستفادة من الحديث:


1- حقيقة الغنى والفقر: الغنى الحقيقي هو قناعة القلب، والفقر الحقيقي هو طمع القلب وحسده.
2- تفضيل التقوى على المال: الرجل الفقير المتقى خير عند الله من الغني الذي لا تقوى له.
3- القيمة الحقيقية للإنسان: ليست في ماله أو منصبه، بل في تقواه وأخلاقه.
4- الصبر على الفقر: إذا صبر الفقير على فقره واحتسب الأجر عند الله، فإن الله يعوضه بالحسنات.
5- عدم الحسد: لا ينبغي للفقير أن يحسد الغني، فربما كان الفقير أعلى درجة عند الله.
6- كرم النبي ﷺ وحكمته: في طريقة تعليمه لأصحابه بالأمثلة العملية.


4. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده، وهو حديث صحيح.
- "أهل الصفة" كانوا من أفقر الصحابة، ولكن كثيرًا منهم كانوا من أكثر الناس تقوى وعلمًا، مثل أبي هريرة رضي الله عنه.
- الحديث يذكرنا بحديث آخر: «ليس الغنى عن كثرة العرض، ولكن الغنى غنى النفس» (متفق عليه).
- ينبغي للمسلم أن يسعى للغنى الحقيقي وهو غنى القلب بالقناعة والرضا، وأن يجاهد نفسه على البعد عن الطمع والحسد.
أسأل الله أن يغنينا جميعًا بغنى القلب، ويبعد عنا فقره، وأن يجعلنا من القانعين الشاكرين. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه النسائي في الكبرى (١١٧٨٥)، وصحّحه ابن حبان (٦٨٥)، والحاكم (٤/ ٣٢٧) كلهم من طريق معاوية بن صالح، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه، عن أبي ذر قال: فذكره. وإسناده صحيح.
قال الحاكم: «هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه بهذه السياقة، إنما أخرجاه من طريق الأعمش، عن زيد بن وهب، عن أبي ذر مختصرًا».
قال الأعظمي: لم أهتدِ إلى الحديث الذي يشير إليه الحاكم.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 9 من أصل 227 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: إنما الغنى غنى القلب والفقر فقر القلب

  • 📜 حديث: إنما الغنى غنى القلب والفقر فقر القلب

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: إنما الغنى غنى القلب والفقر فقر القلب

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: إنما الغنى غنى القلب والفقر فقر القلب

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: إنما الغنى غنى القلب والفقر فقر القلب

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب