حديث: إذا قام من الجلوس فلم يستتم قائما فليجلس

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب من قام من الركعتين فإن استوى فلْيَمْضِ وإلا فيجلس

عن قيس بن أبي حازم قال: صَلَّى بنا المغيرة بن شعبة، فقام من الركعتين قائمًا، فقلنا: سبحان الله، فأومأ وقال: سبحان الله، فمضى في صلاته، فلما قضى صلاته وسلَّم، سجد سجدتين وهو جالس، ثم قال: صلى بنا رسول الله ﷺ فاستوى قائمًا من جلوسه، فمضى في صلاته، فلما قضى صلاته سجد سجدتين وهو جالس، ثم قال: «إذا صلَّى أحدُكم فقام من الجلوس، فإن لم يَسْتَتِم قائمًا فليجلس، وليس عليه سجدتان، فإن استوى قائمًا فَلْيَمْضِ في صلاته، ولْيَسْجُدْ سجدتين وهو جالس».

صحيح: رواه الطّحاوي في «شرحه» (٢٤٩٩) عن ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عامر، عن إبراهيم بن طهمان، عن المغيرة بن شُبيل، عن قيس بن أبي حازم فذكر مثله.

عن قيس بن أبي حازم قال: صَلَّى بنا المغيرة بن شعبة، فقام من الركعتين قائمًا، فقلنا: سبحان الله، فأومأ وقال: سبحان الله، فمضى في صلاته، فلما قضى صلاته وسلَّم، سجد سجدتين وهو جالس، ثم قال: صلى بنا رسول الله ﷺ فاستوى قائمًا من جلوسه، فمضى في صلاته، فلما قضى صلاته سجد سجدتين وهو جالس، ثم قال: «إذا صلَّى أحدُكم فقام من الجلوس، فإن لم يَسْتَتِم قائمًا فليجلس، وليس عليه سجدتان، فإن استوى قائمًا فَلْيَمْضِ في صلاته، ولْيَسْجُدْ سجدتين وهو جالس».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يزيدنا وإياك فهماً لسنة نبيه ﷺ.
هذا الحديث الذي ذكر حديث عظيم، يوضح لنا حكماً مهماً من أحكام الصلاة، وهو حكم من نسي الجلوس للتشهد الأوسط وقام للركعة الثالثة، ثم تذكر وهو قائم.
أولاً: شرح مفردات الحديث:
* فأومأ: أي أشار بيده لهم ليكفوا عن التسبيح.
* فمضى في صلاته: أي واصل صلاته وأتمها.
* استوى قائمًا: أي اعتدل واقفاً تماماً واطمأن في قيامه.
* فليجلس: أي فليعد إلى الجلوس ليأتي بالتشهد الذي نسيه.
* وليس عليه سجدتان: أي لا يجب عليه سجود السهو في هذه الحالة.
* فليَمضِ في صلاته: أي فليواصل صلاته ولا يرجع.
* وليسجد سجدتين وهو جالس: أي فليسجد للسهو سجدتين قبل أن يسلم.
ثانياً: شرح الحديث ومعناه:
يحكي لنا الصحابي الجليل قيس بن أبي حازم قصة حدثت مع الصحابي المغيرة بن شعبة رضي الله عنه وهو إمام لهم في صلاة المغرب (وهي ثلاث ركعات). ففي هذه الصلاة:
1. صلى المغيرة ركعتين، وكان من المفترض أن يجلس بعدها للتشهد (التشهد الأوسط)، لكنه نسي وواصل القيام للركعة الثالثة.
2. لما رآه المأمومون يقوم بدلاً من أن يجلس، نبهوه بقولهم: "سبحان الله" (أي ينبهونه على وجود شيء غريب في الصلاة).
3. فأشار إليهم المغيرة بكفه (أومأ) كما لو كان يقول لهم: "اصمتوا، أنا أعلم ما أفعل"، ثم واصل قيامه للركعة الثالثة وأتم صلاته.
4. بعد أن سلم من الصلاة، لم ينتهِ الأمر، بل سجد سجدتين للسهو وهو جالس، ثم جلس يشرح للمصلين سبب فعله هذا.
5. أخبرهم أنه فعل ذلك اقتداءً برسول الله ﷺ، حيث إن النبي ﷺ قد حدث معه مثل هذا الموقف: قام للثالثة ناسياً التشهد الأوسط، ثم سجد للسهو بعد السلام.
6. ثم بين المغيرة الحكم الذي تعلمه من النبي ﷺ، وهو قاعدة مهمة:
* إذا قام المصلي من الجلوس (نسي التشهد) ثم تذكر وهو لم يعتدل قائماً بعد (أي لا يزال منحنياً أو في بداية القيام)، فإنه يجب عليه أن يعود فوراً للجلوس ليأتي بالتشهد، ولا سجود عليه هنا لأنه لم يترك الواجب تركاً كاملاً.
* أما إذا تذكر بعد أن استوى قائماً واعتدل في وقوفه، فلا يرجع إلى الجلوس، بل يواصل صلاته، ولكن عليه سجود السهو بعد السلام؛ لأنه ترك واجباً من واجبات الصلاة (وهو التشهد الأوسط).
ثالثاً: الدروس المستفادة والفقه في الحديث:
1- مشروعية التنبيه على الإمام إذا أخطأ: وذلك بذكر التسبيح (سبحان الله) للرجال، والتصفيق للنساء، كما في الأحاديث الصحيحة.
2- وجوب سجود السهو على من ترك واجباً من واجبات الصلاة سهواً: كالتشهد الأوسط، أو قول "سبحان ربي العظيم" في الركوع، ونحو ذلك. والواجب هو ما أمر به الشارع أمراً غير جازم، أو هو ما بين الفرض والمستحب.
3- التفريق بين حالتي النسيان: هذه القاعدة (القيام قبل الاعتدال أو بعده) هي أهم فقه في هذا الحديث. فهي الميزان الذي يحدد هل يعود المصلي للجلوس أم يواصل ويَسجد للسهو.
4- حكمة الشريعة ويسرها: فالشريعة لم تطلب من المصلي أن يقطع صلاته ويرجع إذا استوى قائماً، لأن في ذلك مشقة وتكلفاً، بل أمره بالمضي وأمره بسجود السهو لجبر النقص الحاصل.
5- بيان فعل سجود السهو: وأنه يسجد سجدتين ثم يسلم، والأفضل أن يكون قبل السلام كما هو في أكثر أحوال السهو، ولكن في هذه الصورة (ترك واجب) يكون السجود بعد السلام، كما فعل النبي ﷺ والمغيرة رضي الله عنه.
6- جواز كلام الإمام بعد الصلاة لتعليم الناس: كما فعل المغيرة رضي الله عنه حين جلس يشرح للناس سبب سجوده.
رابعاً: معلومات إضافية مفيدة:
* حكم التشهد الأول: ذهب جمهور العلماء (الحنفية والشافعية والحنابلة) إلى أن التشهد الأول واجب، وذهب المالكية إلى أنه سنة مؤكدة. وعلى كلا القولين، فمن تركه سهواً فإنه يسجد للسهو.
* صيغة سجود السهو: يقول في سجود السهو مثل ما يقول في سجود الصلاة: "سبحان ربي الأعلى" ثلاث مرات أو ما زاد.
* الرواة: الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه، وصححه الألباني وغيره.
أسأل الله تعالى أن يفقهنا في الدين، ويعلمنا ما ينفعنا، وينفعنا بما علمنا.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الطّحاوي في «شرحه» (٢٤٩٩) عن ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عامر، عن إبراهيم بن طهمان، عن المغيرة بن شُبيل، عن قيس بن أبي حازم فذكر مثله.
وإسناده صحيح. وإبراهيم بن طهمان إمام ثقة إلا أن المزي لم يذكره من رواة المغيرة بن شُبيل، فلعله لم يقف على هذا الإسناد، وقد نصَّ الحافظ ابن حجر في «الإتحاف» (١٣/ ٤٣٥) على هذا الإسناد كما هو، وتابعه أيضًا قيس بن الربيع، عن المغيرة بن شيل، وقد نصّ الحافظ في «الإتحاف» على ذلك أيضًا.
إلا أن الدارقطني (١٤١٩) رواه عن قيس بن الربيع، عن جابر (وهو الجعفي)، عن المغيرة بن شُبيل. فهل وقع خطأ؟ أو أن قيسًا يروي من وجهين وقد تغيّر لما كبر وأدخل عليه ابنه ما ليس من حديثه فحدّث به. والله تعالى أعلم.
ورواه أبو داود (١٠٣٦)، وابن ماجة (١٢٠٨) من طريق جابر الجُعفي، عن المغيرة بن شُبيل به نحوه.
وجابر الجعفي ضعيف قال المنذري: لا يحتج به، وقال أبو داود: ليس في كتابي عن جابر الجعفي إلا هذا الحديث.
ثم رواه أبو داود (١٠٣٧)، والترمذي (٣٦٥) كلاهما من طريق يزيد بن هارون، عن المسعودي، عن زياد بن عِلاقَة قال: صلَّى بنا المغيرة بن شعبة فذكر نحوه.
قال ابن الملقن في «البدر المنير» (٤/ ٢٢٣): «صحَّ عن زياد بن علاقة قال (فذكر الحديث»).
وقال الترمذي: «حسن صحيح، وقد روي هذا الحديث من غير وجه عن المغيرة بن شعبة، عن النبي ﷺ».
قال الأعظمي: وهو يشير إلى ما سبق، وكذلك قال البيهقي في «المعرفة» (٣/ ٢٨٦): «جابر لا يحتج به غير أنه يُروي من وجهين آخرين، وحديثه أشهرهما بين الفقهاء».
عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الكوفي المسعودي صدوق اختلط قبل موته.
قال الحافظ: وضابطه أن من سمع منه بغداد فبعد الاختلاط.
قال الأعظمي: يزيد بن هارون ممن سمع منه بعد الاختلاط. ورواه عنه أبو داود الطيالسي في مسنده (٦٩٥) وهو أيضًا ممن سمع منه بعد الاختلاط. ولكن اجتماعهما وموافقة غيره يجعل القلب يطمئن بأنه لم يختلط في هذا.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 711 من أصل 1241 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: إذا قام من الجلوس فلم يستتم قائما فليجلس

  • 📜 حديث: إذا قام من الجلوس فلم يستتم قائما فليجلس

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: إذا قام من الجلوس فلم يستتم قائما فليجلس

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: إذا قام من الجلوس فلم يستتم قائما فليجلس

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: إذا قام من الجلوس فلم يستتم قائما فليجلس

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب