من صنع من السنة لم يمنعه من الجلوس في الصلاة

حديث: من صنع من السنة لم يمنعه من الجلوس في الصلاة

عن عمرو بن العاص أنه صلى بالناس، فقام عن تشهده. فصاح به الناس فقالوا: سبحان الله! سبحان الله، فصلَّى كما هو، فلما تم صلاته سجد سجدتين ثم قال: يا أيها الناس! إنه لم يخف عليَّ الذي أردتم، ولم يمنعني من الجلوس إلا الذي صنعت من السنة.

صحيح: رواه ابن أبي عمر العدني قال: ثنا حيوة، أخبرني يزيد بن أبي حبيب، حدثني عبد الرحمن بن شِماسة، قال: صلي عمرو بن العاص بالناس فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، و نسأل الله تعالى أن يعلمنا ما ينفعنا و أن ينفعنا بما علمنا و أن يزيدنا علما وفقها في الدين، وأن يغفر ذنوبنا ويستر عيوبنا ويجعلنا هداة مهتدين.
هذا الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده، والإمام البخاري في صحيحه، وغيرهم، وهو حديث صحيح ثابت عن الصحابي الجليل عمرو بن العاص رضي الله عنه.

أولاً. شرح المفردات:

● صلى بالناس: أي أمَّ المصلين في الصلاة.
● قام عن تشهده: أي نسي الجلوس للتشهد الأخير ونهض للقيام لإكمال الصلاة، مع أن الصلاة كانت قد اكتملت عدد الركعات (مثلاً في صلاة الرباعية قام بعد الركعة الثالثة ليكمل الرابعة، وهو في الحقيقة كان في التشهد الأخير).
● سبحان الله! سبحان الله: هذا من باب التنبيه على الخطأ في الصلاة، وكانت عادة الصحابة أن ينبهوا الإمام إذا وقع في سهو بتسبيح الرجال (يقولون: سبحان الله) وتصفيق النساء.
● فصلى كما هو: أي استمر في صلاته على الحالة التي قام بها، ولم يرجع للجلوس.
● سجد سجدتين: أي سجد للسهو بعد السلام.
● لم يخف عليَّ الذي أردتم: أي أنني سمعت تنبيهكم وفهمت مقصودكم.
● لم يمنعني من الجلوس إلا الذي صنعت من السنة: أي أن السبب في عدم عودتي للجلوس هو التزامي بما تعلمته من السنة النبوية في هذه المسألة.

ثانياً. شرح الحديث:

يحدثنا الصحابي الجليل عمرو بن العاص رضي الله عنه عن واقعة حدثت له وهو إمام في الصلاة، حيث نسي الجلوس للتشهد الأخير (أي ظن أنه في الركعة الثالثة فقام لإكمال الرابعة، بينما كان في الواقع في التشهد الأخير وقد أتم الصلاة).
فلما قام، نبهه المصلون خلفه بقولهم: "سبحان الله"، وهو التنبيه الشرعي الذي أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم لمن حصل له سهو في الصلاة.
فهم عمرو رضي الله عنه تنبيههم، ولكنه استمر في قيامه وأتم الركعة التي قام لها (أصبحت ركعة زائدة)، ثم سلم من صلاته، ثم سجد سجدتين للسهو بعد السلام.
ثم شرح للناس بعد الصلاة سبب فعله، فقال: إنني سمعت تنبيهكم وفهمته، ولكنني لم أرجع للجلوس لأنني تذكرت هدي النبي صلى الله عليه وسلم في هذه المسألة بالذات.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:

1- وجوب متابعة الإمام والإنصات له في الصلاة: وهذا من أدب المأمومين خلف الإمام، حيث أنهم لم يقاطعوه بكلام خارج عن الصلاة، بل نبهوه بالطريقة المشروعة (التسبيح للرجال).
2- سعة علم الصحابة رضي الله عنهم وفقههم: فعمرو بن العاص لم يكن جاهلاً بحكم السهو، بل كان فقيهاً عالماً بسنة النبي صلى الله عليه وسلم، فطبّقها بدقة.
3- حكم من قام عن التشهد الأخير ناسياً: هذه المسألة من مسائل "سجود السهو"، والخلاف فيها مشهور بين الفقهاء:
* مذهب الجمهور (الحنفية والشافعية والحنابلة): وهو ما فعله عمرو بن العاص. من قام عن التشهد الأخير ناسياً، ثم تذكر بعد أن استتم قائماً، فإنه لا يرجع للجلوس، بل يكمّل الركعة، ويسلم، ثم يسجد للسهو بعد السلام. ودليلهم هذا الحديث وغيره.
* مذهب المالكية: عليه أن يرجع للجلوس ما دام لم يشرع في القراءة.
والراجح هو قول الجمهور لقوة دليله.
4- سجود السهو بعد السلام: في هذه الحالة (الزيادة في الصلاة ناسياً) يكون سجود السهو بعد السلام، خلافاً لنقص الصلاة فإن سجود السهو فيها يكون قبل السلام.
5- التعليم بعد الصلاة: من هدي السلف أن يعلم الإمام الناس أحكام دينهم، وخاصة إذا وقعت منهم أحداث تحتاج إلى بيان، كما فعل عمرو رضي الله عنه ليزيل اللبس عن الناس ويبين لهم السنة.
6- الحرص على الاتباع وترك الهوى: حيث فضّل عمرو رضي الله عنه اتباع الدليل والسنة على إرضاء الناس ورجوعه لهم في لحظتها، مع علمه بأنهم على حق في تنبيهه، لكن السنة جاءت بما هو أتم.

رابعاً. معلومات إضافية:

- هذا الحديث أصل من أصول باب "سجود السهو" في كتب الفقه.
- فيه دليل على أن التنبيه على الإمام في الصلاة يكون للرجال بالتكبير أو التسبيح، وللنساء بالتصفيق، كما في الحديث الصحيح.
- يعتبر هذا الموقف من مواقف الاجتهاد والفتيا في عصر الصحابة، حيث طبق عمرو رضي الله عنه علمه مباشرة.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه ابن أبي عمر العدني قال: ثنا حيوة، أخبرني يزيد بن أبي حبيب، حدثني عبد الرحمن بن شِماسة، قال: صلي عمرو بن العاص بالناس فذكره.
قال البوصيري: إسناد رجاله ثقات «إتحاف المهرة» (٢١٠٦).
قال الأعظمي: وهو كذلك، وقوله: «من السنة» أي: من سنة النبي ﷺ وفيه إشارة إلى أنه ﷺ فعل كما فعلت، أو أمر به. لأن جمهور المحدثين على أن قول الصحابي: «من السنة» حكمه حكم المرفوع.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 712 من أصل 1241 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من صنع من السنة لم يمنعه من الجلوس في الصلاة

📜 حديث: من صنع من السنة لم يمنعه من الجلوس في الصلاة

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: من صنع من السنة لم يمنعه من الجلوس في الصلاة

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: من صنع من السنة لم يمنعه من الجلوس في الصلاة

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: من صنع من السنة لم يمنعه من الجلوس في الصلاة

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية