حديث: سألت ابن عباس من أين سجدت في سجدة ص

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب سجدة ﴿ص﴾ سجدة شكر لا تلاوة

عن العوام بن حوشب قال: سألت مجاهدًا عن سجدة ﴿ص﴾ فقال: سألت ابن عباس: من أينَ سجدتَ؟ فقال: أو ما تقرأ: ﴿وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ﴾ ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ﴾ فكان داودُ مِمنْ أُمِر نبيُّكم أن يقتدي به، فسجدها رسول الله ﷺ.

صحيح: رواه البخاري في التفسير (٤٨٠٧) عن محمد بن عبد الله، حدثنا محمد بن عبيد الطنافسي، عن العوَّام فذكره.

عن العوام بن حوشب قال: سألت مجاهدًا عن سجدة ﴿ص﴾ فقال: سألت ابن عباس: من أينَ سجدتَ؟ فقال: أو ما تقرأ: ﴿وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ﴾ ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ﴾ فكان داودُ مِمنْ أُمِر نبيُّكم أن يقتدي به، فسجدها رسول الله ﷺ.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الأثر الذي ذكر يرويه العوام بن حوشب عن الإمام مجاهد بن جبر، وهو من كبار أئمة التفسير من التابعين، عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، حبر الأمة وترجمان القرآن، في بيان حكمة سجود النبي صلى الله عليه وسلم في سورة ص.

أولاً. شرح المفردات:


● سجدة (ص): المقصود بها السجدة الواردة في سورة ص، تحديداً عند قوله تعالى: {وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ} [ص: 24].
● من أين سجدت؟: استفهام عن العلة والحكمة، أي: ما الداعي والسبب الذي من أجله سجد النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الموضع؟
{وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ}: الآية 49 من سورة الأنعام.
{أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ}: الآية 90 من سورة الأنعام.
● فبهداهم اقتده: أي فبهدى هؤلاء الأنبياء الكرام خذ قدوتك واسلك طريقهم.

ثانياً. المعنى الإجمالي للأثر:


يستفسر العوام بن حوشب من الإمام مجاهد عن الحكمة من سجود النبي صلى الله عليه وسلم عند آية سجدة سورة ص. فيخبره مجاهد أنه قد سأل ابن عباس رضي الله عنهما نفس السؤال.
فأجابه ابن عباس جواباً بليغاً يستند إلى القرآن نفسه، موضحاً أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسجد هنا مجرد امتثال لأمر خاص بالسجود فحسب، بل أيضاً اقتداءً بنبي الله داود عليه السلام، الذي هو أحد أولئك الأنبياء العظام الذين أُمِر نبينا صلى الله عليه وسلم بالاقتداء بهم واهتداء بهديهم. فكما أن داود عليه السلام خرَّ راكعاً ساجداً منيباً مستغفراً عندما أيقن أنه قد ابتُلي واختُبر، فكذلك فعل النبي صلى الله عليه وسلم اقتداءً به.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- وجوب الاقتداء بالأنبياء عليهم السلام: فالآية الكريمة {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} أمر صريح للنبي صلى الله عليه وسلم ولأمته من بعده باتباع هدى الأنبياء ومنهجهم، وهو دليل على وحدة المصدر والهدف من رسالاتهم.
2- السجود شكراً واستغفاراً: الموقف يعلمنا أن السجود ليس فقط للتعبد المجرد، بل هو أيضاً موقف للشكر عند النعمة، والاستغفار والإنابة عند الزلة أو الاختبار، كما فعل داود عليه السلام.
3- الفهم العميق للقرآن: يظهر من جواب ابن عباس رضي الله عنهما كيف كان الصحابة يربطون بين آيات القرآن بعضها ببعض، ليستنبطوا منها الأحكام والحكم، وهو منهج يجب أن يُتَّبع في فهم النصوص.
4- تواضع الأنبياء وعظم شأن الاستغفار: الموقف يجسد تواضع نبي الله داود عليه السلام وخوفه من ربه رغم مقامه العالي، ويبين أن الاستغفار هو شأن الأنبياء والصالحين.
5- حرص السلف على فهم العلل والحكم: سؤال العوام ومجاهد وابن عباس عن علة السجود يدل على حرصهم على فهم حكمة التشريع وغايته، وعدم اقتصارهم على مجرد الفعل.

رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:


- سجدة سورة ص هي من السجدات المتَّفَق عليها عند الفقهاء، وهي سجدة تلاوة يسجدها القارئ والمستمع.
- هذا الأثر رواه الإمام البيهقي في "سننه الكبرى" وغيره، وهو يشهد لمعنى عظيم من معاني الاتباع والاقتداء.
- القصة الكاملة لنبي الله داود عليه السلام في سورة ص تحمل دروساً عظيمة في العدل، والمراجعة الذاتية، والمسارعة إلى التوبة والإنابة.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا من المقتدين بهدي النبيين، المستغفرين المتواضعين له.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في التفسير (٤٨٠٧) عن محمد بن عبد الله، حدثنا محمد بن عبيد الطنافسي، عن العوَّام فذكره.
ورواه أيضًا (٤٨٠٦) من طريق شعبة، عن العوَّام وفيه: وكان ابن عباس يسجد فيها.
ورواه أيضًا في أحاديث الأنبياء (٣٤٢١) من طريق سهل بن يوسف قال: سمعت العوَّام وفيه: نبيُّكم مِمن أُمِر أن يقتدي بهم. ورواه ابن خزيمة (٥٥١) وعنه ابن حبان (٢٧٦٦) من طريق أبي خالد الأحمر، عن العوَّام وفيه: وكان داود سجد فيها، فلذلك سجد رسول الله ﷺ.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1234 من أصل 1241 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: سألت ابن عباس من أين سجدت في سجدة ص

  • 📜 حديث: سألت ابن عباس من أين سجدت في سجدة ص

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: سألت ابن عباس من أين سجدت في سجدة ص

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: سألت ابن عباس من أين سجدت في سجدة ص

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: سألت ابن عباس من أين سجدت في سجدة ص

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب