من كان لنا عاملا فليكتسب زوجة وخادما ومسكنا

حديث: من كان لنا عاملا فليكتسب زوجة وخادما ومسكنا

عن المستورد بن شدّاد، قال: سمعت النبي ﷺ يقول: «من كان لنا عاملا فليكتسب زوجة، فإن لم يكن لَهُ خادم فليكتسب خادمًا، فإن لم يكن لَهُ مسكن فليكتسب مسكنا».

صحيح: رواه أبو داود (٢٩٤٥) عن موسى بن مروان الرّقي، حدّثنا المعاني، حدّثنا الأوزاعيّ، عن الحارث بن يزيد، عن جبير بن نفير، عن المستورد بن شدّاد، فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد،
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن ينفعنا بما نسمع ونقول. هذا حديث شريف فيه توجيهات نبوية كريمة تتعلق بحال العاملين في خدمة المسلمين وإدارة شؤونهم. وإليك الشرح المفصل له:
### أولاً. تخريج الحديث
هذا الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده، وأبو داود في سننه، والحاكم في مستدركه، وقال: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي. وهو حديث حسن بشواهده.

ثانياً. شرح المفردات:

● عَامِلًا: أي والياً أو موظفاً في خدمة المسلمين، كالقاضي، أو المحتسب، أو جابي الزكاة، أو أي منصب إداري.
● فَلْيَكْتَسِبْ: أي فليتخذ أو فليقتنِ، والاكتساب هنا يشمل التملك بالطرق المشروعة من كسب حلال.
● خَادِمًا: الشخص الذي يساعد في شؤون البيت وتدبير الأمور المنزلية.

ثالثاً. شرح الحديث:

يوجه النبي ﷺ في هذا الحديث القيم كل من يتولى منصباً عاماً في دولة الإسلام إلى أن يقوم بتحصيل مقومات الحياة الكريمة المستقرة التي تليق به وبمكانته، وتعينه على أداء عمله بتفانٍ وإخلاص، بعيداً عن المشقات التي قد تشغله عن واجبه أو تدفعه للتفكير في طرق غير مشروعة لسد حاجته.
وقد رتب النبي ﷺ هذه المقومات حسب أولويتها:
1- فَلْيَكْتَسِبْ زَوْجَةً: الزواج هو أول لبنة في بناء الاستقرار النفسي والاجتماعي للفرد. فهو سكنٌ للقلب، وطهارةٌ للعفة، ومعينٌ على تحمل أعباء الحياة ومسؤوليات العمل. فالعامل الذي لديه أسرة مستقرة، يكون أكثر تركيزاً وأقل عرضة للقلق والاضطراب.
2- فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ خَادِمٌ فَلْيَكْتَسِبْ خَادِمًا: الخادم هنا ليس للرفاهية أو التكبر، بل هو لأمرين:
● التفرغ للعمل العام: فشؤون المنزل وأعبائه قد تستنزف وقت وطاقة الموظف، فوجود من يساعده في ذلك يمكنه من تخصيص وقته وجهده لخدمة الناس وقضاء مصالحهم.
● الوقاية من التهمة: حتى لا يضطر لاستخدام موظفيه الرسميين أو أموال الدولة في خدمة شؤونه الخاصة، مما قد يفتح باباً للشبهات والفساد.
3- فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَسْكَنٌ فَلْيَكْتَسِبْ مَسْكَنًا: المسكن المستقر هو ملاذ الإنسان وراحته. وجود مسكن ملائم يحفظ للعامل كرامته، ويوفر له وأسرته الاستقرار، ويجنبه ذل السؤال أو الاضطرار للسكنى في مكان لا يليق بمكانته الوظيفية، مما قد يجعله عرضة للضغوط أو الإغراءات.

رابعاً. الدروس المستفادة والعبر:

1- رعاية الإسلام للعاملين في الشأن العام: يحرص الإسلام على توفير الحياة الكريمة للقائمين على مصالح المسلمين، فهم أمناء الأمة، وحفظة مصالحها.
2- الوقاية من أسباب الفساد: التوجيه النبوي هو سياسة وقائية ذكية. فبدلاً من معاقبة الفاسد بعد وقوعه في الخطأ، يقدم له العلاج قبل المرض بتوفير احتياجاته الأساسية، سداً لأي ذريعة قد يتعلل بها.
3- مراعاة الأولويات في الحياة: قدم النبي ﷺ ترتيباً حكيمًا للحاجات، فبدأ بالزواج (الاستقرار العاطفي والأسري)، ثم الخادم (التفرغ والكفاية)، ثم المسكن (الاستقرار المادي والاجتماعي).
4- الحث على الكسب الحلال: استخدام كلمة (يَكْتَسِبْ) فيه إشارة واضحة إلى أن هذا كله يجب أن يكون من مال حلال طيب، وليس من أموال الدولة أو الرشاوى أو الاختلاسات. فالمقصود هو التمكين للعامل ليكسب حلالاً، لا أن يسرق أو يرتشي.
5- العدل والإنصاف: ليس المقصود الترفيه المبالغ فيه للعامل، بل توفير القدر المعقول الذي يمكنه من العيش بكرامة وتفرغ لعمله. فهو ليس لمصلحته الشخصية فقط، بل لمصلحة الأمة التي سيخدمها بكل إخلاص.

خامساً:

معلومات إضافية:
- هذا الحديث من مكارم الأخلاق التي جاء بها الإسلام، وفيه إشارة إلى أن على الدولة أو الجهة المسؤولة أن تراعي توفير هذه الاحتياجات للعاملين لديها، أو على الأقل أن تمكنهم من كسبها بطريقة مشروعة.
- ينبغي للعامل أن يشكر الله على نعمة العمل في خدمة المسلمين، وأن يقابل هذه الرعاية بالإخلاص والأمانة، لا بالاستغلال والجشع.
أسأل الله أن يعيننا على فهم سنة نبيه والعمل بها، وأن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٢٩٤٥) عن موسى بن مروان الرّقي، حدّثنا المعاني، حدّثنا الأوزاعيّ، عن الحارث بن يزيد، عن جبير بن نفير، عن المستورد بن شدّاد، فذكره.
قال أبو داود: قَالَ أَبُو بَكْرٍ (يعني المعافي - كما في صحيح ابن خزيمة) أُخْبِرْتُ أنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَال: «مَن اتَّخَذَ غَيْرَ ذَلِكَ فَهُوَ غَالٌّ أَوْ سَارِقٌ».
وصحّحه ابن خزيمة (٢٣٧٠)، والحاكم (١/ ٤٠٦) كلاهما من طريق المعاني، به، إلّا أنهما قالا: عبد الرحمن بن جبير، وزاد الحاكم نسبته إلى جدّه نفير. وقال: «على شرط البخاريّ ومسلم».
هكذا جاء في أكثر المصادر، وجبير بن نفير روي عن المستورد كذلك كما في تهذيب المزي، وأشار إلى الخلاف فيه، وكلاهما ثقة فلا يضرُّ هذا الاختلاف.
والمعافي هو ابن عمران الموصليّ كما نسبه ابن خزيمة.
والمعافي هو صاحب كتاب «الزهد» إلّا أني لم أقف عليه.
وللحديث إسناد آخر، رواه الإمام أحمد (١٨٠١٥، ١٨٠١٧، ١٨٠١٩) من طرق عن ابن لهيعة، عن عبد الله بن هبيرة والحارث بن يزيد، عن عبد الرحمن بن جبير، قال: سمعت المستورد ابن شدّاد يقول: سمعت النبيّ ﷺ يقول (فذكر الحديث بنحوه). وزاد فيه: «أو دَابَّةً فَلْيَتَّخِذْ دَابَّةً فَمَنْ أَصَابَ شَيئًا سِوَى ذَلِكَ فَهُوَ غَالٌّ أَوْ سَارِقٌ».
وابن لهيعة فيه كلام معروف غير أنه توبع كما سبق إلّا على هذه الزّيادة فإني لم أجد من تابعه، إلّا من وجه مقطع كما سبق.
وحديث ابن لهيعة بتمامه أعلّه أبو حاتم الرازيّ -كما في العلل لابنه (٦٣٦) - بما ليس بقادح.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 111 من أصل 379 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من كان لنا عاملا فليكتسب زوجة وخادما ومسكنا

📜 حديث: من كان لنا عاملا فليكتسب زوجة وخادما ومسكنا

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: من كان لنا عاملا فليكتسب زوجة وخادما ومسكنا

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: من كان لنا عاملا فليكتسب زوجة وخادما ومسكنا

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: من كان لنا عاملا فليكتسب زوجة وخادما ومسكنا

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية